تبنى مجلس الأمن، يوم الخميس 11/9/2025، بيانا صحافيا أدان فيه الهجوم على قطر من دون أن يسمي إسرائيل بالاسم. وصاغ البيان كل من بريطانيا وفرنسا، بالتشاور مع قطر، بحسب ما قاله مصدر دبلوماسي غربي رفيع في مجلس الأمن الدولي لـ"العربي الجديد".
وفي المسودة الأولية التي وزعت على أعضاء مجلس الأمن، لم يتطرق البيان إلى الإدانة واكتفى بالتعبير عن القلق. وأدان العدوان على قطر في النص النهائي، من دون أن يتضمن اسم إسرائيل.
ونص البيان الصحافي الصادر عن مجلس الأمن على أن أعضاء مجلس الأمن "يعربون عن إدانتهم للضربات الأخيرة التي وقعت في الدوحة". كما عبروا عن أسفهم العميق لسقوط ضحايا مدنيين. وشدد أعضاء مجلس الأمن "على أهمية خفض التصعيد، وأعربوا عن تضامنهم ودعمهم لسيادة قطر وسلامة أراضيها، بما يتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة". كما أكد أعضاء المجلس دعمهم للدور الحيوي الذي تواصل قطر لعبه في جهود الوساطة في المنطقة، إلى جانب مصر والولايات المتحدة.
وختم أعضاء المجلس بيانهم بالتشديد "على أن إطلاق سراح الرهائن (المحتجزين الإسرائيليين في غزة)، بمن فيهم من قتلتهم حماس، وإنهاء الحرب والمعاناة في غزة يجب أن يظلا أولويتينا". وفي الصدد، أكدوا مجددا أهمية الجهود الدبلوماسية المستمرة التي تبذلها قطر ومصر والولايات المتحدة، ودعوا الأطراف إلى اغتنام فرصة السلام.
ويتم تبني البيانات الصحافية أو الرئاسية بإجماع كل الدول الخمس عشرة الأعضاء في المجلس. ومن اللافت أن البيان، في نصه الذي تم تبنيه، لا يسمي إسرائيل بالاسم ولا يتحدث عن خرق سيادة دولة بما يتعارض مع القانون الدولي، كما من اللافت الجملة التي تتحدث عن "إطلاق سراح الرهائن (المحتجزين في غزة)، بمن فيهم من قتلتهم حماس"... من دون التطرق إلى الأسرى الفلسطينيين. كما أن البيان صحافي وليس رئاسيا.
وجاء تبني البيان قبل قرابة الساعة ونصف ساعة من بدء الاجتماع الطارئ الذي يعقده المجلس تحت بند "الوضع في الشرق الأوسط" لنقاش العدوان الإسرائيلي على قطر في التاسع من الشهر الجاري. ودعا إلى عقد الاجتماع كل من الجزائر وباكستان والصومال. ودعم طلب عقده كل من فرنسا والمملكة المتحدة. ومن المتوقع أن يحضر الاجتماع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
تأكيد ضرورة احترام سيادة وسلامة أراضي كل الدول
إلى ذلك، قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، خلال الاجتماع، إن الهجوم الإسرائيلي على قطر "صدم العالم"، محذرة من "فصل جديد وخطير يفتحه هذا الهجوم في الصراع مما يهدد السلام والاستقرار الإقليميين".
وفيما وصفت ديكارلو الهجمة الإسرائيلية على قطر بأنها "تصعيد مقلق" لاستهدافها قادة من حركة حماس عند اجتماعهم لمناقشة مقترح امريكي لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين، شددت على أن تلك الإجراءات التي تقوض جهود الوساطة تضعف الثقة بالآليات التي يعتمد عليها المجتمع الدولي والأمم المتحدة لحل النزاعات. وأكدت كذلك ضرورة احترام سيادة وسلامة أراضي أي دولة بما فيها قطر ووصفتها بـ"الشريك القيّم لتعزيز صنع السلام وحلّ النزاعات".
وأشارت إلى أن الحرب في غزة أدت إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا وأغلبهم من المدنيين، بالإضافة إلى تدمير غزة بشكل شبه كامل تقريبا في الوقت الذي يشهد فيه الوضع في الضفة تدهورا، إضافة إلى التصعيد الخطير في إيران ولبنان وسورية واليمن. وتحدثت عن أن المزيد من العنف لن يأتي بالسلام والحلول الدائمة والعادلة للأزمات، داعية "جميع أصحاب المصلحة إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في هذه الأوقات الحساسة والعودة للالتزام بالدبلوماسية". وشددت على الحاجة الملحة "لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في غزة".
مندوبة امريكا: القصف الإسرائيلي لا يخدم أهداف تل أبيب أو واشنطن
أما السفيرة الامريكية بالإنابة للأمم المتحدة، دوروثي شيا، عبرت عن رفضها التشكيك بنية تل أبيب الجدية باستعادة الأسرى الإسرائيليين، عبر استهداف الوفد المفاوض أثناء دراسته مقترح وقف إطلاق النار واستعادة المحتجزين. وقالت "إن القصف أحادي الجانب داخل قطر- وهي دولة ذات سيادة تعمل بجد وشجاعة وتخاطر جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة للوساطة في السلام- لا يخدم أهداف إسرائيل أو امريكا. ومع ذلك، من غير اللائق أن يستخدم أي عضو هذا الأمر للتشكيك في التزام إسرائيل بإعادة رهائنها إلى ديارهم".
ووصفت هدف "القضاء على حماس" بـ"النبيل"، مشيرة إلى أنه "يجب ألا يكون لحماس ولا للإرهابيين الآخرين أي مستقبل في غزة. فقط بعد القضاء على هذه الجماعة الإرهابية، يمكن لغزة أن تتقدم نحو مستقبل أفضل، ويمكن لإسرائيل أن تنعم بالأمن داخل حدودها"، على حد زعمها.
وتحدثت عن اتصال هاتفي بين نتنياهو وترامب الأربعاء وقالت: "أكد رئيس الوزراء نتنياهو للرئيس ترامب رغبته في السلام خلال اتصال هاتفي أجراه معه أمس. ورغم بشاعة هذه الحادثة، يعتقد الرئيس ترامب أنها قد تُمثل فرصة للسلام. وأكد الرئيس للأمير (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني) ورئيس وزراء قطر (الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني) أن مثل هذا الأمر لن يتكرر على أراضيهما".
سفير روسيا: ما الذي يمنع إسرائيل من القيام بهجمات مشابهة في عواصم أخرى؟
وأدان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، هجوم إسرائيل واستهداف مجمع سكني في الدوحة، معبرا عن قلقه من شن إسرائيل مثل هذا الهجوم في وقت توجد بعثات دبلوماسية في المنطقة. وأشار إلى أن بعثة بلاده تبعد 600 متر عن موقع الهجوم فضلا عن التجمعات السكنية والطرق والبنية التحتية المدنية الأخرى. وشدد على أن الهجمات تشكل تهديدا لسيادة قطر. وأكد دور الدوحة الإيجابي من أجل التوصل لوقف اتفاق النار. ورأى أن الهجمة كذلك استهدفت جهود الوسطاء وحذر من التبعات الوخيمة لتلك الهجمة.
وأضاف: "ما حدث وللأسف ليس صدفة فهو استمرار منطقي لسياسات إسرائيل التي تفتح كل مرة آفاقا جديدة لنفسها، وتختبر ما يمكنها القيام به من خلال استغلال التغطية الدبلوماسية التي تتيحها لها الولايات المتحدة". وتساءل "ما الذي يمنع إسرائيل من القيام بهجمات مشابهة في عواصم أخرى في العالم؟".
سفيرة بريطانيا: الضربات انتهاك سافر لسيادة قطر وسلامة أراضيها
بدورها، أدانت مندوبة المملكة المتحدة، باربارا وودورد، هجمات إسرائيل وعبّرت عن تضامن بلادها مع قطر.
وأضافت: "تشكل هذه الضربات انتهاك سافر لسيادة قطر وسلامة أراضيها، وقد تؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة وانتكاسة في المفاوضات.".
وأشادت بالدور القطري والوساطة. وكررت: "ندين بشكل كامل الضربات على قطر التي لن تحقق شيئا لإحلال السلام في الشرق الأوسط أو صون أمن إسرائيل على المدى الطويل".
رئيس وزراء قطر: سنواصل جهودنا الدبلوماسية ولن نتهاون في المس بسيادتنا
الى ذلك قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة أمام مجلس الأمن، إن دولة قطر ستواصل جهودها الدبلوماسية والإنسانية دون تردد، لكنه أكد في الوقت ذاته أن بلاده لن تتهاون إزاء أي مس بسيادتها وتحتفظ بحق الرد على العدوان الإسرائيلي، متهما إسرائيل، بمحاولة عرقلة جهود الوسطاء لإنهاء الحرب على غزة من خلال مهاجمة قادة حماس في الدوحة.
وأوضح المسؤول القطري، خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن الدولي في نيويورك تحت بند "الوضع في الشرق الأوسط" لنقاش العدوان الإسرائيلي على قطر في التاسع من الشهر الجاري، أن: "الهجوم الإسرائيلي على الدوحة انتهاك سافر لسيادة دولة قامت به قيادة متطرفة". وأكد أن الهجوم الإسرائيلي الغادر على قطر تصعيد بالغ الخطورة وتهديد للسلم والأمن الدوليين، مقدرا التضامن الذي أبداه أعضاء مجلس الأمن مع بلاده. واتهم بن عبد الرحمن إسرائيل، بمحاولة عرقلة جهود الوسطاء لإنهاء الحرب على غزة من خلال مهاجمة قادة حماس في الدوحة.
وأوضح رئيس الوزراء القطري أن الهجوم الإسرائيلي على قطر "يكشف بأن المتطرفين الذين يحكمون إسرائيل اليوم، لا يأبهون بحياة الرهائن (المحتجزون الإسرائيليون في غزة)، وأن تحريرهم ليس أولوية لديهم، وإلا فكيف يفسر اختيار توقيت ومكان الهجوم، في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات تعقد لمناقشة وقف إطلاق النار وفق المقترح الامريكي الأخير؟". وأضاف: "لقد اجتمع الوفد التفاوضي لحركة حماس لمناقشة الرد على الورقة الامريكية، فقصفت إسرائيل هذا الاجتماع".
وتساءل: "كيف يزور مسؤولون إسرائيليون للتفاوض ونستضيفهم على أرضنا، وقيادتهم تخطط لقصفها بعد أيام، ويقصفونها فعلا. هل سمعتم عن دولة تهاجم دولة الوساطة بطائرات حربية مقاتلة، وتعمل خلال العملية التفاوضية على تصفية أعضاء الوفود التي تفاوضها في مقر اجتماعاتهم؟ ومن ثم يخرج رئيس وزرائها بتبريرات مشينة ومقارنات مغلوطة يحاول فيها شرعنة فعلته التي أدانها العالم أجمع".
وتطرق إلى تاريخ الوساطة القطرية في عدد من الصراعات من بينها الوساطة بين طالبان والجانب الامريكي في أفغانستان، مشددا على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول تشويه نهج قطر "عبر تبريرات رخيصة للتكسب العاطفي".