*تقرير/المرصد -خاص
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، إن أنقرة لن تسمح بإعادة تطبيق سياسة "فرق تسد" بينما يعاد رسم الحدود في المنطقة بالدماء والدموع. جاء ذلك في كلمة له خلال فعالية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بمدينة إسطنبول.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده لن تسمح بإعادة سياسة "فرّق تسد" في المنطقة، بينما تُعاد رسم الحدود "بالدماء والدموع".
وشدد أردوغان، في كلمة خلال فعالية لحزب العدالة والتنمية في إسطنبول يوم السبت، على أن تركيا ماضية بثبات نحو تحقيق هدفها بـ"تركيا بلا إرهاب"، رغم ما وصفه بمحاولات المتشائمين لإعاقة ذلك.
وقال إن "الذين اعتادوا رسم سياسات تركيا الداخلية والخارجية بعصا الإرهاب لعقود، يحاولون اليوم عبثا، لكننا لن نتراجع عن طريقنا".
وحذر أردوغان ممّن "يتحركون بوهم الأرض الموعودة"، قائلا إن عليهم أن يعلموا ألا مكان للإرهاب في المنطقة، ولا التوسع القائم عليه.
وأشار الرئيس التركي إلى أن تجربة شعوب المنطقة الممتدة لقرون "تملك القدرة على إفشال المؤامرات وتجاوز التحديات".
وأكد أردوغان أن الأتراك والكرد والعرب سيواصلون العيش معا "متحدين تحت السماء ذاتها، ويتقاسمون الدموع نفسها".
"نُوَحِّد صفوفنا ونُوسِّعها"
ألقى الرئيس ورئيس حزب العدالة والتنمية، رجب طيب أردوغان، رسائل هامة حول الأحداث الجارية خلال برنامج أكاديمية حزب العدالة والتنمية التنظيمية الذي عُقد في مركز الخليج للمؤتمرات، مؤكدا على الوحدة والتضامن بقوله: "نُوَحِّد صفوفنا ونُوسِّعها".
وأعرب أردوغان عن سعادته بحضور حفل اختتام أكاديمية حزب العدالة والتنمية التنظيمية، وشكر أعضاء حزبه على لطفهم ومودتهم والتزامهم، وأعرب عن أمله في أن يستمر هذا التضامن.
وأعرب أردوغان عن حزنه العميق لوفاة مستشاره الرئيسي، حمدي كيليتش، قائلا: "أدعو الله أن يتغمد مستشاري الرئيسي، وقضيتي الموقرة ورفيق دربي، حمدي كيليتش، الذي علمتُ بوفاته ببالغ الحزن.
أكمل رجب طيب أردوغان خطابه قائلا:"على مدى 24 عاما، كان هناك من انتظر بأمل أن يتعب حزب العدالة والتنمية ويضعف ويتعثر، ولكن في كل مرة، لم يكن حزب العدالة والتنمية هو من تعب وضعف وخرج من اللعبة، بل هو نفسه من تخلى عن دوره. كان هناك من توقع زوالنا، آملين إقصاءنا من المشهد السياسي، وأصبحوا هم أيضا من الماضي. كل صباح، نستقبل الشمس بأمل أنعش من الأمس. إن شاء الله، ما دامت هذه الحياة باقية في هذا الجسد، فلن نتنازل عن حماسنا وحماسنا وحبنا لخدمة وطننا وأمتنا. وبينما تبحر تركيا نحو آفاق جديدة، ندرك تماما أنه يجب علينا توحيد أفكارنا ونقاط قوتنا وحماسنا. أعلم جيدا أن كل من رفاقي هنا اليوم، يتابعوننا على شاشاتهم، يتصرف بهذا الوعي."
وقال اردوغان: "كلما كانت منظمتنا أقوى، خدمنا وطننا بشكل أفضل." أوضح رئيسنا أن حزب العدالة والتنمية مدرسةٌ أُسست لخدمة الأمة، وأن منهجها الدراسي يُحدده الشعب مباشرة، قائلا: "كل فرد من عائلة حزب العدالة والتنمية هو طالبٌ في هذه المدرسة. كلما قويت منظمتنا، خدمنا بلدنا على نحو أفضل.
أولويتنا الأساسية هي أن يتصرف كل أخ ينضم إلى حركتنا بمعرفة ورؤية وأخلاق لقضيته، وأن يُطور نفسه على أفضل وجه ممكن. إن مركز التعليم المستمر لحزب العدالة والتنمية، الذي أنشأناه انطلاقا من هذا الفهم، لا يُدرّب كوادر اليوم فحسب، بل يُدرّب أيضا كوادر القرن التركي. أكاديمية المنظمة، وأكاديمية الشباب، وأكاديمية المرأة، وأكاديمية الإدارة المحلية، وأكاديمية الاستشارات، والأكاديمية الدولية، وأكاديمية الإعلام، وأكاديمية السياسة، تُعدّ القادة الذين سيبنون مستقبلنا المشرق."
وأكد أن 87 ألف عضو من أعضاء الحزب قد شاركوا في برامج التدريب عالية الجودة التي نظموها في 80 محافظة حتى الآن. قال: "نرفع سقف طموحاتنا، ونُسرّع وتيرة العمل ونُكثّف الجهود. إن شاء الله، سيشارك في هذه التدريبات قريبا 300 ألف عضو من منظمتنا في جميع محافظاتنا الـ 81، بدءا من فروعنا النسائية والشبابية ووصولا إلى ممثلي الأحياء". وأكد أنهم يُسخّرون جميع الموارد لبناء منظمة ديناميكية، تتميز بآفاقها وثقتها بنفسها، وتتألق بمعرفتها وشجاعتها، وتخدم مدينتها وحزبها ووطنها وأمتها بشغف. وأعرب عن رغبتهم في تعزيز هذه الميزة من خلال برامج التدريب المُثرية التي نُظمت.
وأضاف أردوغان: "تُسهم برامجنا التدريبية إسهاما كبيرا في وحدة منظمتنا وتضامنها وانضباطها وتماسكها. وبينما نُطوّر أعضاءنا من حيث المعرفة والمهارات والخبرة وثقافة التعاون، نُعزز أيضا فريق عملنا بوجوه وأسماء جديدة. نحن لا نُعزز صفوفنا فحسب، بل نُوسّعها أيضا". لن نسمح لفترة الفراغ الرئاسي الحالية بأن تُفاقم تدهور إسطنبول.
وأشار أردوغان إلى انضمام تسعة أعضاء جدد، من بينهم رئيسة بلدية آيدن الكبرى، أوزلم تشيرشي أوغلو، إلى الحزب في الذكرى الرابعة والعشرين لتأسيسه، وإلى قيامهم في اليوم السابق، خلال اجتماع اللجنة المركزية للقرارات والمجلس التنفيذي، بتعليق شارات الحزب على رئيس بلدية قونية سيدي شهير، حسن أسطاو أوغلو، ورئيس بلدية أميرغازي، مسعود ميرتجان. وقال الرئيس أردوغان: "يسرنا اليوم أن نرحب بنائبة رئيسة بلدية بيكوز، أوزلم فورال غورزيل، وعضوة مجلس بلديتنا، في عائلة حزب العدالة والتنمية. أرحب بهما في مجلسنا العائلي، لقد أدخلتم السرور على قلوبهم". وأتمنى لهما التوفيق من الله في مسيرتهما لخدمة بيكوز.
وتابع قائلا: "سنقف جنبا إلى جنب مع هؤلاء الإخوة والأخوات لتبديد غيوم التقصير التي خيمت كالكابوس على إسطنبول. ولن نسمح لفترة الفراغ الحالية بأن تزيد من تآكل إسطنبول".
وأكد أن حزب العدالة والتنمية يسعى جاهدا لإيجاد حلول لمشاكل تركيا، مهما كان حجمها، وأضاف أنهم في سبيل ذلك كسروا الصور النمطية، وبددوا الأحكام المسبقة، وتجاوزوا بنجاح عقبات لا تُحصى بدت مستعصية. وأضاف قائلا: "الأمر كذلك، ولكنه لن يبقى كذلك"، إنهم أحيانا لا يضعون أيديهم فحسب، بل أجسادهم بأكملها تحت وطأة هذا العبء.
وأكد اردوغان أنهم يتصرفون بنفس الفهم في عملية "تركيا خالية من الإرهاب"، التي أطلقوها قبل عام، ويواصلون العمل بها بعزم كمشروع وطني لحل مشكلة الإرهاب التي تعاني منها البلاد منذ قرابة 50 عاما. وقال: "لقد أحبطنا كل محاولة لتقويض هذه العملية خلال العام الماضي. ونسير في هذه العملية خطوة بخطوة بصبر وحرص وإخلاص، وبنهج شامل يشمل جميع سكان البلاد البالغ عددهم 86 مليون نسمة. نحن في وئام وتضامن تام مع شركائنا في التحالف. نريد أن نهدم جدار الإرهاب الذي شُيّد بين أبناء أمتنا، وأن نسير معا، نحن الـ 86 مليونا، نحو مستقبل أكثر سلاما وازدهارا، يسوده السلام والأخوة. ورغم كل ما يقوله المتشائمون، فإننا نتقدم بثبات نحو هذا الهدف، خطوة بخطوة".
وفي خطابه، قال الرئيس رجب طيب أردوغان: "ليعلم الجميع ويفهموا هذا. أولئك الذين اعتادوا على رسم السياسة الداخلية والخارجية لتركيا بعصا الإرهاب لعقود - أقولها صراحة - يكافحون عبثا هذه المرة. فليحاولوا عبثا. إن شاء الله، لن يكون هناك تراجع عن هذا.
لن نسمح بمثل هذا الوضع مهما كلف الأمر. بينما تُرسم الحدود في منطقتنا بالدماء والدموع، لن نرضى بإعادة لعبة فرق تسد. سواء قبلها أولئك الذين يتصرفون بوهم الأرض الموعودة أم لا، فلا مجال للإرهاب والتوسع من خلال الإرهاب في مستقبل منطقتنا. إن شاء الله، لن يكون هناك مكان له. في الواقع، إن شاء الله، تمتلك أخوتنا وخبرتنا الممتدة لقرون القوة والصلابة لإحباط أي مخطط والتغلب على أي مشكلة.
وكما عشنا جنبا إلى جنب لمدة ألف عام كأتراك وكرد... أيها العرب، سنبقى واحدا متحدين، نعيش كإخوة تحت سماء واحدة ودموع واحدة. من الآن فصاعدا، ليس لدي أدنى شك. أحثكم، يا إخوتي، والشعوب الشقيقة في وطننا وخارجه على عدم الاستسلام لدوائر ومراكز الفتنة.
وقال اردوغان: "بصراحة، هذه المعارضة مُهمَلة. إنهم يتخبطون في دوامة التي حكموا على أنفسهم بها. ما هي هذه الدوامة، قتال، فوضى، أزمة. نعم، لقد اندمجوا تقريبا في الأزمة، صراع السلطة، والفوضى. أصبحوا عاجزين عن ممارسة السياسة دون إثارة التوتر محليا ودوليا. لقد وصل الوضع إلى حالة يرثى لها لدرجة أنه، باستثناء الإهانات والتهديدات، ليس لديهم ما يقولونه للمواطنين، ولا أي مشروع يمهد الطريق للبلاد. إنهم يحاولون الضغط على القضاء والسياسة، ولكن حتى هذا فوضى عارمة. يعتقدون أنهم يستطيعون التستر على الفساد بتقسيم شعبنا إلى معسكرات، ومهاجمة شرطتنا، وإرهاب شوارعنا".
أكد اردوغان أنهم سيبذلون كل ما في وسعهم، في إطار الدستور، لضمان سير الإجراءات القانونية دون أي ضغط، بما يضمن تحقيق العدالة، قائلا: "بالطبع، لن نستسلم للتهديدات والدعوات الشعبية، لكننا لن نسمح لحزبنا وحكومتنا بالانسحاب من الصراع المتفاقم بين كوادر حزب الشعب الجمهوري القديمة والجديدة. على الرغم من وقاحة وتنمر المعارضة الرئيسية، سنحافظ على لياقتنا السياسية حتى النهاية".
وخاطب رفاق حزبه قائلا: "إن هذه الحالة المزرية التي نواجهها لا تُسهّل مهمتنا، بل على العكس، تُفاقم العبء الواقع على عاتقنا. ستكتبون صفحات جديدة من قصة نجاح حزب العدالة والتنمية. تذكروا أن كل واحد منكم يمثل آمال هذه الأمة النبيلة، التي خاب أملها لسنوات، وكثيرا ما تُركت دون تحقيق. بصفتكم أعضاء في حزب العدالة والتنمية، تلعبون جميعا أدوارا تاريخية في نضال تركيا من أجل المستقبل. بصفتنا حزب العدالة والتنمية وتحالف الشعب، لدينا الكثير لنقدمه لهذا البلد وهذه الأمة. أحثكم جميعا على التحلي بأقصى درجات الحساسية، ومواصلة تحمل عبء هذه الأمة بصبر وكرامة وجدية.