على الرغم من مرور ست سنوات وستة أشهر على عمر الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كوردستان، ما تزال أزمة الرواتب تراوح مكانها، في ظل عجز الحكومة عن صرف 13 راتبا كاملا، إلى جانب استقطاع 10 رواتب بنسب تراوحت بين 10% و21%، ويأتي ذلك ضمن سياق أزمة مالية ممتدة تجاوزت عشرة أعوام، لم تنجح خلالها الحكومات المتعاقبة في إيجاد حلول جذرية لمشكلة الرواتب، حتى أصبح عدم صرف رواتب نهاية السنة أمرا شبه معتاد.
أزمة مالية منذ 2014
تعود جذور الأزمة المالية في إقليم كوردستان إلى نهاية العام 2014، عقب إعلان حكومة الإقليم اعتماد سياسة "الاقتصاد الذاتي" والاعتماد على نفط الإقليم، بالتزامن مع عدم الالتزام بالاتفاقات المالية مع الحكومة الاتحادية. وبدأت آثار الأزمة بالظهور بشكل واضح منتصف عام 2015، ما دفع الحكومة إلى اعتماد سياسة استقطاع رواتب الموظفين لسد العجز المالي، واستمرت هذه الاستقطاعات حتى تموز 2021، فيما ظل عدم انتظام صرف الرواتب قائما حتى اليوم.
الادخار والاستقطاع في الكابينة الثامنة
وخلال عهد الكابينة الثامنة، أعلنت حكومة الإقليم في أيلول 2015 عن مشروع "ادخار الرواتب" وفي تلك الفترة، لم تُصرف خمسة رواتب كاملة تحت مسمى الادخار، فيما جرى صرف 34 راتبا بنظام الاستقطاع، ما أثقل كاهل الموظفين وأثر بشكل مباشر على أوضاعهم المعيشية.
العام 2020 الأسوأ للموظفين
أما الكابينة التاسعة، التي نالت ثقة برلمان الإقليم في 10 تموز 2019، فقد شهدت خلالها أزمة الرواتب أسوأ مراحلها، ولا سيما في العام 2020، إذ بدأت الحكومة بصرف الرواتب بنظام الاستقطاع اعتبارا من شباط، ولم تُصرف خلال العام سوى خمسة رواتب فقط، كما لم تُصرف رواتب أشهر نيسان، أيار، حزيران، تموز، وآب، بينما صُرفت رواتب أيلول وتشرين الأول بالاستقطاع، في حين جرى ادخار رواتب تشرين الثاني وكانون الأول، واستمر صرف أول ستة رواتب من عام 2021 بنظام الاستقطاع أيضا.
عودة عدم الصرف بعد انفراج مؤقت
وفي عام 2022، شهد ازمة رواتب الموظفين انفراجا نسبيا، حيث صرفت رواتب جميع الأشهر كاملة دون ادخار أو استقطاع، غير أن هذا التحسن لم يدم طويلا، إذ عادت الحكومة إلى سياسة الادخار، ولم تصرف ثلاثة رواتب في الأشهر الأخيرة من العام 2023، كما لم يصرف راتب الشهر الأخير من العام 2024، وفي العام الحالي لم تتمكن الحكومة حتى الآن من صرف رواتب الأشهر الثلاثة الأخيرة، مع تداول أنباء فقط عن قرب صرف راتب شهر تشرين الأول.
13 راتبا غير مصروف خلال عمر الكابينة التاسعة
وبحسب متابعة مجمل الأحداث، يتضح أن الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كوردستان عجزت، خلال ست سنوات ونصف، عن صرف 13 راتبا كاملا، إلى جانب صرف 10 رواتب بنظام الاستقطاع بنسب متفاوتة، ما يعكس استمرار أزمة الرواتب دون حلول مستدامة.
الرواتب أولوية بعيدا عن الخلافات السياسية
وفي ظل إجراء انتخابات برلمان كوردستان ومجلس النواب العراقي، تتواصل الجهود لتشكيل الحكومتين في الإقليم والعراق. ويؤكد الاتحاد الوطني الكوردستاني في هذا السياق أن أولوية المرحلة المقبلة يجب أن تكون لخدمة المواطنين، مع ضرورة إبعاد ملف الرواتب والمستحقات المالية عن الخلافات السياسية، والعمل على إيجاد حلول دائمة تضمن الاستقرار المعيشي للموظفين.