×

  فاجعة الانفال

  إعادة رفات 100 مؤنفل بارزاني الى اقليم كردستان



أعيدت، مساء السبت، رفات 100 من المؤنفلين البارزانيين الى اقليم كردستان.

وجرت مراسيم في مطار أربيل الدولي، حضرها نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كردستان، وقوباد طالباني نائب رئيس مجلس الوزراء في الاقليم، وريواز فائق رئيسة برلمان كردستان، وعدد غفير من رؤساء الاحزاب والقناصل والبعثات الدولية، وصلت رفات 100 من المؤنفلين البارزانيين الى اقليم كردستان.

وتتزامن عودة رفات المؤنفلين مع مرور الذكرى الـ 39 على كارثة انفلة البارزانيين، والذي اعيد الى الآن نحو 700 رفات منهم الى اقليم كردستان.

يذكر انه عام 2005 تمت اعادة 503، وفي عام 2014 أعيد 93، من رفات المؤنفلين من بادية السماوة، الى اقليم كردستان، وبعودة 100 رفات من المؤنفيلين، يصل العدد الكلي لرفات المؤنفليين البارزانيين التي اعيدت الى اقليم كردستان الى 696.

هذا وأكد مسعود بارزاني، ضرورة "التخلص من ثقافة رفض الآخر، الثقافة الشوفينية التي لا تزال متجذرة"، داعياً الجميع إلى الشعور بالمسؤولية والعمل معاً بحسن نية وبإرادة صلبة والسعي لإنهاء الأزمة الحالية "لكي يتسنى للشعب العيش بطمأنينة وراحة".

وفي مستهل كلمته خلال مراسم استقبال رفات 100 من البارزانيين المؤنفلين، شكر بارزاني الحضور على المشاركة "في هذه المناسبة الأليمة باستقبال رفات 100 شهيد من مجموع 8 آلاف شهيد ممن ارتكب النظام جريمة بشعة بحقهم وساق 8 آلاف إنسان بريء إلى صحاري جنوب العراق وهناك دفنوا في مقابر جماعية وما نشاهده أمامنا هي رفات 100 شهيد من هؤلاء الشهداء وقد شوهدت آثار الرصاص على جماجم البعض وربما دفن البعض الآخر وهم أحياء". وأضاف: "إيها الأخوة والأخوات صحيح هنالك مشاكل ووجود مشاكل شيء طبيعي ولن تستعصي على الحل إذا توفرت النوايا الطيبة والإرادة الحقيقية".

وتابع: "سمعنا كثيراً عن مشكلة النفط والغاز ومشكلة الميزانية ومشاكل أخرى وهذه كلها مشاكل قابلة للحل، لكن بنظري وباعتقادي أن المشكلة الأساسية والخطيرة هي مشكلة الثقافة التي أنتجت هذه الجريمة، يجب التخلص من ثقافة رفض الآخر، الثقافة الشوفينية التي لا تزال متجذرة مع الأسف الشديد، علينا جميعاً أن نتخلص من هذه الثقافة ونتحول إلى ثقافة التسامح والتعايش والتآخي والمحبة".

وأشار إلى أن "ذنب هؤلاء الأبرياء الوحيد أنهم كانوا بارزانيين وهذه كانت حلقة من سلسلة جرائم ارتكبت بحق شعب كردستان ومنها الإخفاء القسري لـ12 ألف كردي فيلي وقصف حلبجة وعدد من المناطق الأخرى بالكيمياوي واستشهاد 5 آلاف معظمهم من النساء والأطفال في غضون دقائق، وإبادة 182 ألف من الكرد الأبرياء"، مبيناً أنه "تمت استعادة رفات عدد من الضحايا من صحاري جنوب العراق وسنواصل جهود استعادة رفات جميع الضحايا".

بارزاني شكر أيضاً رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ومحافظ المثنى أحمد منفي ومدير الناحية وأهالي المنطقة والطب العدلي والقضاة ومنظمة اي سي بي ام للجهود من أجل إتمام عملية استعادة رفات المؤنفلين، كما شكر وزارتي الشهداء والمؤنفلين والصحة على جهودهما. وأوضح أن "نظام البعث بقلب أقسى من الحجر وبدم بارد وبوحشية قام بإبادة هؤلاء الضحايا، وفي المقابل فإن شعب كردستان في ثورة 1991 أظهر إنسانيته وأخلاقه العالية فقد كان انتقام شعب كردستان بطريقة مغايرة".

ومضى بالقول: "إن ما تعرض له شعب كردستان لا يقل عما حصل في جنوب أفريقيا لكن العالم لم يهتم بما ارتُكِب بالشكل المطلوب ولم يستطع الكرد إيصال ذلك وتعريفه". وشدد على أن "هذه الجرائم كبيرة، وهذه الجروح غائرة وعميقة ولن تُنسى، لكن يجب أن نواصل العمل بأخلاقنا العالية وألا يُسمح بأي شكل من الأشكال أن تكون جرائم النظام سبباً في العداوة بين الشعوب، فالأنظمة تأتي وتذهب لكن الشعوب باقية ويجب أن تبقى الأخوة والتفاهم وقبول الآخر قائمة بين الشعوب".

ولفت إلى أنه "في مجلس النواب العراقي وبرلمان كردستان ومحكمة التمييز تم الإقرار بأن ما حصل إبادة جماعية وإلزام الحكومة العراقية بتقديم كل ما يلزم لاستعادة رفات شهدائنا وتعويض ذويهم، وكنا ننتظر من حلفائنا بعد 2003 مساعدتنا للتخفيف من أوجاع ذوي الشهداء لكن للأسف نحن رأينا العكس"، مشدداً على أن "تعويض ذوي الشهداء واجب قانوني وأخلاقي للحكومة العراقية ونأمل أن تقوم به".

وتطرق بارزاني إلى التطورات الأخيرة في العراق بالقول: "نحن قلقون جداً من الأزمة التي يمر بها العراق الآن، وللأسف بعد سقوط النظام في 2003 لم تتم الاستفادة من الفرص وتم وضع الدستور جانباً ولم يتم العمل به وبدلاً من معالجة أسباب المشاكل تم التعامل بشكل خاطئ مع نتائجه وهذا لا يزال مستمراً حتى الآن للأسف".

واختتم قائلاً إن "الشعب العراقي كافة كرداً وعرباً وتركماناً وآشوريين وكلدان، ذاق الأمرّين ويستحق حياة أفضل من التي يعيشها الآن"، مبيناً: "نأمل من الجميع أن يشعروا بمسؤولياتهم والعمل معاً بحسن نية وبإرادة صلبة والسعي لإنهاء هذه الأزمة لكي يتسنى للشعب العيش بطمأنينة وراحة وألا نشهد تكرار مثل هذه المآسي".

الكاظمي: الحوار الشامل هو الطريق الوحيد لحلّ أزماتنا

من جانبه أكد رئيس الوزراء الاتحادي مصطفى الكاظمي، الحاجة لرؤية حل وحوار وطني شامل لحل الأزمات في العراق.

وألقى وزير الثقافة حسن ناظم كلمة رئيس الوزراء خلال مشاركته نيابة عنه في مراسيم استقبال رفات ضحايا الأنفال البارزانيين، قال فيها: "أقف بإكبار في محضر قيم الشهادة، ومعاني أنْ تفتخر الأمم بتأريخها النضالي، وتحول تضحيات شعبها إلى فعل وإنجاز". وأضاف، "قدم شعب العراق تضحيات غالية وكبيرة على امتداد تأريخه في مواجهة السلطات الدكتاتورية الجائرة، وسوء الإدارة، والظلم، والتمييز، والإجحاف من أجل ماذا؟، من أجل الكرامة الإنسانية والوطنية والأخلاقية، ومن أجل بناء فرص حياة للأجيال القادمة، وليس من أجل مغانم سياسية".

وتابع، "عندما أقف هنا في حضرة شهداء الأنفال تغمرني مشاعر إنسانية حقيقية، فقد كنت من بين أوائل من قدم شهادات دولية حية عن تلك الجريمة المرعبة التي ارتكبها النظام الدكتاتوري ضد شعبنا، وقد عشت وسط هذا الشعب الطيب في جبال كردستان وتسمرتْ عيناي بعيون أطفال ونساء ورجال أعدموا بلا ذنب سوى أنهم أرادوا العيش بكرامة". وزاد "لقد ضحى شعبنا في البصرة وذي قار والنجف وبغداد والأنبار والموصل وكردستان ونزف دما عراقيا طاهرا، لا من أجل أن نذرف الدموع اليوم، بل ضحى شعبنا وفقد خيرة شبابه في سيرته النضالية المشرفة، وفي الحروب العبثية، وبمواجهة الإرهاب، وخلال المطالبة بحقوقه المشروعة؛ من أجل دولة العدل والمواطنة، ومن أجل أن يكون قادته بمستوى المسؤولية، وأن لا يكرروا أخطاء الماضي، وأن لا يستهينوا بقيمة الدم ومعناه، وثقله في الضمير الإنساني".

وأضاف رئيس الوزراء قائلاً: "أشعر بالأسف أن يتناسى بعضهم كل هذه القيم السامية، بل أن ينسى بعضهم حتى تأريخه النضالي الشخصي، وأن يقبل أنْ يتسابق لنيل الكراسي، والمناصب، والمحاصصة، والمحسوبية، ومحاولة تحويل حكم العراق إلى غنيمة، وأشعر بالخجل أمام هذه التضحيات الجسيمة لشعبنا وهو يشهد العجز السياسي المستمر والمتكرر لسنوات عن ترجمة نتائج الانتخابات إلى فعل سياسي على الأرض، وإلى مناسبة للتلاقي والتعاون لبناء البلد، وليس مناسبة للشقاق، والخلاف، والانقسام.

وعن الوضع السياسي وعمل الحكومة أكد الكاظمي، "قلت للنخب السياسية عند تكليفي بتشكيل الحكومة عام 2020، إن الدم العراقي الطاهر الذي سال في تشرين هو امتداد لكل تضحيات شعبنا، وأن الواجب التأريخي يحتم على الجميع أن يضع الحلول للأزمات الاجتماعية من خلال معالجة الأزمات السياسية أولا، وأن لا يسمح بتحول الخلافات بين أشخاص أو توجهات إلى سبب في أي أزمة اجتماعية جديدة".

وأضاف، "للأسف، بعضهم ممن يفتقر إلى المصداقية التأريخية، وممن ينظر بعين ذاته إلى الآخرين، شكك منذ اللحظة الأولى في كل مقصد نبيل، واعتقد أن السياسة هي مغامرة، وتنمر على المخلصين، واستعراض عضلات، ولم يتمكنْ من أن يفهم السياسة مسؤولية جسيمة أمام الشعب وتضحياته وتأريخه ومستقبل أجياله".

وزاد، "ولهذا قلت لإخوتي إننا لن نرد على الافتراءات وحملات التشويه الباطلة إلا بالعمل الصادق، ولن ننجر إلى المهاترات والاتهامات الصبيانية، ولن نهتم بمن يحاول أن يسقط أزماته الشخصية أو الحزبية أو السياسية على الحكومة وعلي شخصيا، فالأساس أننا جئنا في مهمة محددة لخدمة شعبنا، ولا وقت لدينا لنضيعه في جدالات، وحفلات جنون، واستعراضات شخصية، وحسابات ضيقة، ولدينا المتسع الكافي بعد أن نكمل مهمتنا، ونسلم الأمانة إلى الحكومة القادمة التي تنتجها الانتخابات".

وأشار إلى أن "المسؤولية الوطنية تحتم على الجميع في هذا الظرف الحساس أن يفتحوا باب الحوار الصريح والشفاف؛ لحل الانسداد السياسي الحالي. نحتاج إلى رؤية حل، وليس وصفة صراع وصدام وانتكاسات. نحتاج إلى أن تتقدم الحكمة على الأهواء والانفعالات، والحوار الوطني الشامل هو الطريق الوحيد لحل أزماتنا، واستعادة الثقة بين القوى السياسية هو مقدمة لاستعادة شعبنا ثقته بالديمقراطية والانتخابات".

وأكد أن "شعبنا قلق من حالة التوتر السياسي الحالي ومحاولات جر مؤسسات الدولة والمؤسسات الأمنية للدخول في حلبة سجال سياسي واتهامات وافتراءات بين مختلفين سياسيا، وزمن الخلاف السياسي قصير مهما طال ومهما كانت نتائجه مؤلمة. لكنْ، زمن الدولة طويل، ويجب الحفاظ على الدولة ومؤسساتها". وأشار إلى أن "العراق ومستقبل هذا الشعب أمانة في أعناقنا.. ونحن مسؤولون أمام كل التضحيات التي قدمها هذا الشعب، وفي هذه الأرض الطيبة والخيرة التي عانت وقدمت تضحيات غالية لعقود طويلة، ورسخ في وجدان شعبها حب الحرية والعدالة، لم يرضخ أهلها لدكتاتور عات، ولا لأفكار ظلامية، إنها جبال ووديان سقيت بدماء طاهرة لا بد من أن يجد أبناؤها ثمرة هذه التضحيات حرية وعدالة وحقوقا. وهذه الرفات لا تنسى ولا تموت، بل تبقى شامخة كجبال هذه الأرض، الرحمة والخلود لشهداء الأنفال، وكل شهداء العراق".

 

بلاسخارت: لحظة مؤلمة يجب ألا تتكرر

من جهتها قالت الممثلة الأممية في العراق جنين هينيس بلاسخارت خلال حفل لإعادة رفاة 100 بارزاني مؤنفل ان هذه اللحظة "مؤلمة لايجب ان تتكرر".

وألقت بلاسخارت كلمة لها في حفل إعادة رفاة 100 بارزاني مؤنفل، قالت فيها ان "اكثر من 3 آلاف بارزاني تمت ابادتهم في هذا المنطقة وهناك آلاف منهم لم يتم ايجادهم ولم يتسن لاقربائهم دفنهم". وأشارت في كلمتها: "اليوم نستذكر اعادة 100 رفاة من المؤنفلين البارزانيين الذين تمت اعادة اكثر من الفي مؤنفل منهم"، مضيفة انه "اعتبارا من 2011 تمت اعادة 500 من المؤنفلين والبحث عن رفاتهم مستمر ونأمل ايجادهم جميعهم".

واردفت الممثلة الاممية قائلة: "ارى مجموعة صغيرة من العوائل الكردية قد نجت من حملة الابادة الجماعية"، لافتة الى ان "اليوم نعيد 100 من المؤنفلين، وهذه لحظة مؤلمة لا يجب ان تتكرر بأي حال من الاحوال، 100 شهيد واب واخ".

بلاسخارت قالت انه "نمر بمراحل صعبة جدا ويأمل العراقيون ان ينعموا بعيش كريم، ويجب ان نحترمهم بواسطة عملنا واحترامنا لألامهم، ويجب ان نعمل بكل جهد للعيش مع كل الاطراف العراقية".

واختتمت حديثها بالقول: "اقول لذوي الشهداء والمؤنفلين، اتمنى ان يكون ارجاع احبائكم مصدر امل لكم".


31/07/2022