×

  فاجعة الانفال

  الانفال... جريمة لاتنسى ولاتغتفر



صادف يوم (22/2/2023) الذكرى الـ(35) لتنفيذ جرائم الابادة الجماعية وضد الانسانية ضد المدنيين الابرياء من شعب كوردستان تحت عنون عمليات الانفال، التي ارتكبها الدولة والحكومة العراقية خلال فترة النظام البعثي الصدامي البائد.

عمليات الأنفال نفذها نظام الديكتاتوري صدام حسين ضد المواطنين المدنيين الكورد، بدأت في 21 شباط العام 1988، واستمرت لغاية 6 ايلول من نفس العام، وتعد من اخطر صفحات القتل الجماعي الحكومي في تاريخ الحكم البعثي في العراق، الأنفال عبارة عن ثمانية مراحل عسكرية شاركت فيها قوات الجيش والقوى النظامية بصورة مباشرة، منها (الفيلق الأول الذي كان مقره في كركوك، الفيلق الخامس الذي كان مقره في أربيل)، القوة الجوية، القوات الخاصة، الحرس الجمهوري، قوات المغاوير، دوائر الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية والحجوش، أقسام الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية، بالاضافة الى جميع الدوائر الخدمية التي وضعت في خدمة تنفيذ هذه العمليات.

 

مراحل حملات الأنفال

* الأنفال الأولى: منطقة السليمانية، محاصرة منطقة (سركه لو) حيث تواجد مقرات قيادة الاتحاد الوطني في 23 شباط لغاية 19 مارت/1988.

* الأنفال الثانية: شملت منطقة قرداغ، بازيان ودربنديخان في 22 مارت لغاية 1 نيسان.

* الأنفال الثالثة: منطقة كرميان، كلار، باونور، كفري، دووز، سنكاو، قادر كرم، في 20 نيسان من نفس العام.

* الأنفال الرابعة: في حدود سهل (الزاب الضغير) أي بمعنى منطقة كويه وطق طق وآغجلر وناوشوان، في 3 مايس الى 8 مايس، حيث بدأت الحملة بقصف قريتي عسكر و كوبتبة ومنطقة جمي ريزان بالاسلحة الكيمياوية.

* الأنفال الخامسة والسادسة والسابعة: محيط شقلاوة وراوندز في 15 مايس ولغاية 26 آب.

*الأنفال الثامنة: المرحلة الأخيرة، منطقة بادينان، آميدي، آكري، زاخو، شيخان، دهوك، في 25 آب ولغاية 6 ايلول من نفس العام.

والحديث عن الأنفال هو حديث عن حملة قتل جماعي وابادة منظمة وفقاً لجميع المقاييس، هذا يعني ان الأنفال كانت الخطوة الأولى لابادة المجتمع الكوردستاني. وتدمير اكثر من 5 الاف قرى في كوردستان، وستراتيجية حملات الأنفال كانت تدمير جميع القدرات الدفاعية التي يتمتع بها المجتمع الكوردستاني.

وجرائم الأنفال التي تسبب في استشهاد (182000) الف انسان كوردي، بدأت بعمليات عسكرية، والمناطق التي نفذت فيها الجرائم انقسمت على ثمانية مراحل، المرحلة الأولى من الحملات بدأت في منطقة السليمانية 22/2/1988، وكانت المرحلة النهائية لحملات الأنفال والمعروفة بخاتمة الأنفال في منطقة بادينان في 6/9/1988، استخدمت في مراحل حملات الأنفال جميع انواع الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيمياوي من نوع الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور.

والأنفال ووفقاً للمقاييس الدولية للجرائم تدخل في اطار جرائم الابادة الجماعية (الجينوسايد)، وهذه الحقيقة تمت الاشارة اليها بوضوح في تقرير المنظمات الدولية لمراقبة حقوق الانسان، وتحرك ملف الأنفال في المحكمة الجنائية العراقية العليا، وفي يوم 21/8/2006 القيت أول محاكمة عن الأنفال في بغداد، وقد اصدرت المحكمة قراراها الحاسم حول ملف الأنفال، وتم وفقاً لذلك تعريف جرائم الأنفال بجرائم الابادة الجماعية (الجينوسايد).

وجاء ضمن ملف الأنفال أسماء المئات من المتهمين كمنفذين رئيسيين لهذه الجرائم، لكن تم استجواب ومحاكمة المتهمين (صدام حسين رئيس جمهورية العراق، علي حسن المجيد أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث، سلطان هاشم قائد الجيش، صابر عبد العزيز الدوري رئيس مؤسسة الاستخبارات العسكرية، حسين رشيد التكريتي نائب المسؤول عن تنفيذ حملات الأنفال، طاهر توفيق العاني محافظ نينوى، فرحان مطلق الجبوري مسؤول الاستخبارات العسكرية في شمالي العراق).

 

نبذة عن الجرائم التي اقترفها البعث ضد الكورد

1 – تهجير وابعاد الكورد الفيليين عن موطنهم الى خارج البلاد، وهذه العملية بدأت في منتصف السبعينيات من القرن الماضي واستمرت حتى نهاية الثمانينيات.

هذه الجريمة بدأت بسحب الجنسية العراقية عنهم، ولكي يسلبوا من حق العيش في العراق، وقد تم في هذه العملية تهجير الالاف من العوائل الفيلية في منطقة كرمسير كمندلي وقرلوس وقزانية وبدرة وجسان الى ايران، كما تم مسبقا عزل المئات من الشباب الفيليين وواجهوا مصيراً مهجولاً.

2 – تغييب البارزانيين، مايقارب (8000) شخص كوردي من عشيرة بارزان، في حملة اعتقالات عشوائية بدأت في صبيحة يوم 30/7/1983، حيث حاصرت القوات الامنية والجيش مجمع (قوشتبة) بالقرب من مدينة أربيل، المعتقلين كانت تتراوح اعمارهم مابين (12-70) عاماً، والسبب الوحيد لاعتقالهم هو انهم كانوا من عشيرة بارزان، وتم نقل المعتقلين الى جنوب العراق بحماية عسكرية، كانوا جميعهم من المدنيين العزل، وبعد هذه الحادثة جاء صدام حسين الى كوردستان ووصف البارزانيين بأنهم مجرمون، واعلن انهم نالوا جزائهم، وبعد سقوط نظام صدام حسين تم العثور على جزء من رفات هؤلاء الضحايا في الصحاري الجنوبية وتم اعادتها الى كوردستان ودفنها في منطقة بارزان.

3 – استخدم الأسلحة الكيمياوية ضد سكان القرى في العام 1987، في يوم 15/4/1987، قام البعث وعن طريق الطائرات الحربية بقصف منطقة (سركلو وبركلو) في سهل جافايتي بالأسلحة الكيمياوية، وفي اليوم التالي 16/4/1987 قام البعث بقصف قرى (باليسان، شيخ وسانان) في سهل باليسان، وفي هذا القصف استشهد اكثر من (320) شخصاً مدنياً، وهذه الكارثة كانت من أخطر الجرائم، حيث كانت بداية استخدام النظام البعثي للأسلحة الكيمياوية لمواجهة الجماهير والمواطنين الذين يسكنون القرى، وهذه الجريمة أدت الى الحاق أضرار كبيرة ببيئة كوردستان الجملية بالاضافة الى الأضرار البشرية التي سببتها، حيث احترقت البساتين والأراضي الزراعية وانتشرت الأمراض القاتلة كضيق التنفس وشلل الدماغ والعديد من الأمراض الاخرى.

4 – جرائم الأنفال: حملات الأنفال التي تسبب في ابادة (182000) الف انسان كوردي، بدأت بعمليات عسكرية، والمناطق التي نفذت فيها الجرائم انقسمت على ثمانية مراحل، المرحلة الأولى من الحملات بدأت في منطقة السليمانية 22/2/1988، وكانت المرحلة النهائية لحملات الأنفال والمعروفة بخاتمة الأنفال في منطقة بادينان في 6/9/1988، استخدمت في مراحل حملات الأنفال جميع انواع الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيمياوي من نوع الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور.

5 – قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية في 16/3/1988، حيث قام النظام البعثي بقصف مدينة حلبجة في منطقة شارزور بالأسلحة الكيمياوية عن طريق الطائرات الحربية، ووقع ضحية هذه الجريمة أكثر من 5000 الاف شخص من النساء والأطفال والشيوخ والشباب في عدة دقائق، واصيب الاف آخرين بجروح، ونفوق الاف من الحيوانات، وآثار الأسلحة الكيمياوية مازالت باقية لحد الآن على أرض وسكان هذه المدينة، كما تسبب هذا القصف بانتشار العديد من انواع الأمراض القاتلة منها، نسبة كبيرة من مرض العقم، الأمراض الجلدية، مرض العوق لدى الأطفال الرضع، ازدياد نسبة مرض السرطان، ضيق التنفس، ضيق الرئتين، الأمراض النفسية والعصبية.

6 – تغيير أماكن السكن بالأراضي المحرمة، وفقاً لقرار النظم البعثي تم تغيير العديد من القرى الآهلة بالسكان في كوردستان الى اماكن محرمة، وفي بداية العام 1975 تم تغيير المنطقة الحدودية بين العراق وايران على طول 30 كم الى منطقة محرمة، وهذا كان جزءً من تهجير سكان القرى الى المدن الجنوبية في العراق والمجمعات القسرية. وهذه العملية استمرت، وفي العام 1987-1988، تم توسيع نطاق هذه العملية وتم اتخاذ القرار بتغيير جميع المناطق التي نفذت فيها حملات الأنفال الى مناطق محرمة، لكي يتم اعتبار أي شخص يتواجد في هذه المناطق بالمجرم والخارج على القانون ويقتل، وفقاً لهذا القرار تم تدمير أكثر من (4500) قرية في كوردستان، فقط في سنوات 1987-1988.

7- تدمير واحراق الالاف من مناطق العبادة من المساجد والحجرات والكنائس، وتنفيذ هذه الحملة تزامن مع تدمير وأخلاء القرى، وتم خلالها احراق الالاف من النتاجات الدينية والأدبية المكتوبة والكتب المقدسة.

8 – التغيير الديموغرافي للمناطق الكوردستانية في اطار عملية تعريب تلك المناطق، وهذا عن طريق اخراج وتهجير وابعاد المواطنين الأصلاء من هذه المناطق واسكان أناس آخرين في مكانهم، وهذه الحملة بدأت باصدار العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، وخاصة في محافظة كركوك، والمناطق الكوردستانية الاخرى في حدود محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين وهذه العملية تبعتها عملية اخرى لتغيير الهوية القومية.

9 – الاعتقال والاعدام والقتل الجماعي لجميع الأشخاص والمجموعات التي كانت لها وجهات نظر مختلفة عن معتقدات حزب البعث، وخلال هذه العملية الاجرامية جرى قتل الالاف من الأشخاص في سجون أبو غريب وقصر النهاية وسجن الموصل والسجون الاخرى، بعض منهم وفقاً لقرارات قضائية والبعض الآخر وفقاً لقرار ما يسمى بمحكمة الثورة.

وهذه الجرائم بصورة عامة وجريمة الأنفال بصورة خاصة كان لها تاثير كبير وصعب على حياة ومستقبل المجمتع الكوردستاني، صحيح أنها أصبحت تاريخاً من الناحية الزمنية، لكن تاثير وتداعيات هذه الجرائم مازال باقياً لحد الآن بصورة مباشرة على الفرد والمواطنين جميعاً، وقد ادت الى تدمير البنى التحتية للمجتمع بشكل تظهر تاثيرتها بشكل مباشر ليومنا هذه.

 

الاحكام الصادرة ضد المتهمين في قضية الانفال

اصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا الخاصة بجرائم الانفال، يوم الاحد 24/6/2007، احكاما بالاعدام والسجن المؤبد على خمسة متهمين في قضية الانفال.

1- الاعدام شنقا على المتهم علي حسن المجيد الملقب بعلي الكيمياوي إثر ادانته بارتكاب ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية في جرائم الانفال.

وقال القاضي محمد العريبي الخليفة الذي ترأس الجلسة: إن المحكمة ادانت المتهم علي حسن المجيد بتطبيق سياسة حزب البعث (المنحل) واهداف (المخلوع) صدام حسين في شمال العراق واصدار اوامر للجيش والقوات الامنية باستخدام الاسلحة الكيمياوية في هجوم واسع النطاق اسفر عن استشهاد الالاف من المواطنين الكورد.

2- حكم الاعدام شنقا على المتهم سلطان هاشم أحمد الطائي وزير الدفاع.

3- حكم الاعدام شنقا على المتهم حسين رشيد التكريتي معاون رئيس الاركان.

4- حكم السجن مدى الحياة على المتهم صابر عبد العزيز الدوري مدير الاستخبارات العسكرية.

5- حكم السجن مدى الحياة على المتهم فرحان مطلق الجبوري بتهمة المشاركة في التهيئة لجريمة الابادة الجماعية.

6- واسقط القاضي التهم عن طاهر توفيق العاني المحافظ الاسبق لنينوى لانعدام الأدلة.

ومن الناحية القانونية تندرج هذه الجريمة ضمن الابادة الجماعية على شاكلة جميع الجرائم التي ارتكبت ضد الانسانية. حيث أقدمت الدولة العراقية بالالتزام بمبادئ واتفاقية منع جرائم الابادة الجماعية لسنة 1948 وجميع الاتفاقيات التي تنص بمبادئ حقوق الانسان، وبالتالي تستوجب على الحكومة العراقية تعويض ضحايا الانفال.

وتقول ميراندا سيسونز، رئيسة برنامج العراق لدى المركز الدولي للعدالة الانتقالية، التي قامت برصد إجراءات المحاكمة "لقد كانت محاكمة الأنفال من بعض النواحي أفضل إدارةً من محاكمة الدجيل.

 

مواقف الرسمية المحلية والدولية من جرائم الانفال بعد سقوط النظام السابق

وفقا لأحكام المحكمة الجنائية العراقية العليا التي صدرت عام 2009 على بعض المسؤولين عن جرائم الابادة للجنس البشري والجرائم ضد الانسانية فانها اعتبرت ان ما حصل في قضية الانفال تدخل ضمن هذا الوصف القانوني، وان مجلس النواب العراقي اقر في نيسان من عام 2008 بان ما تعرض له الكورد في كارثة الانفال هي ابادة جماعية والى هذا ذهب ايضا مجلس رئاسة الجمهورية في العراق في القرار رقم 26 لسنة 2008 الصادر يوم 10-9-2008 الذي جاء فيه ما يلي: ((اعتبار ما تعرض له الشعب الكوردي في كوردستان العراق من مذابح وقتل جماعي هو ابادة جماعية بكل المقاييس)).

وحددت حكومة إقليم كوردستان يوم الـ 14 من شهر نيسان من كل عام يوماً سنوياً لاستذكار ضحايا عمليات الأنفال، وجاء ذلك عن طريق قرار برلمان كوردستان في 14-4-2008 وفي قرار رئاسة اقليم كوردستان رقم 13 لسنة 2008 الذي صادق على قرار رقم 2 لسنة 2008 وهو قرار اعلان الجرائم المرتكبة بحق الشعب الكوردي في العراق هي جرائم ابادة جماعية ( جينوسايد) وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وهو موقف صائب وموافق للقانون الوطني والدولي.

كما أقر البرلمان السويدي في يوم 5 كانون الأول - ديسمبر من سنة 2012 اعتبار ما حصل في كوردستان ضد الكورد من جرائم الانفال تدخل ضمن نطاق الابادة الجماعية للشعب الكوردي وهذا ما تقرر في البرلمان النرويجي ايضا، كما أقر البرلمان البريطاني بالاجماع في الاعتراف رسميا بان ما تعرض له شعب كوردستان العراق هو ابادة جماعية في جلسة خاصة عقدت يوم الخميس المصادف 2012/2/28.

 

هيومن رايتس ووتش وتوثيق حملة الأنفال

في عام 1992 بعد حرب الخليج، أرسلت هيومن رايتس ووتش فريقا من الباحثين إلى اقليم كوردستان. قام الفريق على مدى عدة أشهر بتحريات وتحقيقات شاملة. قابل أعضاء المنظمة حوالي 350 شخصا ممن نجوا من حملة الأنفال ومن شهود الحملة وقاموا بتحليل للتربة في مناطق استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية. ولأغراض الحفظ والتحليل، سلم لهيومن رايتس ووتش 18 طنا من الوثائق الأمنية العراقية التي استولت عليها قوات البيشمركة حينما غادرت قوات الأمن العراقية المنطقة. وعلى أساس البحث الميداني وتحليل الوثائق، خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن الأنفال تشكل جريمة إبادة جماعية. وفي عامي 1994 و1995، حاولت هيومن رايتس ووتش إقناع عدة حكومات مهتمة بحقوق الإنسان برفع دعوى على الحكومة العراقية بموجب أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها أمام محكمة العدل الدولية.

PUKmedia


23/02/2023