صلاح الدين دميرتاش:ما هي القضية الكردية؟
المركز الكردي للدراسات، مؤسسة بحثية مستقلة وغير ربحية، يعمل على تعزيز قيم المعرفة والسلم والتعايش والحوار بين السوريين وإشراك المرأة في عملية صناعة القرار وإرساء جهود المصالحة وبناء السلام ورفع الوعي القانوني في سوريا عن طريق تنمية القدرات البشرية وإعداد وترجمة دراسات وأبحاث باللغة العربية، وإقامة شراكات بحثية مع المؤسسات المختصة بمتابعة التطورات في المنطقة، إيمانا من القائمين على المركز بقيم المشاركة ونشر الوعي. كما يعنى المركز أيضاً بتشجيع التفكير والتحليل لاستقراء المستقبل ومعالجة التحديات التي تواجهها مجتمعاتنا.
في الواقع، كان من المفترض اليوم أن تكون القضية الكردية معروفة بدقة ووضوح من قبل الجميع، لأن هذه المشكلة هي على رأس المشاكل، التي لم يتم حلها منذ سنوات في بلدنا.
لكن، يؤسفني أن أرى أن ماهية المشكلة ليست واضحة، فيما كثيرون يسمعون عن القضية الكردية حديثاً، بل يعتقدون بعدم وجود مثل هذه المشكلة.
وللتعريف بإيجاز كبير، فإن المشاكل التي واجهها الكرد، والتي بدأت في السنوات الأخيرة من عهد الإمبراطورية العثمانية وتعمّقت في السنوات الأولى للجمهورية، وتجذّرت وانتشرت على نطاق واسع خلال مائة عام، تسمى بالقضية الكردية. بعبارة أخرى، المشكلة ليست الكرد، بل كل ما حدث للكرد وما نتج عنه.
بعد هذا التعريف المختصر، لا بد أن أعيد التأكيد على أن القضية الكردية هي قضية متعددة الأبعاد ومهمة للغاية. من الصعب سرد تاريخ هذه المشكلة، ليس فقط بمقال واحد، بل حتى بالعديد من الكتب. للمشكلة جوانب اجتماعية وسياسية واقتصادية عديدة.
لذلك يستحيل علي الإجابة بشكل كامل على السؤال المذكور في العنوان من جميع جوانبه في هذا المقال. “القضية الكردية” مشكلة معروفة بشكل عام. ومع ذلك، فإن الكثير من الناس في تركيا لا يعرفون تماماً حقائق المشكلة بسبب التصوّرات التي ينشئها حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى وجود شريحة مهمة تعتقد أن المشكلة قد تم حلها أصلاً.
بعبارة أخرى، المسألة الكردية التي قيل سابقاً بأنها “غير موجودة”، يقال عنها بأنها “حُلّت” اليوم، وفي الحقيقة، لا المعلومة الأولى كانت صحيحة، ولا الثانية.
هل لديكم مشكلة كردية؟
سأطرح على أولئك الذين لا يعرفون “القضية الكردية”، والتي يعتقدون بأنه تم حلّها، بعض الأسئلة.
لدي طلب واحد فقط. أرجو أن تضعوا أيديكم على ضمائركم والإجابة على الأسئلة بصدق قدر الإمكان.
في النهاية نحن نتحدث عن أهم مشكلة في تركيا كانت تتسبب بالأذى والموت لسنوات عديدة. لفهم ومعرفة المسألة بواقعية، ضعوا كل تصوراتكم المسبقة جانباً ولنبدأ حواراً ودياً وأخوياً. ربما لا تكون القضية مشكلة الكرد فقط، قد يكون لديكم أنتم أيضاً “قضية كردية”، وتكون المشكلة هي مشكلتنا المشتركة.
لن أمطركم بالمعلومات التاريخية الكرونولوجية. سأحاول التركيز على أمثلة من الحياة اليومية.
السؤال الأول
أي من الجمل أعلاه تعتقدون بأنها باللغة الكردية، التي يستخدمها الكرد البالغ عددهم حوالي 50 مليون نسمة حول العالم، وحوالي 20 مليون نسمة في تركيا، والتي تسمّونهم “بالأخوة منذ ألف عام”؟
هل نجحتم في معرفة الجملة الكردية؟ وإذا عرفتم، هل تمكّنتم من فهم كلمة واحدة منها؟ إذا كانت الإجابة لا، فأنتم أيضاً لديكم “قضية كردية”.
إذا كان بإمكانكم التحدّث باللغة الإنكليزية أو الألمانية أو الفرنسية، لكنكم لا تستطيعون فهم كلمة واحدة بلغة عشرين مليون مواطن، تسمّونهم “إخوة ألف عام”، فهذه هي قضيتكم الكردية.
سؤال آخر
أخوتنا في الدم في بلغاريا
أخوتنا في الدم في اذربيجان
أخوتنا في الدم في قبرص
أخوتنا في الدم في ألمانيا
برأيكم من المقصود بقرابة الدم المذكورة أعلاه؟
هذه المرّة عرفتم الجواب. نعم المقصود بهم الأتراك.
الآن دعونا نلقي نظرة على المادة 66 من الدستور (التركي) الذي يقول “كل من يرتبط بالدولة التركية برابط الجنسية هو تركي”.
ومع ذلك، لا أحد من المذكورين في السؤال الذي أجبتم عليه “بالأتراك” هم من مواطني الجمهورية التركية. حسناً، إذن، لماذا يتم تأسيس قرابة دم مع الأتراك الحاملين لجنسيات دول أخرى، ويتم تسميتهم بالأتراك، فيما يُعرّف الدستور مفهوم التركية على أنه رباط المواطنة؟ هل هناك خطأ منطقي؟
في الواقع لا يوجد خطأ هنا، لأن التركية ليست هوية جامعة، بل هوية عرقية. إنها تسمية لأمة قديمة. وإلا، لماذا لا يكون الكرد في العراق أقرباء لنا، بينما الأتراك في بلغاريا هم أقرباءنا؟ لأن الأتراك في بلغاريا هم من أصل تركي. لذلك، يعتبرون من ذوي القربى.
هم أقارب دم، لكن الكرد في سوريا، والكرد في العراق، والكرد في إيران، والكرد في جميع أنحاء العالم، لماذا ليسوا من ذوي القربى؟
هل هناك خطأ منطقي في هذا؟ مرة أخرى لا يوجد خطأ منطقي.
لأن هؤلاء ليسوا أتراك. هنا يظهر الخطأ في منطق المادة 66 من الدستور. لنفترض أن كردياً يعيش في سوريا أصبح مواطناً في جمهورية تركيا. بموجب القانون، يعتبر تركياً على الفور. فهل هذا الشخص تركي في الواقع؟
مفهوم التركية ليس مفهوماً يشمل الكرد. حتى أولئك الذين يدافعون نظرياً عن التركية كهوية جامعة يدركون أن التركية عملياً هي هوية عرقية، هوية أمة منفصلة. وهذا هو بالضبط سبب اعتبارهم للأتراك خارج تركيا أقرباء لهم، وهو اعتبار صحيح في الواقع.
انظروا، على سبيل المثال، إذا تم استخدام مفهوم “المواطنة التركية” لوصف المجتمعات ذات اللغات المختلفة والهويات العرقية المختلفة كمفهوم فوق الهوية، فقد تكون هذه وجهة نظر قابلة للنقاش.
دعوني أحاول أن أشرح بمثال. لا يمكن أن يسمى الطبق الذي يحتوي على الطماطم والباذنجان والفلفل واللحوم “وجبة طماطم”. لا يمكن لأحد عناصر الوجبة أن يمنح الطبق اسمه، حتى إذا كانت نسبته أكبر. لا يمكن أن يكون اسم الطبق الذي أتحدث عنه “طبق طماطم” أو “طبق باذنجان” أو “طبق فلفل” ، بل يمكن أن يكون “مطبّق”. بمعنى آخر، ليس باسم أحد العناصر المكونة للوجبة، بل باسم شامل آخر.
لذلك ، فإن “التركية” لا تشمل “الكردية”. الأتراك أمة قديمة ويمتد تاريخهم إلى آلاف السنين حتى سهول آسيا الوسطى.
الكرد ليسوا أتراكاً ويستحيل أن يكونوا كذلك. وصف كردي بأنه تركي أو محاولة تتريكه تعتبر قضية كردية. لأن الكرد هم أمة قديمة يعود تاريخها إلى آلاف السنين إلى بلاد ما بين النهرين، جغرافية كردستان اليوم.
لغاتهم أيضاً من سلالات لغوية مختلفة. الكردية من مجموعة اللغات الهندأوروبية، بينما التركية من مجموعة اللغات الأورالألتية. هذا في حد ذاته محددّ مهم جداً.
عندما تقولون “لا توجد لغة كردية. إننا جميعاً أتراك والتركية هي اللغة الأم بالنسبة للجميع”، فعندئذ نعم، يكون لديكم قضية كردية.
دعونا نخلق تعاطفاً عبر مثال آخر
لنفترض أنك تعيش في وسط “سكاريا” أو “يوزغات” أو في أحد قراها. بلغت ابنتك الصغيرة “عائشة” سن دخول المدرسة، فقمت بتسجيلها في المدرسة الابتدائية. في اليوم الأول من العام الدراسي، مسكت من يده، وأثناء التوجّه إلى المدرسة بدأت بتحذيرها في الطريق، “انظري يا طفلتي، لا تتحدّثي باللغة التركية في المدرسة، لا تقولي أننا أتراك، هل فهمتي؟”
عائشة أيضاً مرعوبة لأنها لا تعرف لغة أخرى غير التركية. يدخل معلّمها إلى الصف بوجه مبتسم، لكن قلبها يرتجف خوفاً، تشعر برغبة في البكاء.
عائشة في الصف ليست عائشة ذاتها في المنزل، وليست عائشة نفسها في الشارع. تنظر حولها، كل الصف تقريباً مرعوب مثلها. لأن المعلم يتحدث الكردية ويتفوّه بجمل لا يكاد يفهم منها الأطفال بضع كلمات فقط: هو يقول “نعم أيها الأطفال الحلوين، ممنوع التحدّث بالتركية بعد اليوم. كلنا كرد هنا ولغتنا الكردية”.
كيف سيكون شعورك إذا كنت أماً أو أباً في مواجهة شيء كهذا؟
ما هو شعورك إذا كنت مكان عائشة؟ إذا قلت أنه أمر طبيعي، فأعذرني لأقول لكن بأنك تعاني من مسألة كردية.
هل تعتقد أن ما قلته مثال قديم جداً؟ لا، دعني أقول لك أنت لا تعرف.
لا تعليم باللغة الكردية في تركيا
يخطئ من يعتقد بوجود تعليم باللغة الكردية في تركيا. هناك ساعتان فقط في الأسبوع من الحصص الاختيارية باللغة الكردية، ويتم عمل كل شيء تقريباً للحيلولة دون اختيار هذه الحصص.
انظروا، في تعيينات الأسبوع الماضي، تم الإعلان عن حصتين للمعلمين لللهجة الكرمانجية وواحدة لللهجة الزازكية.
ماذا سيكون شعور والديها عندما تأخذ عائشة ساعتين فقط من اللغة التركية الاختيارية في الأسبوع؟ ماذا لو لم يتم تعيين عدد كافٍ من المعلمين الأتراك ولم يتمكنوا من حضور هذين الدرسين أسبوعياً على الرغم من اختيارهم للغة التركية؟
ألن تنزعجوا أو تغضبوا؟
علاوة على ذلك، ماذا كنتم ستشعرون حيال حدوث كل هذا في موطن عائشة؟ الشيء نفسه يحدث للكرد في وطنهم.
لم يتمكن الأطفال الكرد من تلقّي التعليم بلغتهم الأم منذ ما يقرب من قرن. يتعرف ملايين الأطفال الكرد على اللغة التركية في المدارس التي يتم استيعابهم فيها لسنوات تحت مسمّى التعليم بلغة يجدون صعوبة في فهمها.
يُجبر الأطفال الكرد على إجراء نفس الامتحانات مثل الأطفال الأتراك الذين يتلقون التعليم بلغتهم الأم. لعقود من الزمان، كانت الولايات العشرين الأقل نجاحاً في الامتحانات الجامعية هي المدن الكردية دائماً. هل تعتقدون أنها مصادفة؟ أعذروني إذا كنتم تسمّونها مصادفة.
بالطبع، يجب على الجميع تعلم اللغة التركية، اللغة الرسمية، في المدرسة. التركية هي لغتنا المشتركة. إنها إحدى قيمنا المشتركة التي توحّدنا. على سبيل المثال، يجب أن نتعلم اللغة الإنجليزية التي أصبحت لغة العالم.
ومع ذلك، يجب أن يكون كل طفل قادراً على تعلّم لغته الأم وأن يكون قادراً على أخذ بعض الدروس بهذه اللغة. يتم ذلك في العديد من البلدان المتقدمة وإمكانات بلدنا مناسبة لذلك من جميع النواحي. ومع ذلك، وفقاً للمادة 82 من دستورنا، لا توجد لغة أم غير التركية في تركيا، وحتى لو كانت موجودة، فلا يمكن أن تكون لغة للتعليم.
دعونا نلقي نظرة على الماضي القريب
على سبيل المثال، هل تعلمون أن التعليم باللغة الكردية كان يتم في المدارس الدينية في كردستان لمئات السنين، بما في ذلك السنوات الأولى للجمهورية؟ إذا كنتم تعتقدون بأن هذه المدارس كانت تقدّم التعليم الديني فقط، فأنتم مخطئون. كانت هذه المدارس تقدم العلوم والرياضيات والعلوم الاجتماعية وعلم الفلك. وبالطبع باللغة الكردية.
هل تعلمون أنه تم حظر اللغة الكردية بعد عام 1925، وتم تغريم المتحدّثون بالكردية في الشارع عن كل كلمة؟
هل تعلمون أنه بسبب منع التحدث باللغة الكردية في البرلمان، فإن بعض الجمل المستخدمة باللغة الكردية يتم تسجيلها في المحاضر على شكل إشارة X ؟
أعتذر. تم تغيير هذا الاجراء. يشار إلى (الجمل الكردية) الآن باسم “لغة غير مفهومة” أو “لغة غير معروفة”.
أصبحت لغة الملايين من الناس في هذه البلاد لغة غير معروفة في البرلمان، حيث يتم التحدّث عن مشاكل هذا البلد. إنه شيء مرعب.
لكن من ناحية أخرى، لا تتوقف الحكومة أبداً عن استخدام هذه “اللغة المجهولة” لمصالحها الخاصة. يعلّقون لافتات انتخابية باللغة الكردية، ويقومون باستمرار بالدعاية باللغة الكردية على قناة TRT. يبثّون باللغة الكردية. لماذا ا؟ لأنهم يعرفون أن ملايين الأشخاص في البلاد يتحدّثون الكردية ويفكّرون باللغة الكردية ويرون أحلامهم باللغة الكردية ويعيشون باللغة الكردية.
من حين لآخر، يغنون أغان كردية تم تغيير كلماتها.
كانت تكلفة ذلك باهظة للغاية لدرجة أننا لا نستطيع حتى حساب الخسائر في الأرواح والخسائر المادية والخسائر الناجمة عن الافتقار إلى الديمقراطية. الآن عندما ننظر إلى الوراء، على الجميع أن يسألوا أنفسهم، هل كان الأمر يستحق كل هذا العناء؟ كان من الممكن إقامة تركيا التي يعيش فيها الجميع بحرية. ألن نكون بلداً أكثر سلاماً وثراءً وقوةً وأجمل لو أننا قد ضمننا وحدتنا الوطنية بالمواطنة المتساوية بدلاً من التركية؟ الآن، هل سيستمر نفس الخطأ في القرن الثاني للجمهورية، أم سنواصل طريقنا معاً من خلال ضمان وحدة تركيا على أساس المواطنة والأخوة المتساوية؟ إذا قلتم، “لا ، نحن جميعاً أتراك، حتى لو كانت أصولنا العرقية مختلفة”، فهذا يعني أن لديكم مشكلة كردية.
سؤال آخر
تحضرون فعالية في اسطنبول. التقيتم وتحدثتم مع أشخاص قدموا من مختلف أنحاء البلاد والعالم. يدور الحديث حول الوجهات التي أتى منها كل شخص مشارك في الحوار.
لقد جئت من القوقاز
قدمت من تراقيا
أتيت من كابادوكيا
جئت من كردستان
أي من الجمل أعلاه أصابكم بالقشعريرة؟
هل غضبتم عندما قرأتم الجملة التي تتضمن كلمة كردستان؟ اذا أعذروني فأنتم لديكم مشكلة كردية.
بعض الأمثلة من حقيقة كردستان
بداية، دعونا نقول أن كردستان هي تاريخياً اسم منطقة جغرافية. هذه الجغرافيا هي المنطقة الواقعة داخل حدود إيران والعراق وسوريا وتركيا اليوم. في إيران حالياً ولاية رسمية تسمى كردستان، ولدى العراق منطقة اتحادية تسمى حكومة إقليم كردستان. حتى بعد عامين من إنشاء جمهورية تركيا، كان يطلق على شرق وجنوب شرق البلاد اسم كردستان.
على سبيل المثال، هل تعلم أنه عندما جاء قلب أرسلان إلى ملاذكرد عام 1071 ، طلب الدعم من إدارات كردستان دون تردد، ولم يصب بالقشعريرة عندما سمع عن كردستان؟
هل تعلم أن السلاجقة والعثمانيين أقاموا دولة تسمى كردستان وكان يقودها زعماء كرد؟
هل تعلم أنه في عام 1846، في عهد السلطان عبد المجيد، تم صك وسام كردستان لمنحه لأولئك الذين شاركوا في قمع تمرد بدرخان باي، الزعيم الكردي الذي كان يقيم في مركز جزرة باسمه الحالي؟
هل تعلمون أن مصطفى كمال أتاتورك، أول ما قام بفعله بعد أن ذهب إلى سامسون في عام 1919، أنه كتب خطاباً إلى ولاة كردستان طالباً دعمهم لحرب الاستقلال، دون أي يصب بالقشعريرة من كتابة كلمات “كرد” و”كردستان”؟
هل تعلمون ان النواب الكرد في المجلس الأول الذي ترأسه اتاتورك كانوا يسمّون بنواب كردستان في محاضر المجلس؟
لذلك عندما نقول كردستان، فنحن لا نقصد تقسيم تركيا وإقامة دولة منفصلة. نحن تحدد الجغرافيا بشكل صحيح من خلال تسميتها التاريخية. سبب حظر كلمتي “كردي” و “كردستان” بعد عام 1925 هو دمج الكرد وصهر جميع المواطنين في الهوية التركية. حسناً، إذا قلتم أن هذا ليس شيئاً سيئاً، فللأسف لديكم مشكلة كردية.
مثال آخر مكانة ديار بكر في لائحة ترتيب التنمية
اذا كانت الكردية هكذا فكيف حال المدن الكردية؟
بحسب الأرقام الرسمية المنشورة عام 1927، فإن مدينة ديار بكر احتلّت المرتبة الخامسة من حيث التنمية الاجتماعية والاقتصادية بعد اسطنبول وإزمير وأنقرة وبورصة. لكن، عندما تقرر حصر كل الاستثمارات في الغرب، أصبحت الولايات الكردية تفقر من عام إلى آخر.
لدرجة أنه بحلول الثمانينيات، كانت ديار بكر في أدنى المراتب. وبحسب بيانات هيئة تخطيط الدولة المنشورة عام 2017، فإنها تحتل المرتبة 68.
مقولة “الكرد يمكن أن يتبؤوا أي منصب”
الكرد محرومون من هويّتهم؛ لم يتمكّنوا من الوصول إلى مواقع فاعلة في الدولة من خلال التحدث باللغة الكردية، والتفكير باللغة الكردية، ورؤية الأحلام باللغة الكردية، والعيش باللغة الكردية، أي ككرد.
أولئك الذين يمكن أن يصبحوا موظفين رفيعي المستوى في الدولة هم الذين يقبلون أن يكونوا “أتراكاً من أصل كردي” ويقبلون “اتفاقية التركية” (في إشارة إلى كتاب باريش اونلو بذات العنوان).
على سبيل المثال ، هل تعلم أن شرف الدين إلجي، الذي أصبح وزيراً للأشغال العامة عام 1978، حوكم لأنه قال “أنا كردي”؟ إذا قلتم بأن هذا القرار صحيح، فهذا يعني أن لديكم قضية كردية.
باختصار،
على الرغم من أن الكرد قد عاشوا معاً وفي أخوّة مع الأتراك منذ أكثر من ألف عام، إلا أن قانون الأخوة هذا، للأسف، قد تم كسره بسبب الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في المائة وخمسين عاماً الماضية.
ونتيجة لذلك اندلعت أعمال شغب كثيرة. ولسوء الحظ، تم إراقة الكثير من الدماء. انقلبت العلاقة التاريخية التركية الكردية رأساً على عقب، وسادت فيها الدماء. استغلت جميع القوى الإمبريالية هذه التناقضات والصراعات لتخدش مشاكلنا وتزيد النزيف. الآن، ونحن ندخل القرن الثاني للجمهورية، حان الوقت لتقوية الأخوة والوحدة من خلال الحوار الحضاري وحل كل هذه المشاكل على أساس دستوري تحت قبة البرلمان.
لأن سماح أيا من الأخوة لمعاملة الثاني يعامل بطريقة غير عادلة، يخالف قانون الأخوّة. هذا هو بالضبط السبب في أن القضية الكردية ليست مشكلة كردية فحسب، بل هي مشكلة مشتركة. من واجبنا أن نتكاتف لحل هذه المشكلة.
يجب أن نحل القضية الكردية سلميا
يجب أن نحل القضية الكردية سلميا، بدون أسلحة، بدون عنف، بدون صراع، بالجلوس والحديث، بالتفاهم والشرح والتوافق. بعد كل شيء، لسنا من صعد بهؤلاء الناس إلى أعالي الجبال، بل تلك الممارسات والاضطهاد. الآن نقول توقفوا عن القتل والموت، فلننرلهم جميعاً من الجبل بالحوار والتفاوض. لقد تم تصنيفنا على أننا “مؤيدون للإرهاب” لأننا نقول هذا، هل تعرفون ذلك؟ أعتقد بأنكم تعرفون.
نحن لا نقترح نفس الأساليب التي تتبعها الحكومة لحل القضية الكردية. في حزب الشعوب الديمقراطي، لدينا اقتراح حل بعيداً عن الأسلحة والعنف والصراع. قبل أشهر قليلة من القرن الثاني للجمهورية، نريد تطبيق معايير حديثة عالمية في بلدنا. نحن لا نقبل الذهنية التي تقوم “لا يمكن التحدّث بلغة أخرى غير التركية”.
نحب اللغة التركية ولا نتخلى أبدا عن لغتنا الأم
نحن نحب اللغة التركية أيضاً، لكننا لا نتخلى أبداً عن لغتنا الأم. نحن نقدّر كل اللغات.
علاوة على ذلك، تمكّنت الدول التي واجهت مشاكل مماثلة في العالم من حل هذه المشكلات وأصبحت الآن مستقرّة للغاية. على سبيل المثال، يمكن للأتراك في بلغاريا أن يعيشوا كأتراك، ويمكن أن يعيش الباسك في إسبانيا مثل الباسك، ولن يخرب العالم.
بمعنى آخر، الادعاء بأن “المنطقة أصبحت متخلّفة بسبب الإرهاب” هو ادعاء كاذب. على سبيل المثال، تراجعت ديار بكر بشكل تدريجي كل عام حتى باتت في مراتب دنيا في أوائل الثمانينيات، على الرغم من أن الصراعات بدأت بالتفاقم في نهاية الثمانينيات.
دعونا نوجز
هل تعلمون ما هي المسألة الكردية؟
سنواصل الشرح دون ملل أو تعب. من فضلكم حاولوا أن تفهموا أيضاً. لأن المسألة الكردية هي مشكلتكم في الواقع.
على سبيل المثال، ابدؤوا بالتعاطف. ثم تابعوا من خلال تعلّم الحقائق التاريخية. والآن تعلّموا بعض الكردية أيضاً. يمكن أن تكون الجملة الأولى التي ستتعلمونها هي “Ez jî ji te hez dikim”.
*صلاح الدين دميرتاش: الزعيم المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المعتقل منذ أكثر من 6 سنوات تحت المحاكمة
*المصدر: موقع بيانت
*الترجمة:المركز الكردي للدراسات
|