قيود طالبان على المرأة ومستقبل الإرهاب في أفغانستان
منير أديب
باحث متخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي
موقف حركة طالبان من المرأة ليس بالشيء الجديد، فالحركة التي صعدت إلى السلطة لأول مرة عام 1996 لم تكن تؤمن بأي حقوق للمرأة، ولم يتغير موقفها إلَّا على مستوى التصريحات العلنية التي تفاءل بها البعض، بعدما عادت مرة أخرى إلى السلطة، بعد عشرين عامًا من الغزو الأمريكي لأفغانستان وطردها من الحكم[1]. فعقب سيطرتها على السلطة في أغسطس 2021 أطلقت الحركة عدة تعهدات علنية، أكدت من خلالها أنها ستحترم حقوق الإنسان عمومًا، وحقوق المرأة خصوصًا، لكنها – شيئًا فشيئًا – أخذت تتنصّل من هذه التعهدات.
فعلى رأس سبعة عشر قرارًا أصدرتها حركة طالبان بعد عودتها للحكم، قيدت من خلالها حقوق المرأة، أصدر مؤخرًا وزير التعليم العالي، نديم محمد ندا، قرارًا بمنع الفتيات الأفغانيات من إكمال تعليمهن الجامعي[2]. وبعده أصدر وزير الاقتصاد، قاري الدين محمد حنيف، قرارًا آخر يتعلق بمنع الموظفات من العمل في المنظمات الأجنبية غير الحكومية، ولم يوضح القرار إذا ما كان هذا القرار يسري على السيدات الأجنبيات، أم أنه يشمل فقط الأفغانيات العاملات في هذه المنظمات.
قرارا وزيريْ التعليم العالي والاقتصاد جاءا متزامنين في التوقيت، وهما ترجمة لمواقف سابقة اتخذتها حركة طالبان بشأن المرأة الأفغانية، سواء في تجربتها الأولى بالحكم في منتصف تسعينيات القرن الماضي، أو حتى بعدما عادت إلى السلطة من جديد في أغسطس من العام 2021. وقد بدا لافتًا أن التصريحات التي أدلى بها الوزيران المذكوران تعبر عن إصرار على منع المرأة من أية حقوق تمتعت بها أو اكتسبتها خلال العشرين عامًا الماضية؛ إذ أكد وزير التعليم العالي بأنه لن يتراجع عن القرار حتى ولو تم إلقاء القنبلة الذرية على أفغانستان[3]، كما صرح وزير الاقتصاد بأن أفغانستان على استعداد لتحمل فرض عقوبات عليها، وأنها لن تتخلى عن قرارها!.
وتسعى هذه الورقة إلى الإجابة عن تساؤلين رئيسيين، أولهما: هل ثمة علاقة بين موقف حركة طالبان من المرأة وبين ظاهرة الإرهاب في أفغانستان؟ وثانيهما: هل موقف الحركة من المرأة يمكن أن يخلق مستقبلًا تشهد فيه ظاهرة الإرهاب ارتفاعًا في وتيرتها؟.
1- موقف طالبان من المرأة
موقف حركة طالبان من الفتيات الأفغانيات بعدم إكمال تعليمهن الجامعي يتسق مع مواقف سابقة لها، ومع تصريحات أكدت الحركة من خلالها أنها لن تسمح بتعليم الطالبات، وأنها أغلقت فصول التعليم الثانوي، ولن يتم السماح بتعليم الفتيات إلَّا في المراحل الأولى فقط[4]، وهو ما أعقبه رد فعل من الفتيات اللاتي تظاهرن ضد مثل هذه القرارات، غير أن أجهزة الأمن الأفغانية قامت بقمع هذه التظاهرات[5].
هذه المواقف والتصريحات تخالف تصريحات كانت الحركة قد أطلقتها في أول مؤتمر صحفي عقدته في العاصمة الأفغانية كابل بعد استعادة سيطرتها على السلطة في أغسطس 2021، إذ أكدت – آنذاك – أنها لن تسمح بأن تكون أفغانستان ملاذًا آمنًا للإرهاب، ووعدت باحترام حقوق المرأة وفق الشريعة الإسلامية. وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم الحركة آنذاك: “ستكون المرأة نشطة للغاية في مجتمعنا”، وسيُسمح لها بالعمل “في إطار قوانيننا الإسلامية”، لكنه لم يوضح ما يعنيه ذلك عمليًا[6].
وقد تعامل المجتمع الدولي والأسرة الدولية مع هذه التصريحات بنوع من الارتياب، استنادًا إلى سمعة الحركة في الإساءة إلى المرأة عندما كانت في السلطة في المرة الأولى، حيث فرضت زيًا أكثر تشددًا على المرأة يغطي كامل وجهها، وهو ما يُعرف بالبرقع أو الشادور، ومنعت النساء من ارتياد الأماكن العامة، ومن إكمال تعليمهن بعد سن الثامنة.
ويكشف النظر في قرارات حركة طالبان الأخيرة بشأن المرأة، أن الحركة متسقة مع نفسها من قبل ومن بعد، فمنذ التسعينيات من القرن الماضي، وفي كل مرحلة تتمكن فيها من الحكم، كان أحد أهم قراراتها هو «منع تعليم النساء»، والاكتفاء بتعليمهن فقط حتى المرحلة الابتدائية، فموقف الحركة واضحٌ تجاه المرأة، ويتبلور حول ضرورة أن تبقى جاهلة على الدوام[7].
في هذا السياق، لم يختلف موقف الحركة من المرأة بعد أن وصلت إلى السلطة في المرة الثانية في 15 أغسطس من العام 2021، حيث فرضت قيودًا على تعليمها، ولم تسمح لها بالعمل في أي وظيفة؛ بدعوى أن خروجها من البيت مفسدة، كما أن كشف وجهها مفسدة أخرى، والأطهر لها عدم الخروج من منزلها. ولم تُمنح المرأة سوى حق واحد هو الذهاب إلى المسجد لحفظ القرآن الكريم.
تتصور الحركة – بما مارسته وتمارسه – أنها تعاقب الفتاة الأفغانية حين تمنعها من المدرسة ومن الجامعة، وتتخيل أنها تعاقب المرأة الأفغانية حين تمنعها من العمل في المنظمات غير الحكومية، ولكنها في الحقيقة لا تعاقب هذه ولا تلك، وإنما تعاقب بلدها في مجمله، وتعاقب صورتها هي التي ستتعرض للتشويه التام عبر هذه القرارات[8].
إن حركة طالبان لم تغير موقفها من المرأة، ولكنها تزداد تطرفًا تجاهها مع الوقت، ولم تكن التصريحات التي أدلى بها مسؤولون في الحركة فيما يخص احترام حقوق المرأة قبل خروج القوات الأمريكية من البلاد، إلَّا بهدف إتمام صفقة الخروج.
2-تداعيات قرارات طالبان بشأن المرأة
انعكست القرارات الأخيرة التي اتخذتها حركة طالبان بشأن المرأة الأفغانية، سواء بمنع تعليمها الجامعي أو منع عملها في المنظمات غير الحكومية، انعكست بصورة سريعة على الحياة العامة، خاصة وأن التعليم في البلاد – عمومًا – قد وصل إلى أدنى مستوياته، وهو ما يُعزز فرص انتشار الجهل والتخلف والإرهاب، فضلًا عن تدهور الوضع الاقتصادي الذي يحتاج إلى مزيد من العمل من كافة شرائح المجتمع، بما في ذلك المرأة.
وهناك بُعدان رئيسيان لأثر قرارات طالبان الأخيرة تجاه المرأة، البُعد الأول يتعلق بأثر هذه القرارات على الداخل الأفغاني من ناحية كُلٍّ من الوضع المعيشي والوضع التعليمي في الجامعات، فيما يرتبط البعد الثاني بحالة العزلة الدولية التي تعيشها البلاد منذ سيطرة طالبان على الحكم في أغسطس 2021.
ففيما يتعلق بالوضع الداخلي، فإن تلك القرارات من شأنها أن تتسبب في تراجع الوضع المعيشي لملايين الأفغان، من حيث انعكاساتها على المنظمات غير الحكومية التي تلعب دورًا كبيرًا في تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة إلى الأفغان، وبالتالي فإن اتخاذ هذه المنظمات قرارات بإيقاف عملها أو تقليصه سيساعد في تدهور الوضع المعيشي في البلاد[9].
في هذا السياق، تشير إحصائيات إلى أن نحو 97 بالمئة من الأفغان يعيشون في فقر، ويحتاج ثُلُثا السكان إلى مساعدات للبقاء على قيد الحياة، في حين يواجه 20 مليون شخص الجوع الشديد[10]، كما تقدر الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة أن أكثر من نصف سكان البلاد – البالغ عددهم 38 مليون نسمة – يحتاجون إلى مساعدات إنسانية خلال فصل الشتاء القاسي[11].
وقد بدأت بالفعل بعض المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان، إمّا في التوقف عن العمل، أو في تقليص بعض أعمالها. وبحسب هيئة الأمم المتحدة لدعم المرأة، فإنه بعد أسبوع من الحظر المفروض على النساء العاملات في المنظمات غير الحكومية في أفغانستان، تم توجيه سؤال إلى 151 منظمة تقدم مساعدات إنسانية، معظمها تقودها نساء أو تركز عليها، كان السؤال عن مدى تأثير الحظر على قدرتها في تقديم الخدمات، وتبين أن الحظر كانت له آثار خطيرة، حيث أدى لتقليص عمل أو تعطيل كامل لعمل 86 بالمئة من هذه المنظمات غير الحكومية[12].
وبالإضافة إلى ذلك، هناك الوضع التعليمي، إذ من المرجح أن تؤثر هذه القرارات بالسلب على التعليم الجامعي، حيث يوجد في أفغانستان 126 جامعة خاصة، و39 جامعة حكومية، وقد باتت هذه المؤسسات التعليمية مهددة بالإغلاق بسبب تلك القرارات. وبحسب مصدر حكومي، أعلن أكثر من 300 أستاذ جامعي استقالاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد القرار الأخير، وقال: “ستفقد المؤسسات المحلية والأجنبية نحو 35 بالمئة من فريقها العامل الذي كانت تشكله النساء، كما ستفقد الجامعات 45 بالمئة من طلبتها، وهي نسبة الإناث فيها، وستتوقف العام المقبل 75 بالمئة من الجامعات عن العمل بسبب منع دراسة وعمل النساء”[13].
أمّا البُعد الثاني فيرتبط بحالة العزلة الدولية التي تعيشها حركة طالبان، فبعد سيطرة الحركة على البلاد في أغسطس 2021، علق المجتمع الدولي والأسرة الدولية اعترافهما بالحركة وبحكمها على مدى احترامها لحقوق الإنسان، وفي القلب منها حقوق المرأة. ومنذ ذلك الوقت لم تعترف أي دولة بالنظام الجديد الذي أقامته طالبان في أفغانستان، وإن كان عدد من الدول قام بفتح قنوات دبلوماسية بصورة غير رسمية في كابل[14]. وكما سبقت الإشارة، فقد تعاملت الدول مع تصريحات الحركة بشأن احترام حقوق الإنسان بنوع من الارتياب، ومن ثم فضلت هذه الدول التريث لحين اتضاح الموقف الحقيقي.
من المعروف أن أفغانستان لم تكن تحظى بعلاقات خارجية مع دول ومنظمات دولية، مثلما كان الحال في العشرين سنة الماضية، لكن بعد وصول حركة طالبان مرة أخرى إلى السلطة في أغسطس 2021، وبعد أن سيطرت على العاصمة كابل، تراجعت هذه العلاقات بشدة، وأغلقت الكثير من الدول سفاراتها في البلاد، حتى أنه لم يبق فيها أكثر من خمس سفارات أجنبية[15].
ولا شك أن قرارات طالبان الأخيرة بشأن المرأة قد عززت شكوك هذه الدول والمنظمات الدولية إزاء نوايا الحركة بشأن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ومن ثم فإن المرجح أن تستمر هذه الدول على موقفها القاضي بعدم الاعتراف بالحركة، التي ستجد نفسها في هذه الحالة تعاني من العزلة الدولية عليها[16]. هذه العزلة ستنعكس بلا شك على الوضع الداخلي في البلاد، حيث ستفتقر أفغانستان إلى تدفق الاستثمار والمساعدات الدولية، وقد تواجه صعوبات شديدة في توفير التمويل اللازم لإقامة بنية تحتية قوية ضرورية لانطلاق عملية التنمية في البلاد.
3-تداعيات قرارات طالبان بشأن المرأة على مستقبل الإرهاب في البلاد
كما سبقت الإشارة، فإن موقف حركة طالبان من المرأة ليس جديدًا، ولن يكون الأخير بين المواقف التي يُتوقع أن تتخذها الحركة من المرأة عمومًا؛ فهدف الحركة هو اغتيال المرأة، صحيحٌ أنها تتبنَّى هذه المواقف من منظور فقهي “ضيق”، ولكن الهدف قد يكون سياسيًا.
ولعل المواقف التي اتخذتها الحركة من المرأة خلال فترة حكمها الأولى لأفغانستان، قد أسهمت – بدرجة أو بأخرى – في توفير بيئة ساعدت على ظهور الإرهاب في البلاد، حتى أنها احتضنت تنظيم القاعدة الذي كان أخطر تنظيم إرهابي في تلك الفترة، والذي قام بتنفيذ أكبر العمليات الإرهابية حين استهدف برجيْ التجارة في الولايات المتحدة عام 2001 فيما عُرف بأحداث 11 سبتمبر الإرهابية.
ولا شك أن بيئة التشدد التي تأسست في أفغانستان خلال فترة حكم طالبان الأولى قد جاء نتيجة العديد من القرارات التي اتخذتها الحركة في هذه المرحلة، والتي كان من بينها قرارات تتعلق بالمرأة، استهدفت فرض قيود عليها، تَحُدُّ من قدرتها على التعليم وعلى العمل وعلى التنقل، إذ إن هذه القرارات أسهمت في أن يكون نصف المجتمع الأفغاني مفتقرًا إلى التعليم والعمل والتنقل، ومن ثم فقد سادت لديه عقلية أمكن تشكيلها بسهولة عبر مسؤولي طالبان، حيث باتت المرأة أداة طيعة لتنفيذ أفكارهم القائمة على التشدد والانغلاق، ومن ثم توافرت العناصر اللازمة لنشوء بيئة منغلقة وفرت لتنظيمات الإرهاب الفرصة للنمو.
بهذه القرارات الأخيرة تجاه المرأة الأفغانية، فإن حركة طالبان تُعيد السيناريو نفسه الذي نفذته في فترة حكمها الأولى، ومن ثم فإن المخاوف تتزايد من أن تُسهم هذه القرارات في الوصول إلى النتائج نفسها التي حدثت آنذاك.
فمن الواضح أن الحركة تدرك جيدًا أن تعليم المرأة الأفغانية يشكل خطورة على أفكارها التي تعمل على نشرها وترسيخها لدى الأفغان عمومًا، ومن ثم جاءت قراراتها الأخيرة التي ستساعد في نشر التعصب والإرهاب والتطرف، بما يمهد لمستقبل تسوده الخرافة، لا سيّما حين تغيب عنه شمس المعرفة، تلك الشمس التي كان يُراهن عليها الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي للتخلص من ميراث الحركة الذي كبل هذا الشعب على مدار عقود مضت[17].
ويمكن التأكيد أن هناك علاقة عكسية بين تعليم الفتيات وبين انتشار الخرافة والأفكار المتشددة في المجتمعات عمومًا، فكلما ارتفع معدل تعليم الفتيات تراجع انتشار التشدد والانغلاق، والعكس بالطبع صحيح، أي كلما انخفض معدل تعليم الإناث ازداد انتشار التشدد والانغلاق، وفي هذه الحالة ستتوفر بيئة يمكن لحركات التطرف والإرهاب أن تنمو فيها. ومن ثم فإن قرارات طالبان بشأن المرأة – خاصة فيما يتعلق بمنعها من التعليم الثانوي والجامعي – من شأنها خلق بيئة تكون أكثر جذبًا للإرهاب، أو تكون مؤهلة لإنتاج التطرف، أو تُصبح مفرخة للإرهاب العابر للحدود والقارات؛ فغياب التعليم عمومًا له تأثير في انتشار الظاهرة، ومن ثم فإن منعه عن الفتيات سوف يؤدي إلى توطينها بصورة سوف تؤثر على كل دول العالم.
وإذا كانت إسهامات المرأة في عالمنا اليوم تشكل منطلقًا للإبداع الإنساني في مجالات التفوق العلمي، والثورة الرقمية، والفنون والإبداع، فإن طالبان تدوس على كرامة المرأة الأفغانية، وتؤكد للعالم – بما لا يدع مجالًا للشك – أنْ لا علاقة لهم بالإسلام، وأنهم حالة خاصة لتكريس الجهل، فهم آخر معاقل الخطاب الديني القروسطي، الذي فشل العالم الإسلامي المتحضر في دفنه وقلب صفحته إلى الأبد، والسكوت عن هذا الخطاب سيجرنا إلى جولات جديدة من العنف والإرهاب[18].
وهنا يتأكد لنا أن موقف حركة طالبان من منع الفتيات لم يكن عفويًا، ولا يمكن قراءته في نطاقه الضيق، وإنما له علاقة بتَوَجُّه الحركة ورؤيتها نحو مستقبل أفغانستان؛ فالحركة نفسها لا ترى مستقبلها إلَّا في غياب المرأة وتجهيلها، وهو ما يستلزم موقفًا حازمًا تجاه هذا القرار والحركة التي تريد تغييب عقل المرأة الأفغانية.
الخلاصة:
في ختام هذه الورقة، يمكن القول إن منع المرأة الأفغانية من التعليم والعمل سوف يخلق مستقبلًا أكثر إظلامًا في أفغانستان، خاصة أن القرارات الصادرة بهذا الشأن تعبر عن توجهات حركة طالبان الفكرية المتشددة، التي تعمل الحكومة الأفغانية على ترجمتها على أرض الواقع. وتستهدف هذه القرارات تحقيق أهداف سياسية بالأساس، تتمثل في منع تعليم أحد عناصر الشعب الأفغاني المهمة ممثلًا في المرأة، فإذا تعلمت المرأة الأفغانية فسوف يَسْرِي نور العلم والمعرفة إلى عقول الأفغان، وهو ما يمكن أن يؤثر على مستقبل الحركة السياسي في الحكم، إذ يمكن أن يؤدي إلى عرقلة مخططاتها في السيطرة على البلاد والقضاء على أي معارضة ممكنة، وبالتالي يجب أن ننظر إلى قضية عدم تعليم المرأة من خلال المنظور السياسي الحاكم للحركة.
ولا بُدَّ للمجتمع الدولي أن يكون له دور عملي فاعل بخصوص قرارات طالبان بشأن المرأة، ويمكن أن يأتي هذا الدور وفق مستويين، أولهما منع الحركة من تنفيذ ما أقدمت عليه، أو دفعها إلى عدم اتخاذ قرارات أخرى أكثر تشددًا، والمستوى الثاني يتمثل في إتاحة الفرصة للمرأة الأفغانية وتشجيعها على تلقي تعليمها في الجامعات الأجنبية خارج البلاد.
إن اقتصار المجتمع الدولي على إجراءات الإدانة والمنع ليست كافية، وإنما ينبغي أن تكون هناك إجراءات أكثر فعالية، لا سيّما أن استمرار مثل هذه القرارات، واتخاذ قرارات أخرى على شاكلتها، كل ذلك يزيد المخاوف بشكل كبير من خلق بيئة متشددة تسمح بازدياد نفوذ وتمدد التنظيمات الإرهابية الحالية الموجودة في البلاد بالفعل، وتوفر الفرصة في الوقت ذاته لنشوء تنظيمات جديدة، وهو ما يشكل تهديدات إرهابية لمختلف دول العالم، في ظل خطورة ما يُعرف بالإرهاب العابر للحدود.
|