بريكس والسعي لنظام متعدد الأطراف.. التطلعات والتحديات
عائشة الكعبي
متدربة - مركز تريندز للبحوث والاستشارات
1. مقدمة:
حظيت مجموعة "بريكس" التي تتكون من: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا (سينضم إليها ست دول أخرى مطلع عام 2024)، باهتمام كبير منذ إنشائها في عام 2009، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى التأثير الاقتصادي والسياسي المشترك للدول الأعضاء فيها. فدول بريكس تمثل خمسة اقتصادات ناشئة نَمَت بشكل جماعي بمعدل أسرع من الدول المتقدمة على مدى العقدين الماضيين. وقد أدى هذا النمو الاقتصادي السريع إلى زيادة الاهتمام بالدور المحتمَل لمجموعة بريكس في تغيير هيكل النظام الدولي. ومع فرض دول بريكس نفسها بشكل متزايد على المسرح العالمي، أصبحت الأسئلة المتعلقة بقدرتها على التأثير في النظام الدولي محورية.
وهناك عدد من العوامل التي تشير إلى أن مجموعة بريكس يمكن أن يكون لها تأثير كبير على النظام الدولي في السنوات المقبلة. فأعضاء بريكس دول كبيرة مساحة وسكانًا، وهذا يمنحها نفوذًا اقتصاديًّا وسياسيًّا كبيرًا. كما تشهد دول بريكس نموًّا سريعًا، مع معدلات نموٍّ قوية للناتج المحلي الإجمالي ومستويات متزايدة من التصنيع. وهذا يعني أن قوتها الاقتصادية من المرجَّح أن تستمر في النمو في السنوات القادمة. علاوة على ذلك، فإن دول بريكس تتعاون بشكل متزايد مع بعضها بعضًا بشأن مجموعة من القضايا، بما في ذلك التجارة والاستثمار والأمن. وقد أدى هذا التعاون إلى إنشاء مؤسسات جديدة، مثل بنك التنمية الجديد، واتفاقية احتياطي الطوارئ لمجموعة بريكس.
ومن الممكن أن تلعب هذه المؤسسات دورًا مهمًّا في تحدي هيمنة المؤسسات المالية الدولية القائمة، مثل: البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي.
ومع ذلك، هناك أيضًا بعض العوامل التي يمكن أن تحدَّ من قدرة بريكس على تغيير النظام الدولي، وأحد العوامل هو تنوّع دول بريكس. ولدى دول بريكس أنظمة سياسية ونماذج اقتصادية وأهداف للسياسة الخارجية مختلفة. وهذا التنوع قد يجعل من الصعب عليها الاتفاق على جدول أعمال مشترك. والعامل الآخر هو صعود الصين، أكبر وأقوى دول بريكس. ويرى بعض المحللين أن اهتمام الصين بالحفاظ على الوضع الراهن في النظام الدولي أكبر من اهتمامها بتحديه. وهو ما قد يحدُّ من قدرة مجموعة بريكس على إحداث تغييرات كبيرة. وتسعى هذه الورقة إلى تحليل دوافع دول بريكس وقدرتها على أحداث تغيير في هيكل أو طبيعة النظام الدولي وتحويله إلى نظام تعددي، والتحديات التي تواجهها في هذا السياق.
الدراسات السابقة:
هناك الكثير من الدراسات التي تناولت تكتّل بريكس وتوجّهه فيما يتعلق بتغيير النظام الدولي، ومن بينها: دراسة للأستاذ الطيف عبدالكريم (2014)[1]، وأمريتا جاش (2017)[2]، وأفيان جيلبرت (2019)[3]، وم. د. طارق محمد ذنون الطائي (2020)[4]، ومعلم أم البنين (2021)[5]. ويتضح من خلال هذه الدراسات وغيرها، أن قدرة بريكس على إعادة تشكيل النظام الدولي موضع نقاش مستمر، وبرغم عدم وجود إجماع على مدى وطبيعة نفوذ المجموعة، فإن النفوذ الاقتصادي والسياسي المتنامي الذي تتمتع به مجموعة بريكس هو سببٌ في ضخ ديناميكيات جديدة في الساحة العالمية؛ لذا يُعدُّ إجراء مزيد من الأبحاث حول بريكس أمرًا ضروريًّا لفهم الديناميكيات المتطورة للنظام الدولي ولإبلاغ الاستجابات السياسية الفعالة للتحديات والفرص التي توفرها كتلة القوى الناشئة هذه. وتسهم هذه الدراسة في الأدبيات التي تحاول أن تقدّم فهمًا أفضل للديناميكيات التي يمكن من خلالها للمجموعة أن تؤثر في مسار النظام الدولي، بالإضافة إلى حدود هذا التأثير.
الإطار النظري
برزت مجموعة بريكس كقوة مهمة على الساحة الدولية؛ ويُنظَر إليها على أنها قوة جديدة موازية؛ حيث تسعى إلى إعادة تشكيل النظام الدولي الحالي، الذي هيمنت عليه القوى الغربية في معظم فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. والسؤال المهم هنا يتمحور حول مدى قدرة المجموعة على تحدي هيكل السلطة الحالي وإحداث نظام عالمي متعدد الأقطاب. ويمكن لنظريات العلاقات الدولية أن تساعد في فهم هذه المعضلة. وفي هذا السياق هناك ثلاثة مفاهيم رئيسية:
الأول، ميزان القوى الذي يشير إلى أن الدول تحرص وتعمل على الحفاظ على توازن القوى في النظام الدولي. وعندما تصبح دولة أو مجموعة من الدول قوية للغاية، فإن الدول الأخرى ستشكل تحالفات أو تتخذ تدابير أخرى لموازنة تلك القوة.
الثاني، التعددية القطبية: ويشير إلى النظام الذي توجد فيه مراكز قوى متعددة، وليس قوة مهيمنة واحدة أو قوتين مهيمنتين. وغالبًا ما يُنظَر إلى هذا النوع من النظام على أنه أكثر استقرارًا وسلامًا من النظام أحادي القطب أو ثنائي القطب.
الثالث، القوى الناشئة: ويُقصَد بها الدول التي تشهد نموًّا اقتصاديًّا سريعًا ونفوذًا سياسيًّا متزايدًا. وكثيرًا ما تتحدى القوى الناشئة الوضع الراهن وتسعى إلى إصلاح المؤسسات الدولية على النحو الذي يعكس مصالحها.
وفي سياق مجموعة بريكس، يشير مفهوم توازن القوى إلى أن القوة الاقتصادية والسياسية المتنامية للكتلة يمكن أن تؤدي إلى التحول بعيدًا عن النظام العالمي الأحادي القطب الذي ساد منذ نهاية الحرب الباردة. وقد تواجه الولايات المتحدة، القوة العظمى الوحيدة في هذا النظام الأحادي القطب، تحدياتٍ متزايدةً من دول بريكس، وخاصة الصين.
أما فيما يتعلق بالتعددية القطبية، فإن مجموعة بريكس يمكن أن تسهم في ظهور نظام عالمي أكثر تعددية؛ ذلك أن جميع أعضاء الكتلة دولٌ وازنة وذات كثافة سكانية عالية وتتمتع بموارد اقتصادية وسياسية كبيرة. وإذا ما تمكنت المجموعة من العمل معًا بشكل فعال، فمن الممكن أن تشكّل ثقلًا موازنًا قويًّا للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى.
ويشير مفهوم القوى الناشئة إلى أن دول بريكس من المرجح أن تتحدى النظام الدولي القائم. وقد أعرب بالفعل أعضاء الكتلة عن عدم رضاهم عن الوضع الحالي للعلاقات الدولية، الذي يرون أنه يخضع لهيمنة الغرب ويخدم مصالحه؛ لذا من المرجح أن تسعى دول بريكس إلى إصلاح المؤسسات الدولية بطرق تعكس مصالحها وأولوياتها.
استنادًا إلى الإطار النظري، فإن هذه الورقة ستستكشف إلى أيّ مدى تمثّل بريكس تحديًا لهيكل السلطة الحالية في النظام الدولي؛ وما هي العوامل التي أسهمت في تنامي نفوذ بريكس، إن وجد، وما هي آفاق نظام عالمي متعدد الأقطاب مع دخول بريكس كلاعب رئيسي.
ومن ثم سيكون من المهم التعرف على التحديات والعقبات المحتمَلة التي تواجهها المجموعة في سعيها إلى إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب.
أولًا، بريكس: الدوافع والأهداف
تشكّلت مجموعة بريكس من خلال الشراكة الاستراتيجية والمصالح الاقتصادية لكل من:
روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا. وبريكس هو اختصار للحروف الأولى من أسماء الدول الخمس الأعضاء، وقد تمت صياغة هذا المصطلح في عام 2001 من قبل جيم أونيل، الخبير الاقتصادي في بنك غولدمان ساكس، لتحديد اقتصادات الأسواق الناشئة الأربعة التي يعتقد أنها ستهيمن على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050.
وأضيفت جنوب إفريقيا إلى المجموعة في عام 2010[6]. وتشمل الدوافع لتشكّل بريكس: تعزيز التعاون الاقتصادي والتجارة بين الدول الأعضاء، وتعزيز الدور المستقل للدول النامية في النظام الدولي. كما يهدف هذا التكتل إلى تعزيز التعاون السياسي والأمني، وتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المتبادَل في مجالات، مثل الطاقة والتكنولوجيا والثقافة.
وفيما يلي الدوافع الرئيسية للتجمع، التي تمثّل أيضًا الأهداف الرئيسية:
1. المصالح الاقتصادية
تهدف بريكس إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء من خلال تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية. ويشمل ذلك: تقليل الحواجز أمام التجارة، وتعزيز بيئة الأعمال المواتية، واستكشاف فرص النمو الاقتصادي المتبادل.
وقد نفذت دول بريكس تدابير مختلفة لتسهيل تدفقات التجارة والاستثمار داخل الكتلة. وتشمل هذه التدابير إنشاء ترتيبات تجارية تفضيلية؛ حيث تفاوضت على اتفاقيات تجارية تفضيلية لخفض التعريفات الجمركية وغيرها من الحواجز أمام التجارة، وتعزيز تبادل السلع والخدمات؛ وتعزيز الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية؛ حيث تشّجع دول بريكس الاستثمار في القطاعات الرئيسية، مثل: البنية التحتية والطاقة والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات.
وأنشأت وكالات لترويج الاستثمار وآليات لتيسير الاستثمار.
كما تتعاون دول بريكس على تبسيط الإجراءات الجمركية، ومواءمة اللوائح، وتسهيل حركة البضائع عبر الحدود؛ فضلًا عن تطوير البنية التحتية؛ حيث تدرك دول المجموعة أهمية تطوير البنية التحتية للنمو الاقتصادي والاتصال.
كما تريد دول بريكس لَعِبَ دور أكثر نشاطًا في الاقتصاد العالمي، وأن تقلل من اعتمادها على البلدان المتقدمة. وتسعى المجموعة كذلك إلى كسر هيمنة الغرب الاقتصادية؛ لذلك فإن من أهداف بريكس إيجاد نظام اقتصادي يوازي النظام الحالي؛ بحيث يتم تطويره ليصبح قوة اقتصادية تنافس القوة الاقتصادية الغربية الحالية.
وفي هذا الإطار فقد أنشأ التكتل بنك التنمية الجديد (NDB) عام 2014 برأسمال قدره 50 مليار دولار، وهو يعمل كمنافس للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ويقوم بتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة[7].
بالإضافة إلى ذلك، أنشأت دول بريكس ترتيب احتياطي الطوارئ (CRA)، كمنافس لصندوق النقد الدولي الذي يعمل كآلية سيولة لمساعدة الأعضاء الذين يعانون صعوبات مالية[8].
وتوضح هذه المبادرات، التي نجحت في جذب الاقتصادات النامية، هدف الكتلة من إنشاء مؤسسات تمثل مصالح الدول النامية وتقدّم بديلًا للمؤسسات المالية الدولية الحالية.
2. تطلعات جيوسياسية
تنظر بريكس إلى نفسها كقوة ناشئة في المشهد الجيوسياسي العالمي؛ حيث تسعى إلى زيادة نفوذها في الشؤون الدولية وتعزيز دورها الاقتصادي والسياسي.
ولدى دول بريكس عدد من التطلعات الجيوسياسية المشتركة. وتسعى جميعها إلى تعزيز اقتصاداتها وتحسين مستويات معيشة مواطنيها. وأيضًا تطمح دول بريكس إلى تعزيز التعاون والتنسيق بينها، وتعزيز صوتها المشترَك في المحافل الدولية.
وقد حققت دول بريكس تقدمًا في السنوات الأخيرة في تحقيق تطلعاتها الجيوسياسية.
كما تشمل أهدافها زيادة تأثيرها في العالم وتعزيز دورها في صنع القرارات الدولية، وقد قامت بالفعل بتنسيق مواقفها بشأن عدد من القضايا الدولية، مثل تغيّر المناخ، ومنع الانتشار النووي.
وتظهر التطلعات الجيوسياسية لدول مجموعة بريكس من خلال بعض المواضيع المشتركة، وأهمها، الرغبة في المزيد من النفوذ في النظام العالمي؛ حيث تعتقد دول بريكس أن النظام العالمي الحالي يخضع لهيمنة الغرب، وهي تسعى إلى تغيير هذا الواقع وتريد أن يكون لها دور أكبر في صنع القرار العالمي، وتريد تمثيل مصالحها بشكل أفضل في المؤسسات الدولية.
3. الرغبة في التعددية القطبية
الأحادية القطبية هي هيمنة قوة واحدة على النظام العالمي. في أعقاب الحرب الباردة، برزت الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى الوحيدة التي تتمتع بنفوذ اقتصادي وعسكري وسياسي كبير.
وقد اتسم هذا النظام العالمي الأحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة بتشكيل المؤسسات العالمية، والتدخل في الصراعات الدولية، وتعزيز قيمها ومصالحها في جميع أنحاء العالم.
ومن ناحية أخرى، فإن التعددية القطبية هي نظام عالمي يضم مراكز قوى متعددة؛ حيث لا تتمتع أيّ دولة بالهيمنة المطلقة.
وكان صعود الاقتصادات الناشئة، مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا، يشكّل تحديًا للأحادية القطبية في حقبة ما بعد الحرب الباردة. وقد سعت هذه البلدان إلى زيادة نفوذها في الشؤون العالمية، وتعزيز نماذج التنمية الخاصة بها، والدعوة إلى نظام عالمي أكثر إنصافًا وشمولًا.
وتعتقد بريكس أن التعددية هي أفضل وسيلة لإدارة الشؤون العالمية. وهي تدعم الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، وتعتقد أن هذه المنظمات لا بد من إصلاحها لجعلها أكثر تمثيلًا لمصالح كافة البلدان، وليس الغرب فقط.
وكانت دول بريكس في طليعة الجهود الرامية إلى مكافحة الأحادية القطبية وتعزيز التعددية القطبية. وقد دعت إلى إنشاء هيكل حكم عالمي أكثر شمولًا وتمثيلًا، بما في ذلك إصلاحات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والبنك الدولي. كما عززت نماذج التنمية البديلة وآليات التعاون الإقليمي، مثل بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة بريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون[9].
وهناك العديد من العوامل التي تدفع جهود دول بريكس لمواجهة الأحادية القطبية وتعزيز التعددية القطبية، بما في ذلك النمو الاقتصادي والتنمية؛ حيث شهدت دول بريكس نموًّا اقتصاديًّا سريعًا في العقود الأخيرة، ما منحها نفوذًا وتأثيرًا اقتصاديًّا أكبر على الساحة العالمية؛ والتطلعات السياسية؛ حيث تسعى دول بريكس إلى لعب دور أكبر في تشكيل النظام العالمي وتعزيز مصالحها الوطنية، والرغبة في نظام عالمي أكثر عدالة؛ حيث تعتقد دول بريكس أن النظام العالمي الحالي أحادي القطب غير عادل ويفيد مصالح القوة المهيمنة على حساب الآخرين. وتنظر دول بريكس إلى الولايات المتحدة وحلفائها على أنهم يفرضون قيمهم ومصالحهم على بقية العالم.
وتربط دول المجموعة رابطة سياسية تتمثل في رفض الهيمنة الغربية على الاقتصاد والسياسة العالمية، ورفض الهيمنة التي أوقعت الاقتصاد العالمي في أزمات. كما تعمل بريكس على إصلاح وتعزيز المؤسسات العالمية، مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية لضمان تمثيل أكثر عدالة وتوازنًا للدول النامية. وقد صرح رئيس جمهورية جنوب إفريقيا رامافوزا قائلًا: "من خلال توسيع بريكس، سنكون قادرين على مواءمة وجهات نظر البلدان التي تسعى إلى إنشاء نظام عالمي أكثر عدالة، بالإضافة إلى نظام مالي واستثماري وتجاري يعتمد على قواعد واضحة تنطبق بالتساوي على جميع الدول".
وأكدت وكالة بلومبيرغ، أن توسُّع مجموعة بريكس يؤكد على الطلب المتزايد لإيجاد بديل للنظام العالمي الحالي بقيادة الغرب. تتفق دول بريكس على أن القوانين والمنظمات الدولية القائمة لا تخدم مصالحها بشكل كافٍ[10].
وتعمل دول بريكس على مواجهة الأحادية القطبية وتعزيز التعددية القطبية من خلال سياسات وتحركات متعددة، من بينها تعزيز نماذج التنمية البديلة؛ حيث انتقدت دول بريكس النموذج الاقتصادي النيوليبرالي الذي يقوده الغرب وروّجت لنماذج التنمية الخاصة بها، مثل: "اقتصاد السوق الاشتراكي" الصيني، و"الاقتصاد المختلط" الهندي. كما تشجع التعاون الإقليمي، وقد أنشأت في هذا السياق عددًا من آليات التعاون الإقليمي، مثل قمة بريكس ومجلس أعمال بريكس.
وتحرص، بالإضافة إلى ذلك، على تعزيز العلاقات مع الدول النامية؛ حيث أقامت علاقات وثيقة مع الدول النامية الأخرى من خلال منتديات، مثل قمة البريكس-إفريقيا، وقمة البريكس-أمريكا اللاتينية.
ومن خلال هذه الجهود، تسعى دول البريكس إلى إنشاء نظام عالمي أكثر عدلًا وإنصافًا ومتعدد الأقطاب. وهي تعتقد أن هذا النظام العالمي الجديد سوف يفيد جميع البلدان، وليس القلة القوية فقط.
ونشطت بريكس في هذا المجال، خاصة في أعقاب الحرب في أوكرانيا، حيث رفضت الدول الأعضاء في المجموعة المشاركة في العقوبات الغربية على موسكو. وتَعتبر الصين هذه الكتلة نموذجًا يُحتذى به لمساعدة الدول الأقل نموًّا والدول النامية من أجل الدفع باتجاه نظام متعدد.
وخلال اجتماع وزراء خارجية دول بريكس في جنوب إفريقيا في يونيو 2023، صرّح وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار: "يجب أن يبعث اجتماعنا برسالة قوية، مفادها أن العالم متعدد الأقطاب، وأنه يعيد توازنه، وأن الطرق القديمة لا يمكنها معالجة الأوضاع الجديدة"[11].
أما وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فقد أكد على أن العالم "أصبح متعدد الأقطاب، وتريد الدول العثور على شركاء موثوقين، ويمكن اعتبار توسّع بريكس دليلًا مباشرًا على ذلك"[12]. وتعمل شراكة بريكس على تغيير النظام العالمي من خلال نقل السلطة من "الشمال العالمي" إلى "الجنوب العالمي"[13].
4. التوسّع والتأثير
أعربت دول بريكس عن اهتمامها بتوسيع عضويتها لتشمل الاقتصادات الناشئة الأخرى؛ بهدف توسيع نفوذ المجموعة وتمثيلها في الحوكمة العالمية. ويتضمن هذا التوسّع توجيه الدعوات إلى دول جديدة تشترك في رؤية مجموعة بريكس لنظام عالمي أكثر عدالة ومتعدد الأقطاب.
وقد أعلنت المجموعة عن أول توسعة لعضويتها في تاريخها؛ حيث ستنضم إليها رسميًّا، اعتبارًا من 1 يناير 2024: الأرجنتين ومصر وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة[14].
ويمكن أن يجلب توسيع العضوية العديد من الفوائد لمجموعة بريكس منها: أولًا، تعزيز التمثيل العالمي؛ حيث من شأنه أن يزيد من تمثيل المجموعة في العالم، الأمر الذي يعطي صوتًا أقوى للاقتصادات الناشئة والدول النامية.
وثانيًا، تعاون اقتصادي أوسع من شأنه أن يوسّع فرص التعاون الاقتصادي والتجارة والاستثمار بين مجموعة واسعة من البلدان. علاوة على ذلك سيكون هناك تأثير أكبر على القضايا العالمية، ما يمنح المجموعة صوتًا أقوى في تشكيل السياسات الدولية ومعالجة التحديات العالمية.
بشكل عام، يعدّ توسيع العضوية والنفوذ هدفًا استراتيجيًّا لتحالف بريكس، الذي يهدف إلى تعزيز مكانته على الساحة العالمية وتعزيز نظام عالمي أكثر إنصافًا ومتعدد الأقطاب.
وتلتزم المجموعة بنهج مدروس وشامل للتوسع، ما يضمن مشاركة الأعضاء الجدد في قيم بريكس والمساهمة في الأهداف المشتركة للمجموعة.
ثانيًا، التحديات التي تواجه بريكس
تواجه مجموعة بريكس عددًا من التحديات الكبيرة في سعيها إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والنفوذ العالمي وتحقيق تحوّل في هيكل النظام السيسي الدولي؛ وتشمل هذه التحديات ما يلي:
1. التباينات الداخلية
تتعدد التباينات بين أعضاء بريكس، فهناك تباينات اقتصادية، وثقافية، وسياسية تجعل علاقة الأعضاء غير متكافئة. وفيما يتعلق بالتباينات الاقتصادية بين أعضاء بريكس، يمكن أن نرى تفاوتًا في حجم الاقتصادات.
وتعدُّ الصين الأغنى والأعلى اقتصادًا بين دول بريكس؛ بحيث تشير بيانات البنك الدولي لعام 2022 إلى أن الناتج المحلي لدولة الصين بلغ (17.96 تريليونًا) وهذ يعادل 44 ضعف اقتصاد جنوب إفريقيا البالغ (405.87 مليارات) التي تعدُّ أقل اقتصادٍ داخل البريكس، و9 أضعاف اقتصاد البرازيل، و8 أضعاف اقتصاد روسيا، و5 أضعاف اقتصاد الهند[15].
تعاني بعض دول المجموعة تحديات اجتماعية واقتصادية أكبر، مقارنة بالدول الأخرى. وهناك تباين في الأنظمة السياسية والاقتصادية لدول بريكس، وتعدُّ الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا دولًا "ديمقراطية"، في حين تتمتع الصين وروسيا بنظام مركزي.
وفيما يتعلق بالنظام الاقتصادي، فهناك دولٌ تتبنّى النظام الاشتراكي، مثل الصين والهند، ومنها دول تتبنّى النظام الرأسمالي مثل روسيا.
والجمع بين أنظمة مختلفة داخل المجموعة يمكن أن يؤثر على بعض القرارات ويعوق تقدّم المجموعة[16].
وتلعب العوامل التاريخية والثقافية والجيوسياسية دورًا في صنع الاختلافات بين دول بريكس، فكل دولة تؤثر تقاليدها وتراثها في أولويتها ومصالحها.
كما تؤثر القوى الجيوسياسية والتوجهات السياسية المختلفة في اختلاف الأهداف لكل دولة من الدول الأعضاء. فعلى سبيل المثال، كانت كل من: الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا تحت وطأة الاستعمار البريطاني، بينما كانت روسيا والصين تمران بتجاربهما الاشتراكية الخاصة.
2. عدم تناسق القوى داخل بريكس
هناك فروق في القوة والتأثير بين دول بريكس، وهذا يمكن أن يؤثر على التوازن والتمثيل في القرارات الجماعية لدول بريكس، وأيضًا قد تواجه تحديات وعوائق مثل اختلاف الثقافات واللغات والمصالح المختلفة بين الدول الأعضاء.
تنطلق مصلحة الدول في تفاعلها مع الدول الأخرى، فكلٌّ من الصين وروسيا لهما غاياتهما الخاصة من وراء التقارب، برغم اتفاقهما على مواجهة التفرد الأمريكي بالنظام الدولي، فالصين تدرك أن التقارب مع روسيا، التي تعدّ أحد أقطاب النظام الدولي المستقبلي، يتيح لها إنهاء التفرد الأمريكي، ولاسيما من ناحية الإمكانيات العسكرية، وتدرك روسيا أن الصين هي قوة اقتصادية عالمية مستقبلية، وهي القوة الاقتصادية القادرة على مواجهة الاقتصاد الأمريكي، ومع ذلك فكلتاهما تريد السيادة في المحيط الإقليمي الذي تتحركان فيه، وهنا تتجذّر خلافاتهما وتنافسهما حول القوة التي تهيمن على الإقليم الآسيوي، بالإضافة إلى الخلافات حول القضايا المتعددة ولاسيما الحدود.
وعندما يحدث اختلال في توازن القوى، يمكن أن يؤثر على عملية صنع القرار وتخصيص الموارد داخل بريكس. وقد يتسبب الاختلال في تحويل القرارات لصالح الدول الأقوى وتقليل دور الدول الأضعف. كما قد يحدث تحدٍّ في تحقيق الأهداف الجماعية؛ حيث يمكن أن تتحكم الدول الأقوى في توجيه بريكس بمصالحها الخاصة؛ لذا يبدو من المهم العمل على تعزيز التوازن والتعاون المتبادل بين الدول الأعضاء لتحقيق الأهداف الجماعية بشكل عادل ومتوازن.
3. تحديات التنسيق والتنفيذ
تعدّ التعددية السياسية إحدى ركائز الأنظمة السياسية، ويمثل جمع هذه المجموعة من الأنظمة السياسية المختلفة معًا تحديًا وعائقًا أمام التكامل السياسي والاقتصادي.
ولتحقيق التنسيق بين الأعضاء، يتطلب ذلك تقييم المسافات الجغرافية وتوافق المصالح بين أعضاء بريكس، فعدم وجود توافق بين الأعضاء، وعدم تحقيق الهدف المشترك وتعزيز التعاون بين الأعضاء، قد يخلق تحديًا وصعوبة لدى بريكس كمجموعة في ضمان تنفيذ القرارات والسياسات.
هنالك بعض التحديات التي قد تواجهها مجموعة بريكس خلال نموّها وتوسّعها، أحد هذه التحديات، هو مدى اتفاق أعضاء بريكس على الأهداف والأولويات، فبعض دول بريكس قد تختلف سياستها الخارجية، فمثلًا تدعم روسيا والصين توسيع عضوية المجموعة، الذي يعزّز النفوذ العالمي لبريكس، على خِلاف الهند والبرازيل اللتين لا ترغبان في خوض عِداء مع الغرب. وقد تُولي الهند أهمية لقضايا الأمن الغذائي والتنمية الريفية، بينما تركّز روسيا على قضايا الطاقة والتعاون العسكري.
4. المقاومة والمعارضة الخارجية
قد تختلف وجهة نظر الولايات المتحدة بشأن بريكس؛ حيث ترى أنها شراكة اقتصادية وسياسية مهمة، وأن كل دولة لها الحرية بأن تختار شركاءها الذين تتعاون معهم. بحسب ما قاله مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إن مجموعة بريكس لا تعدُّ منافسًا جيوسياسيًّا للولايات المتحدة، وإن لكل دولة لديها اختلاف في وجهات النظر بشأن القضايا الحاسمة[17].
ومن وجهة نظر أخرى، ترى الولايات المتحدة أن مجموعة بريكس قد تكون تحديًا للنظام العالمي الحالي الذي تقوده، ولوجهة النظر هذه أسباب، ولعل السبب الرئيسي هو وجود اهتمامات اقتصادية وسياسية مختلفة للولايات المتحدة الأمريكية. فعلى سبيل المثال، قد ترى الولايات المتحدة أن بريكس تحدٍّ لسيطرتها الاقتصادية العالمية أو ترى أنه يؤثر على التجارة الحرة والمنافَسَة العالمية.
وقد تكون هناك اعتبارات سياسية تتعلق بالتوجهات الجيوسياسية والتأثر العالمي لبريكس.
ويتخذ الاتحاد الأوربي موقفًا محايدًا بشأن بريكس؛ حيث يحترم بريكس كشريك دولي يسهم في التعاون الدولي والتجارة الحرة، ولتحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية المشتركة، وأيضًا تعزيز العلاقات وتحقيق المصالح المشتركة بينها وبين مجموعة بريكس. لكن قد تكون هناك شكوك مستقبلية من قِبَل أعضاء الاتحاد الأوروبي بشأن توسيع بريكس، قد تتباين بين الترحيب والحذَر.
وتستخدم القوى الأخرى استراتيجيات متنوعة للتعامل مع بريكس، بما في ذلك: توسيع الشراكة الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدولي، وتعزيز القوة الناعمة والدبلوماسية في النظام الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، قد تستخدم استراتيجيات سياسية كتشكيل تحالفات دولية لتقويض نفوذ بريكس، مثل التعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمواجهة نزاعات الهيمنة والتوسع. وأيضًا استخدام العقوبات الاقتصادية أو تشديد القيود التجارية لتعطيل نموّ اقتصاداتها.
5. تحديات الأمن والنزاعات
قد تواجه دول بريكس عوامل تعوق جهودها وتشمل الاختلافات في الأولويات الوطنية والتحديات الداخلية لكل عضو من الأعضاء. وتشكل النزاعات بين دول الأعضاء تحديًا أمام تقدّم بريكس. ومن ذلك توتّر العلاقات بين الصين والهند على خلفية النزاع الحدودي (وادي جالوان) الذي تسبّب أحيانًا في مواجهات عسكرية، كما حدث في عام 2020. وعلى الرغم من المخاوف المشروعة من أن العلاقات بين هذه القوى النووية تتجه نحو الجنوب، وخاصة مع استمرار الجانبين في سلوكهما الاستفزازي إلا أنهما لا يريدان تصعيدًا نحو صراع أكثر خطورة.
وقد استغلت الولايات المتحدة ذلك وسَعَت إلى تعميق علاقاتها الأمنية والاقتصادية مع الهند مع احتدام التنافس بين الولايات المتحدة والصين، وهي تعتبرها شريكًا حيويًّا في استراتيجية واشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ[18].
وكان هناك صراع حول توسيع عضوية بريكس؛ حيث أرادت الصين وروسيا تطوير المنظمة بسرعة لزيادة نفوذهما في الدول النامية المهمة، التي رأى الكثير منها أيضًا أنها فرصة للتقرب من الصين اقتصاديًّا. ومع ذلك، تخشى الهند أنها سوف تفقد نفوذها إذا قبلت مجموعة بريكس عددًا أكبر مما ينبغي من الأعضاء الجدد الذين يشاركون أجندة الصين[19].
وتعطي بريكس الأولوية للاستقلال السيادي على الوساطة، وتعتقد أنها يجب أن تظل غير مقيَّدة من قبل الجهات الفاعلة الخارجية (الغربية). وقد بذلت المجموعة اهتمامًا كبيرًا لتجنب إثارة قضايا الصراع التي تؤثر عليها بشكل مباشر في بياناتها الرسمية.
ويجب حلّ النزاع الحدودي بشكل ثنائي وخارج إطار بريكس. ومن الممكن أن ننظر إليه باعتباره أحد أعراض الصراع الإقليمي من أجل الهيمنة في آسيا. وبما أن التوترات لم تتم مناقشتها أو حتى إدراجها في الأجندة، فإن النزاع الحدودي بين الصين والهند لم يكن له تأثير سلبي كبير على دول بريكس؛ حيث تعاملت الدولتان مع التصعيد العسكري بطريقة مسؤولة ومنهجية ومنضبطة[20].
وترى الصين أن تحسين العلاقات من شأنه أن يعزز النمو الاقتصادي والسلام في المنطقة؛ لذلك يسعى الجانبان للتعامل بشكل مناسب مع قضية الحدود، والحفاظ بشكل مشترك على السلام في المنطقة[21].
الاختلافات والمنافسات الجيوسياسية
تشكل الاختلافات والمنافسات الجيوسياسية تحديًا كبيرًا لمجموعة بريكس؛ حيث يحمل أعضاؤها وجهات نظر مختلفة حول القضايا العالمية وينخرطون أحيانًا في منافسة جيوسياسية. وتنبع هذه الاختلافات من خلفياتهم التاريخية المتنوعة وأنظمتهم السياسية ومصالحهم الوطنية. فالبرازيل مثلًا تتمتع بتاريخ من الحياد، وغالبًا ما تتبع نهجًا متعدد الأطراف في العلاقات الدولية؛ وكذلك الهند لديها تاريخ طويل من عدم الانحياز، ولكنها تشعر بالقلق من النفوذ الإقليمي المتزايد للصين التي تبرز كقوة عالمية كبرى لها طموحات في إعادة تشكيل النظام الدولي لصالحها؛ بينما لدى روسيا تقليد راسخ في سياسات القوى العظمى وتسعى لاستعادة نفوذها العالمي بعد الحرب الباردة. أما جنوب إفريقيا، فإنها تسعى إلى تعزيز المصالح الإفريقية والتنمية، وغالبًا ما تتوسط في النزاعات وتعزّز التعاون الإقليمي[22].
استنتاجات وخاتمة:
تمتلك مجموعة بريكس إمكانات كبيرة لإحداث التغيير في النظام الدولي، ولاشك أن النفوذ الاقتصادي والسياسي المتنامي الذي تتمتع به المجموعة كان سببًا في ضخّ ديناميكيات جديدة في الساحة العالمية. ولكن قدرتها على إعادة تشكيل النظام الدولي فإنها موضع نقاش مستمر. ويشير المدافعون عن الإمكانات التحويلية التي تتمتع بها مجموعة بريكس، إلى القوة الاقتصادية الجماعية التي تتمتع بها المجموعة، ومشاركتها الدبلوماسية المتنامية، والتزامها بتعزيز التعددية القطبية.
فبريكس لديها القدرة على تحدي هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها في نظام ما بعد الحرب الباردة، وتعزيز نظام حكم عالمي أكثر إنصافًا وشمولًا.
في المقابل يسلّط المتشككون الضوء على الانقسامات الداخلية في مجموعة بريكس وافتقارها إلى رؤية بديلة متماسكة للنظام العالمي. ويزعمون أن المصالح والأنظمة السياسية المتنوعة للمجموعة تجعل من الصعب تشكيل جبهة موحدة بشأن القضايا الدولية الكبرى. علاوة على ذلك، يقترحون أن تركيز مجموعة بريكس على عدم التدخل وسيادة الدولة قد يقوّض الجهود الرامية إلى معالجة التحديات العالمية الملحة مثل تغيّر المناخ وانتهاكات حقوق الإنسان.
والخلاصة، أن إحداث المجموعة لتحوُّل في النظام الدولي يعتمد على قدرتها على التغلب على التحديات الداخلية والاختلافات الجيوسياسية.
وفي حين أن الثقل الاقتصادي للكتلة ونفوذها العالمي المتزايد لا يمكن إنكارهما، فإن فاعليتها في تشكيل الأجندة العالمية يعوقها افتقارها إلى إطار مؤسسي رسمي، واعتمادها على عملية صنع القرار على أساس الإجماع، ووجهات النظر المتنوعة والمصالح الوطنية لأعضائها.
ولتحقيق إمكاناتها بالكامل، يتعيّن على مجموعة بريكس أن تعالج هذه التحديات بشكل مباشر.
فإنشاء آليات واضحة للتعاون وصنع القرار من شأنه أن يعزز قدرة الكتلة على صياغة وتنفيذ سياسات فعالة. إن تعزيز التجارة والاستثمار بين دول بريكس، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتعزيز استراتيجيات الاتصال، من شأنه أن يعزز نفوذها الاقتصادي وحضورها العالمي.
والأهم من ذلك، تحتاج مجموعة بريكس إلى إدارة منافساتها الجيوسياسية الداخلية بشكل فعال وتشكيل جبهة موحَّدة بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وهذا يتطلّب الالتزام بالحوار والتفاهم المتبادل والحل السلمي للصراعات. ومن خلال التأكيد على الأهداف المشتركة، مثل التنمية الاقتصادية، والتنمية المستدامة، والتعددية، تستطيع مجموعة بريكس التغلب على انقساماتها الداخلية والظهور كقوة مؤثرة للتغيير الإيجابي في النظام الدولي.
إن مستقبل مجموعة بريكس غير مؤكَّد، ولكن إمكاناتها هائلة. ومن خلال معالجة عيوبها وتسخير قوتها الجماعية، تستطيع مجموعة بريكس أن تلعب دورًا محوريًّا في تشكيل نظام عالمي أكثر عدلًا وإنصافًا وازدهارًا.
|