موقف النخبة الأكاديمية والمثقفة في كركوك تجاه مجريات المحافظة
كل هبة يمحنها الله تعالى لبني البشر تقتضي زكاة مقدرة ، وزكاة العلم والمعرفة والحكمة تعليمه لمن لايعلمه، من خلال التوجيه والإرشاد والنصح والآراء الخلاقة النيرة لأبناء المجتمع من العامة للتغلب على صعوبات الحياة والأزمات العويصة التي يتعرضون لها بغية المساهمة في خلق مجتمع افضل.
عليه اريد التنويه في هذا المقال لموقف النخبة الاكاديمية والمثقفة من كرد وعرب وتركمان وآشوريين في مجتمع متنوع وثري بالثورات والإمكانيات البشرية شأن ثرائها بالنفط والثروات الطبيعية..
صحيح بحكم الوضع السياسي طوال العقود الماضية في العهد الدكتاتوري الى العهد الديمقراطي الهش بعد سقوط الدكتاتور في عام ٢٠٠٣ كان هذا المجتمع منقسما بحسب المكونات و مصالح القوميات المختلفة، ومثلما لانتوقع من الكردي في كركوك أن يكون بالضد من المصلحة الكردية أو بالضد من القاعدة الجماهيرية والتوجه الكردي العام. فلا يجيب أن نتوقع من التركماني و العربى في كركوك موقفا موازيا ايضا في الانحياز لخارج السرب.
لكن من البديهي أن يظل المثقف والنخبة برغم الانتماء المكوناتي محتفظا بهامش من الحرية في التفكير و التعبير المغاير بأعتباره ضمير المجتمع والمعبر عن الهاجس المستقبلي له.
وفي حين أن المجتمع الكردي في كركوك ومثقفيه يسير ان في خطين مختلفين احيانا من الموقف والحراك الكركوكي.
خط يؤيد الموقف الكردي العام وخط ينتقد الكثير مما يجرى في كركوك و دور السياسة الكردية فيها.
إلا أننا نفتقر الى مثل هكذا آراء ومواقف في المجتمع التركماني و العربي صادرة من نخبة مثقفيه وأكاديميه، إذ اننا نشهد ونرى مواقف النخبة الكردية جهارا باللغة الكردية والعربية معبرين احيانا عن إنتقاداتهم للموقف الرسمي الكردي فأننا لا نشهد الموقف العربي والتركماني المعبر عنه باللغة العربية منتقداً الشأن العام في كركوك.
ماهي أخطاء النخبة العربية المحلية في كركوك ؟
وماهو موقف النخبة التركمانية من الاحداث؟
نحن هنا لانريد الخوض في سياسات الماضي حول الموقف العربي الصامت من سياسات التعريب و الترحيل التي طالت الكرد و التركمان.
فالعراقي من كل القوميات ومن كل تضاريس المدن العراقية كان يعيش في ظل الديكتاتورية البعثية ولا أحد يطالب بالمواقف الجريئة ذات التكلفة الباهضة في ظل الأنظمة الدكتاورية. وخصوصاً أن سياسات التعريب في كركوك كانت تصور وتقدم وكأنها لصالح عرب كركوك وبالضد من مصالح الكرد والتركمان في ظل سياسة التفرقة التي كان النظام يمارسها ضد فئات المجتمع العراقي، و في ظل السياسات الخبيثة التي كانت تؤلب كل فئة وقومية ضد الفئة والقومية الأخرى.
الا أن حال العراق الاتحادي و رغم هشاشة التجربة ديمقراطياً و خصوماً في مدينتنا الحبيبة كركوك كانت فرصة ثمينة للتعبير الحر والجريء والنقد البناء والدفع بأتجاه انشاء منظومة ادارية ومصالح كركوكية مشتركة بين المكونات الكركوكية الأصيلة. صحيح إن الانتخابات الدورية لمجلس النواب العراقي في مدينة كركوك كانت تغذي وتنمي الاستقطاب القومي و المكوناتي، وكل فتة تصوت لمكونها العرقي.
إلا أن المناداة والدعوة لمواقف وطنية موحدة تعزز وتؤكد على المشتركات والعيش والتعايش السلمي يظل من أسمى مهام النخبة والفئة المثقفة من أجل إيجاد الحلول المستدامة والراسخة لمشاكل كركوك.
فأين هذه الآراء البناءة وأين النقد العربي والتركماني لمشاكل كركوك والخروج بحلول منصفة وفق التركيبة السكانية؟
فما هو الموقف العربي من سياسات المحافظ بالوكالة في التعامل مع مكون كبير مثل المكون الكردي؟
فطوال سنوات مابعد 2017 نجد سياسات تفرقة وسياسات تعال وفوقية وضعط على المكون الكردي يقترب من سياسات النظام السابق في التعريب والإساءة والتجاوز على الحقوق، في حين كان الموقف الكردي قبل 2017 من سياسات الادارة الكردية في كركوك موقفاً إنتقادياً وموقفا مبنيا على النقد البناء بكل لغات كركوك، فالى جانب التأييد للسياسة الرسمية الكردية.
كانت هناك دائماً اتقادات للسياسة الادارية وللمثالب الموجودة في الحكم المحلي وهو حكم كان محسوباً على الكرد والكرد لم ينكروه.
ولكن على الاقل كانت هناك رؤى مختلفة وانتقادات موجهة للسياسة الكردية بشكل عام قبل تلك الفترة بل كانت هناك فترات كان فيها الحزبان الكرديان ينتقدان بعضهم البعض، إلا أننا لم نشهد ذلك من قبل النخبة العربية في انتقاد الاحزاب و السياسة العربية في كركوك، ومثل ذلك لم نشهد نقداً من النخبة التركمانيه تجاة السياسة التركمانية المتبعة من قبل الاحزاب التركمانية
وهذا يدفعنا إلى التساؤل ، هل أن السياسة العربية والتركمانية هي سياسة نقية خالصة ومنزهة خالية من الهفوات والأخطاء أم ان نخبهم ارتأت الصمت والسكوت عنها لغرض في نفس يعقوب؟
اذ اننا وطوال السنوات السابقة لم نشهد نقداً لأي موقف أو سياسة عربية وتركمانية من قبل المثقفين العرب والتركمان في كركوك.
لم نشهد مثلاً دعوة عربية الى الانفتاح على المكون الكردي أو دعوة تركمانية نحو تجاوز الفئوية الى رحاب المجتمع الكركوكي والعراقي بشكل عام.
بينما نشهد دائماً رؤى كردية مختلفة يميناً ويساراً تدعو الى التعاطي مع المكون العربي والتركماني بشكل مختلف.
مثلاً نرى ذلك المثقف الذي يدعو الى الاهتمام الكردي بالمكون العربي و نرى الاخر يدعو الى العناية الجادة بالمكون التركماني أو اتباع سياسة كردية كركوكية اقل مركزية من السياسات المصدرة من عاصمة اقليم كردستان.
فهل هناك كلام و رأي عربي و تركمانى مختلف لم يتبادر إلى أذهاننا نظراً لخفوت الصوت ؟ أم أن الامر مرده الى قصور في حاسة السمع الكردي؟
فهل يكمن السبب في السياسات السابقة المترسخة والمتبعة من قبل قبل النظام الدكتاتوري في التعريب والاستيطان أم السبب في فقر وعجز السياسة العراقية بشكل عام ، في ايجاد الحلول و تعزيز المشتركات الدينية والحضارية والثقافية، وهو ما يلقي بظلاله على السياسة الكركوكية بشكل عام؟
بناءا عليه ارجو من المثقفين والأكاديميين ان يضطلعوا بالدور المحوري والمهام التي تقع على عاتقهم، وان يكونوا جديرين بمكانتهم كونهم النخبة المثقفة والأكاديمية الكركوكية.
* أكاديمية ومحاورة إعلامية
|