×

  مام جلال ... حقائق و مواقف

  مام جلال في الشام ...(9)



*علي شمدين

لجنة التنسيق الكردستانية

بعد الإعلان عن تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني في الشام عام (١٩٧٥)، وانطلاقة الثورة الجديدة عام (١٩٧٦)، حاول مام جلال كل جهده، من أجل إيجاد صيغة للتعاون والتنسيق بين الأحزاب الوطنية الكردية في أجزاء كردستان، وذلك بهدف التصدي لتلك الأوضاع الكارثية التي خلفتها اتفاقية الجزائر المشؤومة بين النظامين العراقي والإيراني، والتي أدت إلى إنهيار الثورة الكردية في كردستان العراق بذاك الشكل الدراماتيكي، ومحاولة تجاوز حالة اليأس التي كانت قد خيمت على الشعب الكري وحركته التحررية، والعمل من أجل حشد الرأي العام إلى جانب الشعب الكردي وقضيته العادلة في مواجهة الأنظمة الدكتاتورية التي تقتسم كردستان وخاصة نظام صدام حسين الدموي الأرعن، وفي هذا المجال يذكر سالار أوسي في كتابه (جلال طالباني: أحداث ومواقف)- نقلاً عن صحيفة (الشرارة)، مايلي: (كان مام جلال من الداعين على الدوام إلى فكرة عقد مؤتمر للأحزاب والمنظمات والهيئات الكردستانية على نطاق الشرق الأوسط، وذلك للاتفاق على استراتيجية مشتركة، وتبادل العون والمساعدة، وتوحيد الجهود والمساعي بينها على النطاق الدولي، للوقوف صفاً واحداً في وجه الحكومات التي تتعاون فيما بينها ضد الشعب الكردي والأمة الكردية..).

وكانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي اجتماع مجموعة من الأحزاب والفصائل الكردية والكردستانية في بيروت بتاريخ (٢/١٢/١٩٧٧)، والذي ضم، بحسب ما ذكره الأستاذ (عبد الحميد درويش)، في كتابه (أضواء على الحركة الكردية في سوريا)، ممثلي هذه الأحزاب الستة: (الاتحاد الوطني الكردستاني/ عمر مصطفى، الحزب الديمقراطي الكردستاني- ايران/ أمير قاضي، الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا/ عبد الحميد درويش،الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق- اللجنة التحضيرية/ شمس الدين المفتي، الحزب الديمقراطي الكردي السوري- البارتي/ عبد الباقي ملا محمود، الحزب الديمقراطي الكردي اليساري في سوريا/ عصمت فتح الله).

وتقرر في هذا الاجتماع، وفقاً لما يقوله درويش في كتابه (أضواء على الحركة.. )، دعم ومساندة الثورة الكردية الجديدة المندلعة في كردستان العراق بكل الإمكانات المتوفرة، وتشكيل لجنة باسم (لجنة النضال الوطني الكردستاني)، مهمتها تنظيم النضال المشترك بين الأحزاب والتنظيمات التقدمية الكردستانية، واتفق الحضور مبدئياً على أن يكون موعد الاجتماع القادم في كردستان العراق خلال شهر نيسان عام (١٩٧٨)، وكان من المقرر أن تحضر هذا الاجتماع أيضاً كل من (منظمة هفرا، ومنظمة شورشي ملي كردستان)، وهما منظمتان كرديتان من كردستان تركيا، وقد غابا عن الاجتماع لأسبابهما الخاصة بهما، ونظراً لعدم ملاءمة الظروف في كردستان العراق، عقد الاجتماع التالي في موعده المحدد بباريس في (نيسان ١٩٧٨)، وقد شارك في الأجتماع ممثلو هذه الأحزاب الأربعة فقط: (الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ ايران/ الدكتورعبد الرحمن قاسملو، الحزب الديمقراطي الكردستاني اللجنة التحضيرية/ شمس الدين المفتي، الاتحاد الوطني الكردستاني/ عمر مصطفى، الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا/ عبد الحميد درويش)، ويقول درويش في كتابه المذكور: (لقد تم في هذا الاجتماع دراسة الأوضاع المستجدة منذ الاجتماع السابق، وبشكل خاص التطورات السياسية التي كانت تشهدها إيران الشاه في ذلك الوقت، وما قد ينجم عنها من أحداث ونتائج، وتأثير ذلك على مجمل القضية الكردية في الشرق الأوسط وبوجه خاص على الشعب الكردي في كردستان إيران..).

وانسجاماً مع القرارات التي اتخذت من جانب هذه الأحزاب الكردستانية في اجتماع بيروت عام (١٩٧٧)، واجتماع باريس عام (١٩٧٨)، فقد جرت لقاءات عديدة أخرى بمبادرة من مام جلال في الشام أوائل عام (١٩٨٠)، بين القوى والأحزاب الوطنية الكردية المعنية بهذا الأمر، ومشاركة الحزبين الشيوعيين في (العراق، وسوريا)، اللذين أبديا استعدادهما الكامل للاشتراك في أية لقاءات تُعقد بين الأحزاب الكردية والكردستانية في سبيل توحيد نضالها من أجل حرية الشعب الكردي، وفي هذا المجال يقول درويش في كتابه (أضواء على الحركة ..)، ما يلي: (وعلى هامش هذه اللقاءات طرح الاستاذ جلال الطالباني الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني على حزبنا، القيام بخطوة عملية مشتركة، وذلك بتشكيل لجنة باسم: اللجنة التحضيرية للتعاون بين الأحزاب الكردية والكردستانية، أو بأي اسم آخر، وتتألف هذه اللجنة من أربعة أحزاب هي: الحزب الديمقراطي الكردستاني- ايران، الاتحاد الوطني الكردستاني- العراق، الحزب الاشتراكي الكردستاني- تركيا، الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وتكون مهمة هذه اللجنة التباحث مع القوى والأحزاب الكردية والكردستانية الأخرى بقصد التمهيد لعقد مؤتمر عام لهذه الأحزاب..).

وبعد دراسة الإقتراح الذي تقدم به مام جلال، ومناقشته من قبل الحزبين الشقيقين (الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، وافق الحزبان عليه، وقررا طرحه على (الحزب الديمقراطي الكردستاني- إيران، والحزب الاشتراكي الكردستاني- تركيا)، للحصول على موافقتهما أيضاً، وكان لكل من (عزيز محمد/ سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، وكريم أحمد/ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ورمو شيخو فرحة/ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري)، دور مؤثر في إنجاح هذه الجهود..

وبناء على اقتراح مام جلال، سافر الأستاذ عبد الحميد درويش الى طهران في أوائل أيلول عام (١٩٨٠)، بهدف اللقاء مع الدكتور عبد الرحمن قاسملو (الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني- إيران)، والتباحث معه حول موضوع اللجنة المقترحة من قبل مام جلال، وبالتالي نيل موافقة حزبه على تشكيل هذه اللجنة والمشاركة في أعمالها.

وصل الأستاذ عبد الحميد درويش إلى منطقة (واوان)، حيث يوجد فيها مقر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني- إيران، وهناك التقى مع سكرتيره الدكتورعبد الرحمن قاسملو، ونقل إليه تفاصيل الجهود المبذولة من أجل ايجاد التعاون بين القوى والأحزاب الكردية والكردستانية، وكذلك نقل إليه آراء الحزبين الشيوعيين (السوري، والعراقي)، وتحدث له عن الدور الإيجابي للحزب الديمقراطي الكردستاني- إيران، في إنجاح هذه الجهود، ويقول درويش في كتابه (أضواء على الحركة..): (بعد ذلك أجابني الدكتور قاسملو بأنهم قد درسوا هذا الاقتراح قبل الآن وأنهم يوافقون على فكرة تشكيل لجنة تحضيرية من الأحزاب الأربعة المقترحة لهذه الغاية، لكنه يرى بأن تشارك الأحزاب الشيوعية في هذه اللجنة بصفة مراقبين لا أعضاء، وأنه أبلغ هذا الرأي للرفيق عزيز محمد أيضاً ووافق هو بدوره على ذلك، وأضاف قاسملو بأنهم سوف يبعثون بأحد رفاقهم القياديين لحضور الجلسة الأولى المقترحة في أقرب فرصة..).

 

(اللجنة التحضيرية للتنسيق والتعاون)

من البديهي أن مشروعاً كردستانياً هاماً، كالذي طُرِحَ تحت عنوان (لجنة التنسيق الكردستانية)، ويسعى إلى لم شمل الحركة الكردية في عموم أجزاء كردستان ضمن إطار سياسي، ويهدف إلى إيجاد شكل من أشكال التنسيق والتعاون بين أطرافها وفقاً لبرنامج كردستاني عام يأخذ خصوصية كل جزء بعين الاعتبار، مشروع يقوده شخصيات كردستانية كاريزمية مثل (مام جلال، وعبد الرحمن قاسملو، وكمال بورقاي وعبد الحميد درويش)، وبدعم مباشر من رموز شيوعية مثل (خالد بكداش، وعزيز محمد)، ما كان ليمر بالتأكيد من دون مشاكل أو صعوبات.

ولهذا ومنذ الاجتماع الأول الذي عقدته (لجنة التنسيق الكردستانية)، في الشام عام (١٩٨٠)، والذي انبثقت عنه لجنة باسم (اللجنة التحضيرية)، مهمتها الإعداد لاجتماع الأحزاب الكردية والكردستانية التقدمية، وقد سارعت هذه اللجنة فور تشكيلها إلى إجراء الاتصالات مع مختلف هذه الأحزاب، وخاصة تلك التي كانت تتواجد حينذاك في الشام بكثافة، لاطلاعها على الأسباب التي دعت الى تشكيلها، وتعريفها بأهدافها المتمثلة في التمهيد لعقد اجتماع عام للأحزاب الكردية بُغية بَلْوَرَة إطار عملي من شأنه أن يوحد نضالها القومي والوطني، فبادرت هذه اللجنة إلى عقد العديد من الاجتماعات واللقاءات مع الأحزاب الكردية بهدف التوصل معها إلى تفاهم مشترك، ويقول عبد الحميد درويش في كتابه (أضواء على الحركة الكردية في سوريا)، حول ذلك: (إلا أن هذه الجهود لم تمر من دون عقبات ومشاكل، فقد أبدت العديد من الأحزاب الكردية مواقف سلبية من هذه اللجنة بذريعة أنها تشكلت من دون رأيها، فأخذت على عاتقها مهمة إفشالها، كما أن الحزبين الشيوعيين، التركي والإيراني، رفضا من جهتهما التعاون مع اللجنة التحضيرية بذريعة أنها لجنة قومية بينما هي أحزاب أممية!!؟.. هذا فضلاً عن أن اللجنة التحضيرية باتت هدفاً لبعض الجهات والأوساط غير الكردية، وخاصة الدول المهيمنة على كردستان التي بدأت تتحرك هنا وهناك من أجل وضع العراقيل والعقبات أمامها بغية إفشالها..).

المهم في الأمر، عاد عبد الحميد درويش إلى الشام بعد لقائه بالدكتور عبد الرحمن قاسملو في (أيلول ١٩٨٠)، في منطقة واوان بكردستان إيران، وقام بعرض نتائج هذا اللقاء على مام جلال وعلى الأعضاء الآخرين في لجنة التنسيق الكردستانية، ونقل إليهم موقف الدكتور قاسملو وحزبه الإيجابي من اللجنة التحضيرية.

بناء على هذه الاتصالات، تقرر تحديد موعد الاجتماع الأول للجنة التحضيرية، والذي انعقد في الشام بتاريخ (١٩- ٢٤/١١/١٩٨٠)، بحضور (الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا، الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، وحضور الحزبين الشوعيين (السوري، والعراقي)، كمراقبين، وغاب عن الاجتماع (الحزب الديمقراطي الكردستاني- أيران)، وفي هذا الإطار يقول درويش في كتابه (أضواء على ..)، ما يلي: (لقد طرح الأستاذ عزيز محمد على هذا الاجتماع اقتراح تعييني مسؤولاً للجنة التحضيرية، وأبدى كل من مام جلال، والأستاذ كمال بورقاي أيضاً موافقتهما على هذا الاقتراح، واستكمالاً للجهود السابقة ونتيجة للاتصالات المتواصلة التي جرت بين هذه الأحزاب الستة، تشكلت لجنة تحضيرية مهمتها الإعداد لاجتماع الأحزاب الكردستانية التقدمية..).

وفي إطار الجهود المكثفة التي بذلها أعضاء اللجنة التحضيرية في سبيل إنجاح مساعيها، عقد هؤلاء الأعضاء اجتماعاً موسعاً مع خالد بكداش (الأمين العام للحزب الشيوعي السوري)، في منزله بدمشق في صيف عام (١٩٨١)، وكان قد حضره حينذاك كل من (جلال طالباني/ أمين عام الاتحاد الوطني الكردستاني، عزيز محمد/ سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، كمال بورقاي/ أمين عام الحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا، عبد الحميد درويش/ سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، كريم أحمد/ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ورمو شيخو الفرحة/ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري)، وغاب عن هذا اللقاء ممثل (الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ ايران)، وفي ختام اللقاء وعد خالد بكداش هو الآخر بأنه سوف يبذل كل جهده من أجل مساعدة اللجنة التحضيرية والوقوف إلى جانبها، لإيمانه بأنها تناضل من أجل قضية عادلة لشعب مضطهد في هذه المنطقة.

وخلال اللقاء الموسع الذي عقده أعضاء اللجنة التحضيرية مع خالد بكداش، سأله مام جلال عن رأيه حول موضوع تعاون اللجنة التحضيرية مع أحزاب الاشتراكية الدولية، فيقول درويش في كتابه: (لقد أجابه خالد بكداش بالايجاب، وقال : من رأيي أن تُقيموا العلاقات مع أحزاب الاشتراكية الدولية لسببين، الأول هو: إن هذه الأحزاب تمثل قوة سياسية كبيرة في أوربا والعالم، ويمكنكم الاستفادة منها في حال قيام تعاون بينكم وبينها، والثاني هو: إن تعاونكم مع هذه الأحزاب قد يدفع بالأحزاب الشيوعية الى دعمكم وتحريضها على مساندتكم، وفي كل الأحوال فان التعاون مع أحزاب الاشتراكية الدولية مفيد لكم من دون شك..).

لقد كان موقفاً جريئاً، الموقف الذي أبداه حينذاك الأمين العام للحزب الشيوعي السوري (خالد بكداش)، المتهم بنزعة الكوسموبوليتية تجاه قوميته الكردية، والذي كان يسمى بـ(عميد الشيوعيين العرب)، عندما أكد صراحة على ضرورة تواصل الكرد مع (الإشتراكية الدولية)، في وقت كان الشيوعيون حتى ذاك الحين يجزمون بأن (الإشتراكية الدولية)، تشكل مع (الإمبريالية العالمية)، وجهين لعملة واحدة، ولا شك بأن هذا الموقف المسؤول أذهل مام جلال ومن معه من الحضور الذين ظلوا يشيدون بموقفه الجرىء هذا بإعجاب.

 

(فشل لجنة التنسيق الكردستانية)

بالرغم من التحديات الكثيرة التي كانت تعترض عمل اللجنة التحضيرية، إلا أنها ونتيجة للاتصالات المكثفة بين أعضائها، عقدت اجتماعاً لكامل أعضائها خلال الفترة الواقعة بين (٢-٥/٣/١٩٨٢)، في مدينة برلين الغربية، وكان هذا هو الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية، وقد حضره ممثلي الأحزاب الأربعة الأعضاء في هذه اللجنة (الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الاشتراكي الكردستاني- تركيا، الحزب الديمقراطي الكردستاني- ايران، الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، وممثل (الحزب الشيوعي السوري)، الذي كان مخُولاً أيضاً بتمثيل (الحزب الشيوعي العراقي)، وحول هذا الاجتماع يقول درويش في كتابه المذكور، بأنه: (وقبل التوقيع على الوثيقة النهائية للقرارات، اتصل الدكتور عبد الرحمن قاسملو من باريس بالسيد عزيز ماملي ممثل حزبهم في هذه الاجتماعات، وطلب إليه التريث في التوقيع على الوثيقة ريثما يتحدث إليّ، وخلال حديثه معي عبر الهاتف تمنى علي أن أحاول إقناع الرفاق الآخرين بأن لا يوقع ممثله الوثيقة لأسباب تتعلق بوضع حزبهم الخاص، وأكد بأنهم سيبقون ملتزمين التزاماً مطلقاً بمضمون تلك الوثيقة بكل اخلاص، ولكن جميع أعضاء اللجنة رفضوا هذا الاقتراح وأصروا على ضرورة توقيع ممثلهم على تلك الوثيقة.. وأخيراً أبدى الدكتور عبد الرحمن قاسملو موافقته على التوقيع وأوعز الى ممثله السيد عزيز ماملي بتوقيع الوثيقة مع بقية أعضاء اللجنة).

تقرر في هذا الاجتماع تسمية اللجنة المنبثقة عنه باسم ( اللجنة التحضيرية للتنسيق والتعاون بين الأحزاب الكردية والكردستانية التقدمية)، وكذلك تقرر إصدار مجلة باسم (صوت كردستان)، لتكون لسان حال اللجنة التحضيرية وذلك باللغة الكردية بالحروف (اللاتينية، والعربية)، هذا وقد حضر الاجتماع كل من: (كمال بورقاي، عزيز ماملي، عبد الحميد درويش، د. كمال فؤاد، رمو شيخو الفرحة).

كما عقدت اللجنة التحضيرية للتنسيق والتعاون بين الأحزاب الكردية والكردستانية التقدمية، اجتماعها الثالث في دمشق بتاريخ (٦- ٧/٦/١٩٨٢)، بحضور: (الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا، والحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، وكذلك حضر هذا الاجتماع ممثلو (الحزب الشيوعي السوري، والحزب الشيوعي العراقي)، بصفة مراقبين، وغاب عن الاجتماع ممثل (الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران)، لتعذر تبليغه بموعد الاجتماع، وفي الختام تقرر عقد اجتماع اللجنة التحضيرية الرابع في أواخر أيلول عام (١٩٨٢)، بكامل أعضائها.

لقد بدأت نشاطات (لجنة التنسيق الكردستانية)، تتراجع منذ أوائل عام (١٩٨٣)، وصارت تعاني حالة غير طبيعية من الجمود، بسبب الخلافات التي نشبت بين أطراف منها، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على عمل (لجنة التنسيق الكردستانية)، وأصابتها بالشلل، وفي هذا المجال يقول عبد الحميد درويش: (لقد باتت لجنة التنسيق الكردستانية بعد هذه الأحداث بحكم المشلولة من الناحية العملية، ونتيجة لذلك رفض الحزب الشيوعي العراقي الاشتراك في اجتماعات اللجنة التحضيرية، وعلق نشاطه فيها وان لم يعلن انسحابه منها بشكل رسمي، وتضامن مع موقفه هذا الحزب الشيوعي السوري أيضاً، وبذلك أصبحت هذه اللجنة في وضع صعب للغاية..) ، وبالرغم من ذلك استمر التواصل فيما بين أعضاء (لجنة التنسيق الكردستانية)، من أجل تذليل العقبات أمام تفعيل عمل (اللجنة التحضيرية)، ومتابعتها لمهامها من أجل عقد المؤتمر الكردستاني المنشود، وفي هذا المجال يذكر درويش، بأنه: (وعلى إثر الإتصالات التي جرت بينها، اتفقت الأطراف المعنية على اجتماع اللجنة التحضيرية في باريس بتاريخ ١- ٣/١١/١٩٨٣، وقد حضر هذا الاجتماع كل من: الدكتور عبد الرحمن قاسملو/ الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني- إيران، وعمر شيخموس/ عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، وكمال بورقاي/ الأمين العام للحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا، وعبد الحميد درويش/ سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، كما قاطع ممثلي الحزبين الشيوعيين السوري والعراقي هذه اجتماعات).

وبالرغم من الجهود الاستثنائية التي بذلتها تلك الأحزاب المنضوية تحت مظلة (لجنة التنسيق الكردستانية)، التي كانت بمثابة خطوة نوعية فريدة باتجاه وحدة الصف والموقف الكرديين، واستجابة عملية للتطورات المتلاحقة التي كانت المنطقة تشهدها حينذاك، ولكن مع الأسف كانت التحديات أكبر من تلك الجهود المخلصة التي قامت بها هذه الأحزاب الأربعة وبمراقبة الحزبين الشوعييين (السوري، والعراقي)، فوصلت تلك اللجنة إلى طريق مسدود نتيجة للخلافات التي نشبت بين بعض الأطراف المشاركة في هذه اللجنة، فضلاً عن التطورات السياسية التي أفرزتها الحرب العراقية الإيرانية، وفي هذا المجال يقول درويش: (لقد كان اجتماع باريس الذي انعقد بتاريخ ١- ٣/١١/١٩٨٣، هو الأخير للجنة التعاون والتنسيق الكردستانية والكردية، والتي أصبحت بعد هذا

الاجتماع بحكم المنحلة، وإن لم يصدر قرار سياسي علني بذلك من الأحزاب المؤتلفة في عضويتها..).

وهكذا أجهضت تلك المحاولات الجادة التي قامت بها نخبة من الأحزاب الكردستانية، من أجل بناء إطار يجمعها تحت مظلته، ويوحد كلمتها حول خطاب سياسي مشترك يعكس المصلحة القومية العليا ويصون خصوصية نضال الحركة في كل جزء من أجزاء كردستان.


21/01/2024