×

  مام جلال ... حقائق و مواقف

  يكفيك فخرا واعتزازا هذه المآثر



*محمد شيخ عثمان

 

لسنا بصدد شرح مآثره بشكل تفضيلي ضمن سطور محددة،فنخوته الدبلوماسية ونشاطاته السياسية من ريعان عمره الشبابي حتى رحيله المفجع تدلنا على ثقل ومكانة الرئيس مام جلال على الساحة الكردستانية والعراقية والعربية والدولية ، ولكن نظرا لاهتمامه الكبير بماسيكتبه التاريخ عنه للاجيال والباحثين فلابد من سرد ما يمثل مفاتيح ابواب التاريخ من جانبه المضئ ، فقد برهن للجميع بانه كان حقا صوت العقل والرصانة ذو الحنكة والاعتدال الذي تتأكد الحاجة الماسة اليه في تثبيت دعائم السلام والامن والازدهار والتعايش والوئام وهو الدور الذي نتطلع اليه باستمرار.

لقد قلبت رحيله موازين القوى لتتخبط المعادلات السياسية وتتهدد حقا مفهوم التوافق الوطني الحقيقي في الحكم والقرار على مستوى العراق و كذلك اقليم كردستان فقد كان مثالا للحكمة والتواضع والمعرفة العميقة بشؤون الادارة والسياسة والاحاطة الذكية بكل مشاكل العراق والمنطقة وتعقيداتها وسبل حلها وتأثيرفقدانه على العمل السياسي كان كبيرا لذلك نال محبة كل العراقيين وكان مكتبه ومنزله ملتقى لقادة كل القوى الوطنية وكثير من المشاكل والخلافات بين الاطراف تجد لها حلا على طاولة حواره الودي الحافل بالبشاشة والمحبة.

وعلاقاته الدولية ايضا أفادت العراق كثيرا، فلم يكن هناك من قادة دول العالم إلا وله علاقة جيدة مع مام جلال الذي إستثمر هذه العلاقات لمساعدة المسيرة الديمقراطية والدستورية في العراق واقليم كردستان.

اصبحت سيرته سيرة قائد تاريخي على مستوى المنطقة لا ينسى ويفترض ان تكون هذه السيرة مؤثرة في التجربة السياسية العراقية والكردستانية ويتعلم منها ساسة البلد شمائل الصبر والوسطية والاخلاص وتجاوز الخصومات.

نستذكره اليوم، ونحن في أشد الحاجةِ إلى حنكته وحكمته، وقدرتهِ على احتواء الأزمات، وتقريبِ وجهاتِ النظرِ المتباينة، واستعادة الثقة المفقودة بين الجميع.

 ولكن خير ما نستذكر به مآاثره الخالدة هو رد مسؤول لرئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني عندما سئل :لوكان مام جلال موجودا كيف كان سيقوم بحل هذه المشاكل في اقليم كردستان و على صعيد العلاقة بين الاقليم والمركز وكذلك على مستوى العراق والمنطقة ؟

فرد قائلا:لو كان مام جلال حاضرا في الساحة السياسية لم تكن لهذه المشاكل وجود اصلا حتى نتحدث عن كيفية حلها؟

ان هذا الرد الارتجالي كان ولايزال ذو معان كبيرة ويحتاج الى التأني والدراسة الدقيقة في حيثياته ومآلاته ونراه افضل طريقة لاثراء ذكراه ودوره المحوري والتاريخي ونعتقد جازما ان روحه سيرقد بسلام ووئام لانه كان يريد رحيلا مشرفا يعتز ويفتخر به الشعب وكذلك الرفوف المشرفة للتاريخ  فيكفيه فخرا عندما يقال بانه لو كان مام جلال موجودا لما حصلت الأزمات والتي بدأت تتراكم علينا وتتراجع العملية السياسية، لأنها لا يوجد أب وراع للعملية السياسية من الناحية الفعلية فشجاعة الحوار ومبدأ حسن النية والدبلوماسية الهادئة والابتعاد عن التصلب في المواقف كانت أدوات مام جلال وخارطة الطريق التي كان يضعها لحل الأزمات والاشكالات فالتوازن الدقيق الذي بنى عليه مام جلال فكره ونضاله هو بعض من سمات القائد العظيم والنادرالذي ظل يحرص على حفظ هذا التوازن والسلم الأهلي في العراق والاقليم .

وبالطبع هذا هو النهج الذي يحرص الاتحاد الوطني الكردستاني (وخاصة بعد نجاح عقد مؤتمره الخامس) على السير عليه وحمايته وادامته وتعزيزه .

حقا لوكان مام جلال موجودا لما تراجعت الاوضاع بهذا الشكل المزر في اقليم كردستان ولما تعقدت الحلول لمشاكل الاقليم مع المركز ولما شهد العراق الغزو الداعشي بهذا الشكل الموسع ولاتعكر مساره الديمقراطي وتهددت اواصر التوافق الوطني فيه وكذلك لم يكن للتصعيد التركي الى المستوى الذي نراه بل كان يستخدم العلاقات مع صديقه اردوغان من اجل وضع افضل الحلول السلمية اضافة الى تعزيز العلاقات مع بقية الجوار والمنطقة والعالم .

يكفيك فخرا ايها الرئيس عند حدوث اية ازمة او مشكلة يقال لوكنت موجودا لما حدثت تلك المشاكل اصلا .

ويكفيك اعتزازا ان المواطن الكردي والعراقي يقر ايضا بان وجودكم كان حقا عامل خير وازدهار لهم ولابنائهم ومستقبلهم.

فليرقد روحك بسلام  .

*رئيس التحرير


07/04/2024