×

  کل الاخبار

  ترامب وتركيا والمعضلة الكردية خلال المرحلة القادمة



 

*فريق الجيوستراتيجي للدراسات

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025، تثار تساؤلات حول استراتيجيته تجاه الشرق الأوسط، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات مع تركيا والملف السوري. تاريخيًا، تميزت سياسة ترامب الخارجية بالتركيز على المصالح الأمريكية المباشرة، مع تبني نهج غير تقليدي في التعامل مع الحلفاء والخصوم.

 

العلاقات الأمريكية-التركية:

خلال ولايته الأولى، شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا توترات متعددة، أبرزها شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية S-400، مما أدى إلى فرض عقوبات أمريكية وإخراج تركيا من برنامج المقاتلات F-35. ورغم ذلك، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ترامب بـ"الصديق"، مما يشير إلى وجود قناة تواصل شخصية بين الزعيمين.

 

الملف السوري:

في ديسمبر 2024، صرح ترامب بأن تركيا لعبت دورًا حاسمًا في الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، مشيرًا إلى أن أنقرة أصبحت الفاعل الرئيسي في تحديد مستقبل سوريا. كما أكد على أهمية تركيا في منع عودة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى المنطقة.

 

التوقعات للأشهر الثلاثة القادمة:

1. تعزيز التعاون مع تركيا: من المتوقع أن يسعى ترامب إلى تعزيز العلاقات مع أنقرة، معتبرًا إياها شريكًا استراتيجيًا في تحقيق الاستقرار في سوريا ومواجهة التهديدات الإرهابية.

2. إعادة تقييم الوجود العسكري الأمريكي: قد يقوم ترامب بإعادة النظر في التواجد العسكري الأمريكي في سوريا، معتمدًا على القوات التركية لضمان الأمن في المناطق الشمالية ومواجهة أي تهديدات محتملة.

3. موقف من الكرد: بالنظر إلى التحفظات التركية تجاه القوات الكردية في سوريا، قد يتبنى ترامب موقفًا أكثر توافقًا مع المصالح التركية، مما قد يؤدي إلى تغييرات في الدعم الأمريكي للقوات الكردية.

 

هل سيتخلى ترامب عن الكرد أم سيضغط على تركيا في سوريا؟

يُعد الملف الكردي أحد المحاور الحساسة في العلاقات الأمريكية-التركية، خاصة مع استمرار الشراكة الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري. خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، كانت سياساته متقلبة تجاه الكرد؛ فقد أعلن انسحاب القوات الأمريكية من مناطق شمال سوريا عام 2019، ما فتح الباب أمام عملية عسكرية تركية استهدفت تلك القوات، وهو ما اعتُبر تخليًا عن الحلفاء الكرد.

 

إمكانية التخلي عن الكرد

إذا قرر ترامب تعزيز علاقاته مع تركيا بشكل أكبر، فقد يكون مستعدًا لتقليص الدعم الأمريكي للكرد في سوريا، خاصة إذا كان ذلك يحقق مصالح استراتيجية أوسع مثل احتواء النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة. ولكن، أي خطوة من هذا النوع قد تُواجه بانتقادات داخلية في واشنطن، خاصة من الكونغرس، الذي سبق وأن عارض مثل هذه التحركات في الماضي.

 

الضغط على تركيا

على الجانب الآخر، قد يسعى ترامب إلى استخدام الملف الكردي كورقة ضغط على أنقرة لتحقيق توازن بين المصالح الأمريكية والتركية. يمكن أن يتضمن ذلك:

1. الضغط لوقف العمليات العسكرية التركية ضد الكرد: قد يطلب ترامب من تركيا ضمانات بعدم تنفيذ عمليات عسكرية جديدة ضد القوات الكردية، مقابل تنازلات في ملفات أخرى.

2. إشراك الكرد في الحل السياسي: ترامب قد يشجع أنقرة على قبول وجود الكرد كجزء من العملية السياسية في سوريا، بهدف تحقيق استقرار شامل يحفظ مصالح جميع الأطراف.

 

المعادلة الصعبة

بالنسبة لترامب، التوفيق بين مصالح الكرد وتركيا يشكل معادلة معقدة. من جهة، يُدرك أهمية الكرد كشريك في محاربة داعش وضمان الأمن في سوريا. ومن جهة أخرى، يسعى للحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع تركيا كحليف في حلف الناتو وفاعل رئيسي في المنطقة.

 

الخلاصة

تعكس تصريحات ترامب الأخيرة توجهًا نحو منح تركيا دورًا محوريًا في تحديد مستقبل سوريا، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات والاستراتيجيات في المنطقة خلال الأشهر المقبلة.

من غير المتوقع أن يتخلى ترامب بشكل كامل عن الكرد، لكنه قد يقلص الدعم لهم أو يعيد صياغته بما يرضي تركيا. في المقابل، سيحاول توظيف الملف الكردي كأداة ضغط على أنقرة لتحقيق أهداف أوسع في سوريا والشرق الأوسط.


23/01/2025