×

  کل الاخبار

  سيناريوهات الحرب المقبلة وتداعياتها على العالم العربي



إيران تحت النار وإسرائيل في مرمى الرد:

 

*مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر

مقدمة:في 13 يونيو 2025، دخل الصراع الإيراني – الإسرائيلي مرحلة غير مسبوقة من التصعيد، بعد أن شنت إسرائيل سلسلة من الضربات الجوية المعقدة على عشرات الأهداف الإيرانية، شملت منشآت نووية وعسكرية حساسة. هذه الهجمات التي وصفتها بعض المصادر العسكرية بـ”أوسع عملية عسكرية إسرائيلية منذ حرب 1973″، تفتح الباب أمام جملة من السيناريوهات التي لا تقتصر تداعياتها على البلدين فقط، بل تتجاوز ذلك لتشمل الشرق الأوسط بأكمله، وخاصة الدول العربية.

هذه الدراسة التحليلية اعدها فريق مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتحليل المخاطر تستند رؤية خبراء المركز إضافة إلى إلى آخر ما صدر عن وكالات دولية موثوقة مثل رويترز، الأسوشيتد برس، الجزيرة، CNN، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وتحاول رسم معالم المرحلة المقبلة من خلال أربعة محاور رئيسية:

أولا: السيناريوهات المحتملة لتطور الأحداث

 

1. حرب مباشرة ومفتوحة بين إسرائيل وإيران

تصاعد الهجوم إلى مواجهة عسكرية شاملة هو السيناريو الأكثر خطورة، وإن بدا مستبعدا جزئيا بسبب التكلفة السياسية والدولية العالية. إلا أن اغتيال قادة عسكريين كبار في الحرس الثوري، وتدمير منشآت في نطنز وأصفهان، قد يدفع إيران إلى الرد بطريقة مباشرة، ربما عبر ضربات صاروخية على مواقع داخل إسرائيل أو منشآت أمريكية في الخليج.

 

2. حرب بالوكالة في دول الجوار

السيناريو الأكثر ترجيحا وفقا لدراسات من CSIS وCarnegie Middle East Center، يتمثل في تصعيد الحرب غير المباشرة عبر أذرع إيران الإقليمية. حزب الله قد يفتح جبهة الجنوب اللبناني، فيما تنشط الميليشيات العراقية في استهداف قواعد أمريكية أو إسرائيلية. الحوثيون في اليمن، والميليشيات في سوريا قد يكون لهم دور مكمّل في هذه الحرب بالوكالة.

 

3. تجميد التصعيد عبر وساطات دولية

يبرز هذا السيناريو إذا شعرت طهران أو تل أبيب بخطر الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة. دول مثل سلطنة عُمان، وقطر، وسويسرا قد تلعب دور الوسيط. ومع ذلك، أعلنت إيران تعليق مشاركتها في مفاوضات فيينا المقبلة، ما يُضعف من فرص هذا الخيار في الأمد القريب.

 

ثانيا: تأثير الحرب على الدول العربية

1. الأمن القومي

الحرب تعني تراجع الأمن في منطقة كانت أصلا متوترة. أي تصعيد قد يتسبب بتعطيل الملاحة في مضيق هرمز أو باب المندب، وهما شريانان حيويان للنفط والتجارة العالمية. السعودية، الإمارات، والكويت بدأت بالفعل بعمليات رفع الجاهزية الدفاعية.

 

2. الاقتصاد والنفط

قفزت أسعار النفط بأكثر من 13% خلال ساعات من بدء الهجمات، وهو ما ينذر بتقلبات اقتصادية واسعة. الدول العربية المصدرة قد تستفيد مؤقتا من هذه القفزات، لكن تداعيات الأزمة على سلاسل الإمداد العالمية والاستثمار الأجنبي ستكون كارثية إذا طال أمد المواجهة.

 

3. ملف اللاجئين

لبنان وسوريا مهددتان بموجات نزوح داخلية وخارجية جديدة، خاصة إذا فتح حزب الله جبهة الجنوب أو دخلت إسرائيل في عمق الأراضي السورية.

 

ثالثا: الدول العربية الأكثر تضررا

1. لبنان

احتمال تورط حزب الله في المعركة يجعل لبنان في عين العاصفة، لا سيما وأن بنيته التحتية هشة، واقتصاده على شفا الانهيار. الغارات الإسرائيلية قد تمتد لتشمل الضاحية الجنوبية أو مناطق في الجنوب اللبناني.

 

2. سوريا

تزايد الضربات الإسرائيلية على مواقع إيرانية داخل سوريا، يُنذر بتحول سوريا مجددا إلى ساحة صراع إقليمي. أي توسع في نطاق الضربات سيؤدي إلى خسائر بشرية وهجرات قسرية جديدة.

 

3. دول الخليج (السعودية، الإمارات، الكويت)

رغم بعدها الجغرافي النسبي، إلا أن المنشآت النفطية ستكون أهدافا محتملة لرد إيراني غير مباشر. كما أن وجود القوات الأمريكية على أراضيها قد يجعلها عرضة للاستهداف كرمز للنفوذ الغربي.

 

رابعا: المجتمع الدولي وردود الفعل المتوقعة

1. الولايات المتحدة

رغم نفيها المشاركة في الضربات، فإن واشنطن تبقى حليفا أساسيا لتل أبيب. ومن غير المستبعد أن تدخل مباشرة في المواجهة إذا تعرّضت قواعدها أو حلفاؤها في الخليج للخطر. حتى الآن، تحاول الإدارة الأمريكية لعب دور المهدئ، لكنها قد تجد نفسها مضطرة للتدخل.

 

2. روسيا

موقف موسكو يتسم بالحذر. فهي لا تريد خسارة علاقتها مع إيران، لكنها أيضا لا تمانع إضعاف النفوذ الإسرائيلي والغربي في الشرق الأوسط. روسيا قد تسعى إلى استثمار الأزمة لتعزيز نفوذها الدبلوماسي عبر وساطات أممية.

 

3. الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة

دعوات لوقف التصعيد والتحذير من المساس بالمنشآت النووية المدنية. الأوروبيون يدركون أن أي توسع في الصراع سيؤدي إلى موجات لجوء جديدة وزيادة في أسعار الطاقة، وهو ما لا يمكن تحمّله وسط هشاشة الاقتصاد الأوروبي ما بعد كورونا وأوكرانيا.

 

خاتمة

ما حدث في 13 يونيو ليس مجرد تصعيد عسكري تقليدي، بل مؤشر على دخول مرحلة “حافة الهاوية” في الصراع الإسرائيلي الإيراني. كلّ سيناريو بات ممكنا، من الحرب المحدودة إلى الانفجار الإقليمي الواسع.

لكن في ظل هذا المشهد المتأجج، تبدو الدول العربية أمام اختبار تاريخي: كيف تحافظ على أمنها الداخلي، وتحمي مصالحها الاقتصادية، دون أن تنزلق إلى لعبة المحاور المتفجرة؟

 

*مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر، هو مؤسسة بحثية مستقلة تأسس في العام 2023، يهتم بتسليط الضوء على آخر التطورات الحاصلة وطرح الدراسات المنهجية والمعمقة حول الشأن العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ضمن استراتيجية قائمة على معلومات دقيقة للمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما يقدم رؤى فكرية وتحليلية من خلال خبراء وأكاديميين مختصين في المجالات البحثية، ومواكبين للتطورات والقضايا المتجددة لوضع الحقائق أمام الأعين بطريقة منهجية وصحيحة ومحايدة ، ورفع مستوى الوعي في مختلف القضايا، وتقديم الاستشارات المتعلقة بالأبحاث


19/06/2025