×

  بحوث و دراسات

  المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية ودعوات لتغيير المسار



*المرصد فريق الرصد والمتابعة

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قادة العالم إلى اغتنام فرصة – لا تأتي سوى مرة واحدة كل عشر سنوات – من أجل سد فجوة تمويلية تبلغ 4 تريليونات دولار تواجه البلدان النامية. الهدف: تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء عالم أفضل للجميع.

وأطلق أنطونيو غوتيريش نداءه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FFD4) المنعقد في مدينة إشبيلية الإسبانية – التي تشهد ارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة في حزيران/يونيو.

وأشار إلى أن التنمية المستدامة، التي يدعمها التعاون الدولي، تواجه الآن "رياحا معاكسة عاصفة". وقال الأمين العام إن التعددية نفسها تعاني من الضغط، بينما تتآكل الثقة بين الأمم والمؤسسات.

وشهد المؤتمر حضور أكثر من 50 من قادة العالم، وأكثر من 150 دولة، وحوالي 15 ألف مندوب.

وقال الأمين العام إن العالم يشتعل وتهزه التفاوتات وفوضى المناخ والصراعات المستعرة، مؤكدا أن "التمويل هو محرك التنمية، وفي الوقت الحالي، هذا المحرك يتعثر".

وتابع قائلا: "بينما نجتمع، فإن أجندة 2030 للتنمية المستدامة – وعدنا العالمي بتحويل عالمنا نحو مستقبل أفضل وأكثر عدلا – في خطر."

حوالي ثلثي أهداف التنمية المستدامة الطموحة المتفق عليها في عام 2015 بعيدة بشكل كبير عن المسار الصحيح – ومن هنا تأتي الحاجة إلى استثمار هائل بقيمة 4 تريليونات دولار لعكس هذا الوضع. وقال السيد غوتيريش: "نحن هنا في إشبيلية لتغيير المسار. لإصلاح وتسريع محرك التنمية لتسريع الاستثمار بالحجم والسرعة المطلوبين".

التزام إشبيلية

ووصف الوثيقة الختامية المعروفة باسم "التزام إشبيلية" التي تم اعتمادها يوم الاثنين – بدون مشاركة الولايات المتحدة التي انسحبت من العملية في وقت سابق من هذا الشهر – بأنها "وعد عالمي" للدول منخفضة الدخل لترقيتها في سلم التنمية.

 

ثلاثة مجالات رئيسية للعمل

وحدد أمين عام الأمم المتحدة ثلاثة مجالات عمل رئيسية:

أولا، تأمين تدفق سريع للموارد محليا لتحفيز النمو المستدام، وعلى الدول الغنية أن تفي بتعهدها بموجب الاتفاق بمضاعفة المساعدات للدول الفقيرة لتعزيز التنمية. وهذا يشمل مضاعفة القدرة الإقراضية لبنوك التنمية متعددة الأطراف بمعدل ثلاث مرات وتقديم حلول مبتكرة لفتح المجال أمام التمويل الخاص.

ثانيا، إصلاح نظام الديون العالمي "غير المستدام، غير العادل، وغير ميسور التكلفة". في الوقت الحالي، تنفق الدول الفقيرة حوالي 1.4 تريليون دولار فقط على خدمة ديونها الضخمة في شكل مدفوعات فوائد. ومن بين الابتكارات، سيعمل منتدى للمقترضين لضمان تسوية ديون أكثر عدلا وإجراءات فعالة.

ثالثا، إصلاح البنية المالية العالمية، مع قيام المساهمين الرئيسيين بدورهم، لتمكين كل بلد. "نحتاج إلى نظام ضريبي عالمي أكثر عدلا يشكله الجميع، وليس حفنة منهم."

وتابع غوتيريش أن الأزمة الحالية المتمثلة في عدم القدرة على تحمل التكاليف وتوقف التنمية هي "أزمة بشرية"، تترك العائلات جائعة، والأطفال غير محصنين، والفتيات محرومات من التعليم.

وأضاف: "هذا المؤتمر ليس عن الأعمال الخيرية. إنه عن استعادة العدالة وتسهيل قدرة جميع الناس على العيش بكرامة. هذا المؤتمر ليس عن المال – بل هو عن الاستثمار في المستقبل الذي نرغب في بنائه معا".

 

خريطة طريق ملموسة وعملية

تحدث الملك فيليبي السادس ملك إسبانيا قبل الافتتاح الرسمي للمؤتمر، قائلا للمندوبين إن مدينة إشبيلية، متعددة الثقافات ترحب بالعالم "بأذرع مفتوحة". وأضاف أن خريطة طريق جديدة ستنبثق من المؤتمر، قائمة على ما هو "ملموس وعملي وقابل للتنفيذ".

وأكد على ضرورة نجاح المؤتمر، لأن التعاون هو أحد ركائزنا الأساسية في العالم متعدد الأطراف و"التجسيد الأسمى للقيم التي تدعمه – خاصة في هذه المرحلة بالذات من التاريخ حيث يتلاشى اليقين وتتشكل العديد من المخاوف والشكوك".

 

"وقتنا الآن"

بدوره، قال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز للمندوبين: "وقتنا الآن ومكاننا هنا"، مشيرا إلى أن ملايين الأرواح ستعتمد على الخيارات التي سيتم اتخاذها في إشبيلية.وتابع قائلا: "يجب أن نختار الطموح على الشلل، والتضامن على اللامبالاة، والشجاعة على الراحة"، مضيفا أن "أنظار العالم موجهة نحو هذه القاعة، ليروا ما نحن مستعدون لفعله معا، وفي مواجهة هذا التحدي التاريخي يجب أن نثبت جدارتنا".

وقال إن إشبيلية كانت بمثابة نيويورك القرن السادس عشر دبلوماسيا – ومهدا للعولمة – "وعلينا جميعا أن نُحقّق هذا الإرث اليوم".

 

"إشبيلية ليست نقطة النهاية"

بدوره، قال لي جونهوا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية والأمين العام للمؤتمر إن الأسبوع في إشبيلية هو لحظة أساسية لحشد الموارد اللازمة لبناء مستقبل عادل وشامل ومستدام. وأوضح أن جهود الأمم المتحدة لتمويل التنمية ارتكزت على التعددية والتضامن – لكن اليوم، يتعرض الإطار بأكمله "لضغط شديد".

وقال إن التنمية المستدامة لم تشهد اختبارا بهذا القدر من قبل، لكن الاتفاق الذي تم في إشبيلية يعيد وضع الناس في صميم الاهتمام. ومضى قائلا: "إشبيلية ليست نقطة نهاية، إنها نقطة انطلاق لعصر جديد من التنفيذ والمساءلة والتضامن".

وأكد أن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة مستعدة لدعم جميع الدول لترجمة هذا الالتزام إلى عمل دولي.

رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانغ قال للمندوبين إننا بحاجة إلى "قيادة توجه العالم نحو مستقبل أكثر إشراقا وازدهارا للجميع، في كل مكان". وقال إن إطار إشبيلية سيجدد الشراكة العالمية للعقد القادم وسيركز على عبء الديون الذي يشل العالم النامي.

أما رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بوب راي فقال إن الثقة بين البلدان يجب أن تتعزز، لأن غيابها "يخلق الفوضى. أكثر ما أود تهنئة الدول عليه هو طرح الطموح، وتعميق الانخراط بين المؤسسات المالية". وأضاف أن الأسبوع يمثل التزاما حقيقيا بالعمل.

من جانبه، قال أجاي بانجا، رئيس مجموعة البنك الدولي إن إنهاء الفقر لا يزال مهمته الأساسية وأن الزيادة السكانية الجارية في البلدان النامية تتطلب موارد "بمقياس وسرعة غير مسبوقين".

وقال إن الجميع يعلم أن الحكومات والمؤسسات الخيرية والمؤسسات غير قادرة على الوفاء بكل التوقعات أو الوعود - ولهذا السبب يعتبر القطاع الخاص ضروريا لاتفاق إشبيلية كي يتسنى تدفق رأس المال.

وأضاف السيد بانجا أن إصلاحات البنك في السنوات الأخيرة تهدف إلى أن يكون شريكا أفضل للقطاع الخاص والعملاء الحكوميين. وأوضح أن تحسين وقت الاستجابة، وتعزيز رأس المال وأنظمة النمو أمران أساسيان - ولكن هناك حاجة إلى الكثير لتلبية احتياجات الجيل القادم.

 

صندوق النقد الدولي يدعو لتوسيع القاعدة الضريبية

نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي نايجل كلارك دعا إلى توسيع القاعدة الضريبية، وبناء أنظمة قوية للإدارة المالية، وتنسيق الدعم، ومعالجة الديون بشكل أكثر استدامة.

 

وقال إن "العديد من البلدان لا تزال تعاني من ارتفاع تكاليف الفائدة"، داعيا المجتمع الدولي إلى تحسين عمليات إعادة هيكلة الديون. وأضاف أن الصندوق، من خلال تنمية قدراته، يمكّن الأعضاء من رسم مساراتهم الخاصة، كما يقدم الدعم المالي عندما يكونون في أمس الحاجة إليه.

 

دعوة عالمية: ضرائب أكثر عدلا على الأثرياء لكبح التفاوت

وأطلقت إسبانيا والبرازيل مبادرة مشتركة تهدف إلى تحصيل ضرائب أعلى من الأثرياء حول العالم. تهدف هذه المبادرة إلى معالجة التفاوت المتزايد عبر ضمان أن يدفع أصحاب الثروات الكبيرة نصيبهم العادل من الضرائب.

الاقتراح، الذي قُدِّم خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، المنعقد هذا الأسبوع في إشبيلية، يسلط الضوء على مشكلة متنامية: غالبا ما يساهم الأفراد الأكثر ثراء بنسبة أقل في الموارد المالية العامة مقارنة بدافعي الضرائب العاديين، وذلك بفضل معدلات الضرائب الفعلية المنخفضة والثغرات القانونية.

وقال وزير الدولة الإسباني للمالية، خيسوس غاسكون، خلال مؤتمر صحفي في مقر انعقاد المؤتمر: "تحتاج بلداننا إلى المزيد من الإيرادات العامة لتلبية احتياجاتها. التفاوت مشكلة في كل مكان، والأثرياء يدفعون أقل من الطبقة الوسطى - وحتى أقل من دافعي الضرائب ذوي الدخل المنخفض".

تدعو الحكومتان الآخرين للانضمام إلى حملة نحو نظام ضريبي عالمي أكثر عدلا وتقدما. وتشيران إلى حقيقة صارخة: يمتلك أغنى واحد بالمائة من سكان العالم أكثر من 95 بالمائة من ثروة البشرية مجتمعة.

 

تبادل المعرفة، سد الفجوات

في عالم اليوم المترابط، يعد الوصول إلى البيانات الموثوقة أمرا ضروريا. تعطي المبادرة الأولوية لتبادل المعلومات - بين الحكومات والسلطات الضريبية - للمساعدة في كشف الثغرات في الأنظمة الضريبية، وسد الثغرات القانونية، ومكافحة التهرب الضريبي.

سيساعد تحسين جودة البيانات وبناء القدرات الوطنية لتحليل البيانات إدارات الضرائب على تحديد أين وكيف تتركز الثروة، وكم يتم دفعه حاليا، وما الذي يحتاج إلى التغيير. على الرغم من إحراز بعض التقدم بالفعل، تقول الدول إنه يتعين بذل المزيد من الجهد ويجب أن تنضم المزيد من الدول.

وقال السيد غاسكون: "هناك حاجة حقيقية لمعرفة من هم الملاك المستفيدون وراء الشركات والهياكل القانونية المستخدمة لإخفاء الثروة". تقترح المبادرة أيضا التعاون الفني، والتدريب في تحليل البيانات، وآليات مراجعة الأقران لتعزيز الأنظمة الضريبية الوطنية.

 

سجل عالمي للثروات؟

تدرس إسبانيا والبرازيل حتى الآن خطوات نحو سجل عالمي للثروات – مع الإقرار بأن هذا سيتطلب وقتا وإرادة سياسية وجهودا وطنية كبرى. لكن الهدف واضح: المزيد من الشفافية، والمزيد من المساءلة، ومساهمات أكثر عدلا من الأثرياء.

الوزير البرازيلي، خوسيه غيلبرتو سكانتيوتشي نفى أن تكون هذه المقترحات أجندة يسارية متطرفة: "لا يمكننا أن نتسامح مع شدة التفاوت، الذي ازداد في السنوات الأخيرة. هذه مبادرة معتدلة لمواجهة واقع راديكالي للغاية."

يشكل الاقتراح جزءا من منهاج عمل إشبيلية، الذي يعمل على تعزيز الإجراءات الطوعية للمساعدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي لا تزال بعيدة عن المسار الصحيح لتحقيق الموعد النهائي لعام 2030.

 

مجموعة العشرين

يأتي ذلك أيضا في أعقاب اتفاق مجموعة العشرين للدول الصناعية لعام 2024 الذي وقعته في ريو دي جانيرو بالبرازيل العام الماضي – وهو أول اتفاق دولي يلتزم بأجندة ضريبية مشتركة للأفراد ذوي الثروات العالية.

يتم الآن وضع خطة عمل لمدة ثلاثة أشهر، مع اجتماعات منتظمة مجدولة لتتبع التقدم. الهدف: إشراك المزيد من البلدان والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لدفع الإصلاحات الضريبية التي تستهدف الأشخاص ذوي الثراء الفاحش.

وأضاف السيد غاسكون: "إذا أردنا فرض ضرائب فعالة على الأثرياء جدا، ومكافحة التفاوت، وجعل أنظمتنا الضريبية أكثر عدلا وتقدمية، فنحن بحاجة إلى إرادة سياسية – ونحن بحاجة إلى العمل ضمن إمكانياتنا".

 

 

فرصة حاسمة لمعالجة فجوة التمويل العالمي

هذا ومرت 10 سنوات على وضع برنامج عمل أديس أبابا لدعم تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. اليوم، تعيق فجوة تمويلية تبلغ 4 تريليونات دولار التقدم نحو تحقيق هذه الأهداف بحلول نهاية هذا العقد. واستجابة لذلك، ستستضيف مدينة إشبيلية الإسبانية المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، ابتداء من 30 حزيران/يونيو الجاري، بهدف جمع أصحاب المصلحة لدفع عجلة الحلول للتحديات التمويلية التي تهدد التنمية المستدامة.

ويوم الأربعاء، قدمت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، إحاطة للصحفيين في نيويورك بشأن المؤتمر، برفقة السفير هيكتور غوميز هيرنانديز من إسبانيا، والسفير تشولا ميلامبو من زامبيا.

وقالت السيدة أمينة محمد: "شهدنا أعباء ديون متزايدة وتراجعا في الاستثمار والمساعدات وتزايدا في الحواجز التجارية. النظام الحالي بالتأكيد لا يلبي احتياجات الأشخاص الذين صُمم لدعمهم".

 

دور أصحاب المصلحة

سيحضر المؤتمر أكثر من 70 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب قادة المؤسسات المالية الدولية، والمجتمع المدني، والمؤسسات الخيرية، والقطاع الخاص، بمن فيهم ممثلون عن قطاعات الطاقة، وأنظمة الغذاء، والصناعات الرقمية. وقالت السيدة أمينة محمد: "أعتقد أن الحضور الجماعي وحده يرسل إشارة جيدة للتعددية في وقت نواجه فيه قدرا كبيرا من الرفض."

 

التزام إشبيلية

في 17 حزيران/يونيو، اتفقت الدول الأعضاء على "التزام إشبيلية"، لاعتماده في المؤتمر. وشددت السيدة محمد على أن الالتزام يعالج أزمة الديون في البلدان النامية التي تعتبر عرضة بشكل خاص لنقص التمويل، حيث تنفق العديد منها على فوائد الديون أكثر مما تنفقه على الخدمات الأساسية، مما يحد من فرص التنمية المستدامة.

وأوضح السفير الزامبي تشولا ميلامبو أن ذلك سيتم من خلال زيادة الشفافية، وسجل عالمي للديون، وتضخيم أصوات الدول التي ترزح تحت وطأة الديون.

كما يهدف الالتزام إلى تحفيز الاستثمار عن طريق مضاعفة إقراض بنوك التنمية متعددة الأطراف ثلاث مرات، ومضاعفة المساعدة الإنمائية الرسمية للبلدان النامية، والاستفادة من استثمارات القطاع الخاص، وضمان أن يكون نظام التمويل الدولي أكثر شمولية وفعالية.

وقالت السيدة محمد: "هذه أجندة يمكن لقادة العالم أن يفعلوا شيئا حيالها. لديهم الأدوات – والنفوذ السياسي – لتحقيق ذلك."

 

اختبار للتعددية

بدوره، أكد السفير الإسباني هيكتور غوميز هيرنانديز أن المؤتمر يأتي في وقت حرج للتعددية. وقال: "هذا المؤتمر هو نداء للعمل، ولدينا فرصة استثنائية لإرسال رسالة قوية جدا للدفاع عن التزام المجتمع الدولي بالنظام التعددي."

وأضاف السفير ميلامبو لاحقا أن الإجماع على التزام إشبيلية "يرسل رسالة أمل حقيقية إلى العالم مفادها أننا نستطيع معالجة تحديات التمويل التي تعيق أهداف التنمية المستدامة وأن التعددية لا تزال فاعلة."

على الرغم من الإجماع، أعلنت الولايات المتحدة مؤخرا أنها لن ترسل وفدا إلى المؤتمر. وقالت أمينة محمد: "إنه أمر مؤسف، لكنه لا يمنعنا من مواصلة الانخراط مع تلك الدولة العضو".

واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن المناقشات الجارية بين الأمم المتحدة والمانحين بشأن سبل الاستفادة من الموارد بكفاءة أكبر، ستحقق تقدما ملموسا، خاصة في ضوء الاتفاق الأخير على الالتزام.

 

5 حقائق يتعين معرفتها قبل مؤتمر إشبيلية

عدم وجود تمويل كاف ومستمر هو أحد الأسباب الرئيسية للتخلف عن الركب على طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2023، لاسيما أن العالم يحتاج إلى 4 تريليونات دولار إضافية سنويا لمواجهة بعض أكبر التحديات العالمية، وهي القضاء على الفقر والجوع، ومكافحة تغير المناخ، والحد من عدم المساواة.

ومن أجل هذا الغرض، يجتمع قادة العالم والاقتصاديون وغيرهم من صناع القرار في نهاية هذا الشهر في مدينة إشبيلية الإسبانية لحضور حدث كبير، وهو المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، والذي يُوصف بأنه "فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة كل عقد" لإعادة النظر في كيفية تمويل العالم للتنمية المستدامة.

 

ما هو تمويل التنمية؟

يهدف تمويل التنمية إلى الإجابة عن سؤال بسيط وهو كيف يمول العالم نظاما أكثر عدلا وتوازنا للمعونة والتجارة والتنمية؟

وكانت الإجابة من قِبل المجتمع الدولي هي إنشاء نظام يحشد البنية المالية الدولية بأكملها بما في ذلك الضرائب، والدعم، والتجارة، والسياسات المالية والنقدية، نحو أجندة التنمية.

ويطمح هذا النظام إلى أن يكون شاملا قدر الإمكان، من خلال إشراك مجموعة واسعة من مصادر التمويل، مما يمكن البلدان من تحقيق اكتفاء ذاتي أكبر، ليتمكن مواطنوها من عيش حياة صحية، ومنتجة، ومزدهرة، وسلمية.

وفي حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، قالت شاري شبيغل، مديرة تمويل التنمية المستدامة في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة إن تمويل التنمية يتمحور في جوهره حول "تغيير آلية عمل النظام لتمكين البلدان النامية من الاستثمار الفعلي في مستقبلها".

ومن بين مصادر التمويل هذه بنوك التنمية متعددة الأطراف التي تُقدم الدعم المالي والفني للدول النامية. كما تسهم سياسات التجارة والضرائب الدولية والوطنية المنقحة في إنعاش الاقتصادات النامية. وتنشئ المساعدة الإنمائية الرسمية قناة تتدفق من خلالها المساعدات من الدول المتقدمة مباشرة إلى الدول النامية.

 

ما أهمية تمويل التنمية؟

من ارتفاع الديون وانخفاض الاستثمار إلى تقلص المساعدات وعدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يخيب النظام الحالي آمال الشعوب التي يُفترض أنه يخدمها.

الناس في كل مكان يدفعون الثمن:

الديون في ازدياد، والاستثمار يتراجع، ومساعدات المانحين تتقلص.

قد يظل 600 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع بحلول عام 2030 إذا لم نغير مسارنا، وسيستغرق الأمر عقودا طويلة أخرى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

يعيش اليوم 3.3 مليار شخص في دول تنفق على سداد ديونها أكثر مما تنفق على الصحة أو التعليم.

علاوة على ذلك، سيظل مليارات الأشخاص يعيشون في دول تعطي الأولوية لسداد الديون على التنمية.

هذا يعني أموالا أقل للمدارس والمستشفيات والمياه النظيفة والوظائف - وهي الأساسيات التي يحتاجها الناس للازدهار.

وبالنسبة للناس الذين يواجهون عواقب تقاعس العالم، يعد هذا الجدول الزمني غير مقبول.

 

ما هي التغييرات النظامية التي ينبغي إجراؤها؟

مع تزايد الحواجز التجارية وتناقص المساعدات الإنمائية الرسمية سنويا، فإن اتباع نهج العمل المعتاد لتمويل التنمية أمر غير مستدام. يُتيح المؤتمر القادم في إشبيلية فرصة لتغيير المسار، وتعبئة التمويل على نطاق واسع، وإصلاح قواعد النظام لوضع احتياجات الناس في صميم الاهتمام.

سيجمع المؤتمر الدول وممثلي المجتمع المدني وخبراء ماليين لمناقشة مناهج جديدة لتمويل التنمية. والأهم من ذلك، أن هذا المؤتمر سيمنح الدول النامية مقعدا على طاولة النقاش، بحيث تلبى احتياجاتها في عملية صنع القرار المالي الدولي.

العمل على نظام نقل سريع يربط دلهي وميروت في الهند.© ADB/Eric Sales العمل على نظام نقل سريع يربط دلهي وميروت في الهند.

 

ما دور الديون؟

في نظام التمويل الحالي، تواصل الدول النامية دفع مبالغ باهظة لخدمة ديونها، بينما تواجه في الوقت نفسه تكاليف اقتراض قد تصل إلى ضعفي أو أربعة أضعاف تكاليف نظيراتها في الدول المتقدمة.

تميل هذه التكاليف إلى الارتفاع، لا سيما خلال فترات الأزمات أو بعدها مباشرة، مما يخلق حلقة مفرغة لا تستطيع الدول النامية من خلالها تحمل تكاليف تطوير الهياكل التي تمكنها من سداد هذه التكاليف.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: "في مواجهة أعباء ديون باهظة وتكلفة رأس مال باهظة، تصبح فرص تمويل الدول النامية لأهداف التنمية المستدامة محدودة".

 

ما الذي يمكن توقعه من المؤتمر؟

قال الأمين العام إن العودة إلى مسار القضاء على الفقر والجوع وعدم المساواة تتطلب "أفكارا عظيمة" و"إصلاحات طموحة". وأضاف: "يتيح المؤتمر فرصة فريدة لإصلاح نظام مالي دولي عفا عليه الزمن، وغير فعال، وغير عادل".

توصلت الدول الأعضاء إلى اتفاق على مسودة تطلق حزمة طموحة من الإصلاحات والإجراءات التي يتعين على الدول اتخاذها لسد فجوة التمويل البالغة 4 تريليونات دولار. وانسحبت الولايات المتحدة من عملية المؤتمر يوم الثلاثاء خلال المفاوضات النهائية حول الوثيقة الختامية، معلنة عدم موافقتها على المسودة.

سيتحقق الإصلاح جزئيا من خلال التعبئة الفعالة لجميع أصحاب المصلحة - من القطاعين الخاص والعام، الرسمي وغير الرسمي، النامي والمتقدم - ومواءمة حوافزهم والتزاماتهم نحو مستقبل مستدام. ويشمل ذلك التأكيد على تعددية الأطراف كأساس للتنمية، وزيادة الضرائب التي توجه الأموال العامة نحو أهداف التنمية الدولية، وخفض تكلفة رأس المال للدول النامية، وإعادة هيكلة الديون القائمة، والبحث عن أساليب تمويل أكثر ابتكارا.

وقالت شاري شبيغل، مديرة تمويل التنمية المستدامة في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: "إشبيلية لحظة فارقة. إنها في الحقيقة بداية العملية، وليست نهايتها. لذا، السؤال الآن هو: كيف ننفذ الالتزامات؟"


03/07/2025