×


  کل الاخبار

  ممثل رئيس الجمهورية: التشريعات وحدها لا يمكن أن توازي حجم الفاجعة التي تعرض لها الإيزيديون



 

أكد ممثل فخامة رئيس الجمهورية، رئيس ديوان الرئاسة الدكتور كامل الدليمي أن ما مرّ به الإيزيديون هو جرح لكل العراقيين، وأن وحدتنا كمجتمع لا تكتمل إلا حين يشعر كل فرد بأن له حقوقاً متساوية وفرصاً عادلة، بعيداً عن التهميش والتصنيف والانقسام.

وأضاف الدليمي في كلمة ألقاها نيابة عن فخامة رئيس الجمهورية خلال الحفل السنوي الذي أقيم ببغداد، اليوم الأحد 3 آب 2025، بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لجريمة الإبادة الجماعية للإيزيديين والمكونات الأخرى، أن التشريعات وحدها لا يمكن أن توازي حجم الفاجعة التي تعرض لها هذا المكوّن الأصيل، مشيرًا إلى أن الإنصاف الحقيقي يبدأ عندما يعود كل نازح إلى أرضه آمناً، وعندما تشعر كل أم فقدت أبناءها أن صوتها مسموع، وعندما تصبح العدالة واقعاً لا شعاراً.

 

وفيما يأتي نص الكلمة:

"بسم الله الرحمن الرحيم

دولة رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني المحترم،

معالي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السيد فؤاد حسين المحترم،

السيدات والسادة الحضور،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يشرفني أن أنيب عن فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد بإلقاء كلمته بمناسبة الذكرى الحادية عشرة للإبادة الجماعية بحق الإيزيديين.

أيها العراقيون الأوفياء،

أبناء شعبنا الإيزيدي الكريم،

نقف اليوم في حضرة ذكرى أليمة مرّت على العراق والإنسانية جمعاء، الذكرى الحادية عشرة للإبادة الجماعية التي تعرض لها أهلنا من الديانة الإيزيدية في قضاء سنجار والمناطق المحيطة به، على يد تنظيم داعش الإرهابي. إنها جريمة موثقة بشهادات الضحايا وبشواهد الأرض، وستبقى حاضرة في ضمير الوطن، لا كحادثة عابرة في الذاكرة، بل كنداء دائم للعدل والإنصاف ولمنع التكرار.

نستذكر اليوم آلاف الضحايا من الشهداء الأبرياء والنساء المختطفات والأطفال الذين فقدوا ذويهم، ونستذكر العائلات التي اقتلعت من جذورها، والقرى التي أُحرقت، والأحلام التي دفنت تحت ركام الكراهية والتطرف. لقد كشفت هذه المأساة عن مدى خطورة الصمت، وضعف الحماية، وغياب العدالة في لحظة مفصلية من تاريخنا الحديث.

إن الدولة العراقية، وإدراكاً منها لحجم هذه الفاجعة، اتخذت خطوات قانونية وإنسانية مهمة، وفي مقدمتها إصدار قانون الناجيات الإيزيديات رقم 8 لسنة 2021، الذي اعترف رسمياً بالإبادة ومنح للضحايا بعض حقوقهم المستحقة، إلى جانب الخطط الحكومية

المتعلقة بإعادة إعمار سنجار، وإزالة آثار الدمار، وتوفير البيئة الآمنة للعودة الكريمة، فضلاً عن الجهود المستمرة للكشف عن المقابر الجماعية وتوثيق الجرائم وملاحقة مرتكبيها.

لكننا ندرك تماماً أن التشريعات وحدها لا تكفي، ولا يمكن أن توازي حجم الفاجعة التي تعرض لها هذا المكوّن الأصيل، بل إن الإنصاف الحقيقي يبدأ عندما يعود كل نازح إلى أرضه آمناً، وعندما تشعر كل أم فقدت أبناءها أن صوتها مسموع، وعندما تصبح العدالة واقعاً لا شعاراً.

في هذا اليوم، ندعو جميع مؤسسات الدولة إلى مضاعفة الجهود، وتنفيذ القوانين دون تأخير، ومعالجة العقبات السياسية والإدارية التي تعيق تنفيذ عقد اتفاق يضمن حقوق جميع المكونات وتحقيق الاستقرار. وندعو المجتمع الدولي إلى الوقوف مع العراق في جهوده لإعمار ما دمره الإرهاب، لا بالكلمات فقط بل بالدعم العملي المباشر، وفي مقدمة ذلك إعادة بناء المؤسسات التعليمية والصحية والخدمية في سنجار والمناطق المتضررة.

كما نؤكد أن ما مرّ به الإيزيديون هو جرح لكل العراقيين، وأن وحدتنا كمجتمع لا تكتمل إلا حين يشعر كل فرد بأن له حقوقاً متساوية وفرصاً عادلة، بعيداً عن التهميش والتصنيف والانقسام. يجب أن نُحوّل هذه الذكرى إلى منصة لبناء الوعي الوطني، واستذكار دروس الماضي بكل مرارتها لتحصين المستقبل. فقد علمتنا تجربة داعش أن ضعف الدولة يفتح الأبواب لكل ما هو ظلامي، وأن الخطاب الطائفي والقومي المتعصب هو أول الطريق نحو الكارثة.

رسالتنا اليوم أن الألم لا يكفي أن يُروى، بل يجب أن يُحوّل إلى أمل، وأن يتحول الحزن إلى دافع من أجل العدالة، وأن تتحول المأساة إلى التزام وطني جامع لبناء دولة عادلة تحترم كرامة الإنسان، وتصون نسيجها الاجتماعي، وتحمي أبناءها من كل ما يهدد حياتهم أو وجودهم أو معتقداتهم.

رحم الله شهداء الإبادة،

وصبّر قلوب ذويهم،

وحفظ العراق وشعبه من كل سوء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".


04/08/2025