*لطيف نيرويي
*الترجمة : نرمين عثمان محمد
في الذكرى الحادية عشرة للإبادة الجماعية للإيزيديين في سنجار، إذا نظرنا نظرة موضوعية إلى الوضع الحالي في المدينة وما تبقى من آثار تلك الإبادة، وإلى المرحلة التي تلت اجتياح داعش، وإذا قمنا بقراءة دقيقة للتفاصيل، فسنصل بسهولة إلى جواب عن السؤال: لماذا اخترنا عنوان "شنكال، جرحٌ دائمٌ منسيّ!" لهذا المقال؟
أولا: سنجار جرح دائم، لأن تاريخ هذه الفاجعة لا يبدأ في 3 آب 2014، بل إن للإيزيديين تاريخا طويلا من القتل والاضطهاد، مرّوا خلاله بـ(74) حملة إبادة ومجازر مختلفة، سال فيها دمهم، وكسرت سهام الظلم قلوب جبال سنجار.
وحتى اليوم، لا يزال جرح سنجار ينزف، رغم مرور 11 سنة على الكارثة، وأكثر من 8 سنوات على هزيمة داعش. لا زال الألم قائما، والجراح لم تندمل.
ثانيا: إنه جرح منسي!لأن استمرار هذا الجرح مؤلم بنفس قدر تجاهله ونسيانه من الأطراف المعنية.
• إنه منسي لأن مصير (2600) امرأة وطفل إيزيدي لا يزال مجهولآ حتى الآن.
• منسي لأن أكثر من نصف نازحي سنجار ما زالوا يعيشون في مخيمات دهوك وأربيل والسليمانية، ولم يعودوا إلى ديارهم، بينما عاد النازحون من باقي المدن العراقية إلى مدنهم وتم إغلاق مخيماتهم.
• لا تزال نحو (80) مقبرة جماعية للإيزيديين لم تُفتح بعد، وأهالي الضحايا ينتظرون بفارغ الصبر استعادة رفات أحبّتهم ودفنهم بكرامة في مقابر لائقة.
• منسي لأن مشاريع الإعمار في سنجار لم تبدأ كما ينبغي، في وقت أعيد فيه إعمار مركز مدينة الموصل والأقضية والنواحي الأخرى التابعة لمحافظة نينوى ومحافظات أخرى، وأُزيلت آثار الدمار الذي خلفه الإرهاب.
• لا يزال الإيزيديون في شنكال يعانون من الحرمان المادي والمعنوي.
• لا تزال موجات الهجرة مستمرة، حيث تشير المصادر إلى أن أكثر من (100) ألف مواطن إيزيدي غادروا العراق.
• منسي لأن جميع مدن العراق استعادت استقرارها بعد هزيمة داعش، عدا شنكال.
ولهذا من حق الإيزيديين أن يسألوا: لماذا بعد القضاء على داعش، عادت الأوضاع إلى طبيعتها في جميع مدن العراق، وعادت يد الإعمار إلى كل مكان، وعاد النازحون إلى ديارهم، إلا في شنكال؟!
إذا حصل الإيزيديون على جواب لهذا السؤال، فسيفهمون على أي أساس يقوم هذا الإهمال وهذا التمييز. إلى متى سيبقى جرح شنكال نازفا؟ ما هي أسباب استمرار هذا الجرح؟
رغم صعوبة الإجابة، يمكننا الإشارة إلى بعض الأسباب الأساسية:
1. قضية شنكال ليست سياسية من الدرجة الأولى، لكنها تُعامل الآن باعتبارها ملفا سياسيا بحتا، وأصبحت ساحة صراع بين عدد من الأحزاب الكردستانية والعراقية التي تتنافس على السيطرة على المنطقة لخدمة مصالحها الحزبية الضيقة، دون أن تسعى لحل قضية الإيزيديين أو تضميد جراحهم.
2 .استمرار الخلافات بين أربيل وبغداد، وعدم أخذ رأي الإيزيديين بعين الاعتبار بشأن مستقبل شنكال.
3.الانقسام الحاد داخل المجتمع الإيزيدي نفسه، ووجود أربعة أحزاب إيزيدية وعدة أحزاب كردستانية وعراقية وميليشيات الحشد الشعبي، دون وجود رؤية موحدة لمستقبل شنكال بين هذه ألأحزاب. هذا التشرذم ألحق ضررا كبيرا بوحدة الصف الإيزيدي.
4 .الموقع الجغرافي النائي لشنكال يُعد من أسباب ضعف اهتمام المنظمات الدولية بالمنطقة وعدم قدرتها على تقديم المساعدات اللازمة أو تنفيذ مشاريع الإعمار كما يجب.
5.إهمال إداري واضح من محافظة نينوى تجاه شنكال ، حيث لم تُعامل كغيرها من الأقضية، لا قبل داعش ولا بعده.
6.الأوضاع الأمنية غير المستقرة والتدخلات الإقليمية أيضا تؤثر بشكل كبير في استمرار الوضع المتأزم في شنكال.
7 .الصراعات الحزبية، وغياب مشروع وطني مشترك بين الأحزاب الإيزيدية والكردستانية لحل قضية شنكال، تمثل عائقا آخر، إذ بدون وجود خطة وطنية تحظى بإجماع الإيزيديين، فإن أي اتفاق بين أربيل وبغداد لن يفضي إلى حل جذري أو استقرار دائم للمنطقة.