اعلنت إيران يوم الثلاثاء 9/9/2025، التوصل إلى اتفاق جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يحدّد آليات استئناف التعاون والتفتيش، بما يضمن حقوق طهران المشروعة ويحافظ على سيادتها، حيث تم توقيع الاتفاق في العاصمة المصرية القاهرة.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن نص الاتفاق الجديد للتعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، التزم بقانون مجلس الشورى الإيراني، مؤكّدا أن التعاون مع الوكالة سيكون بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي.
وقال عراقجي في تصريحٍ للتلفزيون الإيراني، إن المجلس الأعلى للأمن القومي وافق على إطلاق المحادثات مع الوكالة الدولية وكذلك على الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه،مضيفا أن صيغة التعاون الجديدة أخذت بعين الاعتبار جميع هواجس إيران، واعترفت رسميا بحقوقها النووية، مشيرا إلى أن الاتفاق شمل كل مطالب طهران.
وفي مقابلة مع التلفزيون الإيراني كشف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يوم الأربعاء، ، عن أبرز ما جرى التوصل إليه في الاتفاق المبرم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة، قائلا إن المفاوضات بين إيران والوكالة بشأن إطار التعاون الجديد كانت قد بدأت منذ فترة بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ووصلت إلى مرحلة استدعت إجراء مباحثات رفيعة المستوى لوضع النص النهائي للاتفاق.
وأوضح أن الاجتماع عُقد في القاهرة بناء على مقترح وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، مضيفا: "أجرينا جولة مفاوضات تجاوزت ثلاث ساعات مع السيد غروسي، توصّلنا خلالها إلى اتفاق بشأن نص الاتفاق".
وأشار إلى أن البعد الجديد في العلاقات الإيرانية – المصرية، وهو ما بدأ بجهود وزير الخارجية المصري، الذي ساهم في تسريع التوصل إلى الاتفاق مع الوكالة وإنجاحه، موجها الشكر للحكومة المصرية.
وأكد عراقجي أن الاتفاق الجديد مع الوكالة جاء في ظل المستجدات التي أعقبت الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية خلال يونيو/حزيران الماضي، موضحا: "أكدنا في محادثاتنا مع الوكالة أنه في الظروف الجديدة لا يمكن أن يستمر التعاون كما كان في السابق، ولا بد من صياغة إطار جديد للعمل".
وأضاف أن "الوكالة قبلت بهذه الشروط، ما فتح الباب أمام المفاوضات التي أفضت إلى الاتفاق الحالي"، لافتا إلى أن أهم ما يميزه هو الاعتراف بـ"المخاوف الأمنية الإيرانية، باعتبارها مشروعة، ووجوب أخذها في الحسبان".
وفي ما يتعلق بالتفاصيل، أوضح وزير الخارجية الإيراني أنه "لن يُمنح أي وصول لمفتشي الوكالة في الوقت الراهن إلى المنشآت النووية، باستثناء ما يتعلق بمحطة بوشهر النووية لأغراض استبدال الوقود، وذلك استنادا إلى قرار سابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، وهو العمل الوحيد الجاري حاليا. وشدد على أن الاتفاق في جوهره لا يجيز أي وصول إلى المنشآت النووية، وأن طبيعة أي وصول مستقبلي ستخضع لمفاوضات لاحقة في توقيتها المناسب، بعد أن تقدم إيران تقاريرها المقررة.
وبيّن أن مسألة صيغة وصول الوكالة ونوعيته لم تُبحث في هذه المرحلة، وأُحيلت على مفاوضات منفصلة ستجرى مستقبلا. كذلك ربط استمرار العمل بالاتفاق بعدم اتخاذ أي إجراءات عدائية ضد الجمهورية الإسلامية، بما في ذلك تفعيل آلية "سناب باك" المعروفة بآلية الزناد. واختتم عراقجي بالتأكيد أن الاتفاق، الذي جاء بحضور مصر ودعمها، اكتسب بذلك وزنا إضافيا، معربا عن أمله في أن يمهّد الطريق نحو حلّ دبلوماسي، شرط أن تظهر الأطراف الأخرى جدية في تصريحاتها بشأن رغبتها في تسوية سياسية.
رعاية مصرية للاجتماع
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، في قصر الاتحادية، وزير خارجية إيران عباس عراقجي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، بحضور وزير الخارجية بدر عبد العاطي، حيث جرى الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين طهران والوكالة بوساطة مصرية، لاستئناف التعاون بشأن الملف النووي الإيراني.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، إن لقاء الرئيس مع وزير الخارجية الإيراني تناول تطورات العلاقات الثنائية، إذ نقل عراقجي تحيات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وتطلعه إلى تعزيز التعاون مع القاهرة، وهو ما رحّب به السيسي، مؤكداً أهمية استكشاف آفاق تعاون مشترك يخدم المصالح المتبادلة ويعزز الاستقرار الإقليمي.
وأضاف الشناوي أن الرئيس السيسي شدد خلال اللقاء على أهمية التوصل إلى اتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما يساهم في خفض التصعيد في المنطقة وتهيئة بيئة للحوار بين الأطراف المعنية.
من جانبه، أعرب عراقجي عن تقدير بلاده للجهود التي بذلها الرئيس المصري للوصول إلى الاتفاق الذي يمهد لاستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.
تقدير مصرى لدور الوكالة
وفي لقائه مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعرب الرئيس السيسي عن تقدير مصر لدور الوكالة في دعم منظومة عدم الانتشار النووي، مؤكداً حق الدول الأطراف في معاهدة عدم الانتشار في الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية. وأشار غروسي إلى أن نجاح المفاوضات مع إيران ما كان ليتحقق لولا الدور المصري ومتابعة الرئيس السيسي لمسارها، واصفًا الاتفاق بـ"التاريخي".
وعقب اللقاءين المنفصلين، عقد الرئيس المصري اجتماعاً ثلاثياً مع الوزير الإيراني ومدير الوكالة، رحب خلاله بالزيارة المشتركة، مؤكداً أن اتفاق استئناف التعاون الذي وُقّع في القاهرة يشكل خطوة إيجابية نحو خفض التوتر وإفساح المجال أمام الدبلوماسية، تمهيداً للعودة إلى طاولة المفاوضات. وأكد السيسي أن مصر ستواصل اتصالاتها مع جميع الأطراف المعنية لضمان تنفيذ الاتفاق، مشدداً في الوقت ذاته على التزام القاهرة بدعم جهود نزع السلاح النووي وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
من جانبهما، أعرب عراقجي وغروسي عن تقديرهما البالغ للرئيس المصري ورعايته لعملية التفاوض، مؤكدَين أن وساطة القاهرة لعبت دوراً محورياً في تجنب مزيد من التصعيد وإعادة إطلاق مسار الحوار بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.