×

  شؤون دولية

  الرئيس الصيني يقول لبوتين كلاما دق أجراس الإنذار بالغرب



 

*المرصد/فريق الرصد

قرأ خبراء بلغة الشفاه كلاما من نوع دق أجراس الإنذار في الغرب، قاله الرئيس الصيني "شي جين بينغ" لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهو يغادر موسكو مساء أمس الثلاثاء، بعد زيارة قام بها إلى روسيا، استمرت يومين، وأجرى الاثنان خلالها محادثات معظمها يتعلق بالحرب المندلعة في أوكرانيا والتعاون بين البلدين.

ويظهر الرئيسان في الفيديو المعروض أدناه، وهما يخرجان من عشاء رسمي أقامه بوتين في الكرملين، ثم يقفان عند المدخل الرئيسي لمقر الحكومة الروسية، حيث التفت الرئيس الصيني نحو بوتين وتحدث إليه عبر مترجم، فكك خبراء بلغة الشفاه ما قاله للرئيس الروسي، ونشرته وسائل إعلام أجنبية عدة، بينها موقع صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

 

هناك تغيير لم يحدث منذ 100

ومما قاله الرئيس الصيني لبوتين: "إن تغييرا لم يحدث منذ 100 عام يجري حاليا، ونقود معا هذا التغيير" فشد بوتين على يده وقال: "أنا أوافق" وعندها ودعه شي جين بينغ بعبارة: "اعتني بنفسك يا صديقي العزيز" فهز بوتين رأسه وتمنى له سفرا سعيدا.

وكان الزعيمان وقعا سلسلة من المذكرات والاتفاقيات الهادفة إلى تعزيز التعاون الثنائي في عدد من القضايا "باعتبارهما أكبر جارتين، وشريكتي تنسيق استراتيجيتين شاملتين لبعضهما البعض" بحسب ما نقلت صحيفة "الشعب" فيما ورد عن الطرف الروسي استعداد موسكو "لتعزيز التعاون مع الصين في مجالات الاستثمار والتجارة والطاقة والغاز الطبيعي والاستخدام السلمي للطاقة النووية والطيران والفضاء والابتكار العلمي والتكنولوجي والنقل عبر الحدود وكذا اللوجستيات" وفقا لما قال رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين.

وأهم ما بحثه الطرفان، هي مقترحات صينية بشأن السلام "يمكن استخدامها كأساس لتسوية الصراع في أوكرانيا عندما تكون كييف وحلفاؤها الغربيون مستعدين لذلك" على حد ما أفادت به وكالة الإعلام الروسية.

 

بيان مشترك بشأن تعميق شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد

وفي  21 مارس 2023  وقع الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأصدرا بشكل مشترك هنا اليوم (الثلاثاء) "البيان المشترك لجمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي بشأن تعميق شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد" في الكرملين في موسكو.

وأشار الجانبان في البيان إلى أن العلاقات بين الصين وروسيا ليست من نوع التحالف العسكري-السياسي خلال الحرب الباردة، ولكنها تتجاوز مثل هذا النموذج للعلاقات بين الدول حيث تتمتع بطبيعة عدم التحالف وعدم المواجهة وعدم استهداف أي طرف ثالث.

وقالا إن الدول المختلفة لديها تاريخ وثقافات وظروف وطنية مختلفة، ولها الحق في اختيار مسار التنمية الخاص بها. لا يوجد شيء اسمه "ديمقراطية" متفوقة. يعرب الجانب الروسي عن تقديره الكبير لمبادرة الحضارة العالمية التي اقترحها الجانب الصيني.

يؤكد الجانب الروسي في البيان تمسكه بمبدأ صين واحدة، ويعترف بتايوان كجزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ويعارض أي شكل من أشكال ما يسمى "استقلال تايوان"، ويدعم بشدة الإجراءات التي تتخذها الصين لحماية سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها.

يتفق الجانبان على تعزيز التعاون في إنفاذ القانون، مثل منع "الثورة الملونة"، ومكافحة "القوى الثلاث"، من بينها "حركة تركستان الشرقية الإسلامية"، والجريمة المنظمة متعدية القوميات والجرائم الاقتصادية وجرائم المخدرات.

ووفقًا للبيان، سيبني الطرفان شراكة أوثق للتعاون في مجال الطاقة، وسيدعمان الشركات من الجانبين في تعزيز مشروعات التعاون في مجال الطاقة مثل النفط والغاز والفحم والكهرباء والطاقة النووية، وتعزيز تنفيذ المبادرات التي من شأنها أن تساعد في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بما في ذلك استخدام الطاقة منخفضة الانبعاثات والطاقة المتجددة.

كما سيعملان على حماية أمن الطاقة الدولي بشكل مشترك، بما في ذلك أمن البنية التحتية الرئيسية العابرة للحدود، وسيحافظان على استقرار سلاسل الصناعة والإمداد لمنتجات الطاقة.

وأشادت روسيا بمبادرة التنمية العالمية وستواصل المشاركة في عمل مجموعة أصدقاء المبادرة.

وذكر البيان أن البلدين يدعوان إلى تحقيق موضوعي وحيادي ومهني في انفجار خط أنابيب "نورد ستريم"، مضيفا أنهما يعارضان بشكل مشترك محاولة تسييس تتبع أصول الفيروسات.

تعرب الصين وروسيا عن شواغل جدية بشأن عواقب ومخاطر الشراكة الأمنية الثلاثية "أوكوس" وبرامج التعاون المعنية في الغواصات التي تعمل بالدفع النووي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، على الاستقرار الاستراتيجي الإقليمي.

يحث الجانبان أعضاء "أوكوس" بقوة على الوفاء بصرامة بالتزاماتهم بشأن عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها، وحماية السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.

كما أعربا عن شواغلهما الجادة إزاء خطة اليابان لتصريف المياه الملوثة نوويا من حادث محطة فوكوشيما للطاقة النووية في البحر هذا العام، وشددا على أن اليابان يجب أن تجري مشاورات شفافة وكاملة مع البلدان المجاورة وأصحاب المصلحة الآخرين والوكالات الدولية ذات الصلة.

وحث الجانبان اليابان على التعامل الصحيح مع المياه الملوثة نوويا بطريقة علمية وشفافة وآمنة، وقبول الإشراف طويل الأجل للوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول ذات الصلة، من أجل حماية البيئة البحرية وحقوق شعوب جميع البلدان في الصحة بشكل فعال.

كما أعرب الجانبان في البيان عن شواغلهما الجادة إزاء الأنشطة العسكرية البيولوجية للولايات المتحدة، داخل وخارج البلاد، حيث تهدد بشكل خطير الدول الأخرى وتقوض أمن المناطق المعنية. وطالبا الولايات المتحدة بتوضيح ذلك والامتناع عن تنفيذ جميع الأنشطة البيولوجية التي تنتهك معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية.

يحث الجانبان الناتو على الامتثال لالتزاماته كمنظمة إقليمية ودفاعية، وعلى احترام سيادة وأمن ومصالح الدول الأخرى وتنوعها الحضاري والتاريخي والثقافي والتعامل مع تنميتها السلمية بطريقة موضوعية وعادلة.

كما أعربا عن شواغلهما الجادة إزاء استمرار تعزيز الناتو للعلاقات الأمنية العسكرية مع دول آسيا-الباسيفيك وتقويض السلام والاستقرار الإقليميين. يعارض الجانبان تشكيل هيكل جماعي مغلق وحصري في المنطقة وممارسة سياسة التكتلات وإثارة المواجهة بين المعسكرات.

وقال البيان إن الصين وروسيا تعربان عن شواغلهما إزاء الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وتحثان الجانب الأمريكي على الاستجابة للشواغل المشروعة والمعقولة لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بإجراءات عملية وتهيئة الظروف لاستئناف الحوارات.

 

التعاون الصيني الروسي يمنح اليقين للعالم

الى ذلك كتب الكاتب والإعلامي الصيني دينغ هنغ مقالة لموقع الميادين باللغة الإنجليزية تناول فيها القمة الأخيرة للرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين في موسكو، وخلفيات التعاون الروسي الصيني المتنامي.

وقال الكاتب إن المجتمع الدولي قد راقب زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لروسيا عن كثب. وفي حين أن الكثير من الاهتمام، وخاصة بالنسبة للغرب، ينصب على موقف الصين من الصراع الروسي الأوكراني، فإن مهمة الرئيس شي الأساسية هي زيادة تعزيز علاقات الصين مع روسيا. بالنسبة للصين، من المرجح أن يظل هذا الاتجاه من دون تغيير في المستقبل المنظور بغض النظر عن كيفية حل الأزمة الأوكرانية.

وأوضح الكاتب أن العلاقة الوثيقة بين الصين وروسيا، على عكس التصوّر الغربي، لا تعني أن الصين تدعم روسيا في حرب أوكرانيا أو أن بكين وموسكو تشكلان تحالفاً مناهضاً للغرب يهدف إلى تحدي النظام الدولي القائم. بدلا من ذلك، فإن هذه العلاقة تمنح اليقين للمجتمع الدولي.

وأشار إلى أن التجارة بين الصين وروسيا قد سجّلت مستوىً قياسياً مرتفعاً بلغ 190 مليار دولار في عام 2022، بزيادة تقترب من 30٪ على أساس سنوي. وقد ارتفعت تجارة الصين مع بريمورسكي كراي، وهي جمهورية في التحاد الروسي وأكبر اقتصاد إقليمي في الشرق الأقصى الروسي، بنسبة 43٪. على الصعيد العالمي، لم تشهد تجارة السلع سوى نمو بنسبة أقل من 5٪ العام الماضي، وفقاً لتقديرات منظمة التجارة العالمية. من هنا، من الصعب الإنكار أن التجارة بين الصين وروسيا هي التي دفعت التجارة العالمية إلى الأمام بدلاً من سحبها إلى الخلف.

وأضاف الكاتب الصيني: يميل الغرب إلى النظر إلى التجارة المتبادلة المتزايدة على أنها إشارة إلى أن الصين تمنح، عن عمد، شريان حياة اقتصادياً لمساعدة روسيا في التغلب على العقوبات الغربية بشأن أزمة أوكرانيا. ومع ذلك، فإن هذا السيناريو في الواقع هو نتيجة طبيعية لسنوات من بناء الزخم في التعاون الاقتصادي الثنائي الذي بدأ قبل وقت طويل من اندلاع حرب أوكرانيا.

فعلى سبيل المثال، أولت الصين دائماً أهمية لمنتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي والمنتدى الاقتصادي الشرقي، وهما حدثان تجاريان رئيسيان يقامان في روسيا سنوياً. وقد حضر شي جين بينغ شخصياً المنتدى الأول في عام 2019 وحضر المنتدى الثاني في عام 2018. ولا شك في أن مثل هذه الفعاليات قد ساعدت في إقامة علاقات تجارية بين الدولتين. تُظهر البيانات التي جمعتها السلطات الروسية أن المستثمرين الصينيين يديرون حالياً أكثر من 1000 منشأة تصنيع في روسيا، مما خلق حوالى 24000 فرصة عمل للعمال الروس. وفي الوقت نفسه، تم تسهيل التجارة البينية من خلال ربط وثيق للبنية التحتية. على سبيل المثال، افتُتح العام الماضي أول جسر للطرق السريعة يربط بين الصين وروسيا، ويمكن أن يستوعب 630 شاحنة شحن و164 حافلة و68 مركبة أخرى يومياً. بدأ بناء هذا المشروع في عام 2016.

ورأى الكاتب أن التواصل بين الصين وروسيا لا يفيد البلدين فقط. ففي الحقيقة، تلعب روسيا دوراً رئيسياً في خط سكة حديد للشحن بين الصين وأوروبا، حيث تمر غالبية خطوط سكك الحديد الحالية عبر روسيا. يستغرق قطار الشحن الذي يغادر من مدينة ووهان بوسط الصين 16 يوماً ليعبر روسيا ويصل إلى مدينة دويسبورغ الألمانية. بالمقارنة، يمكن أن يستغرق الشحن البحري من آسيا إلى شمال أوروبا ضعف هذا الوقت. خلال وباء كوفيد-19، كانت خطوط سكك الحديد هذه بمثابة شريان تجاري بين الصين وأوروبا في وقت تسبب فيه الفيروس في اضطرابات خطيرة في الشحنين الجوي والبحري.

ارتفع إجمالي التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي بنسبة 2٪ فقط في عام 2020، لكن عدد حاويات سكك الحديد التي تعمل بين الصين وأوروبا عبر روسيا شهد زيادة بنسبة 34٪ في العام نفسه. ولربما كانت أوروبا لتشهد اضطرابات تجارية أكثر حدة أثناء الوباء من دون جهود الصين وروسيا المشتركة لضمان التشغيل المستقر لطرق سكك الحديد هذه.

وتابع الكاتب: بصرف النظر عن التجارة، فإن العلاقات الصينية الروسية مهمة للسلام والأمن الإقليميين كذلك. يمكن القول إن البلدين هما العضوان الأكثر نفوذاً في منظمة شنغهاي للتعاون، وقد لعب التنسيق بين بكين وموسكو دوراً أساسياً في ضمان جودة التعاون في إطار منظمة شنغهاي للتعاون. بين عامي 2013 و2017 فقط، تم تجنّب أكثر من 500 هجوم إرهابي محتمل وتم اعتقال أكثر من 2000 إرهابي بفضل التعاون الأمني على مستوى منظمة شنغهاي للتعاون. في الفترة الأخيرة، ساعد هذا التعاون في الحفاظ على بيئة آمنة نسبياً في آسيا الوسطى في أعقاب الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان في عام 2021.

وأوضح الكاتب أن التعاون الأمني بين الصين وروسيا في إطار منظمة شنغهاي للتعاون أو ضمن الآليات الثنائية لا يمثل تحالفاً عسكرياً، وهناك القليل من الدلائل التي تشير إلى أن علاقاتهما الأمنية موجهة إلى أي دولة ثالثة. بالمقارنة، على الرغم من أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) له طبيعة تركز على الأمن، فإن وجود التحالف العسكري لم يؤدِ بالضرورة إلى مزيد من الأمن الإقليمي، إذا فكرنا في السبب الجذري للحرب المستمرة في أوكرانيا.

على مدى العقد الماضي، ربما كان اليقين هو السمة الأبرز في العلاقات الصينية الروسية. التقى الرئيس شي جين بينغ والرئيس فلاديمير بوتين ببعضهما البعض شخصياً أو تقريباً لعشرات المرات، وتضاعفت التجارة الثنائية أكثر من الضعف.

وأضاف: في تناقض صارخ، شهد العقد الماضي انتقال الولايات المتحدة من "المشاركة" إلى "الاحتواء" في سياستها تجاه الصين. بعد خطوة الولايات المتحدة هذه، تحولت بريطانيا من الترويج لـ"العصر الذهبي" مع الصين إلى وصفها بأنها "تحدي العصر". إن مثل هذا التقلّب، على الأقل من وجهة نظر الصين، هو مصدر العديد من الشكوك التي لن يستفيد منها أحد على المدى الطويل. أحد الأمثلة هو الحرب التجارية والتكنولوجية التي تشنها واشنطن ضد الصين، والتي تسبب اضطرابات هائلة في سلسلة التوريد العالمية، وهي ستؤدي بالتأكيد إلى وضع خاسر-خاسر.

وخلص الكاتب الصيني إلى القول إنه صحيح أن بكين وموسكو تتعاونان أحياناً على المسرح الدولي. لكنهما، بدلاً من محاولة تحدي النظام العالمي، فإنها تأملان أن تقولا بشكل مشترك: لا لعدم اليقين الذي ولد من عقلية تجد صعوبة في قبول انحدار الغرب وظهور التعددية القطبية.

 


27/03/2023