التوازنات السياسية في كركوك بين الشراكة والتحديات
تُعد كركوك واحدة من أكثر المحافظات العراقية تعقيدا من الناحية السياسية والعرقية، حيث تتداخل فيها مصالح القوى الكردية والعربية والتركمانية، مما يجعل أي تغيير في إدارتها موضع جدل واسع. ومن بين القضايا الأكثر حساسية في المحافظة هو منصب المحافظ، حيث يعترض بعض الفصائل العربية والجبهة التركمانية على تولي الكورد لهذا المنصب، رغم وجود إدارة مشتركة تسعى إلى تحقيق التوازن بين مختلف المكونات.
تم تشكيل الإدارة الحالية لكركوك وفق آلية تهدف إلى تحقيق قدر من التوازن بين المكونات الرئيسية، حيث تضم محافظًا كرديًا يمثل الحزب الفائز في الانتخابات المحلية رئيس مجلس عربيًا لضمان مشاركة المكون العربي في صنع القرار ونائب محافظ تركمانيًا ليعكس الحضور التركماني في الإدارة.
ورغم أن هذه الصيغة تبدو وكأنها تحقق نوعًا من التوافق السياسي، إلا أن معارضة بعض الفصائل العربية والجبهة التركمانية تُظهر أن الخلافات لا تزال قائمة.
تعتمد الأطراف المعارضة لتولي الكورد منصب المحافظ على إصدار البيانات السياسية كأداة رئيسية للتعبير عن رفضها. وتشمل هذه البيانات:
- انتقادات لقرارات الإدارة المحلية.
-التشكيك في شرعية التوافقات التي أدت إلى تولي الكورد المنصب
-التحذير من أن تنفيذ المشاريع التنموية قد يعزز موقف الإدارة الحالية على حساب الأطراف المعارضة.
ويبدو أن هذه الفصائل تدرك أن نجاح الإدارة في تقديم الخدمات وتحقيق التنمية قد يؤدي إلى إضعاف موقفها السياسي، لذلك تعمل على محاولة التشويش على أي إنجازات يتم تحقيقها من خلال التصعيد الإعلامي والسياسيعلى المستوى الشعبي، يبدو أن محافظ كركوك الحالي يحظى بمقبولية واسعة ليس فقط لدى الكورد، وإنما أيضًا بين العرب والتركمان.
ويعود ذلك إلى أسلوبه في التعامل مع جميع المكونات على قدم المساواة، إضافة إلى تركيزه على تقديم الخدمات العامة وتحقيق التنمية دون تمييز. هذا النهج ساعد في تعزيز الاستقرار النسبي في المحافظة وخلق بيئة إيجابية تدعم التعايش بين مختلف المكونات، وهو ما قد يمثل عامل قوة للإدارة الحالية في مواجهة الاعتراضات السياسية.
لا يمكن النظر إلى الوضع في كركوك بمعزل عن المشهد السياسي العراقي العام، حيث تعكس التطورات في المحافظة تأثير الصراعات بين بغداد وأربيل، وبين القوى السياسية داخل الحكومة العراقية.
وتعتبر المحافظة نقطة تماس بين النفوذ الكردي والعربي والتركماني، مما يجعل أي تغيير في إدارتها يؤثر بشكل مباشر على موازين القوى داخل العراق.
وبالنظر إلى هذه التعقيدات، فإن تحقيق الاستقرار في كركوك يعتمد على مدى قدرة الإدارة الحالية على تحقيق تفاهمات جديدة مع الأطراف المعارضة، وإثبات أنها قادرة على العمل لمصلحة جميع المكونات، وليس لطرف دون الآخر.
مع استمرار المشهد السياسي الحالي، يمكن توقع عدد من السيناريوهات المحتملة:
1- استمرار المعارضة دون تغيير جذري، حيث تواصل الفصائل إصدار البيانات والتعبير عن رفضها، لكن دون أن يكون لها تأثير مباشر على عمل الإدارة.
2- تصعيد سياسي وإعلامي في حال شعرت الأطراف المعارضة بأنها تفقد نفوذها داخل المحافظة.
3- انفتاح على التفاوض إذا تمكنت الإدارة المشتركة من تقديم مشاريع تنموية تُحقق مكاسب لجميع المكونات، مما قد يؤدي إلى تخفيف حدة المعارضة. على المستوى الشعبي، يبدو أن محافظ كركوك الحالي يحظى بمقبولية واسعة ليس فقط لدى الكورد، وإنما أيضًا بين العرب والتركمان. ويعود ذلك إلى أسلوبه في التعامل مع جميع المكونات على قدم المساواة، إضافة إلى تركيزه على تقديم الخدمات العامة وتحقيق التنمية دون تمييز. هذا النهج ساعد في تعزيز الاستقرار النسبي في المحافظة وخلق بيئة إيجابية تدعم التعايش بين مختلف المكونات، وهو ما قد يمثل عامل قوة للإدارة الحالية في مواجهة الاعتراضات السياسية
تظل كركوك نموذجًا مصغرًا للتعقيدات السياسية في العراق، حيث تتشابك المصالح العرقية والسياسية في بيئة حساسة تتطلب توازنًا دقيقًا.
وبينما تسعى الإدارة المشتركة إلى تحقيق الاستقرار من خلال تقاسم السلطة، تواجه تحديات كبيرة تتعلق بمعارضة بعض الفصائل، والتي تحاول عرقلة جهودها عبر البيانات السياسية والتصعيد الإعلامي.
ومع ذلك، فإن المقبولية الشعبية التي يحظى بها المحافظ الحالي بين مختلف المكونات ساهمت بقوة في تشكيل عامل استقرار يساعد في تهدئة التوترات السياسية.
وفي النهاية، فإن نجاح الإدارة في تحقيق إنجازات ملموسة قد يكون العامل الحاسم في تهدئة التوترات أو تصعيدها، مما يجعل مستقبل كركوك مرهونًا بمدى قدرة القادة المحليين على تحقيق شراكة سياسية حقيقية ومستدامة ويبدو ان الادارة الحالية مصرة على ان تكون المحافظة في دائرة الامن والتعايش والتنمية الحقيقية التي حرمت منهامنذ عقود .
|