×

  رؤا

الاتحاد الوطني.. ملاحم كبرى و تأريخٌ غير مدون

23/06/2025

لطيف نيرويي

قيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني

أكثرية الكتب التي كتبت عن تأريخ كردستان  و الأحزاب السياسية كتبت من قبل المؤرخين وليس علماء التأريخ و خصوصا من قبل  الأشخاص الذين شاركوا في الثورات  و حاولوا كتابة مذكراتهم الشخصية ..

إن تأريخ الإتحاد الوطني تأريخ مليء بالملاحم  و الإبداع ، أحتلت أكبر مساحة لها ليس فقط على مستوى الحركة التحررية القومية لشعب كردستان  ولكن على مستوى العراق و إقليم كردستان أيضا تعد إحدى تلك الأحزاب التي تعتبر غنية بتأريخ مشرق ومنتج، ولكن في حقيقة الأمر كل ما أنجز و تأرشف في ميدان البحث و المتابعة و تحليل الأحداث التأريخية لشعب كردستان أغلبها كتب من قبل علماء التأريخ لأن هناك إختلافا كبيرا بين المؤرخين وعلماء التأريخ.

فالمؤرخين  هم الأشخاص الذين يكتبون تأريخ حدث أو تأريخ مرحلة بدون الإعتماد على أية اسس أو نظريات علمية أو وثائق  وفي أغلب الحيان تطغى العاطفة على هؤلاء الأشخاص عند كتابة مذكراتهم أو مذكرات أحزابهم و يقعون تحت تأثير المصلحة الشخصية أو السياسية أو الحزبية أو الإقتصادية أو التجارية أو الدينية أو المذهبية او القومية أو الإقليمية ....وإلخ ، وفي بعض الأحيان تسيطر العاطفة لدرجة إن جزءا أو أو كل التأريخ المكتوب يطغى عليه طابع الدعاية والإعلان .

في حين  إن المستشرقين هم  الأشخاص الذين يعتمدون على الوثائق المتنوعة بالإضافة إلى النظرية العلمية و يحاولون بشكل محايد و صادق و بعيد عن أي نوع من  الضغوط أو الإنحياز أن يقدموا بحثا علميا عن حدث تأريخي وبهذه الطريقة يصلون إلى نتيجة علمية .

بحسب هذه المقارنة فإن أكثر الكتب والمؤلفات المكتوبة عن تأريخ شعب كردستان وأحزابها السياسية كتبت من قبل المؤرخين وليس علماء التأريخ وخصوصا الأشخاص الذين شاركوا في الثورات وحاولوا أن يدونوا مذكراتهم وأن يخلطوا مشاعرهم وعواطفهم وأفكارهم مع الأحداث .

هذه الحقيقة تنطبق على الإتحاد الوطني الكردستاني  أيضا لأنه لحد الآن لم يدو ن تأريخ الإتحاد الوطني الكردستاني ولا تأريخ الثورة المعاصرة من قبل فريق من  المؤرخين المتخصصين وبطريقة علمية ولم تقدم إلى المكتبات  والمؤسسات العلمية  والتربوية والتأريخية في إقليم كردستان وهذا يعد نقصا و تهاونا من الإتحاد الوطني  نفسه .

إن أغلبية الشخصيات و القادة الذين دونوا مذكراتهم على هيئة كـتب ومنشورات و كتيبات مدونة هم أعضاءٌ في الإتحاد الوطني الكردستاني والسبب في ذلك يعود إلى حرية التعبير التي أتاحتها الإتحاد الوطني الكردستاني في داخل الحزب وخارجه ،في حين إنه في الأحزاب الأخرى كتابة المذكرات وتأريخ الأحزاب هذه أقتصرت على فئة محددة من ذوي المناصب العليا كالقادة وسكرتارية الأحزب أو المرشدين الروحيين للحزب والذين حاولوا نشر الأحداث التأريخية والأدلة التي أستساغوها حسب مزاجهم الشخصي و تطابقت مع رغباتهم وأهوائهم الشخصية ، وقد ولد طريقة عمل الإتحاد الوطني بإختلاف عن الأحزاب  الأخرى في كتابة التأريخ فضاء واسعا للإنتقاد وتقديم الآراء المختلفة حول الكتب التي تكتب كمذكرات أو كتب تأريخية وتنشركمواد إعلامية.

هذا التهاون في كتابة تأريخ ثورات شعب كردستان و خصوصا الثورة المعاصرة وعلى الرغم من مرور خمسين عاما على تأسيس الإتحاد الوطني الكردستاني  ومرور تسعة و أربعين عاما على إندلاع الثورة المستمرة والطويلة الأمد والمثمرة التي حررت جنوب كردستان من قبضة النظام الديكتاتوري الفتاك و أوصلت رسالة التحرير  من جبال قنديل  إلى القصر الرئاسي في بغدادلم يتم  ذكر  إسم قائد و مهندس الثورة المعاصرة (وأول رئيس كردي للجمهورية العراقية أختاره العراقيون وكان له دورا رئيسيا  في إسقاط النظام  الديكتاتوري السابق  وبناء عراق ديمقراطي برلماني فيدرالي حديث ) في المنهج الدراسي وخصوصا في صفحات كتاب تأريخ كردستان .

واليوم  وبعد مرور أربعة وثلاثين عاما على إنتفاضة الشعب  الكردي في جنوب كردستان ومعيشتهم أحرارا في ظل منجزات هذه الثورة  والنضال من أجلها فإن عملية التربية والتعليم باللغة الكردية مستمرة في جميع أجزاء إقليم كردستان ويوضع منهج التربية و التعليم من قبل وزارة محلية ولكن مع هذا كله لازال تأريخ العشرات من الملاحم و الأساطير والواقعات النادرة لهذه الثورة الحديثة لم يقرر كجزء من مناهج التعليم  ولم يعرف طلابنا بتأريخ هذه الثورة ولعل السبب في هذا التقصير يعود بالمرتبة الأولى إلى عدم تدوين تأريخ ثورات شعب كردستان من قبل لجنة مختصة و محايدة، و السبب الثاني يعود إلى تقصير الإتحاد الوطني الكردستاني.

وبالإضافة إلى كتابة المذكرات فقد قام بعضٌ من علماء التأريخ وبالإعتماد على  الأدلة والوثائق التأريخية بإجراء الأبحاث العلمية حول بعض الأحداث التأريخية الخاصة بتأريخ الإتحاد الوطني الكردستاني وقامت بعض المؤسسات مثل مؤسسة الرئيس جلال طالباني  وهيئتي التوعية والإعلام التابعتان لمكتب إعلام وتوعية الإتحاد الوطني الكردستاني ومركز الدراسات الستراتيجية والعديد من المؤسسات الأخرى وكذلك  تم إعداد موسوعة الإتحاد الوطني الكردستاني .

 ويعد كل ما سبق ذكره  خطواتا جيدة ولكننا لازلنا في حاجة إلى لجنة علمية متخصصة لجمع جميع الأدلة التأريخية الخاصة بالإتحاد الوطني الكردستاني وكتابة تأريخه بصورة علمية وإنشاء أرشيف ومتحف متخصصين بنضال الإتحاد الوطني الكردستاني والثورة الحديثة ويعتبر هذا كله واجبا حقيقيا يقع على عاتق مؤسسات ومتخصصي الإتحاد الوطني الكردستاني  لكي يصبح لدينا مصدرا رسميا وعلميا معبرا عن نضال و تضحيات و ملاحم ومكاسب الإتحاد الوطني الكردستاني.

*عضو المجلس القيادي و مسؤول بورد اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني

*نشر المقال ضمن سلسلة حلقات في صحيفة كردستاني نوى (اسبع الاحتفاء باليوبيل الذهبي للاتحاد الوطني الكردستاني)/  *الترجمة والتحرير: نرمين عثمان محمد 

 

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  مقترح يواكب التغيرات الداخلية في الإِتحاد الوطني الكردستاني
←  الاتحاد الوطني الكردستاني.. سياسة متزنة في كافة ميادين النضال
←  الاتحاد الوطني ..المرأة كإحدى الأوتاد القوية
←  الإتحاد الوطني الكردستاني والتعايش
←  الإتحاد الوطني الكردستاني والإعلام
←  الاتحاد الوطني.. ملاحم كبرى و تأريخٌ غير مدون
←  خمسون عاما من الأمجاد
←  السليمانية وزيارة داود أوغلو "
←  عام التحول الدبلوماسي للاتحاد الوطني
←  عام التحول الدبلوماسي للاتحاد الوطني
←  من هو المدافع الحقيقي عن حقوق المكونات على مر التاريخ؟
←  كلــــنا أبـــــناء كــــركـــــوك
←  السليمانية عاصمة الكتاب
←  المناطق المستقطعة بين انتخابات مصيرية ومسؤولية وطنية
←  انتخابات مجالس المحافظات والوضع في سنجار
←  الوضع الراهن وتجربة جديدة للمفاوضات
←  المناطق المستقطعة في رؤية وستراتيجية الاتحاد الوطني الكوردستاني