الإتحاد الوطني الكردستاني والتعايش
قيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني
لعل أعم وأشمل تعريف للتعايش مصطلحا ومفهوما هو أنه عبارةٌ عن مجموعةٌ من الناس الذين يعيشون معا بصورة سلمية وبرغبتهم ضمن منطقة جغرافية محددة محترمين أفكار ومعتقدات و تقاليد وعادات وتراث ولغة بعضهم البعض من دون أن يتسبب أية عوامل شائعة مثل (الجنس، الديانة، المذهب، القومية، اللغة، المصطلحات، البقعة الجغرافية....وإلخ) في التمايز والإصطدام بينهم...
وقد كان للإتحاد الوطني منذ بداية تأسسيسه قراءة دقيقة وموضوعية لواقع مكونات المجتمع الكردستاني وجعل الإهتمام بالتعايش السلمي عنوانا رفعه أمام الالجهات السياسية والمكونات الأخرى.
ومن أجل هذا كان الإتحاد الوطني مؤمنا دائما بأن تنفيذ شعاره الرئيسي (حق تقرير المصير لشعب كردستان والديمقراطية للعراق ) بحاجة إلى تعميق مبدأ التعايش وأنه من دون إتاحة هذا المبدأ في إقليم كردستان والعراق عموما فإن معوقات كبيرة ستتولد أمام هذا الشعار.
وفي سبيل ذلك جعل الإتحاد الوطني الكردستاني مسألة التعايش جزءا مهما من فلسفته وستراتيجياته وعلى أساس هذا المبدأ رسم الإتحاد الوطني الكردستاني خارطة للتعايش معا تتوقف على قاعدتين أساسيتين وهما:-
أولا-التعايش السلمي
ثانيا- تعايش القليات
إن ولادة الإتحاد الوطني الكردستاني وتكوينه على هيئة جبهة صغيرة متعددة الأطراف أوجدت معها التعايش السياسي وتعدد الأحزاب من جهة ومن جهة أخرى أوجد فضاء حرا وديمقراطيا داخل الحزب والتي سنحت الفرصة لولادة ثلاثة رؤى وإنفتاحات سياسية عالمية مختلفة داخل حزب واحد ومن أجل هدف واحد هو إتاحة جو من التعايش السلمي ، لذلك يمكننا القول بأن ولادة الإتحاد الوطني الكردستاني ولد التعايش السياسي في جنوب كردستان.
من جهة أخرى أنعكس الإهتمام بالمكونات المتعددة على تكوين وعضوية الهيئة التأسيسية للإتحاد الوطني الكردستاني لأن هذه الهيئة تألفت من:
1.عضوان من أعضاء الهيئة التأسيسية للإتحاد الوطني الكردستاني كانوا من المكون الكردي الفيلي.
2.عضو كان من سلالة أسرة بارزة في منطقضة هورامان.
3. عضو كان من سلالة أسرة كرمانجية وكان منتميا إلى جزء آخر من أجزاء كردستان(أي ليس من جنوب كردستان).
4.عضو كان من سلالة اسرة ايزدية بارزة،وقد كانت تلك المرة الأولى التي يصبح فيها كردا ايزديا من جنوب كردستان عضوا قياديا في حزب كردستاني.
بهذا الشكل المعاصر آلف الإتحاد الوطني الكردستاني بين نموذجين من التعددية الحزبية والتعايش السياسي جنبا الى جنب مع تعايش الأقليات وهو بهذا يؤكد مرة أخرى بأن حقيقة التعايش السلمي السياسي والتعايش السلمي للمكونات الدينية و القومية يكمل أحدهما الآخر و أية جهة سياسية لا تؤمن بالتعايش السلمي والديمقراطي للقوى والأحزاب السياسية ولاتيسر الأجواء الملائمة لهذا النموذّج من التعايش،من الصعب عليه أن يضمن بيئة صحية للتعايش الديني والقومي وقد أستطاع الإتحاد الوطني أن ينفذ نموذج هذا التعايش في ظل سياسة باقة الورد التي أنتهجها الرئيس مام جلال طالباني .
ولذلك أجتمع باكرا عدد كبير من الناس حول الإتـحاد الوطني من المكونات الدينية والقومية الأخرى ومنحوه ثقتهم ولعل أفضل دليل على ذلك هو عملية الإنتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات في العراق والتي حصل فيها الإتحاد لوطني على أكبر عدد من المقاعد وحصل على عشرة مقاعد في كل من محافظات (نينوى، كركوك، صلاح الدين، ديالى) وكان أربعة من أعضائه العشرة الفائزين من المكونات الدينية والقومية المختلفة ويعادل هذا العدد نسبة 40% من نسبة أعضاء مجالس المحافظات وهي من حصة الإتحاد الوطني الكردستاني مقسضما على الشكل التالي :
1. في محافظة نينوى حصل الإ تحاد الوطني الكردستاني على مقعدين أحدهما من المكون ايزدي والآخر من المكون الكاكائي.
2. في محافظة كركوك أحد الخمسة الفائزين بالإنتخابات هو من الأقلية الكاكائية.
3. الفائز في قضاء خانقين التابعة لمحافظة ديالى على لائحة الإتحاد الوطني من القومية العربية ، وإذا أشر فوز مرشح من القومية العربية في منطقة خانقين التي هي إ حدى المناطق المتنازعة عليها والصراع مشتد عليها ومع ذلك أستطاع مرشحها على قائمة الإتحاد الوطني الحصول على ثقة الناخبين فإنما يؤشر الى تأكيد حقيقة إن الإتحاد الوطني جعل مسألة تعايثش القوميات جزءا من ستراتيجياته وعمل عليها عمليا وهو مستمر في توطيد روح التعايش وإن القوميات تثق بالإتحاد كثيرا وتتجمع حولها وهم سعداء بأن أكثر المكونات الدينية هم في حدود الإتحاد الوطني الكردستاني ويمارسون طقوسهم الدينية وكّذلك يتواجد أكثر المعابد الدينية المتنوعة في تلك المنطقة حيث لا يحجب أي دين أو معتقد عن ممارسة شعائره و طقوسه بل تحترم معتقداتهم ، كما لم تسجل في هذه الحدود أية شكوى من المكونين المسيحية أو التركمانية حول الإستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم وكل هذه الحرية وهذا الأمان هو نتاج سياسة ونهج باقة الورد التي أتبعها الرئيس مام جلال طالباني و التي يواصل إتباعها الآن الرئيس بافل جلال طالباني محتذيا نفس النهج ومستمرا عليها مؤسسا هيئة خاصة لخدمة المكونات الدينية والمذاهب والقوميات المتواجدة داخل الإتحاد الوطني الكردستاني والتي تتألف من كافة المكونات الدينية و القومية(اليزيدية ، الكاكائية، التركمانية، المسيحية ، العربية) وهي بمثابة تنظيم مهم و جسر رابط بين الإتحاد الوطني الكردستاني والمكونات تقوم بتقديم خدماتها.
ومن الناحية الإعلامية خصص الإتحاد الوطني الكردستاني قناة فضائية خاصة لتقديم وإذاعة الأخبار والبرامج والأنشطة الفنية و الثقافية وبلغة كافة المكونات الدينية والقومية المتواجدة في كركوك والتي تخدم وبصورة عملية مسألة تعايش كافة المكونات المتواجدة في المناطق المتنازع عليها في إقليم كردستان.
*نشر المقال ضمن سلسلة حلقات في صحيفة كردستاني نوى (اسبع الاحتفاء باليوبيل الذهبي للاتحاد الوطني الكردستاني)/ *الترجمة والتحرير: نرمين عثمان محمد
|