×

  قضايا كردستانية

  السياسة المعقدة ونقص العتاد يعيقان الدفاعات الجوية الكردية في العراق



*وينثروب روجرز

 

**موسوعة امواج التحليلية

أعادت الهجمة التي شنتها إيران بالصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف في أربيل في منتصف يناير/كانون الثاني إشعال الجدل حول إمكانية نقل الولايات المتحدة أنظمة دفاع جوي إلى كردستان العراق. وأثار الهجوم الإيراني غضب القادة الكرد العراقيين، الذين دعوا إلى بذل جهود أكبر من قبل المجتمع الدولي لمنع مثل هذه الحوادث.

ويتعرض إقليم كردستان العراق بانتظام لهجمات تشنها الجماعات المسلحة الشيعية العراقية وتركيا. وتشمل الأهداف القواعد التي تستضيف القوات الامريكية، والبنية التحتية الحيوية، وقوات الأمن الكردية. كما تم استهداف الجهات الفاعلة الخارجية المتمركزة في المنطقة، مثل الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة وحزب العمال الكردستاني. وفي كثير من الأحيان، يتحمل المدنيون العاديون وطأة العنف.

وتم تجهيز قاعدتي أربيل والحرير الجويتين بأنظمة اعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ التي تستهدف القوات الامريكية المتمركزة هناك. ومع ذلك، لا يتم نشر هذه الدفاعات عندما تتعرض قوات البيشمركة أو المواقع المدنية المحلية للقصف، وهو ما يستذكره الجمهور الكردي بمرارة.

وعلى هذه الخلفية، دعم بعض المسؤولين الامريكيين المطالبات الكردية العراقية بتسلم أنظمة دفاع جوي. وقد قدم عضو مجلس النواب دون باكون، وهو جمهوري من ولاية نبراسكا الامريكية، بندًا في قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2024 يضمن إمكانية نشر مثل هذه الأنظمة. ومع ذلك، يقول المراقبون إن مشاكل توفرها والاعتبارات السياسية تعني أنه من غير المرجح أن تتخذ واشنطن هذه الخطوة.

وردًا على الهجوم الإيراني، قال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، لوسائل الإعلام: "لو كانت أربيل تمتلك صواريخ مثل باكستان، لما كانت طهران "تجرأت على شن هذا القصف". وكان هوراماني يشير إلى ضربة صاروخية إيرانية نادرة على انفصاليين إيرانيين بلوش مزعومين في باكستان يوم 18 يناير/كانون الثاني، مما دفع إسلام أباد إلى ضرب انفصاليين بلوش باكستانيين داخل إيران. وخلص هوراماني إلى أن "أربيل تحتاج إلى منظومة دفاع جوي، للدفاع عن المنطقة وليس لأغراض الهجوم".

ومع ذلك، فإن التسليم المحتمل لأنظمة الدفاع الجوي إلى كردستان العراق يثير أسئلة مهمة. على سبيل المثال، ما هي المجموعات التي سيتم حمايتها، وما هي تلك التي سيتم استبعادها، وما هي الجهات التي ستصد الدفاعات الجوية هجماتها؟ حتى الآن، تم تجنب التطرق إلى هذه الأسئلة.

 

 أحكام قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2024

ورفع الكونغرس الامريكي الآمال بشأن نشر دفاعات جوية في كردستان العراق من خلال إدراج بند في قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2024، والذي وقع عليه الرئيس جو بايدن ليصبح قانونًا في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023.

وينص التشريع على أن البنتاغون "سيقوم" بحلول الأول من فبراير/شباط بالتشاور مع وزارة الخارجية حول "وضع خطة عمل لتجهيز وتدريب قوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة الكردية لصد الهجمات بالصواريخ والقذائف والأنظمة غير المأهولة".

ومن المتوقع أن تتضمن الخطة توفير "المعدات المتاحة" و"التدريب المناسب لقوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة الكردية". ولدى البنتاغون مهلة 90 يومًا لتنفيذ الخطة، أي حتى بداية شهر مايو/أيار.

ومع ذلك، يجوز لوزير الدفاع لويد أوستن أن يقوم بتأخير الخطة "إذا كان تنفيذها سيؤثر سلبًا على مخزونات الولايات المتحدة واستعدادها".

وقال جوناثان لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الامريكي الجديد لموقع أمواج.ميديا إن بند التأخير يمثل جانبًا حاسمًا من التشريع، فهو يسمح بشكل فعال لحكومة الولايات المتحدة بتجنب هذا المطلب.

وتابع لورد: "هناك طلب مرتفع على هذه الأنظمة، وببساطة لا يوجد مخزون من أنظمة الدفاع الجوي موجود على الرف في مكان ما يمكن أن تستخدمه الولايات المتحدة لتوفير تغطية شاملة [لكردستان العراق]"، في إشارة إلى عمليات نشر هذه الأنظمة في أوروبا الشرقية وشرق آسيا وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط، فقد رفعت الحروب المستمرة في غزة وأوكرانيا الطلب عليها بشكل كبير.

وأضاف لورد أن "تكاليف أنظمة الدفاع الجوي هذه تتجاوز ميزانية صندوق تمويل التدريب والتجهيز لمكافحة داعش بأكملها"، في إشارة إلى ما يقرب من 400 مليون دولار امريكي مصرح بها في قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2024 للعمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ولم يتم الرد على الطلبات التي وُجهت لمكتب النائب باكون للتعليق على الموضوع.

 

 

من هي الجهة التي ستحميها الدفاعات الجوية؟

من الناحية السياسية، فإن جوهر المشكلة هو أن الكرد العراقيين يريدون دفاعات جوية لا تحمي قوات التحالف والقوات الامريكية فحسب، بل أيضًا مجموعة واسعة من الأهداف المحتملة الأخرى بما في ذلك المدنيين وقوات الأمن الكردية والبنية التحتية الحيوية.

عادة ما تعود مسألة توفير مثل هذه الأنظمة إلى الظهور بعد الهجمات الإيرانية في أربيل وما حولها، حيث يتمركز الحزب الديمقراطي الكردستاني. ومع ذلك، فإن المواقع في محافظتي دهوك والسليمانية يتم استهدافها بشكل روتيني من قبل الطائرات المسيرة والصواريخ التركية أيضًا.

 وقال كمران عثمان، عضو منظمة فرق صانعي السلام المجتمعي لأمواج.ميديا إن العمليات العسكرية التركية أسفرت عن مقتل 150 مدنيًا منذ أغسطس/آب 2015 وإصابة 228 آخرين، نسبة كبيرة منهم كانت نتيجة الغارات الجوية.

كما هاجمت أنقرة قوات الأمن الكردية. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قُتل ثلاثة أعضاء من مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني في غارة جوية تركية. وتتهم أنقرة الاتحاد الوطني الكردستاني المتمركز في السليمانية بإقامة علاقات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني، في حين تتعاون مجموعة مكافحة الإرهاب بشكل وثيق مع التحالف وقوات الأمن العراقية في الحرب ضد داعش.

وكثيرًا ما تستهدف إيران وتركيا جهات فاعلة أخرى في كردستان العراق. فالضربات الجوية ضد جماعات المعارضة الكردية الإيرانية المنفية وحزب العمال الكردستاني تؤدي بانتظام إلى سقوط ضحايا من المدنيين، ولهذا فإن القادة الكرد العراقيين لديهم مصلحة في منع مثل هذه الهجمات أيضًا.

وبشكل عام، هناك حجة قوية مفادها أنه يجب حماية كردستان العراق من الهجمات التركية تمامًا مثل تلك التي تشنها إيران والجماعات الشيعية المسلحة العراقية. ومع ذلك، فمن الصعب أن نتصور أن الولايات المتحدة ستسمح بنشر دفاعات جوية ضد أحد حلفاء الناتو أو أن يستخدم الحزب الديمقراطي الكردستاني مثل هذه الأنظمة ضد شريكه التركي الوثيق.

بالإضافة إلى ذلك، في حين تشير لغة قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2024 إلى البيشمركة بشكل عام، فإن قوات الأمن الكردية منقسمة على أسس حزبية، بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. كما إن البيشمركة مبتلاة بمسائل شائكة متعلقة بالتوازن السياسي ويجب معالجتها في أي انتشار للدفاع الجوي. وفي الوقت نفسه، فإن العلاقات الوثيقة بين الاتحاد الوطني الكردستاني وإيران تجعله مرشحًا غير محتمل لتلقي التكنولوجيا الامريكية الحساسة، على الرغم من كونه شريكًا رئيسًا في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وينطبق الشيء نفسه على قوات الأمن العراقية، التي تم ذكرها أيضًا كمتلقية لمعدات الدفاع الجوي في قانون تفويض الدفاع الجوي لعام 2024.

 

التعقيدات الداخلية العراقية

يتطلب نقل الدفاعات الجوية إلى القوات الكردية موافقة الحكومة الفدرالية العراقية. وأكد لورد لأمواج.ميديا أن "حكومة إقليم كردستان تبقى منطقة تتمتع بالحكم الذاتي ضمن الدولة العراقية الفدرالية"، مضيفًا أنه "من غير المحتمل أن توافق بغداد على أي بيع أو سحب لأسلحة من هذا النوع إلى أربيل". وفي ظل المناخ السياسي الحالي في العراق، من غير المرجح أن تتخذ الحكومة الفدرالية مثل هذه الخطوة.

 

ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أن الداعم الأساسي لحكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني هو الإطار التنسيقي الشيعي. وتتمتع الكوكبة السياسية بعلاقات وثيقة مع إيران، ولدى بعض أعضائه أجنحة مسلحة يعتقد أنها تشن هجمات في إقليم كردستان، وهي ضربات سيتم نشر نظام دفاع جوي توفره الولايات المتحدة لمواجهتها.

ويتعرض السوداني بالفعل لضغوط من الإطار التنسيقي لتأمين انسحاب القوات الامريكية. ولذلك، يبدو من غير المرجح أن تسمح حكومته بزيادة الالتزامات العسكرية الامريكية في العراق. وفي الواقع، ربما تستعد واشنطن نفسها لسحب قواتها على الأقل تحت مظلة المهمة الدولية لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي من شأنه أن يقوض قدرتها على تدريب أو تسليح البيشمركة بالدفاعات الجوية.

وتابع لورد قائلًا لأمواج.ميديا: "الأحكام التشريعية هي مدعاة سخرية... فهي تعطي أملًا كاذبًا للكرد الذين يعتقدون أنه سيُطلب من الجيش الامريكي تزويد البيشمركة بأنظمة دفاع جوي". وتابع: "إن أعضاء الكونغرس الذين يدعمون هذا التشريع يجب أن يقولوا إنهم يدعمون الكرد، وهم يعلمون تمامًا أنهم يكتبون شيكات لا يستطيع البنتاغون صرفها، ما يلقي باللائمة على إدارة [بايدن]".

وينثروب رودجرز صحفي ومحلل مقيم في السليمانية، العراق، حيث يغطي مواضيع سياسية وأخرى متعلقة بحقوق الإنسان ... سيرة كاملة.


08/02/2024