×

  سوريا و الملف الکردي

  مستقبل مسار التطبيع بين تركيا وسورية.. طريـــــق غــــير مفــــروش بالــــورود



 

*مركز الامارات للسياسات/وحدة دراسات المشرق العربي:

مع أن أساسيات المفاوضات السورية التركية لم تتغير، إلا أن الجديد على هذا المسار هو نجاح الوساطة العراقية في إقناع الطرفين بإبداء ليونة في مواقفهم.

لم يعد المسؤولون الأتراك يربطون انسحابهم من الشمال السوري بتسوية الأزمة السورية وصياغة دستور جديد، في حين خفَّفت دمشق سقفها بشأن الانسحاب التركي، وطالبت فقط بتأكيد أنقرة على تنفيذه في المستقبل.

من غير المحتمل التوصل قريباً إلى اتفاق أمني وعسكري شامل بين تركيا وسورية، بسبب تعقيدات كثيرة. ومع ذلك، فإن الفشل التام غير محتمل أيضاً؛ نظراً لرأس المال السياسي المستثمر من كلا الجانبين، والظروف الدولية والإقليمية المواتية نسبياً.

السيناريو الأكثر احتمالاً هو توصل تركيا وسورية إلى اتفاق متواضع يتضمَّن إعلان نوايا أو الاتفاق حول المبادئ التي ينبغي أن تُوجِّه التقارب بين الدولتين في المستقبل، والذي سيكون بداية طريق شاق وطويل ومحفوف بالمخاطر.

 حرّكت الوساطة العراقية، والدعم الروسي، الجمودَ الذي أصاب مسار التطبيع بين تركيا والحكومة السورية، حيث صدرت تصريحات من الجانبين زادت من زخم التوقعات بإمكانية نجاح الجهود الرامية لاستعادة العلاقات بين الطرفين وبدء مسار تفاوضي شاق وطويل، لكنَّهُ كفيلٌ بتغيير المشهد الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي في شمال سورية.

تناقش هذه الورقة السياق الإقليمي والدولي الذي جاء مؤاتياً لإحياء المفاوضات، والمستجدات في مسار المفاوضات السوري-التركي، والسيناريوهات المحتملة لمسار التطبيع.

 

سياق إحياء مسار التطبيع السوري-التركي

تزامنت العديد من التطورات الإقليمية والعالمية لدفع مسار المفاوضات السورية-التركية  الذي انهار في خلال الاجتماع العشرين لمجموعة أستانا في يونيو 2023. من أهم هذه العوامل، انشغال الإدارة الأمريكية (الداعم الأساسي لقوات سورية الديموقراطية) في السباق الرئاسي الداخلي. وإقليمياً، أعادت الحرب في غزة تشكيل السياسة الإقليمية حول سورية، إذ وجدت الحكومة السورية والفاعلون الإقليميون مثل السعودية وتركيا فرصة لتغيير الوضع القائم، خاصةً إذا كان ذلك سيأتي على حساب إيران التي تُواجه ضغوطاً هائلة من إسرائيل، إضافة لما تواجهه من تحديات داخلية.

 يُضاف إلى هذه الأسباب، إطلاق ممر "طريق التنمية" في أبريل الماضي، وما تبعه من تقارب تركي عراقي حول حزب العمال الكردستاني.

وداخلياً، ساهم إعلان الإدارة الذاتية عن عزمها إجراء انتخابات بلدية في مناطقها بشمال شرق سورية، في 11 يونيو الفائت، بتأجيج الوضع، قبل أن تؤجلها إلى أغسطس بعد تدخُّل وضغط أمريكي.

وقرار الإدارة كان مستفزاً وأثار امتعاض دمشق وغضب المسؤولين الأتراك الذين هددوا بالتحرك عسكرياً لمنعها.

 ويمكن إضافة التوتر الخفي الذي تسببت به حرب غزة بن الحكومة السورية والإيرانيين، نظراً لإحجامها عن فتح جبهة الجولان أمام علميات المليشيات المدعومة من إيران، وتسهيل عودة الروس إلى الجبهة عبر أنشاء نقاط مراقبة.

 

مستجدات مسار  التطبيع: وساطة عراقية وليونة في المواقف السورية والتركية

انطلقت مسيرة التطبيع بين الحكومة السورية والأتراك صيف 2022، برعاية روسية قبل أن تنضم طهران إليها في مطلع 2023.

 انعقدت اجتماعات أمنية وعسكرية وعلى مستوى وزراء خارجية الدول الأربع في شتاء وربيع 2023، إلا أن المحادثات الرباعية انهارت في خلال اجتماع العشرين لمجموعة أستانا في يونيو 2023. ولم تنجح موسكو في إعادة تحريك المفاوضات جراء إصرار دمشق على انتزاع موقف حاسم من أنقرة حيال قضية انسحاب الجيش التركي من شمال سورية.

 حاول رئيس الوزراء العراقي في خلال زيارته إلى دمشق، في يوليو الماضي، إحياء المسار، ولكن لم ينجح. جدَّد رئيس الوزراء العراقي مساعيه لإحياء المسار السوري التركي مباشرة بعد زيارة أردوغان إلى بغداد لإطلاق "طريق التنمية" في شهر أبريل الماضي.

 

أساسيات المفاوضات السورية التركية لم تتغير:

 أمن الحدود، وقمع تطلعات حزب العمال الكردستاني، وعودة اللاجئين، والتعاون الاقتصادي، والاستقرار في سورية، على سبيل المثال لا الحصر. ما تَغيَّر بالإضافة إلى إطار إقليمي ودولي أكثر ملائم، هو إبداء ليونة ملموسة في مواقف الجانبين.

ليَّنَ وزير الدفاع التركي يشار غولر في مطلع يونيو الماضي موقف بلاده عندما أعلن أنه من الممكن سحب القوات التركية من سورية إذا ضُمِنَ الأمن الكامل للحدود. كما ليَّنت تركيا موقفها حيال التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية وصياغة دستور جديد، حيث اكتفى وزير الخارجية حقان فيدان بتقديم النصيحة للنظام السوري كي يعالج مشاكله الدستورية ويُحقق السلام مع معارضيه.

وأبدى الرئيس التركي استعداده لدعوة الرئيس الأسد لزيارة تركيا برفقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذا ما اتخذ خطوة نحو تحسين العلاقات مع تركيا، كما وافق على أحد شروط دمشق المتمثل بعدم التدخل بالشؤون الداخلية لسورية.

وفي خلال أيام من تصريح وزير الدفاع التركي، لاقاه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في منتصف الطريق، مُخففاً الشرط السوري بشأن الانسحاب التركي، ليعلن أن سورية تنتظر إعلاناً تركياً بالاستعداد لتنفيذه، وتوَّج الرئيس الأسد هذه الإشارات المتبادلة بين البلدين بإعلان انفتاحه على "المبادرات المرتبطة بالعلاقات مع تركيا".

عملياً، سرَّبت مصادر عراقية في 11 يونيو عن قرب عقد اجتماع سوري تركي في بغداد، بينما تسرَّبت أنباء عن انعقاد لقاء عسكري سوري تركي في قاعدة حميميم الروسية نفته مصادر الحكومة السورية والأتراك. على الرغم من ذلك أوعزت تركيا لحلفائها بفتح معبر الزندين مع مناطق الحكومة السورية في محافظة حلب بعد أربع سنوات من إغلاقه، في مؤشر على تقدم المفاوضات وراء الكواليس.

 ومع اتضاح إمكانية نجاح الوساطة العراقية، أطلع الأتراك الروس على التقدم المحقق، في خلال لقاء وزير خارجيتهم بالرئيس الروسي، في 11 يونيو. لاحقاً، أكد أردوغان لنظيره الروسي في 4 يوليو، دعمه "استعادة الاستقرار في سورية" بهدف التخلص من "التنظيمات الإرهابية". وبين المحطتين أوفد فلاديمير بوتين مبعوثه الرئاسي للقاء الأسد. وأبدى ألكسندر لافرنتييف استعداد موسكو لدفع المفاوضات ورأى أن الظروف "مناسبة" لنجاح الوساطات بين البلدين.

 

مواقف اللاعبين إزاء تجديد المسار السوري-التركي

 

تركيا.

موقف تركيا من إحياء المسار إيجابي وجدّي أكثر من أي وقت مضى. بالإضافة إلى مخاوفها الراسخة بخصوص حزب العمال الكردستاني وأمن الحدود واللاجئين، هناك تطورات جديدة أثرت في موقف حكومة أردوغان، لعل أبرزها، داخلياً، خسارة حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية أمام حزب الشعب الجمهوري، وما تبعها من تحركات كبيرة لذلك الحزب من أجل حل المشكلة السورية وعقد لقاء مع الرئيس الأسد، بالترافق مع ارتفاع الضغط داخل تركيا بعد أحداث قيصري.

من جهة أخرى، أخذت النظرة التركية إلى إيران بالتغيير مع اتهام مصادر تركية إيران بتسليم حزب العمال الكردستاني مسيرات وأنظمة دفاع جوي. تزامنت هذه الاتهامات مع إعلان "العمال الكردستاني" في الربيع الماضي إسقاط 15 مسيرة تركية في شمال العراق في خلال مدة تقل عن شهرين. وبخصوص الموقف التركي من الوساطة العراقية، يمكن أن يكون الإيرانيون دفعوا السوداني لمصالحة أردوغان والأسد، نظراً لحاجتهم إلى التهدئة مع تركيا على خلفية ازدياد حدة صراعهم مع الإسرائيليين وتهديدات هؤلاء بالهجوم على حزب الله في جنوب لبنان.

 مع ذلك، تجاوب الأتراك مع جهود السوداني لأنه يمثل شريكهم في "طريق التنمية،" لكنهم رفضوا، حتى الآن، انضمام الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة السورية في شكل مباشر، واستعانوا بالروس من أجل تسهيل الحوار مع دمشق. ومن الطبيعي أن يلجأ الأتراك للوساطة الروسية؛ فقد قبلوا في صيف 2023 خريطة الطريق التي صاغها المسؤولون الروس، ورفضتها دمشق في حينه.

 

 الحكومة السورية.

 على غرار الطرف التركي، لم تتغير أسس موقف دمشق، ولكنها ليّنت موقفها حيال مسألة الانسحاب التركي، إذ باتت تطالب بتعهد علني بعدما كانت تطالب بتحديد موعد وجدول زمني للانسحاب قبل بدء المفاوضات. مع ذلك تريد دمشق  من اجتماع بغداد أن يؤدي إلى "تعهد تركي واضح وصريح وعلني" بالانسحاب الكامل، وفق "جدول زمني محدد" قبل الانتقال إلى "تحديد المجموعات الإرهابية وتعريفها".

تجاوبت دمشق مع المساعي العراقية ورحَّبت بالنشاط الروسي، وذلك لأسباب تتناسب مع استراتيجيتها الرامية إلى الخروج من أزمتها الخانقة، مستغلة الأزمة الإقليمية الكبرى الناتجة عن حرب غزة. وتحدَّث الإعلام السوري يوم 8 يوليو عن خلو تصريحات أردوغان من أي إعلان واضح يخص مسألة الانسحاب التركي،  و"الإشارة بالاسم إلى التنظيمات الإرهابية"، ما يشير إلى مخاوف الحكومة السورية من مزايدة أردوغان على خصومه المعارضين في الداخل، وأنه ليس جاداً في تصريحاته. وكان أقصى ما وصل إليه أردوغان هو القول بأن كل من يرفض التطبيع السوري التركي هو من الجماعة الكردية "قسد" أو تنظيم "داعش" الإرهابي.

 

 روسيا.

 مع انشغال الإدارة الأمريكية بالانتخابات الرئاسية، وبمعالجة تداعيات حرب غزة والصراع الإيراني الإسرائيلي، يمكن لروسيا أن تحقق اختراق في المفاوضات السورية التركية بما يؤكد مكانتها في الشرق الأوسط. ومن شأن هذا الاختراق أن يوجه لطمة للأمريكيين في لحظة تفرُّد واشنطن بإعداد ترتيبات إقليمية جديدة لما بعد حرب غزة.

 من جهة أخرى، ترى موسكو أن دمشق بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى هذه الصفقة من أجل تهدئة الأوضاع الداخلية في سورية، وللاستعداد لمواجهة مرحلة إقليمية جديدة تتزايد فيها التوترات بين إيران وإسرائيل. ويُعول الروس على فتح طريق تجارة الترانزيت من تركيا إلى الخليج عبر سورية والأردن، والذي سيخضع لنفوذهم في مواجهة "طريق التنمية" الواقع في مناطق نفوذ إيران والولايات المتحدة، والممر الاقتصادي.

 وفي هذا الإطار، انتقل لافرنتييف من دمشق إلى عمّان بهدف ضمان فتح العقدة الأردنية أمام الطريق السوري. ويريد الروس أن ينجح التطبيع السوري التركي في حلحلة مسألة "الحزب الإسلامي التركستاني" لإرضاء بيجين، التي ترى فيه تهديداً أمنياً كامناً. ولم يصدر عن موسكو تشجيع أو رفض للوساطة العراقية، لكن الروس تحركوا بقوة لأخذ زمام المبادرة مرتاحي البال نظراً لأنه لا يمكن إبرام تفاهم بين تركيا وسورية دون ضامن دولي، والمرشح الأول لأخذ هذا الدور هو روسيا.

 

إيران.

 على الرغم من إعلان القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني استعداد بلاده للمساهمة في دفع مسار التطبيع التركي السوري، إلا أن دمشق والأتراك لم يعيراه الاهتمام اللازم. ستُراقِب إيران المسار، إذ يمكنها تخريبه عبر دفع حزب "العمال الكردستاني" إلى تصعيد هجماته على الأتراك في شمال العراق، أو عبر الضغط على دمشق. وضَمِن الإيرانيون وجودهم على الطاولة، ولو في شكل غير مباشر، عبر الوسيط العراقي، نظراً لنفوذهم القوي على بغداد.

 

الولايات المتحدة.

راقبت واشنطن بحذر التطورات المرتبطة بالتطبيع السوري التركي، وهي وإن لم تمانع التطبيع من حيث المبدأ، اشترطت قبله التزام نظام الرئيس الأسد بالتعاون من أجل "تقدم حقيقي نحو حل سياسي للصراع الأساسي وفقاً للقرار 2254"، وسعت إلى رسم "سقف إنساني" لهذا التطبيع. نجاح المسار بين الأطراف سيزيد الضغط على الوجود الأمريكي في شرق الفرات.

ورفضت واشنطن إجراء حلفائها في الإدارة الذاتية انتخابات محلية في شرقي سورية. وعلى الأغلب أنها تميل إلى وساطة بغداد، نظراً للنفوذ الذي تتمتع به هناك، أكثر من ميلها إلى وساطة موسكو، التي اتخذت خطوة غير ودية بالتزامن مع تفعيل تلك الوساطة بين دمشق وأنقرة. تمثلت تلك الخطوة في إيقاف تنسيق طلعاتها الحربية مع الولايات المتحدة في الأجواء السورية يوم 5 يوليو.

 

قوات سورية الديمقراطية.

 لعلها ستكون الخاسر الأكبر في حال نجاح مبادرات التطبيع التركي السوري، ولذلك وصفت الإدارة الذاتية المصالحة التركية السورية بــ "المؤامرة"، ثم أغلقت ما تسمى «الإدارة الذاتية» كل المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بمناطق الحكومة السورية، عارضةً في الوقت نفسه الحوار معه لإنجاز اتفاق سياسي لحل الأزمة السورية. وسخَّنت «قسد» جبهات شمال حلب مع المسلحين الذين تدعمهم تركيا.

 

السيناريوهات المحتملة

بالإمكان الإشارة إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل مسار التطبيع السوري-التركي:

 

1) نجاح المسار وتوقيع اتفاقية أمنية-عسكرية بين الطرفين.

 يتطلب هذا السيناريو إبرام اتفاق أمني يتضمن انسحاباً تركياً تدريجياً مع عقد معاهدة أمنية تسمح للأتراك بالتدخل في شمال سورية أسوة بما تقوم به في شمال العراق. على الرغم من حاجة الطرفين الماسة لاتفاقية من هذا النوع، يظل احتمال تحقُّق هذا السيناريو ضئيلاً؛ نظراً لصعوبة القضايا العالقة بين دمشق وأنقرة.

 

2) انهيار المفاوضات دون أي تفاهم.

 قد تنهار المفاوضات كما انهارت سابقتها التي رعتها موسكو صيف 2023، ما يؤدي إلى استمرار الوضع الراهن. وعلى رغم التعقيدات، يظل احتمال الفشل التام للمفاوضات مستبعداً في ضوء حاجة دمشق وأنقرة لافتتاح مسار جديد فيما بينهما.

 كما أن معيار "النجاح" بسيط نسبياً، إذ المفاوضات لا تجري حول التسوية النهائية للأزمة السورية، كما أنها لا تتوخى إيجاد حل شامل للقضايا العالقة بين الأتراك والسوريين بل ينحصر هدفها في إعلان مبادئ، أو في الحد الأقصى صياغة خريطة طريق. من أهم عوائق تحقيق هذا السيناريو، الثقة المفقودة بين دمشق وأنقرة، ورفض الطرف التركي التعهُّد بسحب جيشه من سوريا، أو التأكد من أن ما يقوم به الرئيس التركي ليس إلا مجرد مناورة أخرى لأسباب داخلية.

 

3) إعلان نوايا للتطبيع وتحديد مبادئه.

 يمكن أن يتوصل الجانبان إلى إعلان نوايا يُعبِّر عن التزامهما بإدارة المرحلة الجديدة من العلاقات بين البلدين دون حل القضايا الصعبة. هذا الإعلان يمكن أن يشابه تطبيع دمشق مع الدول العربية وعودتها إلى جامعة الدول العربية. من طريق هذا الإعلان، يمكن للطرفين العمل على تعزيز التعاون في المجالات الأقل حساسية وترك القضايا الشائكة لمزيد من المفاوضات في المستقبل، مما يُسهم في خفض التوترات وبناء الثقة تدريجياً.

 

استنتاجات

تُمثل البيئة الإقليمية والدولية والداخلية في سورية وتركيا، بالإضافة إلى مرونة الطرفين، عوامل مهمة تجعل من سيناريو إعلان نوايا للتطبيع بينهما، وتحديد مبادئه هو السيناريو أكثر واقعية، إلا إذا تكشَّف أن التحركات التركية مُصمَّمة للاستهلاك المحلي وتخفيف ضغط المعارضة عن حزب العدالة والتنمية. كما أن إيران تظل متربصة من وراء الكواليس بالمفاوضات بين الجانبين، وجاهزة لإفشالها إذا ما أثرت سلباً في مصالحها.

ولن يكون الطريق مفروشاً بالورود أمام استعادة العلاقات السورية التركية في ضوء التعقيدات الكبيرة المحيطة بها، وتداخل العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، وارتباطها بالأوضاع الضاغطة في كلا البلدين.

مع ذلك، فقد خطت أنقرة خطوات مهمة تجاه دمشف، مبديةً استعدادها لدراسة الانسحاب من سورية، ولوحت بوقف تدخلها في الشؤون الداخلية.

بينما تدفع مخاوف دمشق من استبعادها من طرق التجارة الإقليمية، ومقاربتها الجديدة، إلى اختبار مسار التطبيع مع تركيا من أجل استخدامه وسيلةً للخروج من العزلة الحالية دون تحقيق تقدُّم في العملية السياسية.


28/07/2024