العربي الجديد-محمد عماد:أكد نواب ومسؤولون عراقيون أن الدور الرقابي للبرلمان العراقي "معطل" بفعل الضغوط السياسية التي تمنعه من إجراء استجواب المسؤولين ممن أشرت عليهم ملفات إخفاق في العمل والأداء وشبهات فساد وغيرها.
ولم يجر البرلمان العراقي إلا استجوابات بنطاق محدود جدا، على الرغم من التصريحات المتكررة من قبل نواب عن تقصير وفساد في مفاصل الحكومة، والسعي لاستجواب عدد من الوزراء والمسؤولين.
وتلاحق الاتهامات أطرافا سياسيا فاعلة، وتحديدا تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، الذي يمتلك أكثر المقاعد البرلمانية، بالسيطرة على البرلمان العراقي، لا سيما بعد خلو منصب رئاسته منذ أكثر من تسعة أشهر مضت على إقالة رئيسه محمد الحلبوسي، وتعطيل انتخاب رئيس جديد له، وإسناد المنصب وكالة الى نائبه الأول محسن المندلاوي وهو من قادة "الإطار".
وقبل أيام، أعلنت لجنة النزاهة البرلمانية عن وجود ملفات تتعلّق بضعف الأداء والفساد في عدد من الوزارات ومؤسسات الدولة، مؤكدة سعيها لاستجواب عدد من الوزراء من بينهم الداخلية والنفط.
إلّا أن عضو اللجنة هادي السلامي شكا من الهيمنة السياسية التي عطّلت عمل اللجنة، وأن لديها الكثير من ملفات الاستجواب المعطّلة.
وقال السلامي، لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير من النواب واللجان البرلمانية المختصة لديهم ملفات استجواب للكثير من المسؤولين في الحكومة، البعض منهم متورط بشبهات، والبعض الآخر عليه مؤشرات كثيرة بالإخفاق في العمل والأداء، وهذا يتطلب تحركا برلمانيا لمحاسبة هؤلاء"، مؤكدا أن "هناك سيطرة واضحة من جهات سياسية على البرلمان العراقي وهي من تسيّره، وهي من تعمل على توفير حماية سياسية لهؤلاء المسؤولين وتمنع تفعيل ملفات الاستجواب والمحاسبة تحت قبة البرلمان".
وأضاف: "كما أن هناك ضغوطات سياسية لمنع تفعيل هذا الملف، رغم أن العمل الأساسي للبرلمان هو مراقبة ومتابعة العمل الحكومي محاسبة المقصرين"، مبينا: "نسعى إلى تفعيل الاستجوابات ومحاسبة أي مسؤول عليه أي مؤشر إخفاق وشبهات فساد، وهذا العمل ليس لاستهداف الحكومة وإنما هو لتقييم الأداء الحكومي والسعي لأن يكون هذا الأداء أفضل من المرحلة السابقة". وشدد على أن "هناك إخفاقات كثيرة مؤشر عليها تخص وزراء ومسؤولين في الدولة العراقية".
من جهته، قال النائب المستقل كاظم الفياض، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك حماية سياسية وحزبية للمسؤولين في الحكومة ممن أشر عليهم إخفاق وفساد، وأن هذه الحماية تمنع البرلمان العراقي من تفعيل ملفات الاستجواب بحق هؤلاء المسؤولين، رغم السعي من قبل النواب لتقديم ملفات الاستجواب، لكن الضغوطات السياسية والحماية الحزبية تمنع تفعيل تلك الملفات".
وبين الفياض أن "البرلمان العراقي تتحكم فيه قوى السلطة التي هي نفسها مسيطرة على الحكومة ومؤسسات الدولة، ولهذا هي تعمل على تعطيل الدور الرقابي، وكذلك تعمل على إضعاف الدور التشريعي وتمشية القوانين التي تخدمها فقط، والتي فيها صفقات سياسية، ولهذا نرى ضعفا تشريعيا ورقابيا بالدورة البرلمانية الحالية".
وكشف أن "معظم ملفات الاستجواب التي عطلت بسبب الضغوطات والحماية السياسية، عمل النواب على تقديمها إلى الجهات القضائية وكذلك الجهات التنفيذية الرقابية مثل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وغيرها، حتى تكون هناك محاسبة، فلا يمكن الاستسلام للضغوطات السياسية وترك ملفات الاستجواب على بعض الوزراء والمسؤولين والتي فيها ملاحظات ومؤشرات على الإخفاق والفساد".
بالمقابل، قال الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "قوى الإطار التنسيقي المسيطرة على الحكومة هي اليوم تسيطر وتتحكم بالبرلمان العراقي، ولهذا نرى تعطيلا متعمدا لملفات الاستجواب ومحاسبة أي مسؤول مقصر أو عليه شبهات"، مؤكدا: "لا نتوقع أن نرى أي تفعيل لهذه الملفات خلال المرحلة المقبلة، بسبب سيطرة الإطار على كامل البرلمان".
وأضاف الشريفي أن "الدورة البرلمانية الخامسة (الحالية) تعتبر من أضعف الدورات من حيث تشريع القوانين وكذلك من حيث تفعيل ملفات الاستجواب، فعمر البرلمان يقترب من الانتهاء ونعتقد أنه لن نشهد أي استجواب مستقبلا بسبب سيطرة جهة سياسية واحدة في البرلمان العراقي وكذلك الحكومة، ولهذا فإن الحماية السياسية هي من تعطل وتمنع محاسبة أي مسؤول".
وأكد أن "كل ملفات الوزراء الحاليين وغيرهم من المسؤولين سوف تبقى مثبتة عليهم حتى بعد انتهاء عمر الحكومة الحالية والدورة البرلمانية الحالية".
وعلى مدى أكثر من تسعة أشهر على إنهاء عضوية رئيس البرلمان العراقي السابق محمد الحلبوسي بقرار من المحكمة الاتحادية العليا بتهمة التزوير، ينشغل البرلمان بقواه السياسية بمحاولات انتخاب رئيس جديد، وسط استمرار الخلافات ومحاولات التعطيل من قبل بعض الأطراف المنتفعة من تعطيل الملف، وهو ما أثر بشكل واضح على عمل البرلمان ودوره الرقابي والتشريعي.