*عماد احمد
الوقت: بعد الظهر من يوم (31) كانون الثاني من عام 1978
المكان محافظة السليمانية.
منطقة بازيان، قرية تنكي سمر
الحادث : زمرة من المرتزقة خونة الوطن والشعب تقوم باستشهاد الرفيق ئارام شاسوار جلال
البداية : رداً على الارهاب والقمع والتعريب والتهجير والترحيل والتبعيث ، اندلعت الثورة.. رداً على الانتكاسة والاحباط، فجرت الثورة من جديد قامت الثورة رغم الصعاب، وعدم النضج في بعض النواحي الموضوعية والذاتية... اعتبرها بعضهم في البداية انتحارا سياسيا وعسكريا لابد منه !! لكن عدالة القضية وصلابة المبادئ وارادة المناضلين في ذلك الحين، غيرت مجرى الامور والاحداث بحيث تطورت وتوسعت، وتعمقت مفردات الثورة في كل مكان من كردستان الجنوبية.
النتائج : سار قطار الثورة واجتاز محطات الانتصار والانكسار المؤقت، تصدر العلا وانحدر الى الادنى، وبمعنى آخر انه كان في حالة غير مستقرة، وعلى خط غير مستقيم.
على هذا المنوال سارت الثورة، حتى توجت بالانتفاضة الجماهيرية في اذار عام ۱۹۹۱ ، والتي هي بمثابة قمة انتصارات تلك البداية (الانتحارية) وامست امتداداً لتلك المواجهة الاسطورية.. فالثورة اعطت ثمارها، لان الشعب الكردي تخلص من كابوس جاثم على صدره منذ عام 1968 ..
أن ارض كردستان ازهرت شقائق النعمان في اغلب مناطقها على قمم جبالها في عمق وديانها، على وجه سهولها .
يتجسد هذا الانتصار العظيم في الجبهة الكردستانية والبرلمان وتشكيل حكومة اقليم كردستان ،الفيدرالية والتي يعيش الناس في ظلها بحرية وأمان على الرغم من الحصار الاقتصادي وتحرشات النظام.
وهذا الانتصار سقي بدماء مئات الألوف من الشهداء.
كم من شهيد تمنى ان يعيش في ظل هذه الايام التي ننعم فيها بالتحرر والحرية والديمقراطية فلنتكاتف جميعا في سبيل المحافظة على هذه المكتسبات التاريخية يا رفاق.
كيف كان دور كاك ئارام عند البداية ؟
بمبادرة من الاتحاد الوطني الكردستاني اندلعت الثورة المسلحة في اواسط عام ١٩٧٦ .
وكان لعصبة شغيلة كردستان دور اساسي في تل ك العملية الجهادية.
كان الرفيق ئارام كادراً متقدماً في العصبة قبل الحملة الارهابية من قبل النظام الدكتاتوري الشوفيني على تنظيمات «العصبة» في اواسط ١٩٧٥ والتي استشهد خلالها كوكبة لامعة في سماء الحركة السياسية اليسارية في كردستان (خال شهاب، جعفر، أنور)، اضافة الى قبوع اغلب قيادات وكوادر «العصبة» في زنزانات البعث الفاشي، وبذلك احدثت الحملة فراغا على الساحة واخضعت «العصبة» والتي لم يتصلب وعودها بعد .
في ذلك الحين، وفي مثل تلك الظروف، قام الرفيق ئارام مع مجموعة من رفاقه بلم شمل تنظيمات «العصبة» من جديد وحاول اعطاء المنظمة طابعا فكريا وسياسيا وطبقيا ينسجم مع تطورات الحركة الثورية الكردستانية.
كانت منطقة قرداغ عرين ئارام، من هناك اشرف على التنظيمات، وشكل المفارز العسكرية في المدن والارياف من أجل رفع معنويات المواطنين وتقوية التنظيم وتوعية الفلاحين وإنضاج مستلزمات حرب التحرير.
هكذا برز الرفيق ئارام على الساحة .. وهكذا امتطى حصان الثورة، وانتقل من ئارام الكادر ومحدود المسؤولية الى ئارام القائد والمبدع والسياسي اللامع وكان شغله الشاغل ارساء الدعائم الطبقية والفكرية والسياسية للثورة المسلحة في ربوع كردستان فكان له أثر عظيم واحتل موقعاً بارزاً واصبح رمزاً ثورياً ويسارياً في الحركة التحررية الكردستانية.
موقع كاك ئارام بعد هذه الحقائق
رغم القصر الزمني المسؤوليته القيادية، ورغم محدودية عطاءاته الفكرية والنظرية يعتبر الرفيق ئارام نجماً لامعاً يسرح مع النجوم الأخرى في فضاء الحركة السياسية الكردستانية واصبح بمثابة مدرسة يتعلم في صفوفها الكثير الكثير من المناضلين.
لو قيمنا الشهيد ئارام على ضوء مفردات، وتجليات وانعكاسات، وتطورات تلك الفترة التي عمل فيها كمسؤول قيادي للعصبة»، نستخلص بانه كان رجل زمانه، متفتحاً في طروحاته، شجاعاً في تحدياته متفائلاً في تصوراته.
كان موهوباً .. طموحاً .. صبوراً .. متواضعاً .
حقا لقد تجسدت كل تلك الصفات والخصال في ئارام المناضل.
ان الثوار هم الذين يصنعون الثورة، هكذا قال لينين.. وكان ئارام ورفاقه من صنعوا الثورة.
دارت عجلة الزمان .. ومرت الايام.. وأستشهد ئارام والثورة مستمرة !!
أن الوردة الحمراء التي زرعها الرفيق ئارام في حديقة الثورة الكردستانية مازالت يانعة، مازالت تفوح منها روائح عطرة وجذابة، وأنها أيضاً بحاجة الى الرعاية والاهتمام.
مع الف أسف وأسف ، في زمن انتصار الثورة، تختلط الأمور ، وتتشابك الحلقات ، وتمتزج الالوان في بعض الأحايين بحيث يصعب التميز بين الثوري واللاثوري ، بين المسؤول واللامسؤول، بين المضحي والوصولي !!
ختاما :
رغم تواجد الاشواك عند اغصان الورد ، ورغم الدماء الحمر التي قد تنزف عندما تنغزر تلك الاشواك في راحة أيادينا، لكن جمال وسحر وعطر تلك الورود يبعث في نفوسنا النشوة ، ويسكرنا من جديد !
يقول شاعر صيني قديم :
الطيبون العاملون للغير في الدنيا مصيرهم خلود في النعيم والمفسدون العاملون الشر في الدنيا.. مصيرهم خلود في الجحيم ذاك الجزاء وهذا الجزاء .. عدل اقرته السماء.
*نشر المقال في صحيفة "الاتحاد "العدد (14) في 30/1/1993