×

  فاجعة الانفال

  المحكمة الجنائية الدولية والبت في جريمة "فاجعة الانفال"



*فؤاد عثمان

 

هل بإمكان المحكمة الجنائية الدولية البت في التحقيق بجرائم الأنفال التي تضمن في متنها كافة عناصر جريمة الإبادة الجماعية؟

سؤال كثير ما يتم توجيهه الى الجهات ذات العلاقة خاصة حكومة إقليم كوردستان المتمثله بوزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين و النشطاء و المهتمين في مجال الإبادة الجماعية ، خاصة خلال احياء الذكرى السنوية لعمليات الأنفال في 14نيسان من كل عام.

للاجابة على هذا السؤال لابد من تعريف ماهية المحكمة الجنائية الدولية و مهامها و اختصاصاتها.

 

تعريف المحكمة الجنائية الدولية

المحكمة الجنائية الدولية محكمة قادرة على محاكمة الافراد المتهمين بجرائم الابادة الجماعية و جرائم ضد الانسانية و جرائم الحرب و جرائم العدوان، كما جاءت في نظام روما الاساسي.

تأسست هذه المحكمة سنة 2002، فهي لا تستطيع ان تقوم بدورها القضائي ما لم تبدي المحاكم الوطنية لاي بلد رغبتها او كانت غير قادرة على التحقيق او ادعاء ضد تلك القضايا فهي بذلك تمثل حال الاخير، فالمسؤولية الاولية تتجه الى الدول نفسها.

 

عضوية المحكمة الجنائية الدولية

هناك اعضاء للمحكمة الجنائية الدولية و هناك اعضاء موقعين على اتفاقية روما الاساسية والتي شكلت بمقتضاها المحكمة الجنائية الدولية و هناك دول لم يتم تفعيل عضويتها بعد ، وهناك دول وقعت على النظام الاساسي للمحكمة لكن لم تصادق عليها بعد.

اخيرا هناك دول وقعت على النظام الاساسي لكنها سحبت توقعها فيما بعد، العراق من بين الدول التي سحب توقيعه بعد مدة قصيرة من الموافقه على الاتفاقية.

 

الجرائم التي تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية

 

١- الابادة الجماعية:

تعنى بالتحقيق اي فعل من الافعال المحددة في نظام روما الاساسي ( القتل او التسبب بالاذى الشديد ترتكب بقصد اهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية بصفتها هذا هلاك كليا او جزئيا

 

٢- جرائم ضد الانسانية

تعنى بالتحقيق اي فعل من الافعال المحظورة والمحددة في نظام روما متى ارتكبت في انظار هجوم واسع النطاق و منهجي موجه ضد اية مجموعة من السكان المدنيين و تتضمن مثل هذه الافعال ( القتل العمد، الابعاد او النقل القصري للسكان و جريمة التفرقة العنصرية و غيرها.

الابادة الجماعية و جرائم ضد الانسانية عرضة لعقاب بصرف النظر عن ارتكابها وقت السلم او الحرب

 

٣- جرائم الحرب :

 تعنى بالخروقات الخطيرة لاتفاقية جنيف و انتهاكات خطيرة اخرى لقوانين الحرب متى ارتكبت على نطاق واسع في اطار نزاع مسلح دولي او داخل.

 

٤- جرائم العدوان.

 

الاختصاص الاقليمي للمحكمة الجنائية الدولية:

خلال مفاوضات نظام روما الاساسي حاولت الكثير من الدول جعل المحكمة ذات سلطة عالمية لكن المقترح فشل بسبب معارضة الولايات المتحدة الامريكية تم التوصل الى تفاهم يخص ممارسة المحكمة لسلطاتها فقط ضمن الظروف المحددة التالية:

١- اذا كان المتهم بارتكاب الجرم مواطنا لاحدى الدول الاعضاء او اذا قبلت دولة المتهم بحاكمته

٢- اذا وقع الجرم المزعوم في اراضي دولة عضو في المحكمة او اذا سمحت الدولة التي تقع الجرم علي اراضيها للمحكمة.

٣- النظر في القضية

اذا احيلت القضية للمحكمة من قبل مجلس الامن الدولي.

الاختصاص الزماني للمحكمة الجنائية الدولية.

تستطيع المحكمة النظر فقط في القضايا المرتكبة في او بعد 1/ تموز/ 2002 وهو تاريخ نشأت هذه المحكمة ودخل قانون روما او نظام روما الاساسي حيز التنفيذ، اما بالنسبة للدول التي انظمت لاحقا بعد هذا التاريخ تقوم المحكمة اليا ممارسة سلتها القضائية في هذه الدول بعد 60 يوما من تاريخ مصادقتها على النظام.

 

الاختصاص التكميلي للمحكمة

الغرض من المحكمة ان تكون محكمة الملاذ الاخير للتحقيق في حالة فشل المحاكم الوطنية القيام بذلك ، المادة 17 من نظام روما الاساسي تنص على ان القضية ترفض في الحالات غير محددة اعلاه

في مجمل ما تم الاشارة اليها اعلاه بامكان التوصل الى بعض النتائج عن امكانية او عدم امكانية التحقيق او عرض ملفات عمليات الانفال كابادة جماعية على المحكمة الجنائية الدولية للبت فيها، حيث سبق وان جرى محاولات من هذا القبيل من قبل حكومة اقليم كردستان (وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين و اعضاء برلمان اقليم كوردستان، ومع ان عمليات الانفال تتضمن عناصر الابادة الجماعية وفق ما جاء في النظام روما الاساسي و بنود الاتفاقيات الدولية الاخرى.

وفق ما تم التطرق اليها فيما يخص المحكمة الجنائية الدولية لا يمكن عرض جريمة الانفال على المحكمة الجنائية الدولية الا في حالة واحدة سوف اشير اليها لاحقا .

الاسباب التي تقف عائقا بوجه التحقيق الدولي في عمليات الانفال

 

اولا: بما ان عمليات الانفال نفذت سنة 1988 و هذا لا يدخل ضمن الفترة الزمنية المحددة في الاختصاص الزماني للمحكمة، حيث تستطيع المحكمة النظر فقط في القضايا المرتكبة في او بعد 1/ تموز/ 2002 وهو تاريخ نشأت هذه المحكمة ودخل قانون روما او نظام روما الاساسي حيز التنفيذ،

ثانيا: مع ان العراق وقع على نظام الاساسي لكنه سحب فيما بعد ، عليه يعتبر العراق غير منتمي الى المحكمة الجنائية الدولية وبذلك لا يمكن للمحكمة النظر في قضية الانفال، لان وفقا للاختصاصات الاقليمية تخص المحكمة بممارسة لسلطاتها فقط ضمن الظروف المحددة التالية:

*اذا كان المتهم بارتكاب الجرم مواطنا لاحدى الدول الاعضاء او اذا قبلت دولة المتهم بحاكمته

*اذا وقع الجرم المزعوم في اراضي دولة عضو في المحكمة او اذا سمتحت الدولة التي تقع الجرم علي اراضيها للمحكمة النظر في القضية

ثالثا: وفقا للاختصاصات التكميلية لا يمكن البت في جرائم الانفال لان الغرض من المحكمة ان تكون الملاذ الاخير للتحقيق عند عدم امكانية المحاكم الوطنية التحقيق و اقرار على القضية او اذا فشلت المحاكم الوطنية في القيام بذلك، فيما يخص عمليات الانفال فقد تم التحقيق في الجريمة و تم اصدار الحكم النهائي و تم تعريفها كابادة جماعية من قبل محكمة الجنائية العراقية العليا وهي محكمة عراقية صرفة عليه تعتبر المحكمة الجنائية الدولية ملف قضية الانفال في قيد الاغلاق

بقى ان نقول الى انه بامكان التحقيق في قضة الانفال في المحكمة الجنائية الدولية في حالتين وهما بعيد المنال:

١- احالة القضية من قبل مجلس الامن الدولي.

٢- تشكيل محكمة خاصة كما جرى في ملف اختيال رئيس اللبناني رفيق الحريري.

هذا ما يخص الجانب القانوني لتدويل جريمة الانفال اما عن الجانب الانساني مع ان بعض الدول عرف الابادة الجماعية بشكل رسمي او غير رسمي.

لابد ان تكثف الجهود عن طريق بناء لوبي على مستوى الدولي لتعريف الانفال كابادة جماعية دوليا ….

 

وعلى الصعيد الداخلي العراقي

على جهات ذات العلاقة وخاصة وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين ان تكثف جهودها من اجل التحقيق في الملفات المعروضة على المحكمة الجنائية العراقية العليا والبالغة 14قضية لاقرارها و تعريفها على اقل في المحاكم العراقية اسوة بقضايا الانفال و القصف الكيمياوي و ابادة البارزانيين والكورد الفيليين و ترحيل و تهجير بشدر و سيد صادق.

*صحفي و ناشط في مجال الإبادة الجماعية


17/04/2025