أصدر مجلس الوزراء العراقي عام 2007، تحديد يوم الخامس عشر من شهر ايار، يوما وطنيا للمقابر الجماعية، ويستذكر العراقيون في هذا اليوم، ذكرى واحدة من اكثر الايام حزنا ومسأوية في تاريخ العراق، وستبقى المقابر الجماعية لغزا غير محلول لا يعرفها الا الذين شاركوا في تنفيذ المخططات الدموية للنظام البائد او شهود نجوا من بين مئات الضحايا داخل المقابر الجماعية.
عن تحديد يوم 16/5 يوماً للمقابر الجماعية اشار ضرغام آل محمود الحسيني من دائرة المقابر الجماعية التابعة لمؤسسة الشهداء، للموقع الرسمي للاتحاد الوطني الكوردستاني PUKMEDIA، قائلا: اتخذ قرار تحديد 16/5 يوما وطنيا للمقابر الجماعية من قبل مجلس الوزراء عام 2007، إثر العثور على اول مقبرة جماعية بعد سقوط النظام البائد في منطقة المحاويل بمحافظة بابل.
لابد من الاشارة الى انه يتم التعامل مع ملف المقابر الجماعية في العراق وفقا للقانون الرقم 5 لسنة 2006 قانون حماية المقابر الجماعية المعدل، حيث وكلت مهمة متابعة الملف الى دائرة المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء الاتحادية، وهناك فريق مشترك مؤلف من ممثلي دوائر الطب العدلي ودائرة المقابر الجماعية في المؤسسة بدعم ومساندة من منظمة icmp الدولية، يضم الفريق مختصين وذوي الخبرة في مجال عملهم.
وعن عدد المقابر التي تم فتحها حتى الان في عموم العراق قال الحسيني: يبلغ عدد المقابر التي تم فتحها في عموم العراق 314 مقبرة جماعية، 160 مقبرة تعود الى ضحايا النظام البعثي و154 لضحايا الارهاب والقتل الهمجي الذي قامت به الجماعات الارهابية، واغلبهم من الكورد الايزيديين، هناك 81 موقعا للمقابر الجماعية لم يتم فتحها حتى الآن وقد يحتوي الموقع على اكثر من مقبرة جماعية، على سبيل المثال في موقع تل الشيخية ببادية السماوة هناك 10 مقابر جماعية تم فتح 3 مقابر حتى الان ولايزال الباقي لم يتم العمل فيها، في هذا العدد 17 مقبرة جماعية تعود لضحايا النظام البائد و 64 موقعا لضحايا الارهاب الداعشي بعد عام 2003.
واضاف: لاتزال عمليات البحث والتنقيب مستمرة ويتم الاعتماد على البلاغات التي تتلقاها دائرة المقابر من الجهات الامنية وشهود من المواطنين لذا فان اكتشاف المزيد من المقابر قد يزيد مع مرور الوقت.
واوضح: ان عدد المقابر التي تم فتحها قليل نسبيا بعدد ضحايا، لذا قد تكون هناك معوقات امام عمل الفريق الوطني للمقابر الجماعية، ولخص ضرغام آل محمود الحسيني هذه المعوقات بما يأتي:
* قلة الكادر الوظيفي المتدرب كون دائرة المقابر الجماعية الدائرة الوحيدة في العراق وكلت اليها العمل لحماية وفتح المقابر الجماعية في عموم العراق وهذا العدد قليل قياسا بعدد المقابر الجماعية.
* وجود خلل في التخصيصات المالية، كون دائرة المقابر الجماعية تعتمد على مساعدات منظمات الدولية وفق المادة 17 لقانون المقابر الجماعية الرقم 5 لسنة 2006 رغم ذلك فان عمليات الفتح والكشف مستمرين.
* اصابة كوادر فريق العمل بالامراض نتيجة ملامستهم المباشرة مع رفات الضحايا، وتزداد نسبة الاصابة بين كوادر الفريق في المقابر التي تعود ضحاياها للارهاب.
* العمل في بعص المناطق مازال يشكل خطرا لانها غير مؤمنة بسبب قربها عن مناطق تواجد الخلايا الارهابية النائمة.
* ومن بين اهم المعوقات قام النظام البائد بتنفيذ عمليات القتل والابادة ودفن الضحايا بمنتهى السرية وفي مناطق بعيدة والعمل في بعض المناطق صعب بسبب التكوينات الجيولوجية وحر الصيف وبرودة الشتاء قد تواجه الكوادر العاملة صعوبة العمل في بعض المناطق.
وعن قانون حماية وفتح المقابر الجماعية قال الحسيني: تم تعديل القانون رقم 5 لسنة 2006 بالقانون رقم 13 لسنة 2015 وهو نافذ حتى الان هو قانون متكامل، وهناك مسودة تعديل للقانون المعدل مقدم الى المجلس الوطني فيها بعض التعديلات الفنية اما بخصوص الجانب الاداري فان القانون متكامل ويفي بالمطلوب.
تبقى مسألة المقتنيات التي يتم العثور عليها خلال فتح المقابر من الالبسة والمجوهرات و الوثائق و مصيرها مهمة بالنسبة الى ذوي الضحايا قال الحسين بهذا الخصوص:
بخصوص المقتنيات التي يتم العثور عليها في المقابر التي تعود ضحاياها الى النظام البائد تعود الى مسالة التعرف على هوية الضحايا وهي نسبة قليلة، جميع المقتنيات التي تعود ضحاياها للعمليات الانفال تم تسليمها الى الاقليم بشكل رسمي. اما المقابر التي لاتعود ضحاياها للكورد فيتم الاحتفاض بها واعلام المحكمة المختصة بذلك، اما المتقتنيات التي تعود ضحايا للارهاب او بعد 2003 تحتفض بها في دائرة التوثيق بشكل مؤمن ويتم تسليمها الى ذويها بعد التعرف علي هوية الضحايا، وان التعرف على ضحايا الارهابي اسهل بسبب وجود فحوصات حامض النووي و قرب فترة لدفنها.
وفيما يخص توثيق الادلة فان هذا الفريق يقوم بتوثيق ادق تفاصيل الادلة التي يتم العثور عليها مع الضحية في المقابر الجماعية، ويتم الاحتفاظ بها وينظر اليها كثروة وطنية ويتم الاستفادة منها في سير المحاكم الخاصة بهذه الجرائم، كما يتم عرض جانب من هذه الادلة في المتاحف والنصب الخاصة في المناطق التي تعرضت للابادة الجماعية.
حزب الدعوة: الانفال والمقابر الجماعية شاهد حي على بشاعة نظام البعث
أكد حزب الدعوة الإسلامية، أن عمليات الأنفال والمقابر الجماعية تبقى شاهدا حيا على مرحلة حالكة الظلام من تاريخ العراق الحديث.
وذكر بيان لحزب الدعوة، أنه "في 16 أيار من كل عام يقف العراقيون بلوعة وأسى عند محضر الشهداء وذكرى الغياب الأبدي في المقابر الجماعية التي ضمت الضحايا الأبرياء من أبناء شعبنا، وتلك واحدة من أفظع جرائم حكم البعث النازي والتي اكتشفت بعد سقوطه عام 2003".
وأضاف البيان، أنه "من خلال تلك المقابر الجماعية اكتشف الرأي العام العالمي مدى دموية ذلك النظام الديكتاتوري الذي فاق أقرانه من دكتاتوريات العصر في هول الجريمة والتفنن في تصفية المعارضين والمؤمنين والأحرار".
وأشار إلى، أن "اليوم الوطني للمقابر الجماعية يمر ليذكر الجميع بفظاعة جرائم البعث ونهجه التمييزي العنصري والطائفي، ويهز ضميرهم في الحيلولة دون عودة البعث إلى الساحة السياسية وتحت أي مسميات وواجهات".
وتابع البيان، أن "دفن الأحياء في حفر كبيرة في الصحراء وفي الأطراف النائية للمدن وخاصة بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991 من أبناء الوسط والجنوب ومن إخوتنا من الشعب الكوردي من ضحايا عمليات الأنفال سيئة الذكر، يبقى شاهدًا حيًا على مرحلة حالكة الظلام من تاريخ العراق الحديث ويلاحق عارها وشنارها البعثيين ومن يحن إلى أيامهم السوداء".
وواصل البيان، أن "ضحايا المقابر الجماعية هم الذاكرة الحية للأمة والوطن تمنحهم القوة والشجاعة في منع ظهور أنظمة وحكومات دكتاتورية قد ولت وبلا عودة، واليوم يعيش العراقيون بكل مكوناتهم تحت سقف النظام السياسي التعددي الديمقراطي الذي يمثل الجميع بنحو منصف، وهو الضمانة في عدم ظهور دكتاتوريات طاغية مرة أخرى، وأن الحرص على هذا النظام الجديد سيحول دون تكرار مسلسلات المقابر والإعدامات الجماعية والمنهج الأحادي الشمولي في الحكم".