يقع على عاتق كل موظف حكومي التزام تجاه المواطنين الامريكيين بضمان أن أي برامج يمولها تخدم مصالح أمتنا. خلال المراجعة الشاملة التي أجرتها إدارة ترامب لآلاف البرامج، ولأكثر من 715 مليار دولار من الإنفاق المعدل حسب التضخم على مدى عقود، اتضح أن الوكالة الامريكية للتنمية الدولية تراجعت كثيرا عن هذا المعيار.
لقد كانت لدى الوكالة الامريكية للتنمية الدولية عقود من الزمن وميزانية لا حدود لها تقريبا من أموال دافعي الضرائب لتعزيز النفوذ الامريكي، وتشجيع التنمية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، وتمكين مليارات الأشخاص من الاعتماد على أنفسهم.
وباستثناء إنشاء مجمع صناعي للمنظمات غير الحكومية في أرجاء العالم على حساب دافعي الضرائب، لم تحقق الوكالة الامريكية للتنمية الدولية سوى القليل منذ نهاية الحرب الباردة. نادرا ما تحققت أهداف التنمية، وتفاقم عدم الاستقرار في كثير من الأحيان، وتزايدت المشاعر المعادية لامريكا. على الصعيد العالمي، عادة ما تفشل الدول الأكثر استفادة من كرمنا في رد الجميل. على سبيل المثال، في عام 2023، صوّتت دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مع الولايات المتحدة بنسبة 29% فقط من المرات على القرارات الأساسية في الأمم المتحدة، على الرغم من تلقيها 165 مليار دولار من المدفوعات منذ عام 1991.
هذا أدنى معدل في العالم. وخلال الفترة نفسها، لم يؤد استثمار أكثر من 89 مليار دولار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوى إلى انخفاض شعبية الولايات المتحدة مقارنة بالصين في جميع الدول باستثناء المغرب. كما إن إنفاق الوكالة البالغ 9.3 مليار دولار في غزة والضفة الغربية منذ عام 1991، والذي كان من بين المستفيدين منه حلفاء حماس، لم يؤد سوى إلى الشكاوى والتظلمات بدلا من الامتنان تجاه الولايات المتحدة. كان الوحيدون الذين يعيشون حياة رغيدة هم المدراء التنفيذيون للمنظمات غير الحكومية العديدة، الذين غالبا ما كانوا يتمتعون بنمط حياة فاخر بتمويل من دافعي الضرائب الامريكيين، بينما تخلف أولئك الذي زعمت المنظمات مساعدتهم عن الركب.
لقد انتهت رسميا حقبة عدم الكفاءة التي كانت تُقرّها الحكومة. وفي ظل إدارة ترامب، سيكون لدينا أخيرا هيئة تمويل أجنبي في امريكا تُعطي الأولوية لمصالحنا الوطنية. واعتبارا من الأول من تموز/يوليو، ستتوقف الوكالة الامريكية للتنمية الدولية رسميا عن تقديم المساعدات الخارجية. وستتولى وزارة الخارجية إدارة برامج المساعدات الخارجية التي تتوافق مع سياسات الإدارة – والتي تخدم المصالح الامريكية – حيث سيتم تقديمها بمزيد من المساءلة والاستراتيجية والكفاءة.
نحن لن نعتذر عن إدراكنا أن التزام امريكا الراسخ بالمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة وتعزيز التنمية الاقتصادية في الخارج يجب أن يكون تعزيزا لسياسة خارجية قوامها ’امريكا أولا‘.
كانت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية تنظر إلى جمهورها المستهدف على أنه الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية متعددة الجنسيات والمجتمع العالمي الأوسع – وليس دافعي الضرائب الامريكيين الذين مولوا ميزانيتها أو الرئيس الذي انتخبوه لتمثيل مصالحهم على الساحة العالمية. وقد سوّقت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية برامجها على أنها مؤسسة خيرية، بدلا من كونها أدوات للسياسة الخارجية الامريكية تهدف إلى خدمة مصالحنا الوطنية. وفي كثير من الأحيان، روّجت هذه البرامج لمُثُل وجماعات معادية لامريكا، بدءا من مبدأ “التنوع والإنصاف والإدماج” العالمي، وعمليات الرقابة وتغيير الأنظمة، وصولا إلى منظمات غير حكومية ومنظمات دولية متحالفة مع الصين الشيوعية وغيرها من الخصوم الجيوسياسيين.
واليوم، ينتهي ذلك، وحيث كان هناك مجموعة من الشعارات المبهمة التي لا يمكن التعرف عليها على المساعدات المنقذة للحياة، سيكون هناك الآن رمز واحد يمكن التعرف عليه: العلم الامريكي. متلقو المساعدات يستحقون أن يعرفوا أن المساعدات المقدمة لهم ليست صدقة من منظمة غير حكومية مجهولة، بل هي استثمار من الشعب الامريكي.
وبالقدر نفسه من الأهمية، فشل نموذج العمل الخيري لأن قيادات هذه الدول النامية أصبحت مدمنة عليه. تشير أبحاث وزارة الخارجية الامريكية إلى أن التوجه السائد في الدول التي كانت تتلقى تمويلا من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية سابقا هو التجارة، وليس المساعدات. وبعد التواصل مع دول في امريكا اللاتينية وأفريقيا، سمعنا باستمرار أن الدول النامية تريد استثمارات تُمكّنها من النمو المستدام – وليس عقودا من رعاية الدعم الذي تُديره الأمم المتحدة أو الوكالة الامريكية للتنمية الدولية. وقد سمعتْ الوزارة الأمر نفسه باستمرار من أشخاص في هذه الدول: فقد أخبر رجل من زامبيا دبلوماسيين امريكيين أنه من المفيد أكثر لمواطني بلده أن يتعلموا كيفية صيد الأسماك بدلا من أن تعطيهم الحكومة الامريكية السمك، وقالت امرأة إثيوبية إنها ترى أن المنافع المتبادلة للاستثمار تفوق الطبيعة الأحادية الجانب للمعونات، وغيرها الكثير من الأمثلة التي لا تُحصى.
يجب ألا يدفع الامريكيون ضرائب لتمويل حكومات فاشلة في بلدان بعيدة. وفي المستقبل، ستكون مساعداتنا موجّهة ومحدودة زمنيا. سنُفضّل الدول التي أظهرت القدرة والرغبة في مساعدة نفسها، وسنُوجّه مواردنا نحو المناطق التي يمكن أن تُحدِث فيها تأثيرا مضاعفا وتُحفّز القطاع الخاص المُستدام، بما في ذلك الشركات الامريكية، والاستثمار العالمي.
هذا العمل جارٍ على قدم وساق. ونحن نشهد بالفعل تقدّما هائلا في جعل الأمم المتحدة والحلفاء الآخرين والصناديق الخاصة تُساهم بحصة أكبر في تمويل المشاريع حول العالم، وهي عملية يُضاهيها نجاح الرئيس في إقناع حلفائنا في الناتو بالوفاء بالتزاماتهم في الإنفاق. ونحن نعمل على دمج حسابات المخصصات المجزأة لبناء مجموعات صناديق تمويل أكثر مرونة وحيوية، والقضاء على العمليات البيروقراطية للتحرك بشكل أسرع والاستجابة للأزمات في الوقت الفعلي، وتطبيق معايير كفاءة جديدة لقياس التأثير بطريقة كمية. وعن طريق تمكين الدبلوماسيين على الأرض من خلال المكاتب الإقليمية، فإننا ننشئ قناة سريعة لتلقي الآراء والملاحظات لضمان توافق البرامج مع المصالح الامريكية واحتياجات الدول الشريكة.
وهذا النموذج سيضعنا أيضا في موقف أقوى لمواجهة نموذج المساعدات الاستغلالي للصين، وتعزيز مصالحنا الاستراتيجية في المناطق الرئيسية حول العالم.
سنحقق ذلك من خلال إعطاء الأولوية للتجارة على المساعدات، وللفرص على التبعية، وللاستثمار على المساعدة. وبالنسبة للامريكيين وكثيرين حول العالم، سيُمثل الأول من تموز/يوليو بداية حقبة جديدة من الشراكة العالمية والسلام والاستثمار والازدهار.
*ماركو روبيو أدى اليمين الدستورية ليصبح وزير الخارجية الامريكي رقم 72 في 21 كانون الثاني/يناير 2025. ويعمل الوزير على إنشاء وزارة خارجية تضع في الاعتبار ’أمريكا أولا‘.
*المكتب الصحفي لوزارة الخارجية الامريكية