×

  شؤون دولية

  هل اقترب الناتو من الحرب المباشرة مع روسيا؟



 

بعد تردد استمر أشهرًا، وافقت الولايات المتحدة وألمانيا على تزويد أوكرانيا بدبابات إم 1 أبرامز وليوبارد 2 المتطورة.

وفي المقابل، حذر الكرملين من تبعات هذه الخطوة، ورأى أن قرار الدول الغربية إرسال دباباتها إلى أوكرانيا يجعلها طرفًا في النزاع. وهذه التطورات تطرح تساؤلًا عما إذا كان هذا يعني دخول حلف شمال الأطلنطي (ناتو) في صراع مباشر مع روسيا.

 

الناتو مستعد

في حوار مع إذاعة وتليفزيون البرتغال (آر تي بي)، قال رئيس اللجنة العسكرية للناتو، الأدميرال روب باور، إن الحلف “مستعد للمواجهة المباشرة مع روسيا”. ولفت إلى أن أهداف روسيا تتجاوز أوكرانيا، لأن موسكو ترغب في استعادة أراضي الاتحاد السوفيتي السابق، على حد قوله.

وأشار باور إلى أنه بعد اندلاع الحرب، أنشأ الناتو مجموعات قتالية على طول الجناح الشرقي، 4 منها في دول البلطيق وبولندا. وفي قمة مدريد، التي انعقدت يونيو الماضي، قرر إنشاء 4 مجموعات قتالية إضافية في سلوفاكيا والمجر ورومانيا وبلغاريا، وتعزيز تلك المجموعات بمزيد من الأسلحة والذخيرة، موضحًا أنها رسالة مهمة للروس “لإظهار أننا مستعدون إذا قرروا مهاجمة الناتو”.

وعند سؤاله عما إذا كان الحلف يخشى التصعيد في الحرب الروسية الأوكرانية، أجاب باور بأن رغبة أوكرانيا في استعادة أراضيها ليست تصعيدًا، وقال: “إذا أوقف الروس الحرب اليوم، لن تجد تصعيدًا”.

 

آفاق المواجهة المباشرة

في تحليل نشرته شبكة “سي إن إن” الإخبارية، رأى الكاتب لوك ماكجي أن إجماع الخبراء يشير إلى أنه لا يوجد أي عضو في الناتو في حالة حرب مع روسيا، أو حتى قريب منها، حسب التعريفات القانونية المقبولة دوليًّا. لذلك، فإن فكرة أن الحلف في حرب مع روسيا ليست واردة.

وفي هذا الشأن، أوضح الخبير العسكري بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ويليام ألبيرك، أن الحرب تتطلب “ضربات تنفذها قوات الولايات المتحدة أو الناتو”، ما يعني وقوع هجوم من أراضي الناتو ضد قوات روسيا أو أراضيها أو شعبها. وأضاف: “أي قتال من طرف أوكرانيا، بأي أسلحة تقليدية ضد أي قوات روسية، ليس حربًا للولايات المتحدة والناتو، بغض النظر عن ادعاءات موسكو”.

 

مناطق رمادية

لفت ماكجي إلى أن الكرملين يسعى لاستغلال بعض المناطق الرمادية المتأصلة في أي حرب حديثة، للادعاء بنحو خاطئ بأن الناتو هو المعتدي الرئيس في صراع أوكرانيا. وقد تشمل هذه المناطق استخدام المعلومات الاستخباراتية الغربية لتنفيذ هجمات ضد أهداف روسية، وشن الولايات المتحدة حربًا على الإرهاب، وتفعيل المادة 5 من معاهدة الناتو بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، عندما تعرضت لهجوم من إرهابيين وليس من دولة.

واستشهد ماكجي بمزاعم أمين مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، بأن الغرب يحاول “تدمير” روسيا، وتصريحات السفير الروسي في الولايات المتحدة، أناتولي أنطونوف، بأن الإدارة الأمريكية تدفع أوكرانيا لـ”تنفيذ هجمات إرهابية في روسيا”. ورأى أن هذه المزاعم، التي يتناولها محللون ومعلقون خارج روسيا على محمل الجد، تخدم أغراض الكرملين بأكثر من طريقة.

 

خدمة أغراض الكرملين

أوضح السفير الأمريكي السابق في أوكرانيا ومدير مركز أوراسيا بالمركز الأطلسي، جون هيربست، أن الترويج لفكرة أن هذه حرب بين الناتو وروسيا يساعد في التفسير لجمهور بوتين المحلي لماذا لم ينجح الغزو سريعًا كما أملت موسكو.

وقال هيربست، في تصريحات لـ سي إن إن: “بسبب فشل الجيش الروسي في أوكرانيا، من المفيد تصوير هذه الحرب على أنها مع الناتو وليس أوكرانيا. وهذا يساعد كذلك في تبرير أي خطوات قد يتخذها بوتين لاحقًا”، لافتًا إلى أن روسيا كانت حريصة على إبراز فكرة أن هذا قد يعني استخدام السلاح النووي.

 

الخوف من التهديد النووي

حسب اعتقاد هيربست، كانت الحرب الإعلامية الروسية على الغرب أكثر نجاحًا من حملتها العسكرية، من منطلق أنها دفعت بعض الأشخاص الموثوقين في واشنطن إلى الامتناع عن تأييد الدعم العسكري المتزايد لأوكرانيا، لأنهم يبالغون في إمكانية استخدام بوتين للأسلحة النووية.

وقال هيربست: “لا يمكنني ذكر عدد الخبراء، الذين قالوا لا يمكننا تزويد أوكرانيا بأسلحة معينة لأن بوتين سيلجأ للنووي”، مضيفًا أنه على مدار الأشهر الـ6 الماضية، تواصل الباحثون الروس مع نظرائهم في الغرب ليحذروا من أن بوتين قد يفعل هذا بالفعل، ما ردع واشنطن وبرلين في بعض الأحيان.

 

استبعاد التصعيد

وفق تحليل ماكجي، استبعد مراقبو سلوك الرئيس الروسي فكرة تصعيد روسيا للدرجة التي تستدعي رد الناتو بالقوة، لأن موسكو تعلم جيدًا أنها لا تستطيع تحمل المواجهة.

وفي هذا الإطار، قال نائب مدير المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، مالكولم تشالمرز، إن أحد الأهداف القليلة المشتركة الآن بين القيادة الروسية والأمريكية، هي تجنب الصراع المباشر بين القوتين.

وأضاف تشالمرز: “تعلم روسيا أن المواجهة التقليدية مع الناتو ستنتهي سريعًا بالنسبة لها. لكن يوجد بعض المنطق في الترويج لفكرة أنها مستعدة للمجازفة، إذا كان هذا يعني الحصول على مزيد من التنازلات من الغرب”.

 

هل يغير إرسال الدبابات الغربية إلى أوكرانيا مشهد الحرب؟

هذا وقدمت كل من المملكة المتحدة وبولندا تعهدات ملموسة، وستحذو حذوها دول أخرى كما ذكر التقرير، في حين وصف بعض المراقبين تلك الخطوة بأنها عامل تغيير مهم في المشهد الروسي الأوكراني، ولكن هل هذا يكفي كييف للانتصار في معركتها على موسكو؟

تغير المشهد في الحرب الروسية الأوكرانية، ربما لصالح كييف، بعدما أكد تحالف الغرب أنهم مستعدون لتزويد أوكرانيا بدبابات قتالية حديثة الصنع.

وأبرزت شبكة بي بي سي، في تقرير لها كيف يمكن للدبابات من ألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تغيير مشهد الحرب في أوكرانيا؟ مضيفة أن ألمانيا سترسل دبابات ليبارد2، وأمريكا سترسل دبابات إم 1 أبرامز.

 

إحداث الفرق

قدم كل من المملكة المتحدة وبولندا تعهدات ملموسة، وستحذو حذوها دول أخرى، كما ذكر التقرير، في حين وصف بعض المراقبين تلك الخطوة بأنها عامل تغيير مهم في المشهد الروسي الأوكراني، ولكن هل هذا يكفي كييف للانتصار في معركتها على موسكو؟

وقال الزميل الأول في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (ISS) بن باري، لـ”بي بي سي”، إن الدبابات الغربية ستحدث فرقًا، ولكنه حذر أيضًا من أن التعهدات التي جرى التعهد بها حتى الآن من غير المرجح أن تكون حاسمة.

وحسب ما ذكر التقرير، فإن الدبابات لا تحقق الانتصار في الحروب عبر التاريخ، على حسب وصفه، ولكنها قد تكون فعالة حال استخدامها بطريقة صحيحة.

 

الدبابات ليست كافية

لاختراق الدفاعات الروسية، ستحتاج أوكرانيا إلى تركيز قواتها، ربما على مساحة تتراوح بين خمسة و20 كيلومترًا. ويقول العقيد السابق في فوج الدبابات الملكي بالجيش البريطاني، هاميش دي بريتون جوردون، لبي بي سي، إن التفاصيل مهمة لشن هجوم ناجح واختراق الدفاعات الروسية.

وأضاف: “ويهدف هذا الاختراق لدفاعات موسكو إلى إعادة ما يشتمل عليه اللواء المدرع إلى عملية هجومية كبيرة على 70 دبابة على الأقل، ولذا فإن أكثر من 100 دبابة غربية يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا”.

 

تعزيزات جيدة ولكن

أضاف جوردون لبي بي سي: “إذا كان لدى أوكرانيا المزيد، فإنه يمكنها محاولة شن عمليات هجومية متزامنة في أماكن مختلفة، كما فعلت العام الماضي في الشمال والجنوب”. وحذر من أن الروس قضوا الأشهر القليلة الماضية في تعزيز مواقعهم الدفاعية بالخنادق وفخاخ الدبابات.

وعدد جوردون مزايا الدبابات الغربية، فقال إنها تستطيع القتال ليلًا، وتتميز بكاميرات ذات تقينات عالية. وإذا أوفى الغرب بتعهداته حيال كييف، فيمكن تعزيز القوات المسلحة الأوكرانية بأكثر من 100 دبابة، ولكن هذا سيظل أقل بكثير مما يطلبه الجيش الأوكراني.

 

تغيير ميزان القوى

في أكتوبر الماضي، قال الجنرال، فاليري زالوجني، في تصريحات صحفية، إن أوكرانيا بحاجة إلى 300 دبابة إضافية و700 مركبة قتال مشاة و500 مدفع هاوتزر للهجوم المخطط له هذا العام، ولكن قد يصل إلى الجيش الأوكراني نصف ما يطلبونه فقط.

وقد تحدثت مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية عن إرسال الدبابات إلى أوكرانيا أيضًا، وهذا في تقرير لها بعنوان “إرسال الدبابات إلى أوكرانيا يغير ميزان القوى في أوروبا”.

وقالت المجلة في تقريرها إنه عندما اتفقت الحكومتان الألمانية والأمريكية، خلال الأيام الماضية، على تزويد أوكرانيا ببعض أقوى دباباتهما القتالية، تحول ميزان القوى داخل أوروبا على نحو ملحوظ.

 

لا يمكن لموسكو الفوز بالحرب

كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والمستشار الألماني أولاف شولتز، يخشيان تصعيد الصراع بين الغرب وروسيا، وأجلا طلب كييف إرسال الأسلحة، ولكن وبعد طول انتظار، سترسل الولايات المتحدة وألمانيا الأسلحة والعتاد الذي تريده أوكرانيا.

ومنذ بداية الحرب، حاولت ألمانيا والولايات المتحدة تقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا، للتصدي لروسيا في ساحة المعركة، ولكن لم يكن هذا كافيًا للتصدي للهجمات الروسية.

وقالت واشنطن وبرلين في تصريحات سابقة، إنه لا يمكن لروسيا أن تربح الحرب، ولا يمكن السماح لأوكرانيا بالخسارة، ولكن في النهاية، قد يضطر بعض الأطراف إلى تقديم بعض التنازلات المهمة للطرف الآخر من أجل اتفاق سلام.

 

دور دول البلطيق

عملت دول البلطيق على إقناع ألمانيا بتقديم دباباتها القتالية المتطورة من طراز ليوبارد إلى أوكرانيا، وربما كان الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن السويد رفعت الضغط بطريقة ملحوظة مع تعهدها بمنح الأوكرانيين نظام مدفعية آرتشر عالي الدقة.

وانضمت المملكة المتحدة وهولندا إلى دول حلف شمال الأطلنطي، الناتو، في أوروبا الشرقية والدول الإسكندنافية في الدعوة إلى طرد روسيا من جميع الأراضي الأوكرانية في 24 فبراير الماضي.

وفي التحالف المناهض لروسيا، طلبت بولندا رسميًّا من ألمانيا السماح لها بنقل دبابات ليبارد الخاصة بها إلى أوكرانيا، وناقشت دول أخرى إجراء ذلك حتى دون طلب الإذن.

*اعداد:شبكة رؤية- 


30/01/2023