مظلومية الكرد الفيليين
الأنظمة الديكتاتورية بطبيعتها تمارس كل اشكال الاجرام بحق الشعوب التي تحت سيطرتها، لادامة سلطتها، وهي لا تفرق بين مكونٍ واخر في ممارسة جرائمه، نعم، الديكتاتور يؤمن بايديولوجية وفكرة معينة، ويسعى في فرضها بالقوة والبطش، لذلك يسعى لاستغلال ايديولوجيته مع من يختلف معه بأبشع الطرق .
الكرد الفيليين من المكونات العراقية الاصيلة، التي تعرضت لابشع أنواع الجرائم ضد الإنسانية، تسفير وتهجير ومصادرة الأموال والعقارات، اعدامات بالجملة سجن، ولم يستثني في جرائمه بين امرأة وطفل وكبار سن .
فقط انقل قصة موجزة لعائلة كردية فيلية :
بيت أبو رعد يتكون العائلة من ام واب واربعة اولاد وثلاث بنات كانوا يسكنون منطقة جميلة في العاصمة بغداد، جاء البعثيين صباحاً، واعتقلوا من موجود في البيت ومباشرة حولوهم للتسفيرات، ومن بين المعتقلين الأب واحد الأولاد وبنت، لأن بنتين كانتا متزوجتان، والاولاد منهم من كان في العمل ومنهم من كان طالبا جامعيا، وفي المساء عاد البعثيين واعتقلوا الأم واولادها، وتم نقلهم مباشرة لسجن "نكرة السلمان" في صحراء محافظة السماوة، وهو أحد أشهر السجون .
أما البنتين المتزوجتان فتم تسفيرهما مع ازواجهما الى ايران، الأب توفي في الطريق، الأم خرجت من نكرة السلمان بعد عشرة سنوات، واعدم الشباب الثلاثة .عائلة متكونة من تسعة أفراد دمرهم نظام صدام حسين .
هذه قصة من عشرات القصص التي اسمعها يومياً من كبار السن .
أما التهجير الداخلي فتم تهجيرهم من مناطق " خانقين ومندلي وبدرة وجصان"، الى محافظات العراق الغربية والجنوبية والغاية منها طمس الهوية الكردية، وسلخهم عن ثقافتهم القومية .
بالرغم من إسقاط النظام السابق منذ اكثر من عشرين عاما إلا ان حقوق الكرد الفيليين لم تسترد لغاية الآن ، لا السياسية ولا الثقافية، بل لاتزال قوانين البعث هي السارية، نعم، شُرعت قوانين لكنها معطلة، ما نحتاجه اليوم هو الغاء جميع قرارات وقوانين "مجلس قيادة الثورة المنحل"، وتفعيل القوانين الخاصة بالكرد الفيليين، وارجاع حقوقهم .
ما دعاني للكتابة هو منذ أيام تُعقد ندوات ومؤتمرات لاحزاب ومنظمات وشخصيات، حول مظلومية الكرد الفيليين والبحث عن حلول لاسترجاع حقوقهم المسلوبة .
المشكلة منذ إسقاط النظام السابق العشرات من المنظمات والاحزاب والشخصيات الفيلية، تأسست بإسم الفيليين وأخذت أموال كبيرة، إلا إنها جميعها فشلت في استرداد حقوق الكرد الفيليين، بل زاد الشقاق والانقسام بينهم كثيراً حتى وصلت للمقاطعة فيما بينهم، ومنهم من يؤيد بعض القوانين ومنهم من يرفضها! .
والسبب أن أغلب هؤلاء انسلخوا من قوميتهم الكردية، وارادوا جعل الفيليين قومية مختلفة عن الكرد، رغم أن اللغة والعادات والتقاليد هي نفسها مع الكرد، لكن لغايات شخصية ضيقة، وارضاءا لتلك الاحزاب التي تحمل نفس ايديولوجية البعث، والتي تسعى لالغاء الآخر، لذا لم ينجحوا .
ويذكروني هؤلاء بالقائل " اشهدوا لي عند الامير بأني أول من رمى" .
أتمنى أولا من الفيليين أن يكونوا اكثر وعيا، ولا يغريهم الكلام المعسول، لأننا تعرضنا للخداع منذ عشرين عاماً، وشخصنا جيدا من عمل فعلاً ومن كانت غاياته حزبية وشخصية .
ثانيا أتمنى من الندوات والمؤتمرات والتجمعات التي عُقدت مؤخراً من قبل بعض المخلصين، خصوصا أنهم عملوا فعلاً لالغاء قوانين البعث، وتفعيل بعض القوانين لصالح الكرد الفيليين، أتمنى منهم أن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وأن لا تكون مجرد صور التقطت .
|