انسحاب بايدن وسيناريوهات وصول هاريس إلى البيت الأبيض
في قراءة متأخرة للمشهد الانتخابي من قبل الديمقراطيين مساء الأحد 21 يوليو 2024 – يمكن تداركها إذا ما أحسن الديمقراطيون إدارة ما تبقى منه- أعلن الرئيس بايدن انسحابه من السباق الانتخابي استجابة للضغوط المتزايدة داخل الحزب ومن حلفائه ومموليه، قبل أقل من شهر تقريبًا من موعد انعقاد المؤتمر الوطني للحزب في 19 أغسطس القادم، وقد مهد بايدن لانسحابه بإعلانه في وقت سابق أنه سينسحب إذا اكتشف الأطباء مشكلة صحية لديه، أعقبها إعلان البيت الأبيض إصابته بكورونا، وانعزاله في منزله بولاية ديلاوير حتى الاستشفاء؛ مما ترتب عليه عدم حضوره مؤتمر الحزب الذي كان مقررًا في لاس فيجاس، ليختتم ذلك بإعلان انسحابه تاركًا ساحة الديمقراطيين مرتبكة مع فرص محدودة لإعادة الترتيب وتكلفة متصاعدة، وانتصار بلا منافسة- على الأقل حتى تاريخه- لمنافسه الجمهوري ترامب الذي لطالما شكك في قدراته الصحية والذهنية المرتبطة بتقدم بايدن في العمر، وفي محاولة لتحليل قرار الانسحاب وأسبابه وتداعياته الداخلية والخارجية يأتي هذا التقرير.
أولًا، تحليل قرار الانسحاب:
قبل ليلة السابع والعشرين من يونيو الفائت لم يختلف الديمقراطيون، بل والأمريكيون، حول حيثية جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، بل لم يختلف عليه الناخبون لمدة 36 عامًا نائبًا عن ولاية ديلاوير في مجلس الشيوخ الأمريكي، وقد استمر هذا الإجماع بين الديمقراطيين في خضمّ عملية إعادة انتخابه، على الرغم من الأصوات الخافتة في بداية الأمر التي تحدثت عن ملف تقدم عمره وقدراته الصحية، إلا أنه فاز في منتصف مارس الماضي بأغلبية مريحة من أصوات المندوبين ضمن الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لتسميته مرشحًا رسميًّا عن الحزب الديمقراطي في مؤتمره العام في 19 أغسطس المقبل.
ثلاثة تيارات رئيسية داخل الحزب الديمقراطي
والتفاتًا عن الأصوات الديمقراطية التي أثارت مسألتَي السن والصحة، استقر الديمقراطيون على ترشيح بايدن حتى موعد المناظرة الأولى في السابع والعشرين من يونيو الفائت، لتتحول الأصوات الخافتة في أوساط الديمقراطيين إلى مسموعة حتى طنّت في أذن بايدن وحلفائه ليعلن انسحابه في يوم الإثنين الموافق 21 يوليو الجاري، وقد تشكلت قبيل قرار انسحابه ثلاثة تيارات رئيسية داخل الحزب الديمقراطي، وهي:
1.تيار بايدن ومؤيدوه، وهو التيار السائد حتى إعلانه الانسحاب، إذ أصرّ الرئيس بايدن على استكمال ترشحه للانتخابات الأمريكية ساخرًا من مسألة السن؛ ليؤكد اشتراك ترامب معه في المحدد ذاته، إذ وصف ترامب في أحد اللقاءات بأنه “طفل في السادسة من العمر”، ومرة أخرى عندما سخِر قائلًا إن “السن هو الجامع الوحيد بيننا”؛ في إشارة للمساحة المشتركة بين ترامب وبايدن، بيْد أن هذا التيار اكتسب بعض المرونة مؤخرًا انتهت باندثاره لصالح تيار انسحابه، وتحديدًا في ضوء اتساع الهوة بين الديمقراطيين المؤيدين والمعارضين لانسحابه، وقد مر هذا التيار بثلاث محطات رئيسية، أولها؛ الرفض التام للانسحاب وإصراره على استكمال الترشح حتى بعد أدائه المثير للجدل في مناظرة يونيو الفائت، وذلك عندما صرح بأنه لن ينسحب إلا إذا أخبره الرب بذلك، لتأتي المحطة التالية قبيل أسبوع من إعلانه الانسحاب وذلك عندما صرّح في حوار له مع قناة BET News يوم 16 يوليو الحالي بأنه لن ينسحب إلا في حالة واحدة؛ وهي “اكتشاف الأطباء مشاكل صحية”، مُتحولًا عن تصريحه السابق أنه “لن ينسحب إلا إذا أمره الربّ بذلك”، وهو بذلك فتح باب التفاوض وإعادة بناء الانقسام الديمقراطي حول المرشح الرئاسي؛ في حال أنه انسحب تحت وطأة مشكلة صحية تدفع بالديمقراطيين وناخبيهم للتكاتف وراء المرشح البديل، والمحطة الثالثة والأخيرة لهذا التيار بإعلان انسحابه في 21 يوليو الجاري بمنشور على صفحته الرسمية بمنصة “X”، وتأييده لكمالا هاريس مرشحًا رئاسيًا عن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية في وقت لاحق.
2.التيار الذي يطالب بانسحاب بايدن من السباق الانتخابي، وهو التيار الذي كان خافتًا قبيل المناظرة المشهودة، وتعالت أصواته واتسعت رقعته عقِبها، حتى أصمت أذان بايدن ودفعته لإعلان انسحابه، وكانت المحطة الأبرز في هذا التيار، إرسال مجموعة مكونة من 24 من أعضاء الكونغرس الأمريكي السابقين عن الحزب الديمقراطي، في 12 يوليو الحالي، رسالة إلى الرئيس بايدن تحثّه فيها على الانسحاب من الانتخابات، وجاء نصّ الرسالة: “الرئيس بايدن سيخدم البلد الذي يحبّه على أكمل وجه من خلال فسح المجال لباقي الديمقراطيين للترشح للرئاسة، نطلب منه اتخاذ هذا القرار”، وقد حذّرت الرسالة بايدن من أن إصراره على استمرار المشاركة في الانتخابات لن يقتصر على هزيمته وانتصار ترامب فقط، بل يمكن أن يُقوّض أيضًا مواقف الديمقراطيين في الكونغرس والمجالس التشريعية في الولايات، وقد انتقل أنصار “انسحاب بايدن” من داخل أروقة الحزب الديمقراطي إلى وسائل الإعلام، حيث طالبت صحيفتا “نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” بضرورة خروج بايدن من سباق الانتخابات، وهو التيار الذي ساد مشهد الحزب الديمقراطي الراهن بعد 21 يوليو الجاري.
3.تيار الوسط الذي تشكل من بعض باحثي وأكاديميي الحزب الديمقراطي، والذي يرى أن كِلا المسارين مُكلفٌ للحزب الديمقراطي، أو بالأحرى سيؤدي للهزيمة، والذي رأى أنه في حالة استمرار ترشح بايدن فإنه بذلك سيعمق الهوة بين الديمقراطيين وما يرتبط بها من فقد للأصوات الانتخابية من ناحية، ومن ثم خسارة الديمقراطيين لانتخابات الرئيس الـ47، ومن ناحية أخرى فإن انسحابه قبيل المؤتمر الوطني للحزب، في أغسطس، وبعد هزيمته لمنافسيه الديمقراطيين كافة في الانتخابات التمهيدية، يضع الديمقراطيين في مأزق البحث عن بديل غير قابل للحشد أو المنافسة- إذ كان من بين الخاسرين في الانتخابات التمهيدية- أو يفتقد الكاريزما ومن ثم قدرته على التأثير على الناخبين في وقت قصير، ليُفضي في النهاية إلى هزيمة الديمقراطيين أيضًا، ويبدو أن هذا التيار سيشكل التحدي الأهم للحزب الديمقراطي في الأيام القادمة، خاصة قبيل التسمية الرسمية لمرشحه للرئاسة.
وعليه يمكن إجمال الأسباب التي انتهت بإعلان بايدن لانسحابه من السباق الرئاسي في التالي:
*تنامي التيار المُطالب بانسحابه داخل الحزب الديمقراطي بصورة مطَّردة واكتسابه الدعم من قبل شخصيات مؤثرة في الحزب الديمقراطي، ومنهم الرئيس الأسبق باراك أوباما، وزعيمة الأغلبية ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وكذلك زعيم الديمقراطيين الحالي بمجلس الشيوخ تشاك شومر[2].
*اتجاه ممولي الحملة الانتخابية للرئيس بايدن بصفته مرشحًا رئاسيًا عن الحزب الديمقراطي بتجميد 90 مليون دولار من الأموال المخصصة لدعم حملته، وهو الرقم الذي يؤخذ في الاعتبار إذا ما علمنا أنه كان يُتوقع أن تدور التقديرات الأولية لتمويل حملته حول نصف مليار دولار، إذ أشارت التقارير عن أنه أنفق حتى مارس الفائت فقط 29.2 مليون دولار، منها حوالي 21.8 مليون دولار لتمويل الإعلانات وشراء وسائط الميديا، وبحلول مايو 2024 قُدرت النفقات الإضافية للإعلانات وتوظيف المزيد من الموظفين بحوالي 14 مليون دولار.
*النتائج الجلّية لاستطلاعات الرأي، خاصة تلك التي طلب بايدن إجراءها قبيل إعلان انسحابه بأربعة أيام، إذ ذكرت شبكة ABC News في 18 يوليو الجاري نقلًا عن مسؤول كبير- لم تسمِّه- في البيت الأبيض، أن الرئيس جو بايدن أمر بإجراء استطلاع للرأي العام حول فرص نائبته كامالا هاريس، في حال دخولها السباق الرئاسي بدلًا منه، وذكرت الشبكة حينها أن الرئيس أصبح أكثر تقبلًا للدعوات المطالبة بمغادرة السباق، إلا أنه وبحسب وصف الشبكة حينها، لا توجد أي مؤشرات على أن بايدن “سيغير رأيه” فيما يتعلق بالمشاركة في سباق إعادة انتخابه، في حين ذكر موقع “أكسيوس” الإخباري في يوم الخميس 18 يوليو الجاري أن بايدن قد يُعلن انسحابه من السباق الانتخابي يومي 20 و21 يوليو بسبب الضغوط المتزايدة من قادة الكونغرس وأعضاء الحزب الديمقراطي والأصدقاء حسبما أشارت.
*اتجاه استطلاعات الرأي الحديثة لتأييد كمالا هاريس كمرشحة للحزب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، إذ كشفت نتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها مجلة “إيكونوميست” وشركة استطلاعات الرأي “يوغوف” التي صدرت في 11 يوليو الجاري أن 73% من مؤيدي الحزب الديمقراطي يؤيدون هاريس كبديل رئاسي.
ثانيًا، ردود الأفعال الداخلية والخارجية والمنصات الإعلامية ومنصات التواصل محليًا ودوليًا:
على الرغم من المأزق الفريد الذي تسبب فيه إصرار بايدن على الترشح في بداية الأمر، ورضوخه لمطالبات انسحابه من السباق الانتخابي، وتداعيات ذلك على المشهد المُرتبك داخل الحزب الديمقراطي ذاته، وعلى المشهد الانتخابي، والفرص والتحديات الراهنة أمام الديمقراطيين في منافسة ترامب الذي فاز بغير انتخابات في معركته مع الديموقراطيين حتى تاريخه.
في تحليل لاتجاهات الرأي العام الأمريكي عبر موقع “”X قام فريق إدارة الباروميتر العالمي بمركز تريندز بمسح التفاعلات حول تغريدات بايدن بشأن الانسحاب، وذلك بتحليل 25% من عينة التفاعل البالغ نحو 26 ألف تغريدة وإعادة تغريد وردّ، عبر المنصة المذكورة، تم رصد التالي:
ردود الأفعال على منصات التواصل الاجتماعي، منصة X كمثال:
*وجود مخاوف من أن انسحاب بايدن سيكلف الديمقراطيين العديد من الأصوات في الانتخابات؛ ما سيمهد الطريق لفوز ترامب.
*الدعم لكمالا هاريس كمرشحة للديمقراطيين.
*التأكيد على أن النخبة من الحزب الديمقراطي يحصلون دائمًا على ما يريدونه، في إشارة إلى ضغط أعضاء من الحزب لتنحي بايدن منذ مناظرته مع ترامب الشهر الماضي.
*مطالبة بالضغط على ترامب للانسحاب هو الآخر من سباق الترشح؛ بسبب “فساده”.
*التأكيد على بقاء بايدن في منصبه حتى نهاية فترته، مع ظهور بعض الأصوات المطالبة بتنحيه من منصبه بسبب “عدم أهليته لقيادة البلاد”.
ردود الأفعال داخل أروقة الحزب الديمقراطي ومؤيديه:
بدت ردود أفعال الديمقراطيين أكثر دعمًا للحزب وثناءً على قرار بايدن بالانسحاب، وتأييد هاريس، وتمثلت أهم ردود الأفعال هذه في التالي:
*الرئيس الأسبق باراك أوباما أكد في بيان له أن جو بايدن “أحد أكثر رؤساء أمريكا أهمية، كما كان صديقًا وشريكًا عزيزًا بالنسبة لي، واليوم، ذكّرنا- مرة أخرى- بأنه وطني من أعلى المستويات”.
*الرئيس الأسبق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون أشادا بالقرار في بيان لهما، وأعلنا دعمهما ترشيح هاريس للرئاسة.
*زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قال إن الرئيس جو بايدن سيُسجَّل في التاريخ، باعتباره أحد أكثر الرؤساء تأثيرًا وإيثارًا”.
ردود الأفعال داخل أروقة الحزب الجمهوري ومؤيديه:
الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب قال عبر حسابه على منصة “TRUTH” إن “جو بايدن الفاسد هو أسوأ رئيس في تاريخ أمتنا على الإطلاق، والآن يقوم الديمقراطيون الفاسدون والراديكاليون بإلقائه في البحر.. لم يكن لائقًا للخدمة من البداية”.
رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون أكد في بيان له عبر منصة “”X أنه “إذا لم يكن جو بايدن لائقًا للترشح للرئاسة، فهو غير لائق لشغل منصب الرئيس”[3].
ثالثًا، مسار الترشح بعد انسحاب بايدن:
تنص قواعد الحزب الديمقراطي – وفقًا لتقرير أعدته شبكة سي أن أن- على عدد من الخطوات المحددة لتسمية المرشح التالي رسميًا؛ إما من خلال تسمية المرشح عبر تصويت افتراضي، والذي كان الحزب يخطط مبدئيًا لإجرائه في بداية أغسطس القادم، أو في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس القادم، ويمكن إجمال الخطوات المنتظرة فيما يلي:
**سيحتاج المرشحون المحتملون إلى الحصول على توقيعات من مئات المندوبين والاعتراف بهم كمرشحين.
**يعقبه استدعاء 3949 مندوبًا فرديًا، وهم جميع مندوبو بايدن السابقون تقريبًا، وحوالي 750 من المندوبين الكبار لاختيار المرشح، ويقوم المرشحون بحملات بين المندوبين للحصول على أصواتهم.
**قد يُشارك المندوبون الكبار أولًا، حيث يشاركون في الجولة الأولى من التصويت وإذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية يستمر التصويت على شكل جولات.
**عندما يُشارك جميع المندوبين، فإن أغلبية ما يقرب من 4700 صوت من أصوات المندوبين تفوز بالترشيح.
**أما ميدانيًا؛ فقد أعلنت رابطة اللجان الديمقراطية بالولايات (ASDC) في بيان الأحد أن “الأغلبية الساحقة” من قادة الحزب الديمقراطي أعلنوا دعمهم لنائب الرئيس كمالا هاريس كمرشحة للرئاسة. وقال رئيس ASDC كين مارتن في بيان: “أنا فخور بأن رؤساء الحزب ونوابهم والمديرين التنفيذيين في جميع أنحاء البلاد يتحدون بأغلبية ساحقة خلف نائب الرئيس كامالا هاريس”.، وأردف: “إن قادة أحزاب الولاية هؤلاء هم في الخطوط الأمامية للفوز بالانتخابات على كل المستويات ويعلمون أن مخاطر هذه الانتخابات لا يمكن أن تكون أكبر. مع وجود ديمقراطيتنا على ورقة الاقتراع، لا يوجد أحد أكثر تأهيلًا من نائب الرئيس هاريس للمرافعة في القضية المرفوعة ضد دونالد ترامب”، وعليه تتجه أصوات الديمقراطيين لصالح هاريس لتسميتها مرشحة رسمية لانتخابات الرئاسة الأمريكية على مقعد الرئيس.
رابعًا، تحديات الديمقراطيين في السباق الانتخابي بعد انسحاب بايدن:
يبدو من البداية أن هذه الانتخابات ستكون الأكثر إثارة للجدل والدهشة في التاريخ الأمريكي المعاصر، إذ إنها حملت- ولاتزال- كثيرًا من الفرادة والمفاجأة، بدأ من كونها بدأت بالتنافس بين المرشحين الأكبر عمرًا في تاريخ الانتخابات الأمريكية، والجدل السياسي المترتب على الاعتبارات القانونية والقضائية التي تلاحق ترامب، ومرورًا بالخطاب الشعبوي الذي يتبناه في مفارقة غير مألوفة في التاريخ الأمريكي المعاصر، وكذا محاولة اغتياله التي أصابت الديمقراطيين سياسيًا بدلًا من إصابة ترامب بالرصاص، ووصولًا إلى اتجاه الديمقراطيين لترشيح كمالا هاريس كمرشحة للرئاسة بديلًا عن بايدن، وما يحمله من مفارقات عدة لا تقل عن مفارقات انسحابه، فهي أول امرأة ملونة في تاريخ الولايات المتحدة تحصل على تأييد الديمقراطيين- إذا ما هي حصلت عليه في مؤتمر الحزب في أغسطس القادم- وكونها ثاني نائب رئيس ديمقراطي يترشح على التوالي داخل الحزب الديمقراطي على منصب الرئيس. وإجمالًا يمكن رصد التحديات التي تواجه ترشح هاريس في التالي:
الخبرة التاريخية لانسحاب المرشح الرئاسي:
تاريخيًا؛ لا يُعد انسحاب بايدن من السباق الرئاسي السابقة الأولى، بل شهد تاريخ الانتخابات الأمريكية انسحاب مرشح رئاسي قبيل المؤتمر العام للحزب، حيث عادة ما ينسحب المرشحون في الانتخابات التمهيدية قبيل المؤتمر العام للحزب، وعادة ما يكون ذلك تحت وطأة الضغط السياسي أو النتائج المخيبة للآمال في الانتخابات التمهيدية كانسحاب المرشح الجمهوري جون أشبروك، وهو عضو مجلس النواب الأمريكي سابقًا عن ولاية أوهايو، وكان قد أعلن ترشحه في الانتخابات التمهيدية، للحزب الجمهوري، في محاولة لتحدي نيكسون من الجناح المحافظ للحزب، حيث انسحب من سباق الرئاسة قبل المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في عام 1972، وكان انسحابه نتيجة لضغوط سياسية وعدم تحقيق تقدم كبير في الانتخابات التمهيدية، وكان قد انسحب لصالح الرئيس ريتشارد نيكسون، وكذا انسحاب السيناتور تيد كينيدي الذي حاول تحدي الرئيس جيمي كارتر في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لعام 1980. بعد نتائج مخيبة للآمال في الانتخابات التمهيدية، حيث انسحب كينيدي قبل المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي.
ولكن ما يُميز انسحاب بايدن أنه يتشابه بدرجة أو بأخرى مع انسحاب الرئيس الأمريكي ليندون جونسون من السباق الانتخابي لإعادة انتخابه في عام 1969 هو تشابه سياقات الانسحاب حيث كلا المرشحين انسحبا من إعادة انتخابهما بفعل الضغط الشعبي، فالرئيس جونسون أعلن انسحابه من سباق الرئاسة في مارس 1968 قبل المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي.
وقد جاء هذا القرار وسط تزايد المعارضة لحرب فيتنام واستطلاعات الرأي التي أظهرت تراجع شعبيته، حيث أدى انسحاب جونسون لإفساح المجال لهوبير همفري للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي، أما عن ثاني السياقات المتشابهة بين حالتي بايدن وجونسون، أن كليهما انسحبا لصالح نائبه أو أعلن تأييد نائبه مرشحًا رئاسيًا، حيث إن بايدن أعلن تأييده لهاريس كمرشحة رئاسية، في حين انسحب جونسون لصالح هوبير همفري نائب رئيس الولايات المتحدة خلال فترة تولي جونسون الرئاسة، وثالث سياقات التشابه بين الحالتين هو فوز النائبين في ترشيح الحزب الديمقراطي، دون منافسة حقيقية مع آخرين، وهو ما تُشير إليه استطلاعات الرأي التي أظهرت تأييد الديمقراطيين لكمالا هاريس، أما رابع السياقات التي قد لا يحبذ الديمقراطيون تذكرها فهو أن همفري قد خسر تلك الانتخابات لصالح الجمهوريين ومرشحهم ريتشارد نيكسون، وهو ما يُشير إلى تطابق السياقات حال خسارة كمالا هاريس لصالح ترامب.
تحدي إهدار أصوات الناخبين:
من الناحية الإجرائية، وانتظارًا للإجراءات التي سيتخذها الحزب الديمقراطي في الأيام القادمة لتسمية مرشحه لانتخابات الرئاسة على مقعدَيْ الرئيس ونائب الرئيس، فإن مندوبي الحزب الذين منحوا أصواتهم لبايدن لن يكونوا ملزمين بالتصويت لخيارات بايدن أو غيره من شخصيات الحزب، خاصة في ظل ما قد يثور من مفارقة تصويتية بين اتجاهات تصويت الناخبين لمندوبي بايدن في الانتخابات التمهيدية التي جرت في وقت سابق، وبين افتراض تغير اتجاهات تصويت الناخبين لذات المندوبين في ظل غياب بايدن كمرشح رئاسي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، المفارقة الحاصلة بناء على افتراض تصويت المندوبين لبايدن كمرشح رئاسي حال استمراره، واختلاف اتجاه تصويتهم لمرشح آخر لم يتم انتخابهم كمندوبين من أجله، وعليه فإنه يقع على عاتق الديمقراطيين اتخاذ إجراءات أكثر تأكيدًا وتعبيرًا عن انعكاس اتجاهات تصويت الناخبين والمندوبين لتكون لذات المرشح وليس للمرشح الذي يفضله قادة الديمقراطيين والنخبة الحزبية.
تحدي بناء الحملات الانتخابية والوقت والتمويل:
عادة ما يتطلب تشكيل الحملات الانتخابية للمرشحين لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية تخطيطًا دقيقًا واستراتيجيًا وإدارة موارد متنوعة، ونستعرض في هذا المقام الملامح الرئيسية لبناء الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة في الولايات المتحدة، وخاصة بنود التمويل، والوقت، والحجم:
التمويل:
مصادر التمويل: الحملات تعتمد على تبرعات الأفراد، ولجان العمل السياسي (PACs)، ولجان العمل السياسي الفائقة (Super PACs)، والمنظمات الحزبية. والتمويل يأتي من تبرعات صغيرة وكبيرة على حد سواء.
القيود القانونية: هناك قيود على حجم التبرعات التي يمكن للأفراد والجماعات تقديمها. قانون الحملة الانتخابية الفيدرالية (FECA) وقانون ماكين-فاينغولد يحددان هذه القيود لضمان الشفافية.
التقرير المالي: الحملات ملزمة بتقديم تقارير دورية إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية (FEC) توضح مصادر التبرعات وأوجه الإنفاق.
التوقيت:
الإعلان والترشح: يبدأ المرشحون بالإعلان عن نيتهم للترشح قبل سنة أو أكثر من الانتخابات. وهو ما يسمح لهم بجمع التبرعات وبناء شبكات الدعم.
الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية: تبدأ الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية في الأشهر الأولى من السنة الانتخابية وتستمر حتى الصيف، حيث يختار كل حزب مرشحه الرسمي.
الحملة العامة: بعد المؤتمرات الحزبية، تبدأ الحملة العامة التي تستمر حتى يوم الانتخابات في نوفمبر.
الحجم والبنية:
الفريق الانتخابي: الحملات تتطلب فرقًا كبيرة تشمل: مدير الحملة، والمستشارين السياسيين، وفرق جمع التبرعات، وفرق الإعلام والتواصل، والمتطوعين.
المقرات الميدانية: الحملات الكبرى تفتح مكاتب ميدانية في الولايات الرئيسية للتنسيق مع الناخبين وتنظيم الفعاليات.
الإعلانات والتسويق: تُخصص ميزانيات كبيرة للإعلانات التلفزيونية، والإذاعية، والرقمية، واللوحات الإعلانية. وتشمل الاستراتيجيات أيضًا التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية والبريد الإلكتروني.
استراتيجيات الحملة:
التواصل مع الناخبين: تشمل استراتيجيات التواصل الحضور في الفعاليات المحلية، والمناظرات، والمنتديات المجتمعية. ويتم استخدام تقنيات استهداف الناخبين بناءً على البيانات الديمغرافية وسجلات التصويت السابقة.
القضايا والرسائل: الحملات تركّز على القضايا الرئيسية التي تهم الناخبين؛ مثل الاقتصاد، والرعاية الصحية، والتعليم، والسياسة الخارجية. ويتم صياغة الرسائل بعناية لتتناسب مع اهتمامات الجمهور المستهدف.
وعليه، فهذه تعد الملامح الرئيسية لتشكيل الحملات الانتخابية للمرشحين لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تتطلب تنسيقًا معقدًا وإدارة فعالة للموارد، وهو ما يبدو تحديًا رئيسيًا للمرشح الديمقراطي المحتمل في الانتخابات المشهودة، والذي سيكون له تأثير بليغ على الفوز بالانتخابات، ففي حالة وراثة كمالا هاريس المحتملة لحملة بايدن وفريقه ومقاره وتمويله- في حال دعم الممولين لها كمرشح رئاسي وليس كمرشح لمنصب نائب الرئيس- فسيبقى التحدي الأبرز لها متمثلًا في ضرورة تقديم طرح متمايز نسبيًا عن بايدن على الأقل، من حيث رسم الاستراتيجيات الانتخابية وإعادة بناء نقاط القوة والضعف، خاصة كمعيار عمر الرئيس الذي كان محل نقد لبايدن، والذي يمكن أن يتحول كنقطة قوة في مواجهة المرشح الجمهوري.
خامسًا، التحديات التي قد تواجه هاريس حال تسميتها كمرشح رئاسي عن الحزب الديمقراطي:
المرشحة المحتملة، أو مرشحة الضرورة إذا جاز لنا التعبير، كمالا هاريس، هي محامية وسياسية أمريكية من أصل أفريقي وآسيوي، يتم تقديمها على أنها ابنة باحثة هندية في مجال السرطان وأستاذ اقتصاد جامايكي، وزوجة محام يهودي، وتوصف بأنها النسخة النسائية من الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما. فمن منصب المدعي العام في سان فرانسيسكو، ثم كاليفورنيا، إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، فازت هاريس في كل الانتخابات التي خاضتها باستثناء الانتخابات الرئاسية عام 2019. وفي يناير 2021، أصبحت نائبة رئيس الولايات المتحدة، وقادت البلاد مؤقتًا لمدة ساعة ونصف، عندما خضع بايدن لفحص روتيني.
وبدأت هاريس (60 عامًا) تتدرب على تولي مهمات الرئاسة الأمريكية منذ أن انتُخبت نائبة للرئيس بايدن عام 2020 ودخلت البيت الأبيض في شهر يناير 2021.
وبرغم الإيجابيات التي يحملها التاريخ السياسي والمهني لهاريس، فمازال يواجهها العديد من التحديات المتوقعة حال فوزها بالترشح لمنصب الرئاسة ومواجهتها خصمًا عنيدًا يحظى بدعم منقطع النظير من الحزب الجمهوري، ومن هذه التحديات ما يلي:
**تحمُّل فشل سياسات بايدن: في الواقع لم تحظ سياسات بايدن الداخلية والخارجية على رضا الناخب الأمريكي. الأمر الذي يعد عبئًا انتخابيًا على هاريس، خاصة وأن الجمهوريين سيعملون على تسويق “إدارة بايدن – هاريس” كإثبات لما يعتبرونه فشلًا ذريعًا لها على مختلف الصعُد، بما فيها اندلاع النزاعات في الشرق الأوسط، وحرب غزة، والحرب الروسية-الأوكرانية. والمؤكد أن من لا يريدون هاريس سيعملون على ربط اسمها بكل مساوئ إدارة بايدن، وسيجعلون منها فجأة “الرئيس الشريك” لبايدن والمسؤول عن تدهور مكانة الولايات المتحدة الأمريكية.
ويعتقد جزء كبير من الأمريكيين أن التضخم في عهد بايدن أدى إلى تآكل جودة حياتهم؛ بسبب ارتفاع الأسعار، وسوء الأوضاع الاقتصادية، ويشعرون أنهم كانوا في حال أفضل أثناء رئاسة ترامب مقارنة بالوضع الحالي. كذلك، قضية الحدود تُعتبر بالنسبة إلى ملايين الأمريكيين مرتبطة بزيادة جرائم المهاجرين العنيفة، وذلك من خلال السماح لأكثر من 18 مليون مهاجر غير شرعي بدخول البلاد؛ مما أدى إلى تزايد التهديدات الإرهابية في المجتمع. ويُعتقد أن الدافع وراء هذا السماح هو جعل هؤلاء المهاجرين ناخبين محتملين للحزب الديمقراطي. وقد ركز ترامب بفعّالية على هذا الموضوع أثناء المناظرة التي عُقدت مؤخرًا، في حين افتقر بايدن إلى دفاع مقنع عن أوجه القصور في إدارته.
*قلة الخبرة في السياسات الدولية: يرى البعض أن هاريس تكاد تكون مجهولة أمريكيًا وعالميًا، وخاصة أنه قلما ارتبط اسمها بالسياسات الدولية الكبرى.
لذلك من المتوقع أن تحافظ هاريس إلى حد كبير على نهج الرئيس بايدن في السياسة الخارجية إزاء ملفات مثل الصين وإيران وأوكرانيا، لكنها قد تتبنى لهجة أكثر صرامة مع إسرائيل بشأن حرب غزة. وبخوضها الانتخابات ضد المرشح الجمهوري ترامب سيكون لديها نقطة ضعف كبيرة، وهي الوضع المضطرب على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، الذي أربك بايدن وأصبح قضية رئيسية في حملته الانتخابية. وقد جرى تكليف هاريس في بداية فترة ولايتها بمعالجة الأسباب الجذرية لارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية، وسعى الجمهوريون إلى تحميلها تبعات المشكلة. ومن المتوقع أيضًا أن هاريس لن تحيد عن دعم بايدن القوي لحلف شمال الأطلسي وستواصل دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا.
ومن المتوقع أيضًا أن تحافظ هاريس على ثباتها في مواجهة إيران التي أثارت تطوراتها النووية الأخيرة إدانة أمريكية متزايدة. ومن المستبعد أن تقوم هاريس، كرئيسة، بأي مبادرات كبيرة بدون وجود إشارات جدية على أن إيران مستعدة لتقديم تنازلات.
وأخيرًا، قد تتحمل هاريس ما يقال على ضعف هيبة الولايات المتحدة في نظر العالم في ظل إدارة بايدن، والذي أبرزته إخفاقات السياسة الخارجية المتعددة لإدارة بايدن في الشرق الأوسط وخارجه.
**مزاج الناخب الأمريكي: على مدار تاريخ الديمقراطية الأمريكية الذي يعود لأكثر من قرنين، لم ينتخب الأمريكيون سوى رئيس أسود واحد فقط ولم ينتخبوا امرأة ذات بشرة سوداء قط، وهو ما يجعل حتى بعض الناخبين السود يتساءلون عما إذا كانت هاريس قادرة على تجاوز أصعب سقف في السياسة الأمريكية أم لا.
**مدة الحملة الانتخابية: حال فوزها بترشيح الحزب الديمقراطي، فلن يكون أمام هاريس سوى 3 أشهر تقريبا للانتهاء من حملتها الانتخابية وتوحيد الحزب والمانحين خلفها. وفي منافسة افتراضية، أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس في 15 و16 يوليو تعادل هاريس وترامب بحصول كل منهما على تأييد 44 بالمئة من الناخبين. وأجري هذا الاستطلاع بعد محاولة اغتيال ترامب.
سادسًا، سيناريوهات فوز هاريس بالانتخابات:
توجد مجموعة من العوامل التي تكسب هاريس القدرة على منازلة ترامب، منها على سبيل المثال، إعلان الرئيس المستقيل جون بايدن تأييده لها ومساندتها في الحملة الانتخابية، وانتقال فريق عمل حملة بايدن كاملًا للعمل معها في حملتها الانتخابية، وارتفاع حجم التبرعات لحملة الحزب الديمقراطي عقب الإعلان عن ترشحها، وسرعة تأييد الحزب الديمقراطي لها، وعدم حدوث أية انقسامات داخل الحزب حول ترشحها.
ويضاف إلى ذلك بأنها أصغر من المرشح المنافس (ترامب) بـ 20 عامًا؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى قدرتها على منافسة ترامب. وبصفة عامة، هناك عدة عوامل تؤثر بصفة أساسية في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ وهي حالة الاقتصاد الأمريكي، والتقسيمات العرقية، والتركيبة السكانية.
ويختلف تأثير هذه العوامل على المرشحين المحتملين. وكذلك الحال بالنسبة لاستخدام كل مرشح منهما للقضايا التي تحظى باهتمام الناخب الأمريكي، حيث ستمثل الهجرة القضية الانتخابية التي سيحاول الديمقراطيون التركيز عليها في أذهان الناخبين، وكذلك سيفعل ترامب والجمهوريون الشيء نفسه بالنسبة لقضية الهجرة. وقد تلعب قضايا أخرى أيضًا دورًا في السباق الرئاسي المقبل، بما في ذلك معدلات الجريمة في الولايات المتحدة، والبيئة وتغير المناخ، والسياسة الخارجية خاصة الموقف تُجاه حرب غزة.
وبناء عليه، يوجد سيناروهان لا ثالث لهما بشأن احتمال فوز أيّ من المرشحَيْن، وهما كما يلي:
السيناريو الأول، المفاجأة غير المتوقعة:
يُقصد بهذا السيناريو فوز “مرشحة الضرورة” هاريس في الانتخابات الرئاسية. وفي ظل هذا السيناريو تنجح هاريس في الحصول على كل أصوات الديمقراطيين والأقليات في الولايات المتحدة، فضلًا عن نجاحها في استقطاب الأصوات في الولايات المتأرجحة، الأمر الذي يتطلب منها اتخاذ مواقف صارمة تجاه العديد من القضايا الداخلية؛ مثل الهجرة، والإجهاض، والضرائب، وكذلك القضايا الخارجية مثل القدرة على إقرار السلام في أوروبا، والتوصل إلى ترتيبات أمنية لوقف الحرب الروسية-الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية في غزة، واتخاذ مواقف متشددة تجاه الصين وروسيا، والملف النووي الإيراني، وسباق التسلح والصراع حول الفضاء.
وفي الوقت الذي كثف فيه فريق حملة ترامب في الآونة الأخيرة من المواد الدعائية التي تركز على بايدن وهو يرتكب الهفوات أو يتلعثم ويتعثر. لكن قد ينقلب السحر على الساحر، ويصبح تركيز الدعاية على السن والقدرة الذهنية سلاحًا للديمقراطيين بمواجهة ترامب البالغ من العمر 78 عامًا.
وفي ظل هذا السيناريو أيضًا يحاول الغرب كله، خاصة الأوروبيين، دعم هاريس ليس حبًا فيها، ولكن بالتأكيد خوفًا من ترامب الذي لا يزال يرفع شعار “أمريكا أولًا”، ويريد أن يحمِّل أوروبا تكلُفة دفاع أمريكا عنها.
السيناريو الثاني، الفوز المحتمل لترامب:
ويُقصد بهذا السيناريو نجاح ترامب في حسم سباق الانتخابات الرئاسية لصالحه. وفي ظل هذا السيناريو يستمر التأييد المطلق للجمهوريين لترامب، الذي بات لدى كثير من الأمريكيين “عقيدة سياسية” أكثر من كونه مرشحًا محتملًا، إضافة إلى التعاطف الشديد الذي يحظى بها الآن عقب حادث محاولة اغتياله، ومواقفه المتشددة تجاه قضايا الهجرة والإجهاض، فضلًا عن مواقفه الصارمة من الكثير من القضايا السياسة الخارجية، مثل الموقف من الصين، وحلف الناتو، ورؤيته لحل النزاع الروسي-الأوكراني، ووقف الحرب في غزة، وغيرها من القضايا العالمية الكثيرة.
وعلى الرغم من أن كلا السيناريوهين محتمل الحدوث، إلا أننا نعتقد أن السيناريو الثاني هو الأكثر احتمالًا في ظل فشل الديمقراطيين في تحقيق نجاحات ملموسة في العديد من القضايا الداخلية والخارجية.
|