×

  رؤا

هل إستحق نظام صدام السقوط؟

30/04/2023

سقوط صدام

حقائق حول اهمية سقوط الدكتاتور العراقي للكتاب والباحثين في ذروة محاولات بعض الدول والاطراف العراقية لتجميل صورة الطاغية وتشويه شرعية تحرير العراق من قبل التحالف الدولي بقيادة امريكا و بمساعدة جادة من المعارضة العراقية الممثلة لاغلبية مكونات العراق

حسين علي الحمداني:

زوال هذا النظام باتت حتمية مع تقادم الزمن وكثرة أخطائه السياسية

حتى نهاية عام 2002 كان بإمكانه تصحيح الكثير من الأخطاء 

الأحداث المتسارعة في البلاد العربية غطت في الأعوام الماضية بدرجة ما عن ذكرى الحرب التي أطاحت بنظام صدام حسين الذي سقط في التاسع من نيسان عام2003 تحت ضربات قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في سابقة لم تألفها المنطقة من قبل وشكلت تحولا خطراًفي المنطقة التي باتت الآن بؤرة صراعات عديدة تغذيها دولا ضد أخرى عبر حروب أخذت طابعا طائفيا بدرجة كبيرة جدا.

والعراق تاريخيا كان محطة لأكثر من احتلال منذ فجر التاريخ وحتى تاريخنا المعاصر و لم يكن الاحتلال الأمريكي للعراق هو الأول في تاريخ هذا البلد الذي تكالبت العديد من القوى في السابق عليه ولا نريد أن نخوض في موضوع تأريخي طويل ربما يبعدنا عن الغاية التي نرجوها من موضوعنا هذا الذي سنحاول فيه قراءة هادئة في الذكرى السنوية لسقوط نظام صدام حسين بفعل معركة عسكرية لا مجال للمقارنة في ميزان قوى الطرفين فيها.

ورغم الاختلاف الكبير بين من يقول إنه تحرير وأخر يجده إحتلالا،ولكن الحقيقة الراسخة والثابتة بأن نظاماً قمعياً كنظام صدام لا يمكن إزاحته بالسهولة التي جاءت بها سياقات التغيير في تونس ومصر، لأن نظام صدام لديه القدرة والاستعداد على قتل الملايين من العراقيين من اجل البقاء ولنا في نظام القذافي وبشار ألأسد دلالة على ذلك، وهذا ما حصل فعلا في اكثر من مناسبة لعل أهمها الانتفاضة في الشمال والجنوب عام 1991 وما آلت إليه من نتائج قمعية مازالت آثارها موجودة حتى اليوم.

وقبل أن يختلف البعض في التسمية ما بين ( التحرير والإحتلال) علينا هنا أن نسأل هل كان نظام صدام يستحق أن يزال من الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط؟

وبالتأكيد فإن الجواب لا يحتاج لوقت بقدر ما يحتاج لمراجعة سريعة جدا لمواقف وسلوكيات هذا النظام الذي كما يعرف الجميع تلخص في شخصية صدام دون غيره من أعضاء قيادته الذين لا يمكن أن يكونوا شركاء له بقدر ما هم توابع تدور في فلكه أو مجرد ديكورات تتطلبها إدارة الدولة وتركيبتها وسياقات العمل اليومية.

وتجلى ذلك بوضوح في غزوه للكويت بقرار فردي جدا، والكويت البلد العربي الذي وقف مع العراق كثيرا في السنوات التي سبقت آب– أغسطس-1990 وبالتالي فإن هذا الغزو كان بمثابة الضربة غير المتوقعة للنظام العربي برمته، وهذا ما جعل من الشعارات القومية التي كان نظــــــام صدام ينادي بها تتهاوى فجأة في قيض أغسطس ويتحول اتجاه الشعارات من القومية إلى الإسلامية في محاولة من النظام آنذاك لإضفاء صبغة جديدة يحاول من خلالها كسب ود ومشاعر المسلمين الذين صدموا بغزو الكويت كما صدم بذلك العرب بمختلف مشاربهم الفكرية، وفشل النظام آنذاك في عملية الربط بين المشاعر والواقع.

وهذا يدلل على مدى الخطورة التي كانت تعيشها المنطقة العربية في ظل وجود نظام ذي نزعة توسعية من جهة وقمعية استبدادية من جهة ثانية.

لهذا كانت هنالك حتمية تفرض نفسها في إن نظام صدام لم يكن بالنظام القادر على أن يعيـــــش بأمن وسلام في منطقة تشكل عصب الاقتصاد العالمي، وإحدى أهم مناطق توفير البترول للعالم من جـــــــهة ومن جهة ثانية ظلت هذه المنطقة بعيدة عن الوجود العسكري الأجـنبي سواء الغربي ممثلا بأمريكا أو الشرقي ممثلا بما كان يعرف بالإتحاد السوفيتي سابقا، ولكن وجدنا بأن ضرورات أمن المنــــــــطقة وعمليات عاصفة الصحراء وحرب تحرير الكويت فرضت واقعا جديدا على المنطقة تمثل بتواجد قوات أجنبية ضمن اتفاقيات ستراتيجيــة أملتها نزوات صدام وحروبه ونزعته التوسعية.

وبالتالي فإن زوال هذا النظام باتت حتمية مع تقادم الزمن وكثرة أخطائه السياسية ومحاولته امتلاك أسلحة محرمة دوليا من جهة ومن جهة أكثر أهمية بأن الفترة الممتدة من 1991 حتى نهاية عام 2002 كان بإمكانه تصحيح الكثير من الأخطاء لعل في مقدمتها المصالحة مع شعبه وإحداث تغييرات كبيرة في سياسته الداخلية على الأقل، مع الاعتراف بأنه أرتكب أخطاء خاصة وأنه دوليا اعترف بهذا من خلال التزامه بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بغزو الكويت بما في ذلك دفع التعويضات،لكن كما قلنا أنه كان يكابر ويغالط نفسه ومسارات الأحداث.

ومن هنا فإن حتمية السقوط لهذا النظام انتقلت في التاسع من نيسان -أبريل- من صورتها التي تمثلت بالسقوط الرمزي والسياسي عام 1991 إلى النهاية الحتمية في2003 والتي مثلت هزة قوية في منطقة ظلت لسنوات عديدة بعيدة عن التغييرات.

وما يمكننا أن نقوله في نهاية المطاف إن أمريكا نجحت في إزالة نظام صدام حسـين لكنها فــــشلت في إيجاد نظام سياسي بديل في العراق مما جعل البلد ساحة مكشوفة للفوضى والتدخلات الخارجية عبر حكومات ضعيفة جعلت المواطن العراقي بين الحين والآخر يعمل مقارنة بين العراق قبل 2003 وبعد هذا التأريخ.

 

 

 

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  هوامش في ذكرى التاسع نيسان 2003 .. أزمات السقوط والتأسيس والإدارة
←  عبدالمنعم الاعسم : فلول البعث وحقوق الانسان
←  العلمانية بريئة من صدام حسين
←  فالح عبدالجبار: نهايـــــة دكتاتــــــور
←  جلــد الـــذات و تلمــــيع صــــورة الدكـــتاتـــوريـــة
←  اسقاط النظام سهل لكن حكم العراق مهمة صعبة
←  رسالة الرئيس الأمريكي جورج بوش الى الشعب العراقي
←  سقط الطاغية.. فهل سقط النظام؟
←  من النكتة للإعدام.. رعب فعلي وثقه صدام حسين في العراق
←  هل إستحق نظام صدام السقوط؟