×

  رؤا

من النكتة للإعدام.. رعب فعلي وثقه صدام حسين في العراق

30/04/2023

سقوط صدام

حقائق حول اهمية سقوط الدكتاتور العراقي للكتاب والباحثين في ذروة محاولات بعض الدول والاطراف العراقية لتجميل صورة الطاغية وتشويه شرعية تحرير العراق من قبل التحالف الدولي بقيادة امريكا و بمساعدة جادة من المعارضة العراقية الممثلة لاغلبية مكونات العراق

وكالة فرانس :9/4/2022

من النكتة إلى الانتقادات والتحركات والإعدامات، وثق حزب البعث ونظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين تحركات العراقيين.

وها هو ظل هذا الأرشيف الموثق وآلاف المستندات التي أعيدت مؤخراً من الولايات المتحدة، والوثائق المهمة لحزب البعث يهدد بفتح جراح ماض مؤلم، على الرغم من أنه يعيد الأمل لبعض العراقيين بمعرفة مصير مفقودين من أقاربهم منذ سنوات طويلة.

 

خمسة ملايين صفحة

فبعد أشهر قليلة من الإطاحة بنظام صدام حسين عبر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003، عثر على خمسة ملايين صفحة في مقر لحزب البعث غمرت المياه أجزاء من المبنى الذي يقع فيه في بغداد التي كانت تبحر دون شراع في ذلك الوقت.

واستعانت القوات الأميركية آنذاك بالمعارض القديم كنعان مكية والكاتب والناشط مصطفى الكاظمي الذي أصبح اليوم رئيس وزراء العراق، للاطلاع على محتويات تلك الوثائق.

 

ويتذكّر مكية في اتصال هاتفي من الولايات المتحدة مع وكالة فرانس برس، قائلا "دخلنا السرداب الذي كان مليئا بالمياه، مستعينين بمصابيح يدوية، لأن الكهرباء كانت مقطوعة". ويضيف "كنّا نقرأ الوثائق وأدركنا بأننا أمام شيء كبير".

 

خيانة وانتقادات وتقارير وشاية

وبين الوثائق، كانت هناك إضبارات لأعضاء في حزب البعث ورسائل مخاطبات بين الحزب ووزارات تتعلق بأمور إدارية، وتقارير كتبت من عراقيين يتهمهم جيرانهم بانتقاد صدام حسين، وأخرى تتحدث عن شكوك حول خيانة جنود عراقيين تعرضوا للأسر خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).

لكن مع تصاعد العنف الطائفي في بغداد، اتفق مكية مع الأميركيين على نقل تلك الوثائق إلى الولايات المتحدة، في خطوة ما زالت مثاراً للجدل.

وتمّ ترقيمها وخزنها في معهد هوفر، وهو مركز أبحاث للسياسة العامة في جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، ولم يطّلع عليها هناك سوى باحثين.

لكن الوثائق التي يبلغ وزنها 48 طنا، أعيدت مجدداً في 31 آب/أغسطس إلى بغداد وخُزّنت على الفور في موقع مجهول، وفق ما أفاد مسؤول عراقي فرانس برس.

ولم تعلن أي من الحكومتين، بغداد أو واشنطن، نقل الأرشيف الضخم. وحسب المسؤول العراقي، لا توجد خطط لدى بغداد لفتح الأرشيف أمام العامة.

 

"أول الخيط"

إلا أن هذا الأرشيف وقد يحمل منافع شخصية لآلاف العائلات في العراق.

وفي السياق، قال أيوب الزيدي (31 عاما) الذي فُقد والده صابر بعد التحاقه بالخدمة العسكرية لدى غزو العراق بقيادة صدام حسين للكويت في عام 1991، "صدام دمّر الشعب العراقي، لا يمكنك السكوت على مثل هذه" الأفعال.

في حين اعتبرت والدته حسنية (51 عاما) أن تلك الوثائق "يمكن أن تكون أول الخيط حتى نعرف إذا كان لا يزال على قيد الحياة". وقالت تلك السيدة التي أمضت سنوات تسعينات القرن الماضي، تتوسل نظام البعث من أجل الحصول على معلومات عن مصير زوجها "سأموت قبل أن يكشفوه (الأرشيف) للعامة".

وفي حين يرى البعض أنه قد يقدم هذا الأرشيف أدلة ومعلومات عن اختفاء المئات، يرى البعض الآخر أيضا أنه يمكن أن يساعد على تجنب إعادة التاريخ الى الوراء.

 

"ديكتاتور آخر"

من جهته، قال المخرج العراقي مرتضى فيصل، الذي كان في الثانية عشرة من العمر عندما اعتقل والده في مدينة النجف الأشرف أيام الانتفاضة الشعبانية عام 1991، ولم يسمع أي شيء عنه منذ ذلك الحين، لفرانس برس إلى أن "عددا كبيرا من الشباب اليوم يقولون إن صدام كان زين (جيد)".

ويسعى هذا المخرج لفتح الأرشيف لوضع حد للذكريات الوردية لحكم البعث، قائلا "يجب أن يدرك الناس أن عليهم ألا يصنعوا ديكتاتوراً آخر. هذا ما يحدث بالفعل... لدينا العديد من الطغاة الصغار اليوم" في العراق.

 

البلد غير جاهز

في المقابل، رأى عضو سابق في الحزب رفض الكشف عن هويته أن "كشف الأرشيف للعامة سيثبت وطنية حزب البعث".

وتعليقا على الخلافات التي تثيرها مسألة الكشف عن هذا الأرشيف، قال مدير "مبادرة العراقية في المجلس الأطلسي" عباس كاظم إن هذه الخلافات تجعل إعادة الأرشيف حركة "متهورة".

وأضاف كاظم الذي اطلّع على الوثائق لكتابة مؤلفات أكاديمية حول تاريخ العراق ومجتمعه، إن "العراق غير جاهز. لم يبدأ عملية المصالحة التي تسمح لهذا الأرشيف بلعب دور" إيجابي.

 

من النكتة إلى الإعدام

كما أشار إلى أن ما اطلع عليه يخصّ حتى بعض المسؤولين الحاليين، مضيفا "البعثيون وثقوا كل شيء من النكتة إلى الإعدام. وإذا كشف، سيبدأ السياسيون وزعماء العشائر والناس في الشارع باستخدامه ضد بعضهم البعض".

في حين رأت مارسين الشمري التي استخدمت هذا الأرشيف لكتابة رسالة دكتوراه، وهي عضو في معهد "بروكينغز" في الولايات المتحدة، إن "أقل ما نستطيع فعله هو إتاحته للباحثين العراقيين بالطريقة نفسها التي أتيح بها للباحثين الأميركيين".

 

رعب فعلي

يذكر أن الولايات المتحدة تحتفظ بسجلات أخرى تمّ الاستيلاء عليها بعد غزو العراق، بما في ذلك "ملفات حكومية أكثر خطورة"، حسب مسؤول عراقي آخر.

رغم ذلك، يأمل مكية أن تطوي الأيام كل تلك الأحداث التي تحملها صفحات هذا الأرشيف ليصبح يوماً ما جزءا من ماضي العراق البعيد.

ويختم قائلاً "لا نستطيع أن نتذكر أمجاد بلاد الرافدين والإمبراطورية العباسية، وننسى 35 عاما من الرعب الفعلي الذي عاشه العراق الحديث"، مشيرا إلى أن "تلك المرحلة جزء مما يعني أن تكون عراقيا اليوم".

 

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  هوامش في ذكرى التاسع نيسان 2003 .. أزمات السقوط والتأسيس والإدارة
←  عبدالمنعم الاعسم : فلول البعث وحقوق الانسان
←  العلمانية بريئة من صدام حسين
←  فالح عبدالجبار: نهايـــــة دكتاتــــــور
←  جلــد الـــذات و تلمــــيع صــــورة الدكـــتاتـــوريـــة
←  اسقاط النظام سهل لكن حكم العراق مهمة صعبة
←  رسالة الرئيس الأمريكي جورج بوش الى الشعب العراقي
←  سقط الطاغية.. فهل سقط النظام؟
←  من النكتة للإعدام.. رعب فعلي وثقه صدام حسين في العراق
←  هل إستحق نظام صدام السقوط؟