×

  شؤون دولية

  انطلاق قمة الناتو بواشنطن بالتاكيد على اظهار العزم التاريخي



تقرير:المرصد/ فريق الرصد والمتابعة

 

انطلقت في واشنطن القمة الخامسة والسبعون لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بمشاركة عشرات من قادة الدول ورؤساء الحكومات وسط إجراءات أمنية مشددة.

وركزت القمة بشكل خاص على أوكرانيا، وعلى الدعم الذي تحتاجه لتحقيق النصر في الحرب مع روسيا. كما ستبحث عضوية أوكرانيا في الحلف، وإنشاء منصب مدني رفيع جديد للحلف في كييف وتدريب الجنود الأوكرانيين. وستناقش القمة أيضا الحد من اعتماد الناتو على الولايات المتحدة، من خلال إجراءات محتملة، من بينها زيادة الإنفاق العسكري وتعزيز الدعم لأوكرانيا بهدف حماية نفسها.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) أضحى الآن أكثر قوة من أي وقت مضى مع اجتماع 32 دولة معا، معلنا تزويد أوكرانيا بنظام باتريوت أميركي جديد.

وأضاف في خطاب بمناسبة قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن -التي تتزامن مع الذكرى الـ75 لتأسيس الحلف- إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيزودون أوكرانيا بأنظمة دفاع تكتيكية في الأشهر المقبلة.

ووصف الرئيس بايدن الناتو بأنه "أعظم تحالف عسكري في تاريخ العالم". ومنذ تأسيس حلف شمال الأطلسي، نسب المسؤولون الأميركيون من كلا الحزبين الفضل إلى الحلف في المساهمة في أمن وازدهار وحرية الشعب الأميركي والعالم.

وفي معرض حديثه، شدد بايدن على أن الولايات المتحدة وحلفاءها ضاعفوا "قوة الناتو في جناحه الشرقي"، مذكرا بأن "الهجوم على أي دولة في الناتو هو هجوم على كل الدول الأعضاء".

وقال "الناتو اليوم أكثر قوة من أي وقت في تاريخه... الناتو هو عماد أمننا وقد اخترنا الوحدة على الفرقة".

ووصفت شبكة "فوكس نيوز" خطاب بايدن بـ"القوي"، ونقلت عنه قوله إن "حلف شمال الأطلسي، اليوم، أصبح أقوى من أي وقت مضى.. هذه اللحظة من التاريخ تتطلب قوتنا الجماعية".

بايدن قال أيضا "يريد المستبدون قلب النظام العالمي، الذي تم الحفاظ عليه إلى حد كبير منذ ما يقرب من 80 عامًا"، مشيرا في السياق إلى أن "الجماعات الإرهابية ستستمر في تدبير مخططات شريرة، والتسبب في الفوضى والمعاناة في أوروبا، كما ستستمر حرب بوتين العدوانية على أوكرانيا".

وأقيم الحفل في قاعة "أندرو دبليو ميلون" في واشنطن، حيث تم توقيع "معاهدة شمال الأطلسي" من قِبل 12 دولة في عام 1949.

وقال الرئيس الأميركي إن هذه "الهبة التاريخية" التي تتضمن نظام باتريوت أميركيا جديدا تندرج في إطار الجهود التي يبذلها حلف الأطلسي لحماية أوكرانيا من الهجمات الجوية الروسية، وفق تعبيره.

وسبق لألمانيا ورومانيا أن أعلنتا أنهما ستقدّمان لأوكرانيا منظومتيهما الدفاعيتين من طراز باتريوت، في حين أعلنت هولندا أنها تعمل على تجميع منظومة مماثلة لتقديمها لكييف.

كما أعلنت روما أنها ستزود كييف بنظام صاروخي للدفاع الجوي، لكن ليس من طراز باتريوت بل من طراز سامب/تي الفرنسي-الإيطالي.

وبذلك، يكون الجديد في هذه الهبة الخماسية هو بطارية باتريوت التي أعلنت واشنطن عزمها على تقديمها لكييف، إذ إن البطاريات الأربع الباقية (3 بطاريات باتريوت وبطارية سامب/تي) تم الإعلان عنها سابقا.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال إن قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن ستعزز من ارتباط أوكرانيا بالحلف ومسارها نحو نيل العضوية.

وأضاف بلينكن خلال استقباله نظيره الأوكراني ديمترو كوليبا في واشنطن، أنه سيتم الإعلان عن حزمة مساعدات جديدة لكييف خلال القمة.

 

مستقبل التحالف وعودة ترامب

هذا وتتصدر قضايا مثل أوكرانيا وردع روسيا وتطويق التهديد الصيني والإنفاق الدفاعي؛ جدول أعمال قادة الدول الـ32 الأعضاء بحلف شمال الأطلسي (الناتو) في القمة التي تستمر 3 أيام، بمناسبة مرور 75 عاما على تأسيس الحلف، وسط تخوف أوروبي من نجاح المرشح الجمهوري دونالد ترامب -المشكك بجدوى الناتو- في هزيمة الرئيس جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية.

وتوافد على واشنطن مئات المسؤولين من عشرات الدول، الأعضاء وغير الأعضاء بحلف الناتو، وآلاف الصحفيين والمراقبين من مختلف دول العالم، للمشاركة في تغطية أعمال قمة فارقة في تاريخ أكبر حلف عسكري.

 

قيمة الناتو لا جدال حولها

وغرد موقع وزارة الدفاع (البنتاغون) الاثنين، على منصة إكس مذكرا بأهمية الحلف، وقال إن "المسؤولين الأميركيين يتفقون على أن قيمة الناتو لا جدال حولها".

وأبرز البنتاغون أنه على مدى 75 عاما كان الناتو قوة للسلام في مواجهة الاتحاد السوفياتي، ومنعت حربا أكبر في البلقان، وانضمت إلى الحرب ضد "الإرهاب الدولي"، وهي حتى الآن على استعداد للدفاع عن جميع أراضي الناتو من "العدوان الروسي".

 

مخاوف رغم الأوقات الممتازة

ويرى ماكس بيرغمان، مدير برنامج الدراسات الأوروبية الأطلسية وشمال أوروبا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن، أن قمة الناتو تأتي في واحدة من أفضل الأوقات وأسوئها للحلف.

واعتبر بيرغمان، الذي سبق له العمل في وزارة الخارجية خلال عدة إدارات سابقة، أن الحلف يحظى بأوقات ممتازة، في ظل اتفاق على ضرورة ردع روسيا، ونجاح في توسع الحلف جغرافيا بضمه فنلندا والسويد خلال العامين الأخيرين.

وفيما يتعلق بأوقات الناتو السيئة، يرى بيرغمان أن استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا المتاخمة لحدود الناتو والتي لديها طموح بالانضمام إليه، وتحديات زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي، وتصاعد التشكيك بالتزام الولايات المتحدة تجاه الحلف، خلقت مخاوف لم يسبق أن واجه مثلها على مدار تاريخه.

 

زلزال إستراتيجي

ومن شأن اهتزاز التزام واشنطن بحلف الناتو إحداث زلزال إستراتيجي لمفهوم الأمن الأوروبي، خاصة أن واشنطن تسهم بما يقدر بـ60% من ميزانية الحلف وما يقرب من 505 آلاف من عدد مقاتليه. وتساهم بقية دول الحلف بـ1.4 مليون جندي، وميزانية عسكرية لا تزيد على 400 مليار دولار.

من جهته أكد خبير السياسة الخارجية الأميركية بجامعة "دارتموث" البروفيسور وليام وولفورث، أنه بعد 75 عاما، لا يزال حلف شمال الأطلسي يشكل حجر الزاوية لأمن أميركا الشمالية وأوروبا، وأن الحلف "ناجح لأنه يجعل الولايات المتحدة وحلفاءها أكثر أمنا".

وأشار وولفورث إلى أن "أهم تحدٍ يواجه الناتو هو الخطر الروسي، لكن الأهم هو التباين بين تصورات الدول الأعضاء للتهديدات الروسية، فبولندا ومخاوفها من روسيا على سبيل المثال تختلف جذريا عن مثيلتها لدى تركيا أو اليونان".

 

مخاطر عودة ترامب

وعن سباق الانتخابات الرئاسي وعلاقته بمستقبل حلف الناتو، أشار البروفيسور وولفورث إلى أن "بايدن يرى الناتو كجزء أساسي من موقف الولايات المتحدة العالمي ورصيد ضخم في أمن الولايات المتحدة وازدهارها. في حين يعتبر ترامب أن حلف الناتو مثّل عبء على مدى عقود للولايات المتحدة وأنه صفقة سيئة بالنسبة لأميركا حيث دعمت واشنطن أمن حلفاء أغنياء ولا تحصل على الكثير في المقابل".

ويتوجس الأوربيون من توجه إدارة بايدن لجعل الناتو يركز بشكل أساسي على منطقة المحيطين الهندي والهادي. وعندما ذهب وزير الخارجية أنتوني بلينكن أول مرة إلى مقر الناتو في مارس/آذار من عام 2021، ذكر الصين أكثر من 10 مرات، في حين ذكر روسيا 4 مرات فقط. ومن هنا يرتفع القلق بين الأوروبيين من احتمال مطالبة واشنطن لها بلعب دور عسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادي، مشابه للدور العسكري الأميركي في القارة الأوروبية.

واعتبر وولفورث أن دعوة البيت الأبيض اليابان وكوريا الجنوبية للمشاركة في قمة الناتو تهدف إلى زيادة التعاون والتنسيق بين الناتو وحلفاء أميركا الآسيويين، وستعتبرها بكين جزءا من جهود الاحتواء العالمية الأميركية، وأنها جزء من الحرب الباردة الجديدة.

وفي بيان مشترك على هامش قمة الناتو، أعلنت الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا وهولندا أنها ستزود أوكرانيا منظومة صاروخية للدفاع الجوي من طراز باتريوت.

وسبق لألمانيا ورومانيا أن أعلنتا أنهما ستقدمان لأوكرانيا منظومتيهما الدفاعيتين من طراز باتريوت، في حين أعلنت هولندا أنها تعمل على تجميع منظومة مماثلة لتقديمها لكييف.

من جهتها، أعلنت إيطاليا أنها ستزود كييف نظاما صاروخيا للدفاع الجوي لكن ليس من طراز باتريوت بل من طراز سامب/تي الفرنسي-الإيطالي.

 

تحسين قدرات الدفاع وتعزيز الشراكات

ومن المتوقع أن يناقش قادة دول الناتو القضايا المتعلقة بتحسين قدرات الدفاع والردع للحلف وتعزيز الشراكات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي وزعماء أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية المدعوين لحضور القمة.

 

"معاهدة أوكرانيا"

كما كشف مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، الثلاثاء، عن اتجاه الولايات المتحدة و"الناتو" لإطلاق سلسلة من الإجراءات الجديدة لتعزيز الدعم الموجه لأوكرانيا، ومنها ما أسْماها بـ"معاهدة أوكرانيا".

وقال سوليفان في كلمة خلال منتدى لصناعة الدفاع بغرفة التجارة الأميركية على هامش قمة "الناتو"، إن "الرئيس الأميركي جو بايدن سيجتمع مع قادة 20 دولة وقّعوا اتفاقات ثنائية مع أوكرانيا من أجل إطلاق (معاهدة أوكرانيا) لضمان توحّد الدول تحت هذه المظلة لاستمرار الدعم".

وقدّمت واشنطن، وهي أكبر داعم لأوكرانيا، أكثر من 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية منذ عام 2022، لكن إقرار المساعدات العسكرية الأميركية تعطل في الكونجرس لعدة أشهر خلال فصل الشتاء. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن نقص الأسلحة يمنح روسيا اليد العليا في الحرب.

 

زيلينسكي: لا تنتظروا نوفمبر

وقال زيلينسكي، إنه لا يستطيع التنبؤ بما سيفعله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، حال انتخابه مجدداً في نوفمبر المقبل، وحضّ السياسيين الأميركيين على عدم انتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، لمساعدة بلاده ضد الغزو الروسي.

وأضاف زيلينسكي في كلمته على هامش قمة "الناتو"، أنه يأمل ألا ينسحب ترمب من التحالف الذي يبلغ عمره 75 عاماً، وأن تواصل الولايات المتحدة دعم أوكرانيا في دفاعها ضد الغزو الروسي المستمر منذ أكثر من عامين.

وتابع: "لا أعرفه (ترمب) جيداً.. ولكننا عقدنا اجتماعات جيدة خلال رئاسته الأولى"، لكنه قال إن ذلك كان قبل الغزو. وتابع في هذا الصدد: "لا أستطيع أن أخبركم بما سيفعله، إذا كان سيصبح رئيساً للولايات المتحدة".

 

مسودة قمة الناتو

الى ذلك ذكرت مسودة بيان مشترك، الأربعاء، أن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، سيتعهدون بدعم أوكرانيا "في مسارها الذي لا رجعة فيه" نحو الاندماج الكامل في الحلف، وسيحثون الصين على وقف دعمها لجهود روسيا الحربية ضد كييف.

وأفادت مسودة البيان المرتقبة للقمة المنعقدة في واشنطن، بأن الصين باتت من أهم داعمي روسيا في حربها على أوكرانيا، فضلاً عن أنها لا تزال تُشكل تحدياً لأوروبا.

وجاء أيضاً في المسودة أن الدول الأعضاء في الحلف يعقدون العزم على تزويد أوكرانيا بتمويل قيمته 40 مليار يورو كحد أدنى خلال العام المقبل، إلى جانب إنشاء آليات لتنظيم عملية تزويد كييف بالعتاد العسكري وتدريب قواتها.

وأضافت المسودة أن الحلفاء سيتعهدون بدعم أوكرانيا في مسارها نحو الاندماج الكامل في الاتحاد الأوروبي و"الناتو"، وسيوجه الحلف دعوة إلى كييف بالانضمام بمجرد موافقة جميع الأعضاء واستيفاء الشروط كافة.

وتتناول المسودة أيضاً أهمية منطقة المحيطين الهندي والهادئ "الإندو باسيفيك" بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، نظراً لأن التطورات هناك تؤثر بشكل مباشر على الأمن في أوروبا ودول الحلف.

كما عبّر الحلف عن ترحيبه بتعزيز التعاون مع الشركاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدعم أوكرانيا.

وتشير المسودة أيضاً إلى أن الحلف يساوره القلق إزاء التطورات في القدرات والأنشطة الفضائية للصين، مضيفة أنه سيحث بكين على المشاركة في مناقشات استراتيجية للحد من المخاطر.

ولفتت إلى أن أعضاء الحلف مستعدون للحفاظ على تواصلهم مع موسكو في مسعى للحد من المخاطر والتصعيد.


10/07/2024