×

  قضايا كردستانية

  ​ الكلمة الصادقة… بركان كردستان والشعوب المضطهَدَة



*صالح مسلم

كلّ شيء بدأ بكلمةٍ صادقة “كردستان مُستَعْمَرة” ثم تمّ القيام بمتطلباتها، فكانت بركاناً ما زالت منطقة الشرق الأوسط والعالم تحيا مفاعيلها وتفاعلاتها، ويبدو أنّ نتائجها ستكون مكاسب للمجتمع البشري.

هذه الجملة نطقتها مجموعة صغيرة من الشباب عام 1973، وآمنت بما نطقت به، وعملت بمتطلباتها لتتحول إلى تنظيمٍ ثوري قائم على أخلاقِ وميراثِ شعبٍ كان رائداً للحضارة البشرية يوماً ما، وأصبح مشتتاً مُستَعْبَدَاً في القرن العشرين، فكان ميلادُ “حركة حرية كردستان” في 27 تشرين الثاني 1978، الذي نحتفل بذكراه السادسة والأربعين.

تلك الحركة التي أصبحت تستعيد ما افتقده الشعبُ الكردي من القِيَم والمعايير الأخلاقية، مثل الصدق والإخلاص في القول والعمل ورفض حياة الذل والشِّقاق والعبودية المفروضة عليه عبر التاريخ؛ لتنطلق الرصاصة الأولى على الظلام الدامس وعلى المنظومة العبودية في 15 آب 1984 ليصل صداها إلى كلّ أنحاء المنطقة، وتتسبب في ثورة بركانٍ جارفٍ مُنطَلقٍ من أعماق البشرية لإصلاح العَطَبِ والاعوجاجِ الذي أصاب مجرى التاريخ.

مَنْ أطلق تلك الجملة وقام بمتطلباتها؛ أصبح هدفاً لكلّ القُوى الشريرة فحاولت التخلص منه بشتى المكائد ولم تتمكن منه؛ فأسرته ووضعته داخلَ “منفردة” في جزيرة نائية محروسة من زبانية متوحشة لاتفهم معاني القيم والأخلاق، ورغم ذلك استطاع أن يجعلَ من زنزانته منبراً للفكر الحُرّ ويوتوبيا الأمة الديمقراطية والعيش المشترك وأخوة الشعوب، لتكون البلسمَ لكل الجروح والعِللِ التي أصابت المنطقة، وتتحول الثورة التي أُطلِقَتْ شرارتُها مع مجموعته إلى نبراسٍ تقتدي به الشعوب المظلومة في كلّ أرجاء المعمورة، وأعادت إلى المرأة قدسيتها المفقودة منذ آلاف السنين وليرتفع شعار “جن جيان آزادي” في كافة بلدان العالم من أمريكا الجنوبية إلى الفلبين.

نحن مُلزَمون، بل ومن واجبنا الإنساني أن نتمسك بنهج من أطلق تلك الكلمة الصادقة التي كانت بمثابة غرسة الحرية والكرامة الإنسانية، وهم الذين سقوها بدمائهم، وحافظوا عليها بأغلى ما يملكون، حتى أصبح شعبنا الكردي رائداً لمسيرة الديمقراطية المعاصرة، تقتدي به كلُّ المجتمعات المناضلة وحركات التحرر.

فمن دون شك أنّ كل المجتمعات التي انحرفت عن مسار التطور الطبيعي للعلاقات البشرية بفعل العبودية واحتكارات السلطة والثروة تتوق إلى سيادة القِيَم الإنسانية التي كانت محور إنشاء المجتمع البشري الأول، وفقدها مع ظهور الحضارة السومرية وزوال نفوذ عشتار.

*PYD*


28/11/2024