تركيا تستقي العِبر: نحو إنشاء «قبّة فولاذية» ذاتية
في ظلّ التوترات والمخاطر المتعاظمة في المنطقة والعالم، أعلنت دائرة الاتصالات في رئاسة الجمهورية التركية، أن الحكومة أقرّت مشروعاً للدفاع الجوي، بالتنسيق بين مختلف القطاعات، أَطلقت عليه اسم «القبة الفولاذية»، المحلّية الصنع.
وتقرَّر ذلك إثر اجتماع، عُقد الثلاثاء الماضي، لـ«هيئة الصناعات العسكرية التركية»، برئاسة رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان، وهو ما علّق عليه نائب الرئيس، جودت يلماز، بالقول إن تركيا تواصل، من أجل الاستقرار والسلام الإقليميَّين، جهودها الديبلوماسية، وتعمل في الوقت نفسه على تقوية قدراتها العسكرية في مواجهة أيّ تهديدات خارجية.
ولفت أيضاً إلى أن بلاده تواصل إنتاج عدد من الصناعات العسكرية محلّياً، على أمل أن تصل إلى مرحلة تتخلّى فيها عن شراء السلاح من الخارج.
لا بل أضاف يلماز أن الهدف هو تعزيز الصادرات العسكرية الوطنية من 5.5 مليارات دولار العام الماضي، إلى سبعة مليارات خلال العام الجاري.وفور إماطة اللثام عن الخطط المتوخاة في الصناعات الدفاعية، عادت إلى الواجهة قضية صواريخ «إس-400» الروسية الموجودة في حوزة تركيا منذ سنوات، والتي أثارت غضب الولايات المتحدة، ودفعتها إلى إبعاد أنقرة من مشروع إنتاج مقاتلات «إف-35» المتطورة.
وكانت واشنطن قد أبدت، في حينه، استياءً كبيراً من صفقة «إس-400»، على اعتبار أن المنظومة الدفاعية الروسية لا تنسجم مع منظومة أسلحة «حلف شمال الأطلسي» المتمركزة في تركيا.
وضغطت، في هذا الإطار، من أجل أن تلغي تركيا الصفقة، مهدّدة إيّاها - إذا لم تفعل - بالعقوبات. ومع أن منظومة الصواريخ المذكورة قد وصلت إلى تركيا، ونشرت فعليّاً على الأرض، غير أن تفاهماً ضمنياً بين أنقرة وواشنطن أجّل انفجار الخلاف، وقضى بـ«تجميد» تفعيل عمل الصواريخ.
ويدور السؤال راهناً حول ما إذا كانت أنظمة «إس-400» ستشكل جزءاً من «القبة الفولاذية» في حال قرّرت تركيا المضيّ قُدماً في مشروعها.
وفي هذا الجانب، يقول رجل الأعمال الذي كانت له أدوار في تحسين العلاقات مع روسيا بعد إسقاط تركيا طائرة روسية فوق الإسكندرون عام 2015، إن «الأمر بسيط، وهو أن تبيع تركيا صواريخها لدولة ثالثة بموافقة روسيا التي ستعذر تركيا على موقفها».
ويضيف جاويد تشاغلار أن تركيا، العضو في «الأطلسي»، «لديها من المشكلات ما يكفي مع الحلف. فإذا باعت الصواريخ، تكون قد فتحت الطريق أمام حلّ بقية المشكلات تدريجياً». ويرى أنه «يمكن التحدّث بذلك مع الامريكيين ومع الروس.
الحوار يمكن أن يحلّ كل شيء. وتركيا اضطرت إلى شراء إس-400 بعدما امتنع الامريكيون والأوروبيون عن بيعنا الباتريوت وغيرها. لكن مع إنشاء القبة الفولاذية، هل تكون منظومة إس 400 جزءاً منها أم لا؟ هذه مسألة أخرى».
من جانبه، يقول الخبير في الشأن الأمني، جوشكون باشبوغ، إن إنشاء «القبة الفولاذية في تركيا مهم جداً؛ فالحرب تبدأ في الجو وتنتهي على الأرض»، مضيفاً أن «تطور الصواريخ الباليستية دفع إلى تطوير أنظمة الدفاع الجوي. وأظهرت الحرب بين إيران واسرائيل أهمية أن تقوم تركيا ببناء قبّتها الفولاذية.
إن صواريخ إس-400 تتصدّى للصواريخ العالية المستوى، فيما تنتج تركيا صواريخ محلية على مستويات متوسطة ومنخفضة».
ويرى أنه «من الضروري تصنيع صواريخ محلّية. فعندما رفضت الولايات المتحدة بيعنا صواريخ دفاع جوي، التجأنا على وجه السرعة إلى روسيا لشراء إس-400. لكن هذه الصواريخ روسية الصنع وقد يأتي يوم ندخل فيه حرباً مع الروس، وهنا لن تفيد هذه الصواريخ، ويجب إنتاج ما هو محلي».
ويذكّر بأن «القبة الحديدية لدى إسرائيل مجهزة للتصدّي للصواريخ على ارتفاعات منخفضة، وبالتالي هي غير فعالة بما يكفي، بينما مشروع القبة الفولاذية في تركيا مصمّم ليكون شاملاً لكل الارتفاعات».
ووفقاً لرئيس هيئة الصناعات الحربية، خلوق غورغين، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستكون جزءاً من «القبة الفولاذية»، إذ إنه جرى، خلال اجتماع الهيئة، تقييم كل العناصر المتّصلة بالمشروع الذي ستتولّى شركات الصناعات العسكرية التركية تنفيذه، ومنها: «أصلسان»، «روكيتسان»، «توبيتاك» و«أم كي أي».
ومن جهتها، تقول صحيفة «قرار»، في عنوانها الرئيسي ليوم الخميس، إن مشروع «القبة الفولاذية» كما أُعلن عنه، «لا يتضمّن صواريخ إس-400، التي ستتحوّل إلى أكبر خردة في العالم»، مضيفةً أن «الحرب في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط أظهرت ضرورة إنشاء القبة الفولاذية».
|