إدانة تركية شاملة: نحن اللاحقون
14-6-2025
منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على إيران، فجر الجمعة، واكب الإعلام التركي الحدث؛ إذ ومع ورود الأنباء كانت بورصة إسطنبول تسجّل انخفاضاً بمعدّل 5%. وفي تمام الساعة العاشرة والنصف صباحاً، صدر أول تعليق رسمي تركي على العدوان، عن وزارة الخارجية، فيما تُوّجت المواقف بما كتبه الرئيس رجب طيب إردوغان، عبر منصّة «إكس»، حين اعتبر «الهجمات استفزازاً واضحاً يتجاهل القانون الدولي»، داعياً المجتمع الدولي إلى أن «يضع حدّاً للصوصية الإسرائيلية التي تستهدف الاستقرار العالمي والإقليمي»، وأن يمنع «نتنياهو وعصابته الإجرامية من أن يلقوا بمنطقتنا بأكملها في النار».
وتابع أن «هذه الهجمات ضدّ إيران، تُظهر عقلية إسرائيل المخالفة لقواعد القانون الدولي. إن نتنياهو يسعى إلى جرّ العالم والمنطقة إلى كارثة بفعل أفعاله المتهوّرة والعدوانية واللاقانونية». وممّا جاء في بيان الخارجية، أنها «تدين بأشدّ العبارات الغارات الجوية الإسرائيلية على إيران. هذا الهجوم ينتهك القانون الدولي بشكل واضح، ويُعتبر استفزازاً يخدم الإستراتيجية الإسرائيلية قي زعزعة الاستقرار في المنطقة».
وأضاف البيان أن «وقوع الهجوم في وقت تتكثّف فيه المفاوضات في شأن البرنامج النووي الإيراني، يُظهر أن حكومة نتنياهو لا تريد حلّ أيّ قضية بالطرق الدبلوماسية، ولا تتردّد في تعريض الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي للخطر بما يتماشى مع مصالحها الخاصة»، داعياً إلى وقف فوري للأعمال العدوانية الإسرائيلية «التي قد تؤدي إلى صراعات أكبر».
من جهته، كتب الناطق باسم «حزب العدالة والتنمية»، عمر تشيليك، عبر «إكس»، أن إسرائيل «أضافت محطّة جديدة في عدوانها الوحشي والبربري على إيران، والذي يُدخل المنطقة في أتون نار جديدة. لا توجد أيّ مشروعية لهذا العدوان». وقال: «إسرائيل أظهرت عدوانية تجاه جهود إيران السلمية لحلّ الأزمة النووية. عدوان إسرائيل تهديد لكلّ العالم، الذي يجب عليه اتّخاذ إجراءات في مواجهة ذلك». وكذلك صدرت عن نائب رئيس الجمهورية، جودت يلماز، إدانة للعدوان، معزّياً بالضحايا الإيرانيين الذين سقطوا.
ولفت، في هذا السياق، تعليق زعيم «حزب الحركة القومية»، دولت باهتشلي، من أن «العدوان الإسرائيلي على إيران هو، من زاوية ما، رسالة خفيّة إلى تركيا»، وأن «الهدف النهائي هو تركيا والقرن التركي»؛ فإسرائيل «تسعى في كل فرصة إلى تضييق طموح تركيا، وتخريب عملية السلام فيها، وأن تكون خالية من الإرهاب. والعدوان على إيران يرفع من مستوى الوحشية للصهيونية والإمبريالية».
من جهتها، وجّهت المعارضة انتقادات إلى السلطة، مطالبةً إيّاها بالانتقال إلى مرحلة العمل، بدلاً من الاكتفاء بإلقاء الخطب. ووفقاً لزعيم «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، فإن «الحزب يدين بكل وضوح عدوان إسرائيل على إيران. أمّا الحكومة التركية، فعليها أن تتجاوز موقف المسامحة واللغة الناعمة والسلوكيات المشجّعة لإسرائيل. عليها أن توقف كل أنواع التجارة مع إسرائيل؛ حتى تصدير المعكرونة يجب وقفه».
وقال: «فلسطين مسألة قومية تركية، وعلى الحكومة أن تتصرف على هذا الأساس». من جهته، اتّهم زعيم «حزب المستقبل»، أحمد داود أوغلو، نتنياهو بأنه «يريد توسيع الحرب واستهداف مراكز التأثير التركية». وإذ خلا بيانه من أيّ «إدانة» للعدوان الإسرائيلي، لكنه اعتبر أن رئيس حكومة الاحتلال أراد، من وراء الهجوم على إيران، «حرف الأنظار عمّا يجري في غزة». أمّا زعيم «حزب الديمقراطية والتقدّم»، علي باباجان، فأدان العدوان بشدّة، مطالباً الأطراف بالابتعاد عن لغة العنف والعودة إلى طاولة الدبلوماسية.
في الموازاة، رأى الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة «يدي تبه»، مسعود حقي قاشين، أن «الهجوم الإسرائيلي هو السبب في أيّ حرب واسعة، وسيغيّر موازين القوى في الشرق الأوسط». وقال، في حديث إلى صحيفة «حرييات»، إن روسيا والصين تلتزمان الصمت إلى الآن، معتبراً أن «القوة الجوية الإيرانية ضعيفة، ولا تستطيع الردّ المؤثّر. لذا، ستبقى في موقع الدفاع. ولكنّ إحدى أهمّ أوراقها هي إغلاق مضيق هرمز وزرع الألغام فيه، ليصل سعر برميل النفط إلى 200 دولار. وهذا سيسعد روسيا لأن الغرب حينها سيحتاج إلى نفطها، فيما لن تتأثّر الصين لأنها تمتلك موارد بديلة. أمّا تركيا، فإن الخطر عليها من هذه الحرب سيكون في تدفق اللاجئين الإيرانيين إليها».
وفي صحيفة «جمهورييات»، كتبت أوزليم يوزاق أن «أطرافاً عديدة مستفيدة من الهجوم الإسرائيلي، ومنها جماعات الضغط الأميركية، ولا سيما لوبي السلاح وشركات الطاقة، حيث ترتفع مبيعات السلاح في بيئة أزمات متكرّرة. كما ترتفع أسعار النفط والغاز الطبيعي. كذلك تستفيد روسيا والصين من تحويل الأنظار إلى بؤر أخرى: أوكرانيا بالنسبة إلى روسيا، والمحيط الهادئ بالنسبة إلى الصين».
ورأت أن العدوان على إيران يمثّل «فرصة لحزب العدالة والتنمية من أكثر من زاوية. فتركيا من الدول القليلة التي تحافظ على علاقات دبلوماسية مع كل من إيران وإسرائيل. وهذا الحياد في بيئة الاستبداد التركي في الداخل يحمل معنى آخر، وهو حرف الأنظار عن هذا الاستبداد ليكون الهجوم الإسرائيلي جرعة أوكسيجين داخلي للسلطة في تركيا».
|