×

  كركوك والمادة ١٤٠

  المادة الدستورية بين الموت والحياة



*د.كاروان علي

إن مجرد التكهن بانتهاء وموت المادة (140) من الدستور العراقي والتي تنص على تطبيع الأوضاع السياسية والادارية وحتى الاجتماعية في المناطق التي تعرضت الى سياسات التغيير الديموغرافي من خلال حملات التهجير القسري للمواطنين في هذه المناطق التي قام بها النظام البعثي، هو ضرب للمبادئ العصرية التي اسس العراق الجديد عليها.

نسمع كثيرا من بعض الوجوه السياسية على الساحة العراقية أن المادة (140) قد ماتت ولم تعد لها صلاحية بحجة انتهاء المدة الزمنية لتنفيذها، كما نسمع من آخرين ضرورة تعديل بعض مواد الدستور منها هذه المادة التي صارت كعقدة سياسية لمن لا يريد عودة المياه الى مجاريها الطبيعية، هذان الموقفان لا يعبران الا عن ارادة قلة قليلة من الشعب العراقي وعن الساسة العراقيين، فالأغلبية تريد الدستور مرجعا أخيرا لكل الخلافات والنزاعات والالتزام بكافة مواده بدون استثناء.

إن الغاء اي مادة من مواد الدستور العراقي، يجب ان يستند الى الآلية التي وضعت في نفس الدستور، وهذا يتطلب توافقا سياسيا وبرلمانيا واستفتاء شعبيا.. الخ، وهذه الخطوات لم تتم حتى الآن، وهذا يعني ان هذه المادة عكس ادعاء البعض، لم تمت ولم تنته، لا بل هي حية وخير دليل على ذلك نشاطات اللجنة المكلفة بتنفيذ هذه المادة، فهذه اللجنة لها مكاتب في جميع المناطق المتنازع عليها وتقوم بأعمالها اليومية حتى الآن.

الحكم على هذه المادة بالمنتهية والميتة، انما حكم على الدستور برمته بأنه ميت، فكيف لجسم الانسان ان يعيش في حين عضو من اعضائه قد مات وتوقف عن العمل؟! كذلك من غير المعقول القبول بجميع بنود وفقرات الدستور والعمل به باستثناء مادة، هذه المادة كجزء من الدستور، نالت رضا وموافقة أكثر من (80%) من الشعب، لذا باعتقادي لاتستطيع فئة صغيرة تعطيلها والحكم عليها بالموت.

اولئك الذين يبنون آمالهم السياسية على موت مادة دستورية حساسة كهذه، اما هم على غفلة من الواقع العراقي الجديد وأهمية الدستور بالنسبة لبقاء العراق الجديد، جديدا معافى موحدا وسالما، اما يدركون الوضع وهم يريدون اثارة الفتن ومزيد من النزاعات القومية والطائفية في سبيل تحقيق بعض المصالح الشخصية والحزبية الضيقة ونيل (الشهرة) على حساب القضايا الستراتيجية المصيرية للعراق عموما، وهذا قد يثقل كاهل العملية السياسية التي قد لاتتحمل المزيد من هكذا صعوبات لحساسية المرحلة.

 *كاتب وصحفي


11/02/2024