×

  كركوك والمادة ١٤٠

  التطهير العرقي ومخاطره على الوحدة الوطنية العراقية



*جلال طالباني

دفاعنا وتمسكنا بكركوك هو دفاع عن التعايش الأخوي وعن جميع المهجرين والمتضررين

 

سياسة التطهير العرقي التي مارسها الدكتاتور صدام حسين بذكاء خبيث ونفذت خلال سنوات متواصلة. فالجدول المنشور في نهاية المقال يبين كيفية تنفيذ هذه السياسة خلال هذه السنوات. والغريب ان الدكتاتورية قد اوغلت في تحدي مشاعر الكورد والتركمان وفي خرق القوانين الدولية والتعهدات العراقية الرسمية لعصبة الامم حول قبولها ضم كوردستان العراق الى الدولة العراقية. اذ حرم التغيير القومي وحتى اجراء أي تجاهل حول الوجود الكوردي في كركوك :

 

هكذا تحدث المندوب الانجليزي

يقول المندوب الانجليزي في لجنة تحري الحقائق التي اقرت واوصت بالحاق كوردستان الجنوبية بالعراق حول شروط هذا الالحاق ما يأتي:

"وأعيدت قضية ولاية الموصل الى عصبة الامم مرة اخرى التي اعطتها للعراق مشروطا بان يؤخذ بنظر الاعتبار مطاليب الكورد وان يعين موظفون من القومية الكوردية او (العرق الكوردي) لادارة بلادهم وتصريف الامور القضائية والتدريس في المدارس وان تكون اللغة الكوردية لغة رسمية في كافة هذه الدوائر والمؤسسات، وفي سنة 1931 عندما كان العراق على وشك تقديم طلب الانضمام سنت الحكومة المركزية قانون اللغات المحلية الذي حدد المناطق المشمولة به تأكيدا لحسن نيتها تجاه الكورد وتنفيذا لشروط بروتوكول ولاية الموصل".

"وفي عام 1932 عند انتهاء الانتداب البريطاني وقبول العراق في عصبة الامم اعلن العراق هذه المبادئ من جديد في بيان رسمي اعطى له قوة الدستور اودع الى المنظمة العالمية واعتبر ذلك وثيقة دولية".

 

اعترافات بحقوق الكورد

"واضافة الى هذه الوثائق الدولية فان حكومة صاحب الجلالة البريطانية بصفتها الدولة المنتدبة والحكومة الملكية العراقية اصدرتا في فترات مختلفة بيانات رسمية متضمنة اعترافات بحقوق الكورد مقرونة بوعود قاطعة لتنفيذها ولكن مع الاسف ان اكثرية هذه البيانات والوعود اعلنت وصرفت للتغلب على ظروف حرجة ومواقف صعبة سرعان ما طواها النسيان بمجرد انتفاء الحاجة الى المصالحة.

 ولا اود ان اذكر هنا سوى بيان واحد من هذه البيانات اذيع عشية مفاوضات لوزان في كانون الاول عام 1922 (ان حكومة صاحب الجلالة البريطانية وحكومة العراق تعترفان وتقران بان للكورد حقوق المعايشة داخل الحدود العراقية ولهم الحق في تأسيس حكومة كوردية داخل هذه الحدود وتأمل الحكومتان ان تتوصل الاطراف الكوردية المعنية الى اتفاق فيما بينها على شكل هذه الحكومة والحدود التي يرغبون ان تمتد اليها وان يرسلوا مندوبين مفوضين الى بغداد لمناقشة علاقاتهم الاقتصادية والسياسية مع حكومة صاحب الجلالة البريطانية والحكومة العراقية).

 

وهذا على ما اعتقد بيان مهم واضح جازم واود ان استرعي انتباهكم الى :

أولا : استعمال جملة (الحكومة الكوردية) التي هي ابعد مدى عن الحكم الذاتي داخل الجمهورية العراقية الذي هو المطلب الرسمي للكورد في الوقت الحاضر (1966).

ثانيا : جملة (الكورد الذين يعيشون ضمن الحدود العراقية) بدلا من (الكورد الذين يعيشون ضمن حدود ولاية الموصل العثمانية).

ثالثا : دعوة الكورد الى تحديد الحدود التي يرونها مناسبة للحكومة الكوردية.

ويستطرد الممثل البريطاني في لجنة عصبة الامم قائلا :

"فبالاضافة الى ان كافة اقضية لواء كركوك كانت مشمولة بقانون اللغات المحلية فان تجاهل الصبغة الكوردية لهذا اللواء (كركوك) يعد في حد ذاته خرقا خطيرا للتعهدات المقطوعة لعصبة الامم"، (المستر س.ج ادمونز مندوب بريطانيا في لجنة عصبة الامم وممثلها السياسي في كركوك الى ان عين مستشارا لوزارة الداخلية العراقية) من محاضرة له في الجمعية الملكة لآسيا الوسطى في يوم 25/10/1966.

 

هكذا اعطيت كوردستان الجنوبية الى العراق

لاحظوا ايها السادة الاكارم كيف اعطيت كوردستان الجنوبية الى العراق بشروط واضحة منها انه حتى مجرد انكار الصبغة الكوردية للواء كركوك يعد في حد ذاته خرقا خطيرا للتعهدات المقطوعة لعصبة الامم. ناهيك عن التطهير العرقي فيها بطرد الكورد منها واسكان العرب المستوطنين بدلا منهم، فهذا يعتبر هدما لقرار عصبة الامم بالحاق كوردستان الجنوبية بالعراق، وبالتالي بطلانها والغاؤها.

وهذا يعني عمليا ان القائمين بهذه السياسة الاجرامية يفصلون كوردستان عن العراق وبالتالي يهدمون الوحدة الوطنية العراقية قانونيا ودوليا.

وحيث ان الامم المتحدة هي الوريثة الشرعية لعصبة الامم والتعهدات والقرارات المقدمة لها فان ذلك يعني ان الامم المتحدة تستطيع التدخل لاجبار الحكومة العراقية على احترام تعهداتها وتنفيذ شروط ضم كوردستان الجنوبية اليها. وهذا يعني ان تخلي الحكومة العراقية عن هذه الشروط - اية حكومة عراقية - وعدم تنفيذها هو تخل عن الوحدة العراقية المؤسسة بموجب هذا القرار الدولي.

لذلك علينا جميعا نحن الحريصين على الوحدة الوطنية العراقية تنفيذ هذه الشروط وهي شروط عادلة وشرعية والا فاننا قد نعطي المجال رحبا لتيار كوردي انفصالي يراجع الامم المتحدة للمطالبة بفصم الوحدة العراقية القائمة على اساس ضم كوردستان الجنوبية الى العراق والمطالبة بحق تقرير المصير للشعب الكوردي مجددا او نعطي المجال لدعاة ولاية الموصل بانهاء ضمها الى العراق.

فدعونا ايها الاخوة الاكارم نحل مشاكلنا بيننا عربا وكوردا ونقر للشعب الكوردي حقوقه المشروعة بما فيها حق تقرير مصيره بنفسه ضمن الدولة العراقية.

ولنحمد ربنا جميعا بان المجلس الوطني الكوردستاني قد اقر باجماع الآراء ممارسة هذا الحق بشكل اتحادي اختياري (فدرالي) مع شقيقه الشعب العربي في العراق.

 

مخاطر التطهير العرقي

ونود ان نضيف ان مخاطر التطهير العرقي لا تقتصر على الفصل القانوني بين كوردستان الجنوبية والعراق بل تتعهداه الى العديد من المخاطر الجدية منها :

 

1- التطهير العرقي يلغم الوحدة الوطنية

لا ريب ان الوحدة الوطنية الحقيقية لا تقام على اساس الرغبة المشتركة لاطرافها في العيش المشترك تحت ظل دولة واحدة وعلى اساس المساواة وانتفاء الاضطهادين القومي والطائفي واحترام الحقوق المشروعة للجميع.

فاذا شعر طرف منها ان اراضيه تغتصب وان ابناءه يشردون منها ويرى بأم عينه اناسا غرباء عن منطقته يسكنون اجبارا بدلا من ابنائه المطرودين المشردين، وان حقوقه تنتهك فهو بطبيعة الامر لن يشعر بالمساواة بل يئن من آلام الاضطهاد القومي ويعاني من مظالمه، فهو لن يخلص لهذه الوحدة ولن يفرح بها ولن يدافع عنها ولن يقبل بها اذا استطاع، وبالتالي فان هذه الوحدة تكون وحدة ملغومة قابلة للانفجار في وقتها. فضلا عن انها تحمل بذور العداء والكراهية بين المواطنين في دفتها.

 ثم كيف تصان وتعزز وحدة تقوم على اغتصاب ملك المواطنين وتشريدهم من ارض الآباء وسكن الاجداد ؟ وكما ان التاريخ قد برهن على ان الوحدة الوطنية لأية دولة لا يمكن ان تصان بدون الديمقراطية والمساواة بين المواطنين واحترام جميع حقوقهم، لذلك فان سياسة التطهير العرقي لغمت وبقاياها تلغم الوحدة العراقية. وعليه يجب النضال للقضاء بسرعة عليها وعلى آثارها الآثمة.

 

2- التطهير العرقي يخالف حقوق الانسان

يتعارض التطهير العرقي على نحو واضح مع مبادئ الاعلان الدولي لحقوق الانسان الذي وقعت عليه الحكومة العراقية واصبحت وثيقة دولية ملزمة للدول كافة بما فيها الدولة العراقية. من هنا فان تهجير قومية واقعة تحت سيطرة حكومة دكتاتورية من ارض آبائها واجدادها عملية اجرامية مخالفة لحق الانسان في العيش آمنا في بلده ووطنه، وقد تم التطهير العرقي في مناطق كوردستان العراق بدءا من سنجار ومرورا بشيخان ومخمور وكركوك وخورماتو الى خانقين ومندلي وبدرة وجصان.

وقد نشر كراس يتضمن (50) وثيقة عراقية رسمية تنفيذا لسياسة التطهير العرقي بحق الكورد والتركمان. ففي قرار لما يسمى مجلس قيادة الثورة 20/10/1981 تقرر بناء المجمعات والوحدات السكنية للمهجرين الكورد من مناطق سكناهم في المحافظات الوسطى والجنوبية.

ففي الفقرة (16) تقرر نقل الموظفين والعمال الكورد بالدرجة الثانية والتركمان بالدرجة الاولى من محافظة كركوك الى جنوب العراق. ففي كتاب سري للغاية وشخصي بتوقيع الخائن طه الجزراوي الى محافظة كركوك يطلب ترحيل العوائل الكوردية التي كانت تسكن في منطقة قره حسن وليلان وتازه ومدينة كركوك والتي ازيلت قراهم خلال عمليات الانفال الى المحافظات الوسطى والجنوبية عدا المحافظات (بغداد - صلاح الدين - ديالى) وفق خطة ينسبونها لتحقيق ذلك.

 

القرار رقم (14/1367) التاريخ 31/10/1994.

وفي قرار لمحافظة كركوك بتوقيع الفريق الركن هشام صباح فخري العدد (7431) في 18/7/1995 يطلب فسخ كافة العقود الزراعية للفلاحين غير العرب، من الكورد والتركمان، علما بان الاراضي الزراعية كلها قد اممت واصبحت ملك الدولة.

قرار مرقم (س/17/5936) الصادر في 4/11/1995 بتوقيع الفريق اياد فتيح الراوي محافظ التأميم (كركوك) يطلب ما يلي :

توزع جميع الاراضي الواقعة في المقاطعتين اعلاه (ناحية آلتون كوبري - مقاطعتا 49، 37 اللتان تقعان في سهل سالةيي - ريدار) على الفلاحين الوافدين من ابناء عشيرة (الزوبعي) العربية ويخصص ثلاثة آلاف دونم لرئيس العشيرة (نجم قادر محمد) ومرحى للاشتراكية العفلقية الفاشية التي تبعث الاقطاعية خلاف جميع قوانين الاصلاح الزراعي حتى الصادرة بعد الانقلاب 1968 البعثي.

وكنموذج لترحيل الكورد والترك نقتبس من قرار العدد (3/6/2165) الصادر من اللواء الركن نوفل اسماعيل خضير محافظ كركوك ما يلي :

ندرج لكم ادناه معلومات عن الترحيل "مواطنين الغير العرب من محافظة التأميم (كركوك) الى مناطق الحكم الذاتي او محافظة الانبار... على ضوء التوجيهات (مركزية) اعتبارا من 1/1/1998 لغاية 31/12/1998 وكالآتي:

1- عدد العوائل الكوردية المرحلة هو مائة واثنان وسبعون عائلة...

2- عدد العوائل التركمانية المرحلة هو سبع عشرة عائلة.

مجموع العوائل المرحلة (189) عائلة.

وفي كتاب صادر من رئاسة الجمهورية الى محافظة التأميم (كركوك) ان الرئيس قرر بان العقود الزراعية ليست املاكا وتستمر اجراءات توزيعها على العشائر العربية وفقا للخطة "العدد (20/722-23/3/1999) وهناك عشرات القرارات الصادرة لتنفيذ خطة التطهير العرقي الاجرامية وكلها مخالفة لحقوق الانسان منها القرار المرقم (8/7/931) والمؤرخ 18/1/2000 القاضي بترحيل ثلاثمائة عائلة كوردية وتركمانية والساكنين في مركز كركوك خلال عام 2000".

ومنها القرار (9/9/713) المؤرخ 26/1/2000 والذي ورد فيه انه تم تنفيذ الخطة الخمسية (1/1/1995 - 1/1/1999) بترحيل المواطنين غير العرب الى خارج محافظة كركوك.

 

 

 

 

الجدول الذي يبين كيفية تنفيذ سياسة التطهير العرقي

 

 

السنة

عدد الذكور

عدد الاناث

مجموع الافراد

عدد الاسر

1

1981

15303

14703

30006

4590

2

1982

2103

2114

4217

658

3

1983

982

960

1943

273

4

1984

1849

1773

3622

522

5

1985

854

851

1705

258

6

1986

6474

6219

12693

1974

7

1987

11879

11323

23202

4906

8

1988

12473

12065

24538

5346

9

1989

14560

13937

28497

5846

10

1990

11829

11273

23102

5691

11

1991

1042

1032

2074

415

12

1992

922

855

1777

388

13

1993

327

300

627

122

14

1994

229

255

484

62

15

1995

183

172

355

28

16

1996

730

733

1463

188

17

1997

1616

1980

3596

551

18

1998

4891

5113

10004

1666

19

1999

1244

1109

2353

448

20

2000

1164

1117

2281

374

21

2001

2542

2470

5012

1006

22

2002

4750

4857

9607

1600

المجموع

193157

36912

 

5.23 فرد / الاسرة

 

 

 

 

الزام طلاب مدارس كركوك)بتطبيق تعليمات

والتطهير العرقي يخالف حقوق الانسان من النواحي الثقافية والتعليمية كما نفذها العفالقة وكما يلي في كركوك (كنموذج للمناطق الاخرى).

فقد ورد في قرار وزارة الداخلية (الشؤون الامنية) العدد (12136) التاريخ 21/9/1999 انه يجب "الزام كافة طلاب مدارس المحافظة (كركوك) بتطبيق التعليمات الآتية :

أولا : التربية والتعليم والدراسة بجميع مراحلها (الروضة – الابتدائية – المتوسطة – من الاعدادية الاكاديمية والمهنية والمعاهد والكليات) باللغة العربية فقط ولذا يجب التقيد بما يلي :

أ- يمنع منعا باتا استعمال اللغة المحلية (الكوردية – التركمانية – الآشورية – الكلدانية) من قبل الهيئة التعليمية والهيئة التدريسية لالقاء المحاضرات ومفردات الجمل المستعصية بغير العربية اثناء الدوام الرسمي.

ب- يمنع منعا باتا استعمال اللغات المشار اليها اعلاه في الفقرة اولا من كتابنا من قبل الهيئة التعليمية والتدريسية مع الطلبة في فترة الاستراحة.

ج- يمنع منعا باتا استخدام اللغات المحلية عدا العربية من قبل طلاب المدارس فيما بينهم.

 

قرار عنصري فاشي

وقليلا من التدقيق في هذا القرار العنصري الفاشي يبين ان العفلقية :

1- ألغت التزام العراق امام عصبة الامم والامم المتحدة وفي بيانات سابقة لها حق استعمال اللغات غير العربية في المدارس.

2- تمنع المدرسين حتى من شرح الجمل المستعصية بغير العربية.

3- تمنع المدرسين والمعلمين من استعمال اللغات غير العربية حتى اثناء الاستراحة.

4- تمنع الطلاب من التكلم باللغة الام فيما بينهم في المدرسة".

وهذا النموذج للأمر الدكتاتوري المخالف لشروط ضم كوردستان الجنوبية الى العراق بقرار من عصبة الامم هو تعبير صارخ عن انتهاك الدكتاتورية للالتزامات العراقية الدولية واستهتارها بالعهود والوعود العراقية لهذه الهيئات الدولية.

 

تجاوز العفلقيون كل الحدود والمدى

وتجاوز العفلقيون كل الحدود والمدى، اذ منعوا بقرار الفريق الركن سعدون علوان المصلح و/ وزير الداخلية للشؤون الامنية المؤرخ 21/8/1998 والمرقم (1085) حتى حمل العنوان للمواطن اذا كان كورديا او تركمانيا وهكذا نرى ان سياسة التطهير العرقي العنصرية تشمل التهجير والتعريب. التعريب حتى في الدراسة ومنع التكلم باللغة الام.

وهي لا تقتصر على ما تقدم بيانه بل تشمل اجبار الناس الكورد والتركمان على تغيير قوميتهم. ففي ما عدا تشريد عشرات الالوف من العوائل الكوردية والتركمانية من محافظة كركوك وخانقين واسكان العرب المستوردين من الجنوب مكانهم فاننا نرى في تغيير القومية بالالزام والاكراه والترغيب والتهديد نتيجة خطرة اخرى لهذه السياسة العنصرية المنافية للاخوة والمودة بين العراقيين كافة والمناقضة لحقوق الانسان والمجافية لأحكام الدين الاسلامي الحنيف الذي حرم على المسلم دم اخيه وماله وعرضه وارضه. فهذه السياسة العنصرية تتعارض مع الشرع الاسلامي وتعد خرقا خطيرا للاخوة الاسلامية.

 

3- اجبار الكورد والتركمان على تغيير قوميتهم الى العربية

من الجرائم البشعة التي ارتكبتها الدكتاتورية في سياق تنفيذ سياستها العنصرية اجبار الكورد والتركمان على تغيير قوميتهم الى العربية. والقرار رقم (199) الصادر في 6/9/2001 باسم ما يسمى بمجلس قيادة الثورة الذي كان في الحقيقة مجلس قيادة الردة والخيانة والاجرام يجسد العقلية العفلقية الفاشية التي كانت الاساس الفكري للسياسة العنصرية الفاشستية التي مارسها البعث مزركشة بالعبارات التالية :

"وانسجاما مع مبادئ حزب البعث العربي في ان العربي هو من عاش في الوطن العربي وتكلم العربية واختار العروبة قومية له واستنادا الى احكام الفقرة (1) من المادة الثانية والاربعين من الدستور قرر مجلس قيادة الثورة ما يأتي :

 

"اولا : لكل عراقي اتم الثامنة عشرة من العمر الحق في طلب تغيير قوميته الى القومية العربية".

الى هنا ليس لدينا اعتراض على حق الفرد مختارا وبارادته الحرة في تعريب نفسه وتحويل كورديته الى العربية. وهناك العديد من الامثلة، فالدكتور وميض عمر نظمي سليل اسرة عريقة من كفري وحفيد وزير الداخلية الكوردي عمر نظمي يعمل كأحد قادة القومية العربية وكان دوما محل احترامنا وكذلك هناك اناس آخرون مثل السيد عوني القلمجي الكويسنجقلي الكوردي الذي انتقل من الحركة القومية العربية الى الاشتراكية ثم الماركسية اللينينية ثم المعارضة الشديدة لنظام البعث ثم العودة الى قاعدته سالما قوميا عربيا مناديا بالمصالحة مع الحكومة الفاشستية الصدامية، وهو الآن احد اشد المعارضين لحق شعب فقد شرف الانتماء اليه في ابسط حقوق شعوب هذا العصر وهو الفدرالية.

 نحن لسنا من المعترضين على تعريب الكوردي لنفسه اختياريا. وليكن هؤلاء السادة هدية من شعب كوردستان الى العروبة خيرهم وشريرهم من المجرم طه الجزراوي مرورا بالسيد القلمجي وصولا الى الدكتور الاستاذ وميض عمر نظمي الذي مازال موضع احترامنا.

 ولكن ما جرى على ارض الواقع كان اجبار الناس التركمان والكورد بالاكراه والتهديد والوعيد على تغيير قوميتهم. فاذا رفض احدهم طرد من بيته في كركوك ويخير بين الذهاب الى الجنوب العربي حاملا امتعته معه او الذهاب الى المنطقة المحررة بدون السماح له بنقل اثاث بيته او ممتلكاته المنقولة.

 وعدا ذلك فهناك قرارات جائرة ايضا لاجبار المواطن الكوردي او التركماني على قبول التعريب والتنازل عن قوميته. ورد في قرار محافظ كركوك اللواء الركن نوفل اسماعيل خضير العدد (8/7/931) والمؤرخ 18/1/2000 النص الآتي:

يجب ارسال قائمة باسماء (300) عائلة كوردية وتركمانية الساكنين في حدود المحافظة (كركوك) بغية ترحيلهم خلال عام 2000 موضحا الاسباب على وفق التوجيهات المركزية ويشتمل على الشرائح التالية :

أولا : المواطنين الكورد والتركمان الذين امتنعوا عن تصحيح قومياتهم مع التركيز على الذين لهم ممتلكات خاصة كالدور والعقارات.

وفي قرار آخر يحمل توقيع الفريق الركن سعدون علوان المصلح و/ وزارة الداخلية للشؤون الامنية الموجه الى محافظة كركوك (التأميم) المكتب الخاص ورد بالنص :

"يجب الزام منتسبي دوائر الدولة الرسمية وشبه الرسمية من حدودكم الادارية بقانون تصحيح القومية على وفق الضوابط الخاصة. وتنفيذ ذلك خلال (ثلاثين) يوما اعتبارا من 1/3/2000 وبعكسه سيتم اتخاذ الاجراءات الخاصة بحقهم ولكم جميع الصلاحيات واعلامنا النتائج".

 

الالزام واتخاذ الاجراءات الخاصة يحلان محل الحق

هكذا نرى الالزام واتخاذ الاجراءات الخاصة يحلان محل الحق في تغيير القومية وبالتالي تتوضح السياسة الحقيقية، السياسة العنصرية القائمة على الالزام والاجبار لتعريب الكورد والتركمان وهي جزء هام من سياسة التطهير العرقي الصدامية الفاشية.

ولم تقتصر الاجراءات العنصرية الصدامية على ما تقدم بل شملت حتى التعريب الكامل في المدارس وفصل الكورد والتركمان من الدوائر وتغيير الاسماء كما سنبين ذلك بالوثائق. كما بينا سابقا.

وهناك قرار جائر آخر بمنع الاسماء الكوردية في الاسواق والمحال ايضا. ففي قرار العدد (8/11/812) المؤرخ 13/1/2000 يأمر محافظ كركوك اللواء الركن نوفل اسماعيل خضير بتنفيذ قرار وزارة الداخلية المرقم (2136) والمؤرخ في 21/9/1999 الخاص بتعريب مدارس المحافظة.

"ثانيا : تبليغ لجنة الرقابة الداخلية في المحافظة بالزام جميع اصحاب المحال التجارية والصناعية بتغيير الاسماء والعناوين المسجلة والمكتوبة لمحالهم باللغة غير العربية كأسماء كوردية وتركمانية ويشمل جميع المحال (المقاهي، الكماليات، الموبيليات، الكازينوهات، الحمامات، المساجد، التكايا، المقابر والاضرحة، الازقة، الشوارع، الاماكن الاثارية، صالونات الحلاقة والعرائس والتجميل، اماكن اللعب والتسلية واللهو والرياضة الخ. وتغييرها الى اسماء وعناوين عربية ذات الصفة الثورية الحزبية المعروفة".

 

لم يشهد العراق مثل هذا التجاوز الفظ والعنصري

هل شهد العراق طوال وجوده كمملكة مثل هذا التجاوز الفظ والعنصري حتى على اسماء المساجد والتكايا ؟ على اسماء المقابر والاضرحة ؟ هل توجد عنصرية أعتى واشرس من هذه العنصرية الصدامية الوحشية ؟‍! أهكذا تبنى وحدة عراقية ؟ ام تدمر وتحطم بهذه الاجراءات العنصرية الموغلة في الرجعية والدكتاتورية ؟! لاحظوا ان الامر يتجاوز مدينة كركوك الى جميع انحاء المحافظة. اوليس ذلك حرمانا للناس من ابسط حقوق المواطن ؟ اوليس ذلك استهانة بحق الانسان في اختيار اسم لدكانه ؟ ثم اوليس ذلك تجاوزا رهيبا على اسماء المساجد والتكايا ومنها مساجد بنيت في كركوك قبل مئات السنين وعندما كانت مركزا لولاية شهرزور لا رابطة ولا علاقة لها بولاية بغداد الا العلم العثماني المشترك.

 

قرار قرقوشي اخر

ثم لاحظوا ايها الاعزاء قرار صدام حسين كرئيس لما سمي بمجلس قيادة الثورة في 7/2/2000 الذي يبين :

"أولا : يخول مدير شركة نفط الشمال او من يخوله صلاحية احالة المنتسبين من ابناء الاقليات الغير العربية (الكورد والتركمان) الى التقاعد لما يستوجبه الظروف الامنية.

ثانيا : الفقرة اعلاه يشمل الذين اقدموا على تصحيح قوميتهم على ضوء التوجيهات المركزية".

لنتمعن من هذا القرار القرقوشي الذي يبين :

1- ان " السيد الرئيس القائد للامة العربية" لا يجيد اللغة العربية حتى انه لا يفرق بين المذكر والمؤنث فبدلا من كتابة لما تستوجبه الظروف " يكتب لما يستوجبه وبدلا من الفقرة – تشمل – يكتب يشمل.. وهكذا لا تخلو اية فقرة من غلطة لغوية قواعدية.

2- يأمر بطرد حتى الذين تم تعريبهم فهو يعرف انه تعريب اجباري شكلي.

3- يطرد المواطن من وظيفته فقط بسبب كونه كورديا او تركمانيا وليس هناك سبب آخر.

فكيف يستطيع ان يكون مثل هذا الوحش الدكتاتوري رئيسا لعراق العرب والكورد والتركمان والكلدوآشور؟ لذلك فعليه وفق مبدئه العفلقي الفاشستي ان يقوم بالتطهير العرقي كواجب حزبي مفروض عليه.

 

واجب الحريصين على الوحدة الوطنية العراقية

ولذلك فعلى جميع الحريصين على الوحدة الوطنية العراقية ان يكافحوا ضد التطهير العرقي ومن اجل ازالة آثاره من تهجير وتعريب واسكان جبري في محافظة كركوك كي يعيش مواطنوها التركمان والكورد والكلدوآشور والعرب الاصليون بسلام وامان واخوة ويتمتعوا جميعا بحقوق المواطنة المتساوية ويشتركوا جميعا في ادارة المحافظة وتطويرها وازدهارها.

اننا نريد ان نؤكد بان دفاعنا ليس محصورا على الدفاع المشروع والعادل عن كورد كركوك بل هو اولا دفاع عن تركمان كركوك وكلدوآشورييها الذين تعرضوا لأشد المظالم بما فيها انكار قوميتهم ومن ثم فدفاعنا هو دفاع جميع المهجرين والمتضررين بصرف النظر عن قوميتهم ومذهبهم.

وبجانب احقاق الحق فاننا نحرص على الوحدة الوطنية العراقية ونريد درء ودفع المخاطر عنها ومنها مخاطر سياسة التطهير العرقي التي - الى جانب ما بيناه - تشتمل اثارة العداوة والبغضاء بين الكورد والعرب الشيعة من جهة والتركمان والغاصبين لأرضهم من جهة اخرى، وبالتالي فانها تثير الفتن والعداوة وحتى الاقتتال بين العرب والكورد والكلدوآشور وخاصة مخاطر مطالبة اللجنة المشكلة للمطالبة باسترجاع ولاية الموصل من العراق والتي تعمل منذ سنين عديدة في سويسرا واوروبا لاثارة مشكلة ولاية الموصل في المحافل الدولية وفي الامم المتحدة بالذات.

*نشر هذا البحث في صحيفة (المدى) 17/2/2004


11/02/2024