×

  حوارات

  عدم تطبيق الفدرالية هو مصدر مشاكل العراق



بثت قناة (الحدث) العربية مساء (الأربعاء، 21 شباط 2024) لقاء تلفزيونياً مع فخامة السيد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، تناول الأوضاع الأمنية والسياسية للعراق وإقليم كوردستان ومشاكل أربيل وبغداد والتطورات التي تشهدها المنطقة، وأدناه نص اللقاء:

سؤال: سيد نيجيرفان سنبدأ معك من آخر التطورات، هناك مفاوضات تجري لانهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، وممثلون من قبل إقليم كوردستان يشاركون في هذا الحوار. برأيكم، هل بقاء قوات التحالف الدولي ضرورة للعراق والإقليم؟

 

الرئيس نيجيرفان بارزاني: قوات التحالف جاءت إلى هذا البلد بناء على طلب من الحكومة العراقية للمساعدة في مواجهة إرهابيي داعش.

طبعاً، مر وقت طويل منذ سنة 2014 لغاية اليوم ومن الطبيعي جداً أن يتم التفاوض من جديد لتحديد شكل العلاقة المستقبلية بين قوات التحالف وبغداد، وعلى هذا الأساس يتم اتخاذ قرار كيف سيكون شكل العلاقات المستقبلية؟ وهل أن العراق بحاجة إلى المساعدة أم لا؟

 

سؤال: أنت قلت بأن هذا التحالف منذ عام 2014، في حينها كان هناك داعش. قلت بأنه مر وقت طويل على هذا الأمر، تقريباً عشر سنوات. كيف ترى وضع داعش اليوم في العراق؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: مسألة داعش لا ترتبط بالعراق فقط بل هي مسألة تتعلق باستقرار سوريا أيضاً، نحن نعتقد بانه طالما كان الوضع الأمني في سوريا والعراق على هذا النحو فان داعش حسب وجهة نظرنا لا يزال يشكل إلى حد كبير تهديداً للعراق.

 

سؤال: هل سيكون الإقليم الجغرافيا البديلة للعراق بالنسبة للقواعد الأمريكية؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: فيما يخص هذا الموضوع نحن لا نعزل الإقليم عن العراق، ووفقاً لسياستنا فإن أي قرار سيتخذ سيكون ضمن إطار الجغرافيا العراقية، وإقليم كوردستان كجزء من العراق، سيلتزم بالقرار الذي يتخذه العراق بشكل عام في هذه القضية. موضوعنا مع أمريكا ليس مسألة عاطفية، فوجهة نظرنا في هذه القضية ورؤيتنا تتمثلان في هل أننا نحتاج إلى المساعدة أم لا؟ دعوني أضرب لكم مثلاً بهذا الخصوص، في سنة 2011 خرجت القوات الأمريكية من العراق وعادت من حيث أتت، ولكن في 2014 وجه العراق وبشكل عاجل رسالة إلى الأمم المتحدة طالباً المساعدة، ففي الحقيقة لم يكن بمقدور العراقيين آنذاك التصدي لإرهابيي داعش وإيقافهم بدون مساعدة قوات التحالف وأمريكا. إقليم كوردستان يتخذ قراراته في إطار العراق، وليس له قرار مستقل لأنه جزء من العراق، ويتخذ قراراته ضمن هذا الإطار.

 

سؤال: كيف تقيمون مواقف التحالف الدولي تجاه التهديدات للإقليم؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: أدانوا ذلك من خلال بيانات الادانة وإبداء المساندة وأيضاً كانت لهم مواقف تدين الموقف الذي اتخذ حتى الآن، لكن بصورة عامة لا أستطيع القول بأن تلك المواقف هي التي حفظت إقليم كوردستان مائة بالمائة، ولكن بمقدوري القول إنهم فعلوا ما يمكن أن يفعلوه.

 

سؤال: هل تعتبر أن الانسحاب الامريكي من العراق سيسحب الذريعة من الفصائل لاستهداف المصالح الأمريكية في العراق والإقليم؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: دعوني أبدأ بهذا، بوصف رئيس الوزراء العراقي لما تقوم به هذه الفصائل، فقد وصفها بانها أعمال إرهابية. ما تقوم به هذه الفصائل هو أولاً خرق للسيادة العراقية فليس من المعقول ان قوات طلب العراق بنفسه قدومها لتقدم له الدعم والمساعدة ثم يلجأ الآن إلى إطلاق الطائرات المسّيرة عليها وتهديدها لكي تخرج أو تذهب. هذه كلها ذرائع. ما هي الضمانة بأن لا تتحول هذه القوات إلى تهديد أكبر لإقليم كوردستان بعد خروج القوات الامريكية؟ ولا تشكل تهديداً أكبر على المكونات العراقية الأخرى؟ أو أن لا تتحول إلى تهديد لشكل الحكم في بغداد أصلاً؟ هذه القوى ليست لديها رؤية واضحة وهي قابعة في الظلام، إلى أين تريد هذه الفصائل ان تذهب بالعراق؟ بالتأكيد أود ان أقول أيضاً: إذا كانت المسألة هي سيادة العراق فحتماً هؤلاء ليسوا عراقيين أكثر من عراقية رئيس الوزراء، ورئيس الوزراء أدرى بمصلحة العراق كيف هي وأين تكمن.

أرى أنه ليس هناك أي عذر لهذه الممارسات السلبية التي ترتكبها هذه الفصائل، فالمسألة لا تنحصر في القيام بتهديد أمريكا فحسب بل أنها قامت باستهداف قوات البيشمركة في حين أن قوات البيشمركة جزء من منظومة الدفاع عن العراق وحمايته. واستهدفوا المواطنين المدنيين كذلك، وحاولوا ذلك وسَعَوا إليه في السابق أيضاً، يجب أن يتم وضع حد لهذه الممارسات.

يتحدثون كثيراً عن سيادة العراق، في حين تأتي هذه الفصائل في مقدمة الذين ينتهكون السيادة العراقية. الذين يمنعون رئيس الوزراء من أداء مهامه كقائد عام للقوات المسلحة هم هذه الفصائل، والذي يزعزع مكانة العراق سواء في داخل البلد أو على صعيد المجتمع الدولي هو للأسف تصرفات هذه الفصائل.

 

سؤال: ظروف الإقليم في مواجهة داعش كانت أصعب، أم مواجهة التحديات الحالية، وهي الطائرات المسيرة والصواريخ من إيران وهذه الفصائل التي تتحدث عنها والمدعومة منها؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: احتل داعش ثلث مساحة الأراضي العراقية غير أن جبهات القتال كانت معلومة، هناك داعش على طرف وعلى الطرف المواجه لهم توجد القوات التي وقفت ضدهم، وكان من ضمنها الجيش العراقي والبيشمركة والحشد الشعبي.

أنا أرى أن الواقع الراهن أصعب بكثير من تلك الأيام، لأن التهديد الآن ليس من الخارج بل من داخل بيتك. يأتي التهديد من مجموعة تحصل على التمويل من الحكومة العراقية وهذا أسوأ بكثير، ولا تعرف كيف تتعامل معه، فالجبهة غير معلومة ولا تعرف أين سيقاتلونك، أرى ان الذي يجري ويحدث الآن اصعب بكثير من مسألة داعش.

 

سؤال: انتم كإقليم، كيف ستواجهون هذا التحدي الذي قلت بأنه أصعب من داعش؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: ليس بإمكان الإقليم أن يفعل هذا لوحده، هذا خرق للسيادة العراقية. هذا واجب الحكومة العراقية، واجب رئيس الوزراء العراقي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، فما دمنا نعيش ضمن جغرافيا العراق وما دمنا جزءاً من هذا البلد فإن حماية إقليم كوردستان يجب أن تكون جزءاً أساسياً من سياسة ورؤية بغداد. هذا الموضوع لا يتعلق بإقليم كوردستان لوحده بل يتعلق ببغداد، وعلى الحكومة العراقية ان تمارس دورها الأساس في حماية إقليم كوردستان.

 

سؤال: هل أنت راض عن تعامل وتعاطي الحكومة العراقية مع الاستهداف الذي يتعرض له إقليم كوردستان من كل من إيران بداية، وأيضاً من تركيا؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: كرئيس للوزراء، وكشخص، وبصفته القائد العام للقوات المسلحة، كان له موقف جيد جداً سواء أكان فيما يتعلق بإيران أو فيما يخص الدول الأخرى التي تخلق المشاكل للعراق. لكن هناك واقعاً وتساؤلاً مفاده: هل يستطيع العراق ان يفعل أكثر من ذلك أم لا؟

أنا أرى أن على العراق أن يحاول القيام بأكثر من ذلك، فليس في صالح سمعة العراق ان توجد في العراق مجموعات مسلحة تهدد جزءاً من هذا البلد، ألا وهي الفصائل.

على العراق وعلى رئيس الوزراء العراقي مسؤولية، وهي أن عليه ان ينهي هذا الموضوع الذي لا يأتي بغير الضرر ولا خير فيه للعراق ولا لإقليم كوردستان. مخاوف الإقليم تبدأ من هذه النقطة وهي أنه إن لم يقم العراق ولم تقم بغداد بحماية الإقليم بشكل جدي، عندها سيكون على الإقليم ان يفكر بأمر آخر، لأن حماية الإقليم في المحصلة أولوية اساسية عندنا، وهي من واجب بغداد. وأنا أتوقع ان رئيس الوزراء لا يألو جهداً ويفعل ما بمقدوره حيال هذه المسألة.

 

سؤال: لعدة مرات خلال حديثك، كاك نيجيرفان، قلت بأن هذه مسؤولية رئيس الوزراء. ما الذي يمكن لرئيس الوزراء القيام به حالياً بهذا الشأن؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: ما يقع على رئيس الوزراء هو ان يبذل محاولات جادة وعلى هذه الفصائل أن تلتزم بقراراته، لأن ما يقوم به هؤلاء يجعل العراق بلا قيمة أمام المجتمع الدولي، عليهم ان يفسحوا المجال لرئيس الوزراء ليؤدي مهامه كقائد عام للقوات المسلحة. فيجب وضع حد لهم عاجلا أم آجلا.

 

سؤال: إيران، هل هي جارة؟ أم صديق لدود؟ أم عدو؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: علاقاتنا مع إيران علاقة قديمة. إيران جارة مهمة لنا ونحن لا نستطيع أن نلغي هذه الجغرافيا. لنتحدث عن علاقاتنا مع إيران قبل هذه الحادثة، كنّا نعتقد أن علاقاتنا مع إيران جيدة جداً، فمن الناحية الاقتصادية، إذا نظرنا إلى الأرقام نجد أن الأرقام اقتصادياً وتجارياً كانت تتصاعد، وللسنة الثانية على التوالي كنا في إقليم كوردستان نسمح للزوار الذين يقصدون كربلاء والنجف بأن يعبروا من خلال إقليم كوردستان، وعلى صعيد الملف الأمني كان لنا تطور ممتاز مع إيران، وعندما أقول نحن اقصد العراق وإقليم كوردستان معاً.

 

لذلك، تعد إيران بالنسبة لنا جارة مهمة، ولكن السؤال هو هل يمكن أن تسمي استهداف منزل مدني بصاروخ كروز بالصداقة؟ كيف يمكن توصيف هذا وذريعة أنه كان مقراً إسرائيلياً. ان تقوم بقصف منزل مدني داخل أربيل وتردي ثلاثة أو أربعة اشخاص شهداء من ضمنهم طفلة صغيرة، هذا التصرف لا يمكن إدراجه في خانة الصداقة. وإلا فاننا حاولنا دائماً ونحاول ان نكون عامل أمن واستقرار في المنطقة، وهكذا كنا مع إيران فيما سبق، نحن لسنا مصدرا للتهديد ضد إيران فعلاقاتنا معها علاقة تاريخية وقديمة.

لكن السؤال هو لماذا تصرفت جمهورية إيران هذا التصرف مع أربيل في الوقت الذي نعتبر فيه إيران جارة مهمة ونعدها صديقة لنا، رأينا في السابق أنها صديقة لنا. لماذا فعلت ذلك؟ هذا موضع تساؤل كبير للغاية!

 

سؤال: ما هي علاقتكم بتل ابيب؟ وماذا عن تواجد مقرات للموساد في الإقليم؟ طبعاً سؤالي هو يرتبط بما قلت وبالاتهامات الإيرانية التي توجه لكم وعلى أساسها يدعون هم أنهم استهدفوا الإقليم..

الرئيس نيجيرفان بارزاني: فيما يتعلق بالسياسة الخارجية نحن نلتزم بسياسة العراق كدولة، عندما يتبنى العراق أي شكل للسياسة الخارجية فان إقليم كوردستان يتصرف في إطار هذه السياسة وليس بعيداً عن بغداد ولا بخلافها. ليس لدينا أي علاقات وليس هناك أي مقر للموساد في أربيل. هذه كلها ذرائع، وما قامت به إيران كجارة للعراق والتي يفترض أنها تعد نفسها صديقة، كان أكبر انتهاك للسيادة العراقية، فإذا كانت لدى الإيرانيين فعلاً معلومات تثبت بأن هذا الموقع كان مقراً للموساد كان بمقدورهم ان يتصرفوا بشكل آخر. كان بإمكانهم، وإن كان بدون الرجوع إلى إقليم كوردستان، أن يفاتحوا بغداد ويسلموا بغداد الاثباتات التي بحوزتهم والتي تثبت أن ذلك الموقع مقر إسرائيلي ويطالبوا في نفس الوقت بإجراء تحقيق مشترك. كان بمقدور إيران ان تفعل هذا.

أجزم متحدياً بانه لا يوجد أي مقر للموساد أو لإسرائيل في أربيل، وفي السابق جرى الكثير من الحديث عن مثل هذه الأمور بشأن إقليم كوردستان وتم تصوير إقليم كوردستان على أنه إسرائيل. لماذا هو إسرائيل؟ لم لا نكون فلسطين ولماذا نكون إسرائيل؟ حقوقنا تنتهك ونحرم من حقوقنا ومستحقاتنا، فلماذا ليس إقليم كوردستان كفلسطين؟

 

سؤال: اذن لماذا إيران وجهت هذه الضربات للإقليم؟

 

الرئيس نيجيرفان بارزاني: أنا لا أجد أي تفسير لذلك عدا كونهم يمتلكون الصواريخ وبمقدورهم قصفنا ويفعلون ذلك، والا ليس هناك أي مبرر لذلك ولا أي دليل يسوّغ لذلك. إذا كان لدى الإيرانيين معلومات تفيد بأن هذا الموقع كان مقرا للموساد فهذه كارثة كبيرة للمؤسسة الاستخباراتية الإيرانية وعليهم أن يعيدوا النظر في جميع مؤسساتهم الأمنية.

في الماضي، وفي أيام قاسم سليماني كانت هذه المشاكل نفسها موجودة، جاءني ذات مرة وكانت معه مجموعة من الاشخاص تابعين للمؤسسات الاستخباراتية الإيرانية وقالوا: إن معلومات مؤسساتنا الاستخباراتية تقول بأن عندكم في مكان ما داخل كوردستان مركز تنصت على إيران! فقلت له مباشرة: يا جنرال، بينما نحن جالسون الآن هنا، ليذهب الذين يدّعون هذا من فورهم ويحققوا في ذلك ويتأكدوا هل هذا صحيح أم لا؟ وفعلاً فعلوا ذلك وتبين أنه لم يكن له أي اساس من الصحة. هذه المرة أيضاً كان بمقدورنا ان نحل هذه المشاكل بنفس الاسلوب.

 

السؤال الذي يثير عندنا الاستغراب والتعجب هو لماذا فعلت إيران ذلك؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: لا نعلم السبب حتى الآن، لكننا متأكدون تماماً أنه لم يكن هنالك أي مقر إسرائيلي ولا أي شخص إسرائيلي.

 

سؤال: هل تم أي تواصل بينكم وبين إيران بعد هذه الحادثة؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: كلا.. لكن رئيس مؤسسة الأمن القومي الإيراني زار بغداد وتحدث مع رئيس الوزراء ومع السيد قاسم الأعرجي، ولكن كإقليم كوردستان لم يكن هناك أي اتصال بيننا.

 

سؤال: هل هناك أي ترتيب بين أربيل وأنقرة عندما توجه تركيا أي ضربات لحزب العمال الكوردستاني في الإقليم؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: إن PKK حزب العمال صداع كبير لإقليم كوردستان وللعراق أيضاً. هؤلاء لا يقيمون وزناً للمؤسسسات الشرعية لإقليم كوردستان ويهددون تركيا انطلاقاً من أراضينا، بينما نرفض تماماً مبدأ تحويل أراضي إقليم كوردستان إلى مصدر تهديد لجيراننا سواء أكان هذا الجار تركيا أم إيران، لا يمكن أن يتخذ معارضو هذه الدول من إقليم كوردستان منطقة آمنة لخلق المشاكل لهذه الدول. من المؤسف جداً أن حزب العمال (PKK) يلعب دورا سلبيا جدا في هذا السياق ويستخدم المناطق الجبلية لإقليم كوردستان ويحاول خلق المشاكل لتركيا. هذا غير مقبول مطلقاً من جانبنا.

 

سؤال: لاحظت من حديثك أنك تكن الاحترام والإعجاب لرئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وهو بالمقابل منذ عدة أيام عندما التقيته كان عنده تقريباً نفس هذا الاحترام المتبادل ووصف العلاقة بينه وبين الإقليم بالمتميزة. لكن لماذا لم تُحل الخلافات بين بغداد وأربيل حتى الآن؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: لا شك في ان رئيس الوزراء العراقي لديه النية الحسنة لجميع العراق بكوردهم وعربهم ومسيحييهم وكل الاطياف الأخرى، وبعد ان اصبح رئيساً للوزراء ركز على الخدمات وكيفية تطوير الاقتصاد في هذا البلد وهذان أمران اساسيان للعراق، ولديه رؤية واضحة وهي أنه يريد الانتقال بالعراق إلى مرحلة مختلفة، ولكن إلى أي حد يتم دعم رئيس الوزراء؟ ارى بأن ذلك قليل جدا، نحن ككورد دعمناه ونستمر في ذلك لأن رؤية رئيس الوزراء تخدم العراق كله وليس الكورد فقط. هذه الرؤية تصب في صالح جميع مكونات العراق، الذي نراه نحن من رئيس الوزراء هو أنه لا يميز بين مكونات العراق.

يعاني العراق من مشكلة أزمة ثقة كبيرة، فبعد 2003 أسسنا نظاما للعراق وقلنا إن نظامنا نظام اتحادي، لكن اليوم وبعد مضي نحو 20 سنة، منذ 2003 إلى الآن، فإننا في الحقيقة لا نعرف ما هو نظام الحكم ونظام الإدارة في العراق. تصرفات بغداد مع الإقليم مركزية فوق العادة وبعد عشرين سنة لم يتم لحد الآن تطبيق النظام الاتحادي في العراق كنظام للادارة.

السبب في عدم حل هذه المشاكل لا يكمن في الاشخاص انما أصلاً في الفكر.

النظام في الدستور اتحادي، ولكنه في التطبيق مركزي جداً، وهذا يجب أن يحسم. ولكن الذي يمارَس الآن ضد إقليم كوردستان لا علاقة له ولا صلة بأي نظام اتحادي على مستوى العالم، والمشكلة تبدأ من هنا.

في سنة 2003 وبعد سقوط صدام قمنا نحن الكورد بما امكننا، وقام المرحوم مام جلال وفخامة الرئيس مسعود بارزاني بكل ما أمكنهما ليبقى العراق موحداً، وقد بلغ ذلك حد قيامنا بإرسال قوات البيشمركة لحماية امن بغداد في تلك الأوقات الصعبة، فعلنا ذلك أيضاً.

السؤال الجوهري في كوردستان في الوقت الراهن هو: إلى أين نحن ماضون؟ ما هي وجهة مستقبل هذا البلد؟ الوضع الذي نعيشه اليوم في العراق هو نفس الوضع الذي كنا نعيشه قبل سنة 2003 ولكن أمريكا قالت لنا حينها إن ما سيتحقق هو الديمقراطية والفدرالية، فقمنا نحن الكورد بما يجب علينا من اجل العراق. والآن، على اخواننا في بغداد ان يفكروا بجد بأنه يكفي ما يكيلونه للإقليم من اتهامات، ويتوقفوا عن الزعم بأن الإقليم انفصالي وأن الإقليم يريد كذا وكذا. كلا، الإقليم لا يريد الانفصال عن العراق وليس إنفصالياً، بل الإقليم يطالب بحقوقه.

 

سؤال: لكنكم قمتم بالاستفتاء على الانفصال؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: حتى مسألة الاستفتاء عندما تم اجراؤه كان بسبب خيبة الامل تجاه بغداد، لولا خيبة الامل هذه لما حدث الكثير من الامور، وخيبة الامل هذه لا تزال قائمة. نحن نتمنى دائما وعندما تتشكل حكومة جديدة نصبح جزءاً منها على أمل وضع الحلول لهذه المشاكل، لكن الحلول صعبة. رئيس الوزراء كشخص يسهل الامور كثيرا، فعندما تواجهنا مشكلة نحلها من خلال اتصال هاتفي واحد بيننا، ولكن هذا الموضوع ليس متعلقا بشخص رئيس الوزراء بل بنظام التفكير، واخوتنا في بغداد عليهم ايلاء اهتمام جدي بهذا الموضوع والعمل عليه من اجل وحدة العراق والتعايش المشترك داخل هذه الجغرافيا التي تسمى العراق، نحن مستعدون من اجل ذلك.

 

سؤال: فخامة الرئيس، شعب إقليم كوردستان يعاني بسبب غياب الرواتب. ألا يملك إقليم كوردستان الأموال لدفع هذه الرواتب لهؤلاء الموظفين للتخفيف عن كاهلهم أعباء هذه الحياة إلى أن تحلوا مشاكلكم مع بغداد؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: إمكانيات الإقليم في هذا الجانب محدودة جدا، في السابق كنا نبيع النفط في كوردستان من أجل تأمين الرواتب، والآن وكما تعلمون، توقفت عملية بيع النفط وحكومة إقليم كوردستان تعاملت مع بغداد بمنتهى الشفافية والآن أصبح من واجب بغداد أن تقوم بتأمين رواتب موطني الإقليم بصفتهم جزءاً من العراق، هذه مسؤوليتهم ورئيس الوزراء يتفهم ذلك، وخلال زيارتي إلى بغداد قبل بضعة أسابيع تباحثنا حول ذلك مع رئيس الوزراء بشكل مطول وأستطيع أن اقول بأننا أصبحنا في المحطة الاخيرة في طريق الوصول، إن شاء الله، إلى الحل لهذه المسألة.

 

سؤال: أموال النفط السابقة كانت تصدر عبر ميناء جيهان التركي، وهذه الأموال لم تكن تدخل خزينة الحكومة بل تذهب إلى جيوب خاصة. هذه اتهامات عراقية للإقليم. كيف ترد على أنها لم تكن تدخل خزينة الحكومة؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: كنت حينها رئيساً للوزراء، كان النفط ينقل من حقول إقليم كوردستان إلى ميناء جيهان، وفي ميناء جيهان التركي كانت هناك شركة سومو التي تعنى بجميع أمور تصدير نفط العراق، كانت سومو وبناء على طلبنا تقوم بمراقبة كل برميل من النفط الذي كان يصدر، نحن طلبنا أن تتواجد شركة سومو هناك، وكانت تقوم بتسجبل الأرقام كافة، وبعد ذلك كان يتم بيع الكميات لمشتري النفط، والايرادات المستحصلة من عمليات البيع كانت تعود إلى إقليم كوردستان بموافقة من البنك المركزي العراقي. وحيث لم تكن لدينا ميزانية في بغداد، كانت هذه الأموال تصرف لتأمين الرواتب.

هذه العملية برمتها كان يتم تدقيقها من قبل شركات عالمية تنظر في الأرقام كلها وتدققها ولا تزال هذه الأرقام موجودة وقمنا بتسليمها كلها لبغداد وبصورة مفصلة وسلمناها إلى برلمان كوردستان أيضاً، وأي شخص يود أن يحصل على معلومات بخصوص هذا الملف يجد أن كل شيء متاح وبمنتهى الشفافية. هذه الاتهامات لا تستند إلى أدلة، وهذه الاتهامات غير صحيحة وبيع النفط ليس أمراً يمكنك أن تفعله ثم تضع ايراداته في جيبك الخاص.

في كثير من الأحيان يجري الحديث عن أن كوردسان قام ببيع النفط من جانب واحد، نحن لم نبع النفط من جانب واحد. بل أقدم العراق سنة 2014 على قطع حصة إقليم كوردستان من الموازنة في شهر شباط، فقمنا في شهر أيار بتصدير النفط. كان الاتفاق مع المالكي الذي كان حينها رئيساً للوزراء، إن امتنعوا عن إطلاق حصتنا من الميزانية فمن حقنا أن نقوم بتصدير النفط.

 

سؤال: العلاقات الكوردية – الكوردية ما بين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني، ما الذي تخبرنا عن وضعها الآن؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: هناك خلافات بيننا لا شك في ذلك. نحن حزبان مختلفان ولسنا حزباً واحدا. لكن على المستوى الشخصي لست قلقا من أن هذه العلاقة قد تتجه إلى الأسوأ. عندما تواجهنا مشكلة في هذه العلاقة نحاول وضع حل لها وعندما يكون هناك موقف نحاول أن ننسق فيما بيننا بشأنه، هذه العلاقة ليست أمراً يشكل تهديدا كبيرا على إقليم كوردستان، ولكن لا شك فى أن من الضروري أن يتم تحسينها لتكون أفضل من العلاقة الراهنة، لأن ما هو قائم حالياً لا يعد حالة صحية لإقليم كوردستان، بالتأكيد يجب ان تنصبّ جهود الجانبين على تحسين هذه العلاقة.

 

سؤال: أنت كنت رائداً بعملية النهوض بإقليم كوردستان. أنا أزور الإقليم منذ 2007 وأعرف. وصلنا إلى المطار، كان غرفة صغيرة، أربيل لم تكن سوى منازل لم يكن هناك ناطحات سحاب، الطريق إلى دهوك لم تكن فيه إضاءة وتأخذ ساعات وساعات، أربع ساعات على الأقل. الآن أربيل مدينة متطورة اجتماعياً ثقافياً عمرانياً. كيف تقيم حالياً هذه التجربة والوضع الاقتصادي حالياً وأيضاً السياسي والأمني؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: في الحقيقة بدأ إعمار إقليم كوردستان منذ العام 2005 وبالتدريج، ولكن للاسف تسبب داعش في تأخير عملية إعمار إقليم كوردستان بشكل كبير.

إن لنا والحمد الله وضعاً امنيا جيدا جداً، ليست هنالك مشكلة أمنية تذكر في كوردستان.

أما من الناحية الاقتصادية، فللاسف وبسبب عدم تصدير النفط وبسبب مسألة الرواتب نحن الآن نعيش في وضع اقتصادي صعب، ولكن لسنا الوحيدين في هذا، فبسبب عدم قيام بغداد بحل مسألة تصدير النفط بجدية، خسر العراق بشكل عام حتى الآن نحو 7 مليارات دولار، ليس إقليم كوردستان لوحده بل العراق بصورة عامة.

القطاع الخاص في الإقليم له دور كبير، فعندما تتنقلين اليوم في أربيل وفي المدن الأخرى تلاحظين وجود حركة اقتصادية جدية واذا ما تم حل هذه المسألة مع بغداد، مسألة تصدير النفط وموضوع الرواتب، فانا أتوقع مستقبلا اقتصادياً جيداً جدا لإقليم كوردستان.

 

سؤال: كاك نيجيرفان، قلب الاسد. هكذا يطلقون عليك المقربون منك. كم أنت مستعد لاستخدام هذا القلب للدفاع عن هذا الإقليم وما تم إنجازه؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: هذا واجب ومسؤولية. وبالتأكيد سأقدم كل ما اقدر عليه وضمن امكانياتي لهذه المصلحة. ولخير كل العراق وخير إقليم كوردستان كجزء من العراق ومن اجل العراقيين كافة اقوم بما يمكنني في هذا السياق.

 

سؤال: المشاكل التي تمر بها المنطقة من حرب غزة والخشية من تمدد الصراع إلى أن يصبح إقليمياً. ما هي رؤية كلك نيجيرفان للحل؟

الرئيس نيجيرفان بارزاني: أولاً أعتقد أن هذه المشكلة.. نحن ككورد لدينا تجربة وتجربتنا مع الحرب طويلة. في النتيجة يجب حل هذا النوع من المشاكل من خلال الحوار. قضية فلسطين قضية عادلة وهي قضية شعب وليست مسألة متعلقة بحزب ما، وليست مجرد مسألة ايدولوجية بل هي قضية شعب. من حق هذا الشعب ان تحل هذه المشكلة. ومن المؤكد أن الحرب لن تحل المشكلة بأي شكل، وكلما استمرت الحرب فإنها لن تسفر الا عن الخراب والدمار.

في النتيجة يجب العثور على حل لهذه المشكلة عن طريق الحوار، ونحن نرى أن الحوار الآن فرصة، نحن نعلم بأن هنالك مشكلة كبيرة في غزة ولكن في الوقت عينه نحن نأمل ان تكون هذه بداية لفرصة، ان لم نقل آخر فرصة لحل هذه المشكلة بشكل يتمكن معه شعوب المنطقة من العيش بسلام وأمان مع بعضهم البعض.

المكتب الاعلامي لرئيس الاقليم


21/02/2024