×

  حوارات

  المركز الكردي للدراسات: حل الأزمة السورية عبر الحوار وبعيداً عن تدخل الدول الإقليمية



 

Ronahi :

منبج/ آزاد كردي :قال مدير المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، إن الشرق الأوسط يعاني من اضطرابات بسبب الحروب والنزاعات، ما يؤثر على شعوب المنطقة التي تبحث عن الحرية والعدالة، وأضاف، أن أردوغان يسعى من خلال التدخل في شؤون الدول، لإلهاء الشارع التركي وإبعاده عن مشاكله الداخلية، وأشار، إلى أن “مسد” يسعى لحوار وطني شامل لحل الأزمة السورية، وبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية، مؤكداً أن القضية الكردية حية، وحلها بشكل ديمقراطي سيؤدي إلى استقرار وازدهار المنطقة.

تعكس الأحداث التي تجري في الشرق الأوسط عامة، وشمال وشرق سوريا خاصة حالة الاصطفافات والتجاذبات الإقليمية والدولية، التي تؤثر في تموضع الدول، أو تحالفها، أو تمددها وتوسعها في أكثر من دولة، بتشكيل معالم لحقبة جديدة تشهد تغيرات سياسية وعسكرية في الفترة القادمة.

في هذا السياق، أجرت صحيفتنا، حواراً مع مدير المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، وفيما يأتي نص الحوار: 

ـ ما العوامل التي تساهم في استمرار حالة الاضطراب السياسي في الشرق الأوسط، خاصة في الدول المجاورة لسوريا مثل العراق، وإيران، والاحتلال التركي، وما دور الدول الأوروبية والقوى الكبرى في هذا السياق؟

منذ عقود، تعاني منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات مستمرة، فقد قامت بين العراق وإيران حرب استمرت ثماني سنوات، بعد ذلك، قام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بغزو الكويت، ولكن تم طرده لاحقاً منها؛ بفضل تحالف دولي واسع النطاق.

وفي إيران يسود النظام الثيوقراطي الإيراني؛ ما يجعل إيران في حالة من التذبذب، فهذا النظام لا يعترف بحقوق القوميات، الكرد، والعرب، والبلوش، وغيرها، هو نظام أحادي يحكم بطريقة أمنية.  الاحتلال التركي تتحكم به الدولة القومية الأحادية، ودستورها وفق المادة ٦٦ يقول: “إن كل من يعيش على أرضها هو تركي”. من جانب آخر هناك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود، والذي عاد للاشتعال، القوى العظمى تبدو مهتمة بالإبقاء على حالة الاضطراب في المنطقة؛ ما يجعل هذه الدول بحاجة مستمرة للقوى العظمى، بشرائها الأسلحة، أو الحصول على الغذاء منها، والبضائع والمكننة، والتقنيات التي تدخل في الصناعة والزراعة، الاعتماد على القوى العظمى، والوقوع تحت هيمنتها يؤدي إلى التأخر وبقاء البنية التحتية دون تطوير، وعدم التمكن من استغلال القدرات البشرية والثروات.

ـ كيف تتأثر المنطقة بالصراع بين إسرائيل وحماس، وما الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحقيق الحل بين الجانبين؟

الحرب بين إسرائيل وحماس، تترك تأثيرات عميقة على المنطقة عامة، التي أتاحت الفرصة للحركات الإسلامية والجماعات القومية لتنشط، على سبيل المثال، في سوريا والعراق، حزب البعث كان ولا يزال موجوداً، وهو الذي ساهم في صنع الوضع الحالي في العراق، ما يؤثر على المنطقة بأكملها، هناك تعاطٍ مختلف لأمريكا، وربما يزداد الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وذلك كله سيؤثر على محاولات الاحتلال التركي للحضور في ملف القضية الفلسطينية ولعب دور يخدم مصالحه فقط.

ستستمر التداعيات لعقود مقبلة، هناك جهات تعدُّ نفسها قومية عربية، وأخرى تعدُّ نفسها إسلامية، وسيُستغل هذا الوضع من الأطراف المتناحرة، ولكن دون البحث عن حلول واقعية تتوافق مع القرارات الدولية، التي تطالب بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود ما قبل الرابع من حزيران عام 1967.

وكانت المبادرة، التي أطلقها الملك السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، في قمة بيروت عام 2002، عندما كان حينها ولياً للعهد، تهدف لإقامة دولة فلسطينية وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان، مقابل السلام مع إسرائيل، وهناك دول عربية وقعت اتفاقات مع إسرائيل، ودول أخرى تطالب إسرائيل بوقف الحرب في غزة ووضع مسار للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وآثار هذا النزاع ستكون سيئة، إلا في حالة واحدة، وهي إذا تمخض عن ذلك رؤية جديدة من الدول الغربية وغيرها من القوى المؤثرة، حيث يتم الاعتراف بدولة فلسطينية، في المقابل يعترف الطرف الفلسطيني بدولة إسرائيل.

ـ هناك تداعيات للتوترات بين إيران وأمريكا على الشرق الأوسط، ما هذه التداعيات؟

التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لم يتوقف منذ احتجاز الرهائن الأمريكيين في عام 1979 وحتى الآن، ومن الملاحظ تداعيات ذلك في الحصار المفروض على النظام في إيران، والتدخل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومحاولات التدخل في دول عربية أخرى.

فالصراع لن يتوقف على المدى المنظور، لطالما بقي النظام الإيراني على ما هو عليه، والتداعيات ماثلة أمامنا في العراق والدول التي ذكرتها، وهي تداعيات سلبية جداً تبقي المنطقة مشتعلة وفي حالة توتر دائم، وبالتالي تمنع طرح الحلول للمشاكل الاقتصادية والمشاكل البيئية والصراعات الداخلية، وكل ذلك ليس بسبب التوتر بل بسبب طبيعة الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط، ودوام الصراع والتوتر الإقليمي يتحول لذريعة تتخذها هذه الأنظمة بأن هناك تهديداً خارجياً، وما إلى ذلك.

مع الأسف هذه التوترات بين إيران وبعض الدول في الشرق الأوسط ستبقى مستمرة، وتدفع شعوب المنطقة أثمانها، وإيران دائماً تهرب إلى الأمام، كي لا تعترف بوجود مشكلات بنيوية تتعلق بالنظام الإيراني، ولا يعترف هذا النظام بالقوميات الموجودة، ولا بإيجاد حلول ديمقراطية، وهناك وضع اقتصادي سيء، وتراكم لمشكلات كثيرة على الأصعدة كافة.

ـ برأيكم، ما الهدف من التواصل الحالي بين أردوغان والدول العربية؟

عندما انطلقت الاحتجاجات الشعبية أو ما سمي “بالربيع العربي” من تونس وصولاً إلى مصر، تولت جماعة الإخوان المسلمين الحكم، بدا لأردوغان أنه قد جاءته الفرصة التاريخية من خلال تصدير نموذج وتجربة حزب العدالة والتنمية كحزب إسلامي معتدل، بمعنى أن الحزب يدعو إلى الحفاظ على الأنظمة العلمانية، كما ادعى أردوغان عندما زار مصر، لكن في الواقع، كان الهدف هو أن يكون أردوغان هو الملهم، وهو من يقود هذه الأحزاب الإسلامية وجماعات الإخوان المسلمين بمختلف أسمائها، “النهضة وجماعة الإخوان المسلمين في مصر”، أردوغان كان يهدف إلى قيادة العالم العربي واحتلالها من تونس وصولاً إلى سوريا، لكن القراءة الاستراتيجية الخاطئة أدت الى هذه النتائج الكارثية الحالية على دولة الاحتلال التركي.

ـ تتأثر الشعوب بسبب النزاعات والتوترات السياسية هل لذلك تأثير على المنطقة؟

بكل تأكيد يعني أن في كل ما يجري من أحداث، تكون الشعوب هي التي تدفع الثمن، ومنطقة الشرق الأوسط بكل ما تملكه من إمكانات اقتصادية ضخمة وقدرات بشرية، تؤهلها لأن تكون مثل الدول الأوروبية، حيث يعمل فيها عشرات الآلاف، ومئات الآلاف من كفاءات البلدان الشرق أوسطية، في المجالات الطبية والهندسية وغيرها من المجالات، هؤلاء يهربون من بلادهم، ويبحثون عن الحرية والعدالة والعمل، لماذا يهرب أصحاب الخبرات، والشهادات، وأصحاب المهن من بلدانهم إلى الدول الأوروبية؟ بكل تأكيد لو توفرت لهم الإمكانات لما خرجوا، الشعوب تدفع أثمان كثيرة بسبب الحروب المستمرة والدائمة، بينما لا تدفع أثمانها الحكومات التي لا تهتم إلا ببقائها في السلطة.

ـ الاحتلال التركي يستخدم النزاعات الخارجية للتغطية على الأزمات الداخلية، كيف يتم ذلك؟

النزاعات لا تساعد أردوغان فقط في التستر على المشكلات الداخلية، على سبيل المثال، استفادت الحكومة التركية من الأحداث في أوكرانيا، على الصعيد الاقتصادي، من خلال تعزيز دورها في المنطقة، وفي الصراع بين حماس وإسرائيل، أردوغان حافظ على العلاقات الاقتصادية من خلال السماح بتوجه السفن التركية إلى إسرائيل بشكل مستمر، كأنه يقول: “قلوبنا مع حماس وليس مع الفلسطينيين بشكل عام، لكن تجارتنا مع إسرائيل”، وهذا حقيقة وليس تشويهاً.

أردوغان يحاول أن يقود العالم الإسلامي السني على مستويين، من الناحية المعنوية، يعبر لأتباعه من الإسلاميين والقوميين بأنه حفيد العثمانيين، في محاولة للتغطية على القضايا الاقتصادية الداخلية والاستفادة بأقصى حد من الأزمات المتاحة، من الناحية الاقتصادية، استفاد الاحتلال التركي من الغاز الروسي ومن السماح بنقل القمح الأوكراني إلى الخارج، بالإضافة إلى العديد من القضايا والأمور، التي استفاد منها أردوغان، ولكن هذه ليست حلولاً نهائية، ولا يمكن لحكومة العدالة والتنمية أن تنجو بهذه الطريقة.

ـ القضايا والأزمات التي تواجه تركيا حالياً، هل لها تأثير على الشعب التركي؟

القضية الكردية، التي تعود إلى أكثر من مائة عام، وبدأت مع توقيع معاهدة لوزان في تموز 1923، لا تزال قضية حية حتى اليوم، الوضع سيبقى متوتراً ما لم يتم حل القضية الكردية، وما لم يتجه النظام التركي إلى الديمقراطية.

فقط عندما يحدث ذلك، سيتمكن الشعب التركي الاستفادة من الإمكانات الهائلة المتاحة على الصعيد البشري والاقتصادي، الأتراك، وخلال العام الماضي، كانوا من بين أكثر الجنسيات التي تقدمت بطلبات اللجوء إلى ألمانيا، وهذا ما يطرح علينا السؤال، لماذا يهاجر الأتراك إذا كانت دولة ديمقراطية ومستقرة؟ فعلى سبيل المثال، لا يوجد دولة في العالم يغادرها مائة شخص لطلب اللجوء، إذا كانت دولة ديمقراطية، لكن حينما تعترف بحل القضية الكردية وفق المنهج الديمقراطي، وضمن الاعتراف بحق الشعوب الأخرى في تركيا تكون تركيا قد سارت في مسار التغيير الإيجابي في سياستها المختلفة، وستكون هناك حلول جدية للأزمات كلها.

إن تم وقف الحرب في تركيا، ستشهد المنطقة النهضة والازدهار، وخير مثال عندما أوقف حزب العمال الكردستاني الحرب من جانب واحد عدة سنوات وجرت مفاوضات السلام في العاصمة النرويجية أوسلو، وفي الفترة من 2012 -2015، جرت مفاوضات مباشرة بين القائد عبد الله أوجلان، والحكومة التركية، ونحن نعالم أن هناك مشاكل كبيرة في تركيا وفي الدول الأخرى، يجب حلها سلمياً وديمقراطياً.

ـ برأيكم هل هناك أفق للتقارب بين “مسد” وحكومة دمشق، وكذلك بينها وبين الدول العربية؟

أعتقد أن مجلس سوريا الديمقراطية، موقفه واضح في إقامة حوار وطني، تشترك فيه الأطراف السورية كلها، بعيداً عن التدخلات الإقليمية، بغية إنهاء الأزمة والاتفاق على شكل الدولة القادمة، التي يتساوى فيها المواطنين وتكون ديمقراطية لا مركزية.

و”مسد” قدم مقترحات كثيرة في هذا الصدد، لكن حكومة دمشق تتعنت وما تزال تتمسك بالعقلية القديمة في إدارة البلاد، تلك العقلية الإقصائية التي لا تقبل الآخر، أما العلاقة مع الدول العربية فهي مهمة، و”مسد” تدعو لوجود دور وحضور أكبر لجامعة الدول العربية في الملف السوري، ومن خلال تفعيل الدور العربي يمكن المساهمة في إجراء حوار داخلي سوري لإنهاء الأزمة، وإعادة المهجرين، وتحرير الأراضي السورية المحتلة وبناء دولة ديمقراطية لا مركزية.

ـ هل من آثار على إقليم شمال وشرق سوريا بعد أن وافقت أمريكا على بيع طائرات F-16 إلى تركيا؟

حسب مسؤولين أميركيين أنهم حصلوا على تعهد من تركيا بعدم استخدام هذه الطائرات ضد إقليم شمال وشرق سوريا، وعلينا متابعة هذا الملف ورصد الانتهاكات التركية، وإبلاغ أمريكا والمجتمع الدولي بها، من المهم أن تكف تركيا عن تخريب البنية التحتية، والتنكيل بالسكان في إقليم شمال وشرق سوريا، كما يجب توثيق جرائم الحرب والانتهاكات التركية وإيصالها لحكومات وشعوب العالم.


06/03/2024