×

  المرصد الايراني

  معظم الطامحين الجدد للرئاسة في إيران لديهم خلفية محلية



*د.باتريك كلاوسون

*معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى

 

بعد انتهاء فترة تسجيل الترشح للرئاسة الإيرانية في 3 حزيران/يونيو، صرح وزير الداخلية أحمد وحيدي أن 80 شخصاً قدموا طلبات ترشح للانتخابات الطارئة المقررة في 28 حزيران/يونيو لخلافة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

ومن المفترض أنه كان يحصي المسجلين الجادين فقط، حيث استقطبت الانتخابات السابقة عدداً أكبر بكثير من المرشحين المتفائلين: 592 في عام 2021، و1636 في عام 2017، و686 في عام 2013، و476 في عام 2009، و1014 في عام 2005، و814 في عام 2001.

وعادةً، يكون الكثير ممن يتسجلون غير مؤهلين، ويَعرفون أنه سيتم رفضهم، إلا أنهم يريدون مع ذلك الدعاية المصاحبة للترشح، أو في بعض الحالات، شرف استبعادهم من قبل "مجلس صيانة الدستور" التابع للنظام.

وفي الواقع، سيعمل المجلس بلا شك على تقليص القائمة الحالية بشكل كبير في الأيام المقبلة، كما فعل في الانتخابات السابقة (حيث تمت الموافقة على 7 مرشحين ليخوضوا السباق الرئاسي في عام 2021، و 6 في عام 2017، و8 في عام 2013، و4 في عام 2009، و8 في عام 2005، و10 في عام 2001).

ومن بين المسجلين الجادين، ترك جميعهم تقريباً بصماتهم في السياسة الداخلية دون أن يكون لهم تأثير كبير على السياسة الخارجية أو شؤون الأمن القومي. وينطبق ذلك بالتأكيد على عمدة طهران المتشدد علي رضا زاكاني، الذي أثار الجدل من خلال دعمه لـ"علامة" الثورة الإسلامية للنظام في الداخل بأي ثمن، بما في ذلك عبر تقديم مبادرات لبناء مساجد في الحدائق العامة وخطة تنطوي - وفقاً لبعض التقارير - على هدم "برج آزادي" الشهير الذي يعود لعصر الشاه.

ويشمل المرشحون الآخرون المعروفون في الغالب بدورهم في الشؤون الداخلية ثلاثة وزراء حاليين، هم وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد مهدي اسماعيلي، ووزير التنمية الحضرية مهرداد بازرباش، ووزير العمل صولت مرتضوي. ويضم المرشحون المسجلون أيضاً خمسة وزراء سابقين، هم وزير العلوم والأبحاث محمد مهدي زاهدي، ووزير الزراعة محمد رضا إسكندري، ووزير العدل مصطفى بور محمدي، ووزير التنمية الحضرية عباس أخوندي، ووزير الاقتصاد شمس الدين حسيني.

وحتى رئيس المجلس محمد باقر قاليباف، الذي يُعد من أبرز المسجلين، معروف بتأثيره كرئيس لبلدية طهران وصفقاته المحلية الفاسدة أكثر من أدواره الرفيعة المستوى في الشرطة الوطنية و"الحرس الثوري الإسلامي الإيراني".

 وخلال خدمته في "الحرس الثوري"، على سبيل المثال، ترأس "القوات الجوية"، وشغل منصب قائد فرقة خلال حرب الثمانينات مع العراق، وكان المدير الإداري لشركة "خاتم الأنبياء" الضخمة للإنشاءات.

إن أبرز المسجلين الأكثر ارتباطاً بقضايا السياسة الخارجية أو الأمن القومي هما المفاوضان النوويان السابقان سعيد جليلي وعلي لاريجاني. لكن أياً منهما لم يحقق نجاحاً يُذكر في ذلك المنصب أو الأدوار اللاحقة.

وفي عهد جليلي (2007-2013)، تعرضت إيران لعقوبات دولية واسعة النطاق إذ حشدت الولايات المتحدة الأمم المتحدة والقوى الأخرى للحد من مخاطر البرنامج النووي الإيراني، وهو واقع غالباً ما ذكّره به خصومه في مناظرات الانتخابات الرئاسية في عام 2013. وعلى الرغم من كونه المرشح الأوفر حظاً في ذلك السباق، إلا أنه تعرض لهزيمة مخزية وحل في المركز الثالث بنسبة 11 في المائة فقط من الأصوات.

وتولى لاريجاني، سلف جليلي، الملف النووي في عام 2005، لكنه لم يتمكن من منع السلطات الأوروبية من إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي الذي سرعان ما أقر سلسلة من القرارات الصارمة ضد النظام. ولم يكن أداؤه أفضل بكثير خلال السنوات الاثنتي عشرة (2008-2020) التي قضاها كرئيس للمجلس، إذ تراجع تأثير البرلمان على السياسة الإيرانية بشكل مطرد. وقد تُوِّج فشله في كسب ود قادة النظام برفض صادم من "مجلس صيانة الدستور" لترشحه للانتخابات الرئاسية في عام 2021.

ويقيناً، أن العديد من شخصيات الأمن الوطني قد سجلوا أسماءهم لخوض الانتخابات الرئاسية الحالية، ومن بينهم قائد شرطة المرور السابق محمد رويانيان وقائد "الباسيج" السابق علي رضا أفشار. ومع ذلك، فإن أياً منهم غير معروف جيداً، كما أن احتمالات قبولهم كمرشحين ضئيلة. ورغم ذلك، تُعتبر فرص قبولهم أفضل من حظوظ الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي أصبح ممقوتاً بشدة من قبل قادة النظام.

وفي أغلب الظن، لن يقترح أي من المرشحين النهائيين الذين سيُسمح لهم بالمشاركة في فترة الحملات الانتخابية المقتضبة هذا الشهر مساراً مختلفاً بشأن الملف النووي أو غيره من قضايا السياسة الخارجية.

بمعنى آخر، ستكون هذه الحملة مختلفة تماماً عن عام 2013، عندما خاض الفائز النهائي حسن روحاني وجميع خصومه تقريباً الانتخابات وفق برامج انتخابية مماثلة ثلاثية الجوانب، اعتبرت أن:

 (1) مشكلة إيران الرئيسية كانت الاقتصاد المتخلف،

(2) وأن الحل الوحيد كان تخفيف العقوبات،

 (3) وأن أسرع طريقة لتخفيف العقوبات كانت التوصل إلى حل وسط بشأن البرنامج النووي. وتعرض جليلي للسخرية في تلك الحملة بسبب رفضه لهذه الرؤية وتمسكه بالنهج الذي خلّف نتائج عكسية على إيران عندما كان مسؤولاً عن المفاوضات. ومن غير المرجح أن تشهد حملة هذا العام مثل هذه النقاشات الحرة، إذ يفضل النظام بشكل عام تبادلات الرأي الأكثر رسمية وتعقيداً و"أماناً".

وفي ضوء هذه العوامل، ليس لدى الغرب سبب وجيه للأمل في حدوث تغيير كبير بغض النظر عن الفائز في هذه الانتخابات. ولم يُعبّر أي من المسجّلين عن رؤية لوقف عدائية إيران والسماح لشعبها بتحقيق الرخاء والكرامة التي يطمح إليها بشدة. وربما يستغل بعض المرشحين فترة حملة الانتخابات القصيرة لطرح مثل هذه الرؤية، ولكن لا ينبغي لواضعي السياسات أن يعقدوا آمالهم على التغيير.

* الدكتور پاتريك كلاوسون هو زميل أقدم في برنامج الزمالة "مورنينجستار" ومستشار الأبحاث ومدير "برنامج «فيتيربي» على إيران والسياسة الأمريكية" في معهد واشنطن.


11/06/2024