×

  تركيا و الملف الکردي

  أردوغان: ليست لدينا أية مشكلة مع الكرد وواشنطن تتجاهل انتهاكات حقوق الانسان



 

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "من يعتقدون أن بإمكانهم إقامة دولة إرهابية في منطقتنا، يعيشون حلما بعيد المنال لن يتحقق أبدا".

ودعا في تصريحات لمجلة "نيوزويك" الأمريكية، الخميس، حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى تبني "نهج متسق" في مكافحة الإرهاب.

وأشار أردوغان إلى أن هدف تركيا الرئيسي هو تعزيز التضامن مع حلفائها في الناتو، وإيجاد حلول مستدامة للمشاكل التي تهدد المنطقة والعالم.

وأعرب عن اعتقاده بضرورة أن يكون الناتو "مستعدا وحازما وقويا، في عالم متغير تبرز فيه مشكلات جديدة كل يوم".

وذكر أن اجتماعات الناتو أكدت على أن الإرهاب يعد من أهم المشكلات العالمية، لافتا إلى تولي بلاده مهمة مكافحة التنظيمات الإرهابية دون تمييز، "ونحن دولة أظهرت ذلك بوضوح على أرض الواقع".

وأضاف: "أهم ما نتطلع إليه من حلفائنا في الناتو هو أن يتبنوا نهجا متشابها (دون ازدواج في المعايير) في مكافحة الإرهاب".

وأشار إلى أن تركيا لم تتلق من حلفائها حتى اليوم المستوى المأمول من الدعم والتضامن.

وتابع: "إن اعتبار قادة التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديدا للأمن القومي التركي جهات فاعلة شرعية لا يتوافق مع روح التحالف".

وأوضح أن تركيا تبنت نهجا شاملا تجاه هذه المخاطر الأمنية، مضيفا بالقول: "نحن نقدم حلولا مستدامة لا تخدم أمننا فحسب، بل تخدم أيضا أمن حلفائنا".

وأشار إلى أنه من الأفضل التعامل مع المشاكل في المنطقة والعالم على أساس المبادئ بدلا من المصالح الذاتية وقصيرة المدى.

 

الحرب الروسية الأوكرانية

وفي حديثه عن الحرب الروسية الأوكرانية، ذكر أردوغان أن موقف بلاده "مؤيد للسلام وحسب"، مضيفا: "الحل لا يكمن في المزيد من سفك الدماء والمعاناة، بل في السلام الدائم الذي يتحقق من خلال الحوار".

واستطرد: "لا نعتقد أن حصر هذه الحرب في انتصار أو هزيمة طرف واحد هو الحل، نعتقد أن الحل يكمن في الحوار والدبلوماسية".

وأردف: "بلا شك احتمال نشوب صراع مباشر بين الناتو وروسيا أمر مثير للقلق، وينبغي تجنب أي خطوة قد تفضي لهذه النتيجة، ونعتقد أن من المناسب التعامل مع الموضوع من خلال نهج متزن ويركز على الحل".

وردا على سؤال حول الدبلوماسية التي يتبعها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أشار أردوغان إلى أنه لا يتفق مع نظيره في كل المواضيع، "ومع ذلك، يمكننا مناقشة القضايا فيما بيننا والخوض في التفاصيل حول كيفية حلها".

وحول اختلاف وجهات النظر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أشار أردوغان إلى أن لديه آراء مختلفة معه بشأن حقوق الإنسان.

وقال: "نعتقد أن القتل الوحشي للأبرياء على يد إسرائيل في المستشفيات التي يذهبون إليها لتلقي العلاج وفي سيارات الإسعاف وفي الأسواق وفي مراكز توزيع المساعدات الإنسانية وفي المناطق التي تُعرف بأنها آمنة، هو أخطر انتهاك لحقوق الإنسان، إلا أن الإدارة الأمريكية تتجاهل هذه الانتهاكات وتقدم الدعم الأكبر لإسرائيل".

وأشار الرئيس التركي إلى أن مكافحة الإرهاب تشكل مصدرا آخر للقلق، وأضاف: "نحن دولة عضو في الناتو، التهديد الذي يواجهه أمننا القومي هو تهديد لجميع دول الناتو، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية".

ولفت إلى أن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة وبعض الدول الأعضاء في الناتو لتنظيمات "بي كي كي/ بي واي دي/ واي بي جي" و"غولن" الإرهابية التي تهدد أمن تركيا، لا يتوافق مع مبادئ الحلف.

وتابع: "في نهاية المطاف، نحن دولتان حليفتان، قمنا بتطوير علاقة مع بايدن تتعلق بالقضايا التي نتفق عليها ونختلف عليها بين بلدينا، نتحدث عن علاقة تتأرجح بين فترات الهدوء والاضطراب".

وتابع: "نرغب في الحصول على دعم حلفائنا في الحرب ضد هؤلاء الإرهابيين، ولكننا لا نستطيع أن نرى ذلك بشكل كامل".

وفيما يتعلق بالملف السوري، أشار الرئيس أردوغان إلى أن تركيا تسعى جاهدة لتحقيق مناخ السلام في سوريا.

وأردف: "إن الحل لكل هذه الصراعات يكمن عبر وحدة اجتماعية جديدة تقوم على وحدة الأراضي السورية".

وأكمل: "غايتنا الأساسية أن تكون الأراضي السورية خالية تماما من الإرهاب، وأن تصبح دولة مزدهرة يحكمها السوريون، بدلا من أن تكون ساحة تتصارع فيها القوى الإقليمية والعالمية".

وفي رده على سؤال حول رؤية تركيا لحل الأزمة السورية والوجود العسكري الأمريكي في المنطقة أجاب: "نحن الدولة الأكثر تضرراً من الصراع في جارتنا سوريا، الولايات المتحدة لا تدعم الأكراد في سوريا بل تدعم الإرهابيين، نحن ندعم الأكراد السوريين ونحمي حقوقهم".

وأكد أن تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي/ بي واي دي" الإرهابي يقوم بتنفيذ أنشطة إرهابية في المنطقة تحت ستار قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وإن التنظيم يضطهد الأكراد السوريين بشكل خاص.

وتابع: "هؤلاء الإرهابيين (بي كي كي/ واي بي جي/ بي واي دي) المدعومين من الولايات المتحدة هم الذين يهددون الأكراد والعرب والتركمان في المنطقة ويطردونهم من أراضيهم".

ولفت إلى أن تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي/ بي واي دي" يستخدم الدعم الحاصل عليه من الولايات المتحدة تحت ذريعة "القتال ضد داعش" لمهاجمة تركيا وسوريا.

وشدد أردوغان: "نحن الذين قاتلنا بشكل حقيقي ضد داعش، تركيا الحليف الوحيد في حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي شاركت في قتال متلاحم مع داعش".

وبخصوص وجود منظمات إرهابية بسوريا وما إذا كان هناك دعم كاف من الناتو، قال: "هناك إرهابيون، وليس متمردين أكراد إلى جانب داعش في العراق وسوريا، هؤلاء لا يمثلون أي مجموعة عرقية أو دينية، كلا التنظيمين الإرهابيين يمثلان بشكل مباشر الإرهاب وأهدافه القذرة".

وبيّن: "ليست لدينا أية مشكلة مع الأكراد لا في سوريا ولا في العراق، بل مشكلتنا مع الإرهابيين، نحن قريبون جدًا من حل هذه المشكلة من خلال تحييدهم، وبالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن بإمكانهم إقامة دولة إرهابية في منطقتنا، فهذا محض حلم ولن يتحقق أبدًا".

وأضاف أردوغان: "سيأتي اليوم الذي يترك ضيوفنا السوريون الحرب وراءهم، ويعودون إلى بلادهم طوعا، سنزيد جهودنا لهذا الغرض".

ولفت إلى أن بلاده شهدت لسوء الحظ أساليب وتصرفات لبعض حلفاء الناتو تعقّد مهمة تركيا في حربها على الإرهاب، بدلا من أن تقدم الدعم لها.

وأكد: "نواصل إبقاء الوضع تحت السيطرة داخل حدودنا وخارجها، وننفذ استراتيجية الحل الخاصة بنا عبر التدخل بالوقت والمستوى المناسبين".

وردا على سؤال حول ما يحدث في غزة، قال أردوغان: "الوضع بين إسرائيل وغزة ليس حربا، إنها هجمات إسرائيلية تتجاهل حقوق الإنسان والقانون الدولي وتتسبب في نهاية المطاف في مجازر".

وأضاف: "في غزة الفلسطينيون يدافعون فقط عن منازلهم وشوارعهم ووطنهم، منذ أيام تتعمد إسرائيل استهداف البنية التحتية المدنية فيها، حيث يعيش ويلجأ المدنيون، ونحن نعارض ذلك منذ اليوم الأول".

وأشار أردوغان إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة لم تبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأوضح: "لقد تعاملت إسرائيل مع غزة على أنها سجن مفتوح لسنوات، فهي تستخدم الإرهابيين اللصوص الذين يسمونهم مستوطنين للاستيلاء على منازل الفلسطينيين وأماكن عملهم وأراضيهم الزراعية".

وقال مستهجنا: "تخيل أن يأتي شخص ما إلى منزلك برفقة جندي إسرائيلي، ويطردك ويخبرك أن منزلك من الآن ملك لهم، هذا ما يحدث في فلسطين".

وأردف: "تمارس إسرائيل إرهاب دولة ممنهج في الأراضي الفلسطينية منذ سنوات، إسرائيل تنتهك القانون الدولي".

وتساءل الرئيس التركي مستنكرا: "ماذا حدث لقرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة؟ لم تبد إسرائيل حتى اهتماماً بهذا القرار، ناهيك عن تنفيذه".

وأردف متسائلا: "الآن من سيفرض أي نوع من العقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكها للقانون الدولي؟ هذا هو السؤال الحقيقي ولا أحد يجيب عليه".

ودعا الرئيس التركي وقف الهجمات الإسرائيلية على الفور، وأن تنسحب إسرائيل من غزة، وايصال المساعدات الإنسانية إلى غزة دون انقطاع.

وشدد على ضرورة تنفيذ حل الدولتين على أساس حدود العام 1967 من أجل السلام الدائم في المنطقة.

وبيّن أن "تهديدات إسرائيل ضد دول المنطقة، وخاصة لبنان، ومحاولاتها لتوسيع الصراع في المنطقة يجب أن تنتهي" محذراً بالقول: "وإلا فإن منطقتنا ستواجه صراعات أعمق وحتى خطر نشوب حرب".

وعلى صعيد آخر، أعرب أردوغان عن اعتقاده بأن "منظمة شنغهاي للتعاون لا يمكن أن تكون بديلا للناتو، وكذلك لا نرى مجموعة بريكس بديلا لأي تكتل آخر".

ورد الرئيس على سؤال حول تنويع تركيا لعلاقاتها العالمية، كعضو في الناتو، وعلاقاتها مع مجموعة بريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وما إذا كانت ستصبح عضوا في هذه المنظمات.

وأجاب بهذا الخصوص بأن "المقاربة حيال هذه القضايا بمنطق وعقلية فترة الحرب الباردة سيكون مضللاً، فالعالم لا يعيش في ظروف الحرب الباردة".

وذكر أردوغان أن العالم تغير بشكل كبير، وأن تركيا دولة تُدرك هذا التغيير، وأنها تقيم علاقات دبلوماسية على أساس مبدأ "الربح للجانبين".

وأشار الرئيس إلى أن تركيا تتصرف على مبدأ أن الدول التي تقيم علاقات معها يجب أن تربح أيضًا.

وأوضح: "نحن نقع في الشرق والغرب، نحن حليف حازم في شمال الأطلسي، لكننا لا نعتقد أن هذا الوضع يعيق قدرتنا على إقامة علاقات إيجابية مع دول مثل الصين وروسيا".

ولفت إلى أنه سيكون من الصعب العثور على دول في العالم لا تقيم علاقات مع بعضها البعض، بما في ذلك الأطراف المتحاربة، وذكر أن إقامة العلاقات وتطويرها أمر ضروري للدول.

وأشار إلى أنه ليست هناك حاجة لشرح إلى أين سينجر العالم الذي توجد فيه أقطاب حادة وتقتصر جميع الدول على حدودها، مؤكداً أن هذه التجارب المريرة واضحة لأولئك الذين يدرسون الحربين العالميتين في التاريخ.

وذكر أردوغان أن تركيا في وضع فريد في هذا الصدد، وأنها تحافظ على مكانتها وتعززها كشريك موثوق به في جميع المنظمات.

وأكد أنه لهذا السبب فإن تركيا بصفتها عضوًا في الناتو لا ترى أن التفاعل مع دول منظمة شنغهاي للتعاون، أو بريكس، أو الاتحاد الأوروبي أو منظمة الدول التركية يمثل مشكلة، بل أن هذه العلاقات تساهم في السلام العالمي.


13/07/2024