×


  قضايا كردستانية

  معارضة تعارض نفسها… حتى لو وافقت



*سوران الداوودي

 

يبدو ان معارضتنا المحلية في السليمانية اكتشفت قانونا سياسيا جديدا مفاده ان تعترض كي تثبت وجودك. لا يهم ما يحدث، ولا كيف يحدث، ولا من المتضرر، المهم ان تقول كلمة واحدة فقط: لا.

بالامس اجتاحت السيول والفيضانات قضاء جمجمال، فتحرك الاتحاد الوطني بسرعة. قوباد طالباني ذهب الى الموقع، اصدر التعليمات، استنفرت المؤسسات، وبدأ العمل على الارض.

رد الفعل الطبيعي كان يفترض ان يكون الاشادة بسرعة التدخل، لكن يبدو ان الطبيعي لم يعد ضمن قاموس البعض.

المعارضة التي ظلت صامتة صمتا طويلا عندما تعلق الامر بقرية لاجان وتشريد ابناء عشيرة الهركية، وفضلت دور المتفرج رغم صرخات الناس، قررت فجأة ان تتكلم. ولم تتكلم عن الفيضانات طبعا، بل عن الاتحاد الوطني، فهو الهدف الاسهل والاقرب دائما.

المنطق بالنسبة لهم بسيط للغاية:

اذا تحرك الاتحاد بسرعة فهو مخطئ.

اذا تأخر فهو مخطئ.

اذا لم يتحرك اصلا فهو مخطئ.

واذا نزل المطر على السليمانية دون استئذان  فهو ايضا خطأ الاتحاد الوطني.

هؤلاء تنطبق  عليهم تماما نكتة عادل امام عن المعارض الذي يعترض حتى على مقترحه هو نفسه. معارضة لا تحتاج برنامجا ولا رؤية، بل مجرد زر صغير مكتوب عليه اعترض وبس.

تخيل لو ان الاتحاد الوطني اعلن منحهم مناصب رفيعة بلا مقابل، لوجدتهم اول من يعترض على ما يسمونه مؤامرة لاسكات صوت المعارضة التي تعارض بقوة رغم نعومة كل شيء من حولها.

المعارضة في العالم هدفها تصحيح المسار، اما معارضتنا فقد وجدت هدفا اخر الاعتراض من اجل الاعتراض.

ولو ظهر قوباد طالباني في جمجمال، حافيا وتحت المطر، وهو يسحب سيارات الناس بيده، لسمعناهم يقولون: لماذا لم يحمل مظلة؟ هذا دليل على فشل الحكومة.

ولو اعاد الاتحاد الوطني بناء جمجمال خلال يوم واحد، لاعترضوا قائلين: لماذا لم يتم خلال نصف يوم؟

باختصار، السيول تنتهي، المطر يتوقف، والطرق تفتح، لكن سيل المعارضة لا يتوقف.

سيل يجري بلا موسم، بلا غيوم، وبلا منطق.

سيل لا تحكمه الطبيعة، بل تحكمه رغبة دائمة في قول كلمة واحدة لا.


14/12/2025