×

  رؤا

إقالات بالجملة لرؤساء البلديات.. المصالحة مع الكرد لا تتقدّم

27/01/2025

14-11-2024 

مع صدور قرار إقالة رئيس بلدية إسين يورت المهمّة في إسطنبول، أحمد أوزير، واعتقاله، في الـ30 من تشرين الأول الماضي، وتعيين نائب محافظ المدينة، جان آقصوي، بدلاً منه، فاجأت السلطة الرأي العام بعدها بأربعة أيام فقط، بقرار أثقل منه، مع إقالتها ثلاثة رؤساء بلديات كرد في جنوب شرق تركيا، هي ماردين وباتمان وحلفتي.

وإذا كان أوزير، وهو من أصول كردية، ينتمي إلى «حزب الشعب الجمهوري»، فإن رؤساء البلديات الثلاثة المقالين، هم من الكرد المنتمين إلى «حزب المساواة والديموقراطية للشعوب»؛ وهم: رئيس بلدية ماردين، والشخصية الكردية المعروفة أحمد تورك (82 عاماً)؛ ورئيسة بلدية باتمان غولستان صونوق (31 عاماً)، ورئيس بلدية حلفتي في محافظة شانلي أورفه، محمد قره يلان (57 عاماً). وأقدمت وزارة الداخلية على إقالة المذكورين، نتيجة صدور أحكام سجن بحقّهم بتهمة أنهم «أعضاء في منظمة مسلحة إرهابية (حزب العمال الكردستاني)، ويعملون للدعاية لها كما حملوا السلاح ضد الدولة».

وسرعان ما عيّن وزير الداخلية، علي يرلي قايا، كلّاً من محافظ ماردين تونجاي آق قويون بدلاً من تورك، ومحافظ باتمان أكرم جان ألب بدلاً من صونوق في باتمان، وقائمقام حلفتي حاقان باش أوغلو بدلاً من قره يلان.

وأتت الإقالات في غمرة الحديث عن مسار جديد للمصالحة اقترحه زعيم «حزب الحركة القومية»، دولت باهتشلي، يسمح بإطلاق سراح زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجالان، المعتقل منذ عام 1999، على أن يعلن الأخير تسليم سلاح الحزب وإنهاء الإرهاب.

 وعليه، فإن ما حدث سينعكس حتماً بشكل سلبي على «مبادرة» باهتشلي، التي تقتصر على الطرح المتقدم، من دون الدخول في أيّ تفصيل يتعلق بالمطالب الكردية المختلفة، وهو ما ألقى ظلالاً من الشك على ماهية المبادرة، وموقف الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، منها، علماً أنه رحب بها. وفي ظلّ هذه الشكوك، عقد «حزب المساواة والديموقراطية للشعوب» اجتماعاً استثنائيّاً، السبت، وأَطلق دعوة مشتركة للسلطة والمعارضة للدخول جدّياً في مساعي حل المشكلة الكردية. وحدّد النداء أربعة أسس للحلّ: اعتماد الطرق الديموقراطية والسياسية للحلّ، إطلاق سراح عبد الله أوجالان من دون أيّ تأخير، استعداد الحزب للقيام بما يتوجب عليه، وأخيراً وقف سياسة الإقالات والتعيينات.

ومن جهتها، اعتبرت صحيفة «يني أوزغور بوليتيكا»، المؤيّدة لـ«الكردستاني»، أن إقالة رؤساء بلدية منتخبين، هو «تعدّ على إرادة الشعب، وأيضاً على الهوية الكردية، ورغبته في حكم نفسه بنفسه».

 وقالت الصحيفة إن هذا التدخُّل من قِبل السلطة يهدّد التراث واللغة وتاريخ الشعب الكردي ويجعل السلام الاجتماعي مستحيلاً بين الأتراك والكرد»، معتبرة أن «مقاومة الاستسلام والاحتقار هي طريق التحرير الوحيد للكرد». وفي الصحيفة نفسها، كتب أوبار أوزانيان أن «تركيا تحوّلت منذ مئة عام إلى سجن كبير للأقليات القومية والمعتقدات، ولا سيما الكرد والعلويين منهم». ورأى أن «الإبادة التي نُفّذت قبل مئة عام بحقّ الأرمن والأشوريين والأيزيديين، يواصلون تنفيذها بحقّ الكرد».

ومع أن الكرد يركّزون في معارضة الإقالات والتعيينات المضادة على بعدها المتعلّق بالشعب الكردي، غير أن زعماء المعارضة يربطونها بطموحات إردوغان الرئاسية، ولا سيما بعدما امتدّ سيف الإقالات ليشمل بلدية إيسين يورت في إسطنبول، على مقربة من موقع أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول الكبرى.

 ويقول زعيم «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أوزغور أوزيل، في هذا الإطار، إن «رسالة إردوغان إلى الجميع هي أن كل من خسر المعركة على رئاسة بلدية ما، سيربحها من جديد بإقالة الرئيس المنتخب لألف سبب، وتعيين نائب المحافظ بدلاً منه».

وفي الاتجاه نفسه، رأى الكاتب مراد يتكين أن إردوغان وضع خطّة تهدف إلى إقصاء كل منافسيه المحتملين على الرئاسة لعام 2028، رغم أن أيّ ترشيح جديد للرجل يتطلّب تعديلاً دستوريّاً غير متوافر إلى الآن.

كذلك، تساءل كيف يمكن لإردوغان أن يعدّل الدستور من دون كسب تأييد نواب «حزب المساواة والديموقراطية للشعوب» الكردي؟ ووفقاً ليتكين، فإن رئيس الجمهورية لا يستهدف فقط تصفية إمام أوغلو، بل أيضاً رئيس بلدية إسطنبول، منصور ياواش، المنتمي إلى «الشعب الجمهوري»، والذي تشير استطلاعات الرأي إلى أن حظوظه لرئاسة الجمهورية ليست أقلّ من حظوظ إمام أوغلو.

وإذا كانت التهمة لإمام أوغلو موجودة أصلاً، وهي قضية اتهامه بتحقير اللجنة العليا للانتخابات عام 2019، والتي لا تزال مفتوحة منذ ثلاث سنوات للضغط عليه متى اقتضت الضرورة، فإن أوزغور أوزيل قال إن رئيس الاستخبارات، إبراهيم قالين، أوعز، بأمر من إردوغان، بالبحث عن أيّ دليل ضد ياواش، فيما جرت فبركة خبر عن أن الأخير يريد الاستقالة. ونقل يتكين عن مسؤول في «العدالة والتنمية»، قوله، في اجتماعات داخلية للحزب، إن الأوامر صدرت بأن «يأكل الذئب الغنم». وتساءل الكاتب: «ألا يعني هذا اغتصاب إرادة الملايين التي صوّتت لإمام أوغلو وياواش؟».

*موقع الكاتب

 

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  إقالات بالجملة لرؤساء البلديات.. المصالحة مع الكرد لا تتقدّم
←  «المصالحة» التركية - الكردية: محاولات متعثرة
←  تركيا.. بين سوريا والعراق
←  خطوات عراقية متسارعة : تركيا «تشرعن» وجودها في بعشيقة
←  بكائية عباس أمام البرلمان التركي: العجز لا يصنع «بطلاً»
←  تركيا تستقي العِبر: نحو إنشاء «قبّة فولاذية» ذاتية
←  إردوغان يصعّد كلاميّاً: اجتياح إسرائيل ممكن!
←  واشنطن تُخرج أرنب داعش.. ممنوع التطبيع بين أنقرة ودمشق
←  المصالحة الضرورية.. المؤجلة
←  صخب تركي حول المصالحة: تأييد وتشكيك واشتراطات
←  مناكفة غربية لتركيا.. محظور التطبيع مع سوريا
←  تركيا وسوريا.. أوهام في طريق المصالحة
←  إردوغان ينعى مسار المصالحة.. تحالفنا مع القومية أَوْلى
←  تركيا و تأجيل انتخابات مناطق قسدالمحلية
←  غضب أرميني على ترسيم الحدود
←  كيف اكتشفت بيرقدار اكنجي موقع المروحية المنكوبة؟
←  أحكام قاسية ضدّ قادة الحركة الكردية.. إردوغان يفخّخ مسار المصالحة
←  أرمينيا - أذربيجان.. ترسيم تاريخي للحدود
←  الأرمن في ذكرى الإبادة: باشينيان يضحي بـالسردية
←  تقلبات المشهد السياسي في تركيا
←  مفاجآت الانتخابات البلدية في تركيا
←  إردوغان بعد الهزيمة التاريخية هل هذه النهاية؟
←  النخبة الحاكمة في تركيا والقضية الكردية
←  هاكان فيدان: ديبلوماسية الاستخبارات... تَخرج من الظلّ
←  الكرد محبَطون.. بيضة القبان تفقد ثقلها
←  المعارضة تحت الصدمة: إردوغان يشقّ طريق الولاية الثالثة
←  إردوغان يرفع التحدّي.. الهزيمة غير واردة!
←  تخليد الإردوغانية أو إحياء الأتاتوركية
←  أرانبُ متكاثرة أمام كيليتشدار أوغلو: آمال المعارضة تتضاءل
←  التزكية الكردية لـكمال بك تستنفر إردوغان
←  واشنطن-انقرة ..ما بعد دبلوماسية الزلزال
←  تركيا والعام الجديد
←  من «لوزان» إلى «الإردوغانية».. كرد تركيا لا يستقرّون
←  تفجير إسطنبول لا يوحّد تركيا.. تشكيكٌ في رواية السلطة
←  تذبذب تركيّ حيال سوريا: عودةٌ إلى لغة التهديد
←  أصوات تركية مؤيدة: حان وقت «تصفير المشكلات»
←  مطالَبات متجدّدة بإنصاف العلويّين
←  مجزرة دهوك بعيونٍ تركية: «نقطة انكسار» لأنقرة
←  مئويّة «لوزان»: لا أحد راضياً
←  ما بين الشرق والغرب... تركيا التائهة في تموضعها
←  قلق كرديّ جماعيّ... الخسارات تتكاثر
←  قراءات في الاتفاق الثُلاثي: «الناتو» أَوقع بتركيا
←  ​تركيا تعزّز موقعها «الأطلسي»
←  عن الانتخابات الرئاسية التركية
←  ابن سلمان في أحضان إردوغان.. المال يتكلّم
←  ما وراء الخطى الإردوغانية.. النزعة العثمانية لا تزال حية
←  تركيا في الزمن الانتخابي: لُعبة إردوغان الأخيرة
←  تردّد تركي في سوريا: الخوف من إيران... لا من روسيا!
←  لماذا «المنطقة الآمنة» في شمال سوريا؟
←  الحرب الخامسة في سوريا: تركيا تغامر بالتفاهمات
←  أنقرة وواشنطن تُجدّدان شراكتهما
←  شرارات الحصار تطاول الحلفاء.. خسائر بالجملة تنتظر تركيا
←  تركـــيا تغلــق المضائـــــق
←  تركيا تغلق المضائق: مجازفة معلَنة بالمصالح الروسية
←  أوكرانيا.. تركيا والوساطة المستحيلة
←  تركيا و «عاصفة الشمال»: نحو وساطة «أوكرانية» لتلافي الأسوأ
←  إردوغان يكرّر لُعبة 2019: استمالة الكرد بتشتيت صفوفهم
←  عام المصالحة التركية- العربية
←  نافذة فرص تنفتح لموسكو: قنبلة كازاخستان... بوجه أنقرة؟
←  تركيا أمام التغيير
←  شتاء «المعجزة التركية» انهيار بلا قاع
←  تحوّلات إردوغان في ميزان خصومه
←  المعارضة تسعّر معركتها.. لا إجماع على القتال في سوريا
←  بايدن – أردوغان: المواجهة 2023 !
←  إردوغان «يُموَّت» مرّة أخرى: مَن سيَخلف «السلطان»؟
←  إردوغان «يُموَّت» مرّة أخرى: مَن سيَخلف «السلطان»؟
←  قمم «الصديقَين اللدودَين»