×

  رؤا

قرار الإدانة الصادر عن الطاقة الذرية يهدد بتصعيد إيراني

15/06/2024

 

سايمون هندرسون:

  

في الخامس من حزيران/يونيو، صوت "مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، خلف أبواب مغلقة، بأغلبية ساحقة على مطالبة إيران باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة المخاوف المتعلقة بنشاطها النووي والتعاون بشكل كامل مع طلبات "الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وقد اقترحت بريطانيا وفرنسا وألمانيا هذا القرار، إلا أن التصويت بأغلبية 20 صوتاً مقابل صوتين، يمكن القول بأنه قد تم تقويضه بسبب معارضة روسيا والصين له، وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت بنعم حتى اللحظة الأخيرة، وامتناع اثني عشر عضواً عن التصويت. وكانت واشنطن قد هددت في البداية بالامتناع عن التصويت أيضاً، مفضلةً بدلاً من ذلك بأن تصدر الوكالة تقريراً شاملاً عن الأنشطة النووية الإيرانية، إلّا أن هذه الوثيقة لن تكون جاهزة إلا بعد الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر.

 

مخاطرة غير مضمونة

 

ومن نواحٍ متعددة، تعتبر خطوة مجلس الإدارة مخاطرة غير مضمونة. فقد دفعت قرارات الإدانة السابقة الصادرة عن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" طهران إلى الانتقام بدلاً من التعاون، على النحو التالي:

**بعد قرار الإدانة الصادر في حزيران/يونيو 2022، أزالت المنشآت النووية الإيرانية بعض كاميرات "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" ومعدات المراقبة الأخرى.

*بعد قرار الإدانة الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، بدأت إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، وهي نسبة لا تقل من الناحية الفنية بكثير عن الـ 90 في المائة اللازمة لصنع سلاح نووي (للمزيد من المعلومات حول هذه المصطلحات، راجع الرسم البياني لمعهد واشنطن أو قائمة المصطلحات النووية الإيرانية المرتبطة به).

وبالمثل، عندما زار المدير العام "للوكالة الدولية للطاقة الذرية"، رافائيل غروسي، إيران في آذار/مارس 2023 وعقد اتفاقيات لحل هذه الخلافات وغيرها، أخلّت طهران بالتزاماتها، ثم صعدت الوضع بعد بضعة أشهر من خلال حظر دخول بعض مفتشي الوكالة الأكثر خبرة.

وزار غروسي (إيران) مجدداً الشهر الماضي لكنه عاد إلى مقره في فيينا محبطاً على ما يبدو من نتائج المحادثات وعناد طهران طويل الأمد. وفي مقابلة أجراها مع مجلة "إيكونوميست" بعد وقت قصير من رحلته، ذكر أن الاتفاق النووي لعام 2015 أصبح الآن "قشرة فارغة". وفي الواقع، زاد نشاط التخصيب كما زادت الانتهاكات الإيرانية الأخرى بشكل كبير في السنوات التي تلت انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق في عام 2018 وفشل المفاوضات مع إدارة بايدن.

سيكون لانضمام إيران إلى نادي الأسلحة النووية عواقب بعيدة المدى أكثر من قفزة كوريا الشمالية قبل عقدين من الزمن. ووفقاً لغروسي: "الشرق الأوسط مختلف تماماً. هنا، قد يكون لديك وضع من شأنه أن يؤدي إلى قيام المزيد من البلدان، إن لم تكن تسعى علناً للحصول على أسلحة نووية، بمحاولة الحصول على فترة انتقالية ومحاولة الاقتراب منها لأنها ستشعر بأن نظام [ضمانات «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»] آخذ في الفشل".

 ورداً على سؤال حول احتمال قيام الولايات المتحدة بالتوصل إلى اتفاق نووي مدني مع المملكة العربية السعودية، التي صرح قائدها الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مراراً وتكراراً أنه سيسعى للحصول على قنبلة نووية إذا طوّرت إيران قنبلة كهذه، قال غروسي إنه ينوي "العمل بشكل وثيق جداً" مع المملكة.

 لكنه أعرب بعد ذلك عن المزيد من المخاوف بشأن الانتشار النووي، قائلاً: "للأسف، ما نراه هو توجه، وجاذبية متزايدة، ولدى الأسلحة النووية قدرة على الإغراء. لا يمكننا أن ننكر ذلك. إنه أمر مؤسف للغاية".

إن كيفية رد طهران على قرار الإدانة الجديد الصادر عن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" هي مجرد تخمين، لكن ردها شبه مؤكد.

 ففي شهر آذار/مارس، أشار مسؤولو المخابرات الأمريكية إلى عدم وجود دليل على أن إيران تحاول حالياً استخدام اليورانيوم الخاص بها كسلاح، لكن الكثير من المراقبين يشككون في هذا التقييم، كما يتضح من التقارير المتكررة التي تفيد بأن إيران لن تحتاج سوى إلى بضعة أيام لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لسلاح واحد أو أكثر.

وهناك دائماً احتمال بأن يجري النظام نوعاً من الاختبار النووي، لكن المرشد الأعلى علي خامنئي يبدو حذراً للغاية بشأن اتخاذ مثل هذه الخطوة.

 وقد يتأخر رد إيران أيضاً بسبب حادث تحطم المروحية الأخير الذي أودى بحياة رئيسها ووزير خارجيتها وكثف الاستعدادات لإجراء انتخابات طارئة.

ومن جانبهم، بإمكان المسؤولين الأوروبيين أن يقرروا إصدار تحذير آخر لطهران من خلال التهديد بـ"إعادة فرض" العقوبات الدولية التي تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

ولكن لا يبدو أن هذا الإجراء محتمل قبل عام 2025، عندما من المقرر رسمياً أن ينتهي بند إعادة فرض العقوبات بموجب شروط الاتفاق.

ومع ترقب الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر، والانتخابات البريطانية في تموز/يوليو، والانتخابات البرلمانية الفرنسية التي أُعلن عنها للتو في وقت لاحق من هذا الشهر، ربما يكون هناك الكثير من المعطيات المعقدة والمتغيرة التي قد تؤثر على أي متابعة غربية جريئة لقرار الإدانة في عام 2024.

*سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  باتريك كلاوسون:التحدث بلطف مع بزشكيان مع تأجيل خطوات رئيسية
←  انعدام المساواة واليأس يدفعان بالكرد إلى الهجرة نحو أوروبا
←  قرار الإدانة الصادر عن الطاقة الذرية يهدد بتصعيد إيراني
←  النهج العربي للوساطة .. إعادة تشكيل الدبلوماسية في عالم متعدد الأقطاب
←  إعادة ضبط العلاقات بين العراق وتركيا
←  معظم الطامحين الجدد للرئاسة في إيران لديهم خلفية محلية
←  إدارة العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق: نحو الاستقرار والتعاون
←  المرحلة المحفوفة بالمخاطر في الشرق الأوسط
←  ما يحتاجه بايدن والسوداني لبدء الفصل التالي من علاقات البلدين
←  عمر ضبيان:تهديد داعش المستمر في العراق بعد انسحاب التحالف الدولي
←  المعوقات والخيارات في مفاوضات بغداد - أربيل
←  بيت منقسم: هل تتمكن كردستان من الحفاظ على استقلاليتها؟
←  التفجيرات الإرهابية في إيران: التداعيات والردود المحتملة
←  الهلال الكردي اتجاهات جديدة في سوريا وتركيا والعراق وإيران
←  توضيح سياق مجزرة "حماس" ونفيها لها
←  لمحة عامة عن "هيئة الإعلام والاتصالات"
←  الحفاظ على المزايا العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط
←  لمحة عامة عن "هيئة الإعلام والاتصالات"
←  ​استفتاء حول مستقبل الجمهورية
←  الدور الامريكي العاجل لإعادة تصديرالنفط العراقي عبرتركيا
←  وضع خطط تتجاوز اتفاق الميزانية بين بغداد و "إقليم كردستان"
←  هل أوكرانيا هي "الحرب قبل الحرب"؟
←  متغيرات يجب أن تأخذها الولايات المتحدة في الاعتبار بشأن تهريب الدولار في العراق
←  الأنماط السكانية المتغيرة ستعيد تشكيل الشرق الأوسط
←  كسب الوقت في بغداد؟ ماذا تتوقع من حكومة السوداني
←  تخصيص الحقائب الوزارية في الحكومة العراقية الجديدة
←  من اجل إخراج جميع الميليشيات من "المنطقة الدولية" في بغداد
←  سياسة بايدن اللامبالية منحت إيران اليد العليا في العراق
← 
← 
←  حرب تركيا في شمال العراق: بالأرقام
←  ثلاثون عاماً على إقامة «حكومة إقليم كردستان»
←  دول شرق المتوسط في حالة مد وجزر
←  مقتل قرداش في منطقة «هيئة تحرير الشام»
←  حمدي مالك:أبو فدك يحاول تقسيم وحدات العتبات
←  الاحتجاجات الشعبية والآفاق الديمقراطية ومعضلات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط