×

  رؤا

غضب أرميني على ترسيم الحدود

30/05/2024

 

بعد مضيّ أكثر من شهر على إبرام اتفاق ترسيم نهائي للحدود بينهما، أعادت أرمينيا أربع قرى حدودية إلى آذربيجان، جرى تسليمها، الخميس الماضي، في ما يمثّل أحدث تطوّر إيجابي في عملية التطبيع الجارية بين البلدَين.

وتسلَّم نائب الرئيس الآذربيجاني نفسه، شاهين مصطفاييف، والقوى الأمنية، القرى الأربع، وهي: باغانيس أيريم، أشاغي اسكي بارا، هايريملي وقزل حاجلي، علماً أن احتجاجات من بعض الفئات الأرمينية في تلك المنطقة ظهرت، ولكن الأمور انتهت إلى ما تم الاتفاق عليه بين باكو ويريفان.

ومن جهته، دافع نائب رئيس البرلمان الأرميني، وممثّل أرمينيا في محادثات التطبيع، روبين روبينيان، عن اتفاق تسليم القرى في منطقة طاووش (في القسم الشمالي من الحدود بين أرمينيا وآذربيجان)، قائلاً، وفقاً لِما أوردته صحيفة «آغوس» الأرمينية الصادرة باللغة التركية في إسطنبول: «على امتداد سنوات طويلة، جرّبنا منطقاً لم يؤدّ إلى نتائج إيجابية: خسرنا أراضيَ وتعرّضنا لخسائر. كنّا نعتقد أنّنا على حقّ بعدم تضمين أيّ اتّفاق في مراحل مختلفة، ضمانات كافية.

 والنتيجة كانت أنّنا اخترنا الخيار الأكثر سوءاً». وأضاف روبينيان: «اليوم، ونتيجة عملية ترسيم الحدود، حتى لو لم تكن هناك ضمانات كافية فهذا لا يعني أن لا نقوم بهذه الخطوة.

 بل إنّنا نؤمّن هذه الضمانات بعملنا ونشاطنا. وهذا ما نفعله بالضبط الآن ونواصل توفير الضمانات».لكن وزير الخارجية السابق، وارطان أوكسانيان، انتقد الحكومة لإعادتها القرى الأربع، قائلاً: «هذه ليست عملية ترسيم حدود تستند إلى اتفاق متبادل، بل إن أرمينيا رضخت لمطالب آذربيجان تحت التهديد بالحرب والاحتلال. وفي عملية الضغط الحالية، فإن أرمينيا في النهاية ستفقد مكانتها الاستراتيجية وطرق مواصلاتها».

وأضاف أن «توقيع أرمينيا على اتفاق السلام في ظلّ هذه الظروف، يعني في النهاية الاستسلام لآذربيجان، وفقدان القيمة الاستراتيجية للبلد، وتحوّله إلى دولة بوليسية أوتوقراطية تماماً».

ويَظهر جليّاً أن سياسة يريفان المنفتحة على باكو، تواجَه بمعارضة شرسة في الداخل، فضلاً عن أن الكنيسة منخرطة أيضاً في الاعتراض على سياسات رئيس الحكومة، نيكول باشينيان، إذ قاد رئيس الأساقفة الطامح إلى رئاسة الحكومة، بغرات غالستانيان، حركة «طافوش من أجل الوطن الأم»، رفضاً لتسليم القرى الأربع إلى آذربيجان.

وكان آخر تلك الاحتجاجات، أول من أمس، في يريفان، حيث دعا غالستانيان، باشينيان إلى الاستقالة، علماً أن حركة الاعتراض الأقوى على سياسات الحكومة تأتي من الشتات الأرميني، ولا سيما في الشرق الأوسط والغرب، فيما تعكس الصحف الآذربيجانية أهمية معركة باشينيان مع الكنيسة، وترى أنه من دون تطويع الكنيسة فإن «الخطر» على أرمينيا سيبقى قائماً.

وبدت لافتةً الكلمة التي ألقاها باشينيان أمام البرلمان الأرميني، الأربعاء الماضي، في إطار استجواب النواب للحكومة حول اتفاق السلام مع آذربيجان، إذ قال إنه «قبل التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود بين البلدَين، أجرت الحكومة الأرمينية لقاءات ومشاورات واسعة مع مجلس الأمن الأرميني والمؤسّسات المعنية بالأمر»، مشيراً إلى أن «قراراتنا ومقارباتنا تمّت بعد التدقيق في الوضع القانوني، وهو ما يقوّي وضعنا القانوني».

ورأى أنه «لا يمكن قبول الانتقادات في شأن تسليم بعض المناطق الحدودية مع آذربيجان في منطقة طاووش»، معتبراً أن «هذا ليس تنازلاً. بل أراه نجاحاً، لأنه للمرّة الأولى ترسم جمهورية أرمينيا حدودها من طريق مباحثات مستقلّة؛ بل هو الحجر الأهمّ في تطوير سيادة دولة أرمينيا».

وأضاف باشينيان أن «جمهورية أرمينيا التي شاركت في إعلان ألماتا عام 1991، أعلنت مرّة أخرى أنها كسبت استقلالها في إطار حدود أرمينيا السوفياتية. وفي إعلان ألماتا، سُجّل أن الحدود لا تُمسّ، وأن الحدود بين أرمينيا السوفياتية وآذربيجان السوفياتية هي حدود قانونية.

ونحن عملنا حينها على تثبيت تلك الحدود بمختلف الضمانات القانونية». ولفت رئيس الوزراء إلى أن «بلدين على الأقلّ من دول "منظمة اتفاقية الأمن الجماعي" شاركا في التحضير لحرب الـ44 يوماً ضدّ أرمينيا»، قاصداً على ما يبدو بيلاروسيا التي زار رئيسها، ألكسندر لوكاشينكو، باكو، الأسبوع الماضي، وكذلك مدينة شوشي في قره باغ، والتي أخلاها الأرمن في أيلول الماضي.

وأفردت الصحف الآذربيجانية مساحة واسعة للزيارة التي دعا خلالها لوكاشنكو - في ما يشبه الإنذار -، باشينيان إلى الجلوس مع الرئيس الآذربيجاني، إلهام علييف، مباشرةً، و«إذا لم تَحسم أرمينيا قرارها، فإن الوضع سيكون أسوأ».

ولعلّ أهمّ ما قاله باشينيان هنا، هو أن «الحرب مع آذربيجان عام 2020 لم تكن مرتبطة بقره باغ، بل إن هدفها كان اقتلاع وجود جمهورية أرمينيا المستقلّة». وذكّر رئيس الوزراء الأرميني، لدى الإجابة عن أسئلة النواب، بأنه قال في عام 2022: «إذا نجحت أرمينيا في حماية دولتها خلال سنة - سنتين، فإنها ستكفل وجودها للخمسين – مئة سنة المقبلة».

وأنهى حديثه بالقول: «ما قلته قد يبدو مبالغاً فيه مع عملية ترسيم الحدود. لكنّنا حللنا إلى الآن ما يوازي 60% من المشكلة».

ويشار إلى أن «إعلان ألماتا» وُقّع في الـ21 من كانون الأول 1991، بين 11 دولة سوفياتية سابقة، تعهّدت بموجبه بالالتزام بسيادة الدول على أراضيها وعدم تغيير الحدود القائمة، في ما مثّل إعلان النهاية الفعلية والرسمية للاتحاد السوفياتي.

*صحيفة"الاخبار"اللبنانية

 

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  مناكفة غربية لتركيا.. محظور التطبيع مع سوريا
←  تركيا وسوريا.. أوهام في طريق المصالحة
←  إردوغان ينعى مسار المصالحة.. تحالفنا مع القومية أَوْلى
←  تركيا و تأجيل انتخابات مناطق قسدالمحلية
←  غضب أرميني على ترسيم الحدود
←  كيف اكتشفت بيرقدار اكنجي موقع المروحية المنكوبة؟
←  أحكام قاسية ضدّ قادة الحركة الكردية.. إردوغان يفخّخ مسار المصالحة
←  أرمينيا - أذربيجان.. ترسيم تاريخي للحدود
←  الأرمن في ذكرى الإبادة: باشينيان يضحي بـالسردية
←  تقلبات المشهد السياسي في تركيا
←  مفاجآت الانتخابات البلدية في تركيا
←  إردوغان بعد الهزيمة التاريخية هل هذه النهاية؟
←  النخبة الحاكمة في تركيا والقضية الكردية
←  هاكان فيدان: ديبلوماسية الاستخبارات... تَخرج من الظلّ
←  الكرد محبَطون.. بيضة القبان تفقد ثقلها
←  المعارضة تحت الصدمة: إردوغان يشقّ طريق الولاية الثالثة
←  إردوغان يرفع التحدّي.. الهزيمة غير واردة!
←  تخليد الإردوغانية أو إحياء الأتاتوركية
←  أرانبُ متكاثرة أمام كيليتشدار أوغلو: آمال المعارضة تتضاءل
←  التزكية الكردية لـكمال بك تستنفر إردوغان
←  واشنطن-انقرة ..ما بعد دبلوماسية الزلزال
←  تركيا والعام الجديد
←  من «لوزان» إلى «الإردوغانية».. كرد تركيا لا يستقرّون
←  تفجير إسطنبول لا يوحّد تركيا.. تشكيكٌ في رواية السلطة
←  تذبذب تركيّ حيال سوريا: عودةٌ إلى لغة التهديد
←  أصوات تركية مؤيدة: حان وقت «تصفير المشكلات»
←  مطالَبات متجدّدة بإنصاف العلويّين
←  مجزرة دهوك بعيونٍ تركية: «نقطة انكسار» لأنقرة
←  مئويّة «لوزان»: لا أحد راضياً
←  ما بين الشرق والغرب... تركيا التائهة في تموضعها
←  قلق كرديّ جماعيّ... الخسارات تتكاثر
←  قراءات في الاتفاق الثُلاثي: «الناتو» أَوقع بتركيا
←  ​تركيا تعزّز موقعها «الأطلسي»
←  عن الانتخابات الرئاسية التركية
←  ابن سلمان في أحضان إردوغان.. المال يتكلّم
←  ما وراء الخطى الإردوغانية.. النزعة العثمانية لا تزال حية
←  تركيا في الزمن الانتخابي: لُعبة إردوغان الأخيرة
←  تردّد تركي في سوريا: الخوف من إيران... لا من روسيا!
←  لماذا «المنطقة الآمنة» في شمال سوريا؟
←  الحرب الخامسة في سوريا: تركيا تغامر بالتفاهمات
←  أنقرة وواشنطن تُجدّدان شراكتهما
←  شرارات الحصار تطاول الحلفاء.. خسائر بالجملة تنتظر تركيا
←  تركـــيا تغلــق المضائـــــق
←  تركيا تغلق المضائق: مجازفة معلَنة بالمصالح الروسية
←  أوكرانيا.. تركيا والوساطة المستحيلة
←  تركيا و «عاصفة الشمال»: نحو وساطة «أوكرانية» لتلافي الأسوأ
←  إردوغان يكرّر لُعبة 2019: استمالة الكرد بتشتيت صفوفهم
←  عام المصالحة التركية- العربية
←  نافذة فرص تنفتح لموسكو: قنبلة كازاخستان... بوجه أنقرة؟
←  تركيا أمام التغيير
←  شتاء «المعجزة التركية» انهيار بلا قاع
←  تحوّلات إردوغان في ميزان خصومه
←  المعارضة تسعّر معركتها.. لا إجماع على القتال في سوريا
←  بايدن – أردوغان: المواجهة 2023 !
←  إردوغان «يُموَّت» مرّة أخرى: مَن سيَخلف «السلطان»؟
←  إردوغان «يُموَّت» مرّة أخرى: مَن سيَخلف «السلطان»؟
←  قمم «الصديقَين اللدودَين»