عقدت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في الرابع من مارس 2021، جلسة استماع للمرشح لمنصب وكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية كولن كال. وقد ناقش أعضاء اللجنة العديد من القضايا المتعلقة بالمنصب المرشح له، فضلًا عن ميوله التي ستحدد طبيعة السياسات التي سيحرص على دعمها، أثناء وجوده بوصفه مدنيًّا بوزارة الدفاع الأمريكية. ويمكن تناول أبرز ما جاء في الجلسة؛ وذلك على النحو التالي:

 

 

أولًا: الموقف من بعض تحديات الأمن القومي الأمريكي:

1- صياغة استراتيجية جديدة للأمن القومي: رأى “كال” أن الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى استراتيجية جديدة للأمن القومي، تراعي التطورات التكنولوجية، واعتبارات الذكاء الاصطناعي، والتغيرات المناخية، وتغير البيئة العالمية. وقد أكد أن تعزيز مجمع الأسلحة النووية التابع لوزارة الطاقة الأمريكية هو أمر بالغ الأهمية في الأوقات الراهنة؛ لأن زيادة قدرات الردع النووية يمثل أهمية بالغة في ضوء تنافس القوى الدولية على امتلاك أسلحة نووية، وتحديدًا الصين وروسيا.

 

 

2- أولوية تعزيز الأمن الصحي: أوضح كال أن جائحة كوفيد–19 ومواجهتها ستكون من أولوياته؛ حيث سيدعم جهود وزير الدفاع لويد أوستن لكبح جماح الجائحة؛ لأن الاطمئنان على وجود بيئة صحية للقوى العاملة، هو أمر هام يساعدهم على إتمام مهام وظائفهم الضرورية.

 

 

3- تطوير القدرات الأمريكية في الفضاء: أكد كال أهمية تطوير القدرات العسكرية الأمريكية بحيث تتلاءم مع التنافس الصيني والروسي في اقتحام الفضاء؛ حيث باتت الدول تسعى إلى استغلال الفضاء لتأمين مصالحها الاستراتيجية؛ لذلك يجب على الولايات المتحدة التأكد من حماية أمنها ومصالحها القومية، وعدم حدوث أي تهديد لها من قِبل الأقمار الصناعية المملوكة لكل من موسكو وبكين، اللتين تنظران إلى الفضاء باعتباره ساحة حرب مستقبلية، مضيفًا أن الدول المنافسة لن تفرق بين الأقمار الصناعية ذات الأغراض التجارية والأقمار العسكرية المملوكة للولايات المتحدة؛ حيث ستكون تلك الدول أكثر ميلًا إلى خوض حرب مع واشنطن؛ لهذا يجب تطوير قدرات القوات الأمريكية لتكون قادرة على الوجود في الفضاء.

 

 

4- الحزم في مواجهة التهديدات السيبرانية: أشار كال إلى أنه سيحرص على زيادة قدرات القوات المسلحة الأمريكية بحيث تكون قادرة على حماية الأمن القومي الأمريكي في ضوء الهجمات السيبرانية المتكررة، التي باتت سمة رئيسية من سمات العصر الراهن كما أكد أنه سيدعم أثناء وجوده منصب المدير السيبراني الوطني الذي تم إنشاؤه حديثًا في ميزانية السنة المالية لعام 2021، الذي يختص بتنسيق التعامل والتكامل بين مؤسسات الحكومة لتطوير الفضاء الإلكتروني، وتخصيص الموارد وصياغة السياسات والخطط اللازمة لزيادة القدرات السيبرانية.

 

 

ثانيًا: تعزيز الدور الأمريكي في مواجهة الخصوم

1– اعتبار الصين أعظم تهديد يواجه البلاد: أوضح كال أن الصين تعتبر أعظم التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الراهنة، مشيرًا إلى ضرورة معالجة نقاط الخلل في القوات المسلحة الأمريكية لتكون أكثر قدرةً واستعدادًا لمواجهة المخاطر والتهديدات الصينية، كما تطرق إلى تأمين منطقة المحيطين الهندي والهادي، مشيرًا إلى أهمية تأكيد أمن واستقرار تلك المنطقة، عبر التعاون مع حلفاء الولايات المتحدة؛ وذلك لضمان حرية الملاحة، ومنع التجاوزات الصينية لوقف حركة السفن داخل تلك المنطقة.

 

 

2– مواجهة الحرب الهجينة الروسية: أوضح كال أنه على الرغم من الاختلافات بين الصين وروسيا، فإنهما تسعيان إلى نشر نموذجهما السلطوي في كافة أنحاء العالم؛ ما يقوض الديمقراطية العالمية، ومعايير حقوق الإنسان والحرية، كما أن التعاون بينهما وسعيهما إلى تعظيم استفادتهما الاقتصادية والسياسية والعسكرية من مختلف أنحاء العالم؛ يُحدث اضطرابًا في الأمن العالمي؛ لذلك فإن هناك أهمية لتعميق التحالف بين واشنطن وحلفائها؛ لزيادة القدرة على مواجهة النفوذ الصيني والروسي المتنامي. كما أكد كال أهمية تحقيق ابتكار في الأدوات العسكرية التي يتم استخدامها لمواجهة الحرب الهجينة التي تشنها روسيا على الولايات المتحدة الأمريكية، مشددًا على أهمية توقيع اتفاقيات الحد من التسلح مع روسيا؛ لأن هذا سيعزز الأمن القومي الأمريكي.

 

 

3– ردع النظام في كوريا الشمالية: أوضح كال أن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على حفظ أمن شبه الجزيرة الكورية، وعلى مواجهة التهديدات التي تُمثلها كوريا الشمالية بسبب الأسلحة النووية التي تمتلكها، مشيرًا إلى أن حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في آسيا يُسهِّلون مهمتها في مواجهة تهديدات كوريا الشمالية في شمال شرق آسيا.

وأكد كال أهمية الحفاظ على وجود أمريكي رادع في شمال شرق آسيا، فضلًا عن أهمية مواصلة الإدارة الأمريكية فرض عقوبات على النظام في كوريا الشمالية لردع تهديداته وتخفيف حدتها، كما حرص كال على إبراز أهمية تأهب واستعداد واشنطن للتعاون مع كوريا الجنوبية للرد على أي هجوم محتمل من قبل كوريا الشمالية، وأضاف أن هناك أهمية للإبقاء على القوات الأمريكية الموجودة في كوريا الجنوبية لحماية أمن شبه الجزيرة الكورية.

 

 

4– تعزيز التعاون العسكري مع الحلفاء: أشار كال إلى أن انتشار القوات الأمريكية خارج حدود البلاد، هام وضروري للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنه هام لحماية أمن واستقرار حلفاء واشنطن، وحفظ استقرار النظام الدولي من التهديدات الصينية أو الروسية أو الإيرانية، أو تلك النابعة من كوريا الشمالية.

 

 

5– أهمية حلف الناتو في الحفاظ على المصالح الأمريكية: شدد كال على أهمية حلف شمال الأطلنطي في الحفاظ على المصالح القومية الأمريكية، موضحًا أنه يعمل على تعزيز القيم الليبرالية والديمقراطية ودور القانون، بالاشتراك مع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية بمنطقة الاتحاد الأوروبي؛ لذلك فإن هناك أهمية لاستمرار محافظة واشنطن على المادة الخامسة من معاهدة الحلف، التي تضمن تشارك الدول لحماية أمن أعضاء الحلف من أي تهديد. وفيما يخص أعباء الميزانية، أوضح كال أنه يدعم زيادة نصيب دول الحلف من النفقات العسكرية عملًا بمبدأ “تشارك الأعباء”، موضحًا أن تلك الزيادة ستساعد الحلف على الاستمرار في أداء مهمته.

 

 

ثالثًا: ملامح السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط

1– مراجعة تموضع القوات الأمريكية في المنطقة: أوضح كال أن من المهم مراجعة أماكن وجود القوات المسلحة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن وجود القوات الأمريكية في تلك المنطقة، يعمل على حفظ استقرار وأمن حلفاء الولايات المتحدة من العدوان الإيراني، كما يحمي المصالح الأمريكية هناك.

 

2– تشارك الأعباء مع الحلفاء: شدد كال على أهمية تعاون واشنطن مع حلفائها بالمنطقة لردع شبكات الإرهاب الدولي، وقد أيَّد العمل بمنطق تشارك الأعباء مع الحلفاء في المنطقة؛ حيث أشار إلى أن الدول العربية لا بد أن تعمل على حماية نفسها تحت رعاية الولايات المتحدة.

 

3– توظيف الدبلوماسية المستدامة: أوضح كال أن الشرق الأوسط بات منطقة تنافس بين القوى الكبرى، وتحديدًا روسيا والصين، مشيرًا إلى أن الأدوات العسكرية لن تكون الوحيدة لمواجهة التنافس الصيني والروسي في المنطقة، وإنما يجب إعادة تقييم هذا التنافس وطبيعة الوجود الروسي والصيني في المنطقة لتحديد الاستراتيجية الملائمة لمواجهتهما، التي ستلعب الدبلوماسية المستدامة دورًا كبيرًا بها.

 

4– رفض العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران: أكد كال خلال شهادته عدم رغبته في عودة الولايات المتحدة للتوقيع على الاتفاق النووي الإيراني، بل دعم فكرة الإبقاء على العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على طهران؛ بسبب انتهاكاتها المستمرة، وخرقها بنود الاتفاق، فضلًا عن سلوكها الذي يتسبَّب في اضطراب منطقة الشرق الأوسط، مضيفًا أن سلوك إيران سيكون أكثر خطورةً إذا تمكنت من الحصول على سلاح نووي.

 

5– مواجهة التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق: أكد كال أهمية حفاظ الولايات المتحدة الأمريكية على ردع التنظيمات الإرهابية داخل سوريا والعراق، بما قد يهدد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية هناك. وأشار إلى أن القوات الأمريكية في سوريا تعمل بالتنسيق مع القوات الروسية، منعًا لنشوب الصراعات بين القوات، كما أكد أن القوات الأمريكية الموجودة في سوريا تختص، بدرجة أساسية، بمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، لا بمواجهة النفوذ الإيراني بسوريا.

 

6– دعم الحل السياسي في اليمن: أوضح كال أن المصالح الأمريكية داخل اليمن، تتمثل في الحفاظ على بيئة آمنة من تمركز أتباع تنظيمي داعش والقاعدة، معتبرًا أن الحرب العسكرية لن تكون حلًّا لمشكلة اليمن، مؤكدًا أن من مصلحة الولايات المتحدة أن تتوصل الأطراف المتصارعة إلى حل دبلوماسي للأزمة اليمنية. وأثناء حديثه، شدد كال على أهمية تعزيز وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين داخل اليمن، الذين تضرروا بشدة من الحرب التي تسببت في موت الكثيرين.

 

7– دفع جهود المصالحة السياسية في ليبيا: أشار كال إلى أن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية تتمثل في دعم استمرار المصالحة السياسية في ليبيا من أجل حكومة موحدة وديمقراطية وذات سيادة، وقد شدد على أهمية العمل على إبعاد الجهات الأجنبية المزعزعة للاستقرار داخل ليبيا، التي تقوض السلام وتهدد أمن الولايات المتحدة وحلفائها. وأوضح كال أنه يجب الحفاظ على قدرة الولايات المتحدة على مراقبة وتعطيل التنظيمات المتطرفة العنيفة في ليبيا.

 

وختامًا، أكد كال أنه سيحرص على خلق مناخ صحي وآمن داخل وزارة الدفاع الأمريكية، وسيتم ذلك عبر التحقيق في حوادث التحرش المنتشرة داخل الوزارة، بالإضافة إلى وضع قوانين رادعة لمحاسبة المخطئين.