×

  رؤا

التهديد الكردي..دوافع إعلان اردوغان استعداده للتطبيع مع دمشق

07/07/2024

إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

“إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية”، شركة استشارات عامة، متعددة المهام، تم تأسيسها في 20 يناير 2021، بأبو ظبي، دولة الإمارات العربية المتحدة،

د. منى سليمان:

أكَّد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، يوم 28 يونيو 2024، استعداده للعمل مع الرئيس السوري "بشار الأسد" على تطبيع العلاقات بين الدولتين، وذلك غداة تصريحات الأخير التي أبدى فيها "انفتاحه على أي مبادرات للتطبيع بين دمشق وأنقرة"، مما يلمح إلى وجود رغبة لدى الطرفين لاستئناف مفاوضات التطبيع التي بدأت قبل عامين برعاية روسية وتوقفت نتيجة الخلافات الجذرية بينهما، حيث ترهن دمشق التطبيع بإنهاء التواجد العسكري التركي شمال سوريا وهو ما ترفضه أنقرة وتبرره بمحاربة التنظيمات الإرهابية ومنها "حزب العمال الكردستاني" و"قوات سوريا الديمقراطية - قسد" المدعومة أمريكياً.

وقد كان الدافع الرئيسي للدولتين لاستئناف التفاوض بخلاف الضغط الروسي هي مخاوفهم المشتركة من إنشاء كيان كردي مستقل بشمال سوريا بدعم أمريكي بعد الإعلان عن إجراء انتخابات بلدية في 7 مناطق خاضعة لسيطرة "قسد" شمال شرقي سوريا، وهو في حال حدوثه سيمثل تهديداً للأمن القومي السوري والتركي، ولذا من المتوقع أن تكون مفاوضات التطبيع بين أنقرة ودمشق معقدة كماً وكيفاً وفق المتغيرات الجيوسياسية الإقليمية الراهنة، وستنعكس نتائجها على الترتيبات الأمنية وتوازنات القوى داخل سوريا وعلى منطقة الشرق الأوسط ككل.

 

أبعاد متعددة

أجرى الرئيس السوري "بشار الأسد" لقاء يوم 26 يونيو 2024 مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي لسوريا "ألكسندر لافرنتييف" أكد خلاله "انفتاحه على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة بين سوريا وتركيا والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته، وهو ما رحب به نظيره التركي. وتضمنت ردود الفعل على موقف "الأسد" ما يلي:

 

1- انفتاح النظام التركي على التطبيع مع دمشق:

 غداة تصريحات "الأسد" التي أكد فيها انفتاحه لتطبيع العلاقات التركية السورية، أوضح الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، يوم 28 يونيو 2024، استعداده للقاء نظيره السوري، وأكد "التقيت في السابق مع الأسد، وممكن أن نلتقي مجدداً ولا يوجد أي سبب يمنعنا من إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، ولا يمكن أن يكون لدينا أبداً أي نية أو هدف مثل التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا"، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يعبر فيها "أردوغان" عن انفتاحه على التطبيع بين أنقرة ودمشق، فقد سبق وأعلن خلال العام الجاري (2024) أن "تركيا مستعدة للحوار والتواصل وتعزيز العلاقات مع كل مَن يحترم مصالحها"، وأكد حدوث اجتماع ثلاثي (روسي، تركي، سوري) عام 2023 لبحث التطبيع بين أنقرة ودمشق.

 

2- دعم الأحزاب التركية التطبيعَ مع سوريا:

 أعلن رئيس حزب "الشعب الجمهوري" التركي أكبر أحزاب المعارضة "أوزغور أوزيل"، يوم 27 يونيو 2024، عن ترحيبه بالتطبيع بين أنقرة ودمشق، وإعداده لعقد لقاء مع الرئيس السوري "بشار الأسد"، لاتخاذ مبادرة بشأن حلّ المشكلة السورية وفتح قنوات الاتصال بين أنقرة ودمشق، وأوضح أن الدافع لذلك هو ترحيل "اللاجئين السوريين في تركيا، وضمان عودتهم الآمنة لبلدهم"، كما أبدى "أوزيل" "استعداده للتوسط بين الأسد وأردوغان لعقد لقاء بينهما"، كما دعا في مايو 2024 رئيس حزب "الحركة القومية" "دولت بهجلي" (حليف للحزب الحاكم العدالة والتنمية)، إلى "بدء تعاون عسكري بين أنقرة ودمشق للقضاء على تهديد عناصر حزب العمال الكردستاني بسوريا"، وهذا الدعم الحزبي يعزز موقف الرئيس التركي للتقارب مع دمشق، وهذا قلما يتواجد في المشهد السياسي بالبلاد.

 

3- تجدد الوساطة الروسية:

 جددت موسكو دعمها لكل المبادرات الرامية للتطبيع بين سوريا وتركيا، وأبدت استعدادها للعمل على دفع المفاوضات بينهما، وكان الصراع السوري أحد موضوعات المباحثات بين "أردوغان" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين" خلال لقائهما المرتقب على هامش قمة منظمة "شنغهاي للتعاون" بكازاخستان في 3 يوليو 2024. وجدير بالذكر أن الوساطة الروسية بين أنقرة ودمشق قد نجحت في عقد عدة اجتماعات سابقة بينهما كان أولها في مايو 2022؛ حيث عقد اجتماع بين وزيري خارجية تركيا وسوريا بموسكو، ثم عقد لقاء رباعي ضمن آلية "الأستانة" بالعاصمة الروسية ضم وزراء خارجية (روسيا، إيران، تركيا، سوريا) في يونيو 2023، كما عقدت في يونيو 2024 مباحثات أمنية بين وفدين تركي وسوري بقاعدة "حميميم" الجوية العسكرية الروسية في اللاذقية السورية لبحث الترتيبات الأمنية بين أنقرة ودمشق.

 

4- طرح وساطة عراقية:

 أعلن رئيس الوزراء العراقي "شياع السوداني" وساطة بلاده بين أنقرة ودمشق لتطبيع العلاقات بينهما، وكشف مصادر تركية عن عقد لقاء بين وفدين تركي وسوري في بغداد قريباً لبحث استئناف المفاوضات الأمنية والسياسية بين الدولتين، ويعول كثيراً على التعاون الأمني بين الدول الثلاث التي تشترك حدودياً في "المثلث الكردي" الرابط بينهم، ولذا تعمل على محاربة عناصر "حزب العمال الكردستاني" الذي يمثل تهديداً إرهابياً وتحدياً أمنياً لهم.

 

دوافع تركية

المتابع لمسار السياسة الخارجية التركية يجد أنها شهدت تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة، لتتبع نهج "المصالحات الإقليمية"، ويأتي تقاربها مع سوريا في هذا الإطار وله العديد من الدوافع لعل أبرزها:

 

1- ترحيل اللاجئين السوريين:

أصبحت قضية اللاجئين السوريين إحدى القضايا الهامة بالمجتمع التركي نظراً للعبء الاقتصادي والتغير الديمغرافي الناتج عنها، وتتفق الأحزاب الحاكمة والمعارضة على ضرورة ترحيلهم لبلدهم ويختلفون في آليات تحقيق ذلك، وقد بلغ عدد السوريين الذين عادوا من تركيا طواعية لبلادهم نحو (650 ألف) شخص، وما زال هناك 3 ملايين و114 ألفاً و99 سورياً يخضعون للحماية المؤقتة بتركيا، و2 مليون سوري يحملون تصاريح إقامة. وتتهم أحزاب المعارضة الحكومات التركية بأنها تتهاون في إعادتهم وتستفيد من تصويتهم لصالح الحزب الحاكم في أي استحقاق انتخابي، وقد حذرت (41 منظمة غير حكومية) بمدينة غازي عنتاب التي يقطنها نحو نصف مليون سوري وهو العدد الأعلى بعد إسطنبول، من تداعيات اجتماعية واقتصادية وصحية وتعليمية حال استمر تواجد السوريين بالمدينة.

 

2- محاولة تهدئة حالات العنف المجتمعي في تركيا:

فقد شهدت السنوات الماضية تصاعداً في أعمال العنف المجتمعي داخل تركيا والتي كان نسبة كبيرة منها موجهة إلى اللاجئين السوريين، ولعل هذا ما تجلى مؤخراً في الهجمات وأعمال العنف التي تعرضت لها منازل ومحلات تجارية وسيارات وممتلكات لسوريين في مدينة قيصري بوسط تركيا مساء يوم 30 يونيو 2024. وبالتالي يمكن فهم محاولات النظام التركي الانفتاح على النظام السوري باعتبارها أداة يمكن عبرها إعادة السوريين إلى بلدهم، وكذلك تخفيف قدر من محفزات العنف ضد السوريين.

 

3- منع إنشاء كيان انفصالي كردي:

 وصفت أنقرة إعلان "الإدارة الذاتية الكردية بشمال سوريا" عن إجراء انتخابات بلدية في 7 مناطق خاضعة لها في أغسطس 2024 بأنه تهديد للأمن القومي لها، وحذر وزير الدفاع التركي "يشار جولر" مطلع يونيو 2024 من ذلك، وجدد "التزام تركيا بإنشاء ممر من على طول حدودها مع سوريا والعراق لمواجهة التهديد الذي يشكله المسلحون الكرد"، وهو الموقف الذي أيدته دمشق الرافضة لإجراء تلك الانتخابات؛ حيث تتخوف سوريا وتركيا من إنشاء كيان كردي انفصالي شمال سوريا بدعم أمريكي، كما ينعكس ذلك على أوضاع الكرد داخل تركيا الذين يمثلون (15%) من عدد السكان البالغ (80 مليون نسمة)، ولذا سيكون من الأحرى بأنقرة التعاون أمنياً واستخباراتياً مع دمشق لمواجهة التنظيمات الكردية والحفاظ على أمنها القومي، ولا سيما في ظل رفض روسي أمريكي سوري لشن أي عمليات عسكرية تركية جديدة داخل العمق السوري بذريعة محاربة التنظيمات الكردية كما حدث سابقاً في عمليات (نبع السلام 2019 - غصن الزيتون 2018 - "درع الفرات" 2016).

 

4- استهداف ضبط الحدود التركية السورية:

تشهد الحدود الجنوبية التركية حالة من "السيولة وعدم الانضباط" مما يجعلها بيئة خصبة لعصابات الاتجار بالمخدرات والبشر والتنظيمات الإرهابية، حيث تسيطر أنقرة على (63 %) منها فقط، مما يمثل تهديداً للأمن القومي التركي ومصدراً لعدم الاستقرار. وتعمل أنقرة على ضبط تلك الحدود من خلال التعاون مع دمشق وموسكو، كما قامت مؤخراً بإقالة عدد من الضباط الأتراك المتورطين في تلك الجرائم.

 

5- مساعٍ لرفع شعبية "أردوغان":

 يعاني الرئيس التركي من تذبذب معدلات شعبيته بعد خسارة حزبه الانتخابات البلدية التي أجريت في مارس 2024، وحال تم التطبيع بين أنقرة ودمشق بما يسمح بترحيل اللاجئين السوريين وعودة الصادرات التركية الضخمة لسوريا، فإن ذلك سينعكس إيجاباً على الاقتصاد التركي وشعبية "أردوغان" وسيقلل الاحتقان المجتمعي بالداخل التركي، ما يمنح "أردوغان" فرصة مناسبة لطرح "التعديلات الدستورية" التي يعتزم إجراءها وترفضها المعارضة.

 

6- تعزيز العلاقات الروسية التركية:

شهد العام الماضي فتوراً في العلاقات التركية الروسية بفعل موافقة أنقرة على انضمام فنلندا والسويد لحلف "الناتو"، والتقارب التركي الأوكراني، وتعزيز التنافس التركي الروسي بعدة أقاليم (آسيا الوسطى، الشرق الأوسط، البلقان، غرب أفريقيا)، فضلاً عن الخلافات حول الترتيبات الأمنية بسوريا (مدينة إدلب ومناطق خفض التصعيد)، ولذا فإن موافقة أنقرة على تطبيع العلاقات مع دمشق عبر الوساطة الروسية سيزيل ذلك الفتور، وسيعمل على تقوية روابط العلاقات التركية الروسية التي شهدت طفرة نوعية في العقد الأخير، ولا سيما فيما يخص الترتيبات الأمنية بالملف السوري، وهذا سيؤدي للارتقاء بالنفوذ الروسي والتركي بسوريا والشرق الأوسط ككل.

 

تحديات مستقبلية

رغم الانفتاح التركي السوري على تطبيع العلاقات بينهما، والترحيب الروسي به، إلا أن هناك عدداً من التحديات التي تواجهه، ومنها:

 

1- رهن سوريا التطبيع بالانسحاب التركي:

 منذ بدء الحديث عام 2021 عن تطبيع العلاقات التركية السورية، رهنت دمشق استئناف التفاوض بالانسحاب التركي الكامل من أراضيها، حيث سيطرت تركيا على ثلث مدن شمال سوريا منها (عفرين، رأس العين، تل أبيض) من خلال العمليات العسكرية التي شنتها خلال العقد الماضي، وأعلنت دمشق في يونيو 2024 أنها تريد تعهدات تركية بالانسحاب من أراضيها قبل بدء الحوار بينهما، وهو ما رفضته أنقرة ورهنت ذلك "بتأمين الحدود الجنوبية التركية بالكامل"، وعلل "جولر" ذلك بأن "المشكلات نشأت في المنطقة بسبب فراغ السلطة بعد عام 2011 بالمنطقة الحدودية".

وجدير بالذكر أن "أردوغان" أشار لذلك العام الماضي بقوله: "يريد الأسد أن تغادر تركيا شمال سوريا، وهذا لن يحدث"، كما طرح فكرة إنشاء "المنطقة الآمنة التركية" بعمق 30 كم داخل الشمال السوري لنقل اللاجئين والعناصر المسلحة لها، وهو ما رفضته دمشق، وحال تمسك تركيا وسوريا بموقفهما فإن ذلك سيعرقل استئناف التفاوض بينهما، ومن المتوقع عقد عشرات الاجتماعات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية بين أنقرة ودمشق للتوصل لحل لتلك المعضلة، ولا سيما في ظل التواجد العسكري التركي المكثف بالمنطقة من خلال نقاط التفتيش والقواعد العسكرية وعشرات الضباط والجنود داخل الأراضي السورية.

 

2- استمرار معضلة إدلب:

تعد مدينة إدلب السورية (6 كم2 بشمال غرب البلاد) "بؤرة" لتجمع التنظيمات الإرهابية ومنها "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) و"جبهة تحرير سوريا"، والمجموعات المسلحة المعارضة للدولة السورية بمختلف انتماءاتها، ويبلغ عدد العناصر المسلحة بها (60 ألفاً) يتلقى معظمهم دعماً تركياً بموجب اتفاق "خفض التصعيد" بين أنقرة وموسكو عام 2018، وإدلب خارج سيطرة الحكومة والجيش السوري حالياً، وتشهد اقتتالاً داخلياً مستمراً، وتصر دمشق على استعادتها بعد سحب الدعم التركي للتنظيمات المسلحة، كما ترغب دمشق في ترحيل العناصر الأجنبية المسلحة المتواجدة بها، وهو ما يتطلب ترتيبات أمنية مع أنقرة وموسكو، ومواجهات مسلحة مباشرة مع تلك التنظيمات، وربما يدفع ذلك حال تم بعضها إلى تنفيذ عمليات إرهابية انتقامية بالداخل التركي والسوري.

 

3- إشكالية رؤية تركيا للتسوية السياسية السورية:

تدعم تركيا تنفيذ التسوية السياسية السورية وفق قرار مجلس الأمن الدولي (2254) الذي ينص على "تشكيل حكومة انتقالية وتوحيد الحكومة والمعارضة وتحقيق المصالحة بينهم"، وهو ما أثار رفض دمشق، وغضب فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة والتي نظمت تظاهرات تنتقد الموقف التركي في مناطقها. وفي نهاية يونيو 2024 حثّ وزير الخارجية التركي "هكان فيدان" دمشق على الاستفادة من "الإنجاز التركي الروسي" الممثل في وقف الصراع بين الجيش السوري وفصائل المعارضة، ودعا المندوب التركي بالأمم المتحدة "أحمد يلدز" "الحكومة السورية إلى بدء إجماع وطني حقيقي، واتخاذ خطوات للتسوية وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254"، وهو ما انتقده نظيره السوري "قصي الضحاك" الذي اتهم تركيا "بالتسبب في معاناة ملايين الأطفال السوريين"، مما يشير إلى وجود خلافات سياسية بين أنقرة ودمشق سيكون من العسير معالجتها.

 

4- الدعم الأمريكي "لقسد":

 رغم الرفض الأمريكي لإجراء الانتخابات البلدية بمناطق "قسد" شمال سوريا؛ إلا أنها تقدم دعماً عسكرياً ولوجيستياً مستمراً لها، كشريك بالتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي. وفي 25 يونيو 2024، انتقدت تركيا الدعم المُقدّم من بعض حلفائها "بالناتو" (في إشارة إلى فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية) لقوات "وحدات حماية الشعب الكردية" وهي أكبر مكونات "قسد"، ووصفت أنقرة الدعم الأمريكي لقسد بأنه "يهدد أمن تركيا رغم علاقة التحالف بالناتو".

 وفي مطلع يونيو الماضي، كشفت مصادر لصحيفة "سوزجو" التركية أن واشنطن تقوم بتدريب وتسليح نحو 70 ألف عنصر من "حزب العمال الكردستاني" التركي و"وحدات حماية الشعب" الكردية السورية لإقامة "كيان إرهابي" على الحدود الجنوبية لتركيا، وتعد تلك أبرز القضايا الخلافية بين أنقرة وواشنطن، ومن المقرر بحثها بين "أردوغان" ونظيره الأمريكي "جو بايدن" خلال اجتماعهما على هامش قمة حلف "الناتو" الـ(75) المقررة في واشنطن منتصف يوليو الجاري.

 

5- التنافس الإقليمي بسوريا:

 رغم الوساطة الروسية والترحيب الإيراني الصيني باستئناف تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، فإن ذلك لا ينفي وجود تنافس إقليمي بين تلك القوى (موسكو، طهران، بكين) على تعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي والتواجد العسكري بسوريا، الذي سيصبح مهدداً بقوى إقليمية هامة كتركيا التي تملك نفوذاً كبيراً بشمال سوريا حالياً، وبعد تطبيع علاقاتها مع دمشق سيتسع ذلك ليشمل سائر أرجاء الدولة السورية، حيث تتمتع روسيا وإيران بتواجد عسكري وأمني هام ومصالح اقتصادية جمة مع سوريا، بينما تركز الصين نفوذها حول المشاريع الاقتصادية بالبنية التحتية وإعادة الإعمار، وأمنياً بمنع عودة مقاتلي "الإيجور" لها ويقدر عددهم بنحو (6 آلاف) عنصر، ولذا سيكون هناك تنافس إقليمي لبسط النفوذ حول سوريا ربما يعرقل تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

 

خلاصة القول،

 إن استئناف التطبيع بين أنقرة ودمشق سيتم بوساطة روسية عراقية بما يحقق المصالح التركية والسورية الاستراتيجية، بيد أن هناك عدداً من التحديات الجيوسياسية التي ستستغرق وقتاً طويلاً لمعالجتها بين الطرفين، لعل أبرزها التواجد العسكري التركي بشمال سوريا، وربما لن ينتهي تماماً بل ستتغير أشكاله ومضمونه وآلياته وفق الترتيبات الأمنية بين أنقرة ودمشق، وهذا سينتج عنه هيكلة جديدة لتوازنات القوى السياسية والعسكرية بسوريا التي ستنعكس على مجمل التفاعلات بالشرق الأوسط.

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  التهديد الكردي..دوافع إعلان اردوغان استعداده للتطبيع مع دمشق
←  مجابهة الخصوم..ملامح استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة للأمن السيبراني
←  صعود المعارضة..التداعيات المحتملة لنتائج الانتخابات المحلية التركية
←  الصراع الأرميني–الأذربيجاني في ناغورني كاراباخ ​والمعضلة الأمريكية
← 
←  سياسة الممرات:كيف تزايد الاهتمام الدولي بمشروعات الربط بين الأقاليم؟
←  طموح أنقرة..انعكاسات تزايد الحضور التركي في منطقة بحر قزوين
←  شراكات “واشنطن”:أبعاد انعقاد قمة الولايات المتحدة ودول المحيط الهادئ
←  تنافس جيوسياسي...عن تعزيز نفوذ إدارة بايدن في جزر المحيط الهادئ
←  تأجيل الحسم.. دلالات نتائج الانتخابات التركية
←  اتجاهات تطوير القواعد العسكرية في العالم
←  رؤية رسمية: جلسة استماع لرؤساء الاستخبارات الأمريكية حول التهديدات العالمية
←  ورقة “هلسنكي”: لماذا وافقت تركيا على انضمام فنلندا إلى "الناتو"؟
←  تقييم التهديدات: الاتجاهات الرئيسية في التقرير السنوي لمجتمع الاستخبارات الأمريكي
←  تحالف دفاعي: كيف تعمل روسيا وإيران على تعزيز علاقتهما العسكرية؟
←  صدمات جيوسياسية: ما عواقب تراجع العولمة في أقاليم العالم؟
←  صنع السلام: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث ثورة في المجال الدبلوماسي؟
←  اللحظة الصينية: كيف تعيد بكين بناء صورتها كقوة عظمى عالمياً؟
←  تهديدات الجفاف: ارتدادات أزمة انحسار المياه في العالم
←  عقيدة هجومية: ما الذي تكشف عنه استراتيجية الأمن القومي الجديدة لليابان؟
←  دعم الحلفاء: كيف ترى القيادة المركزية الأمريكية دور واشنطن القادم في الشرق الأوسط؟
←  استعادة الردع: كيف تفكر الولايات المتحدة في استراتيجيتها النووية؟
←  مجابهة الخصوم: السياسات المحتملة لوكيل وزارة الدفاع الأمريكية للشؤون السياسية
←  كيف تعمل روسيا وإيران على تعزيز علاقتهما العسكرية؟
←  الاتجاهات الرئيسية في تقرير ميونخ للأمن لعام 2023‏
←  خارطة المخاطر العالمية المتوقعة بين عامي 2023 و2033
←  آفاق قطاع الطاقة العالمي عام 2023
←  المخاطر المحتملة التي ستُعيد تشكيل السياسة العالمية في 2023