ترجمات/ مايك واتسون:فرض السلام بالقوة
موقع" واشنطن فري بيكون"/الترجمة والتحرير: محمد شيخ عثمان
14-06-2025
نشر دونالد ترامب صباح الجمعة: "قبل شهرين، منحت إيران مهلة 60 يوما للتوصل إلى اتفاق. كان عليهم فعل ذلك! اليوم هو اليوم الحادي والستين".
كان هذا الموعد النهائي أشد صرامة مما تصوره الملالي. ليلة الخميس، أطلق عملاء إسرائيليون في إيران أسرابا من الطائرات المسيرة وذخائر دقيقة أخرى، بينما أمطرت الطائرات الإسرائيلية مواقعها بغارات جوية.
في غضون ساعات، قتلوا قائد الجيش الإيراني ونائبه وقائد الحرس الثوري الإسلامي وقائد فيلق القدس الإرهابي وعددا من كبار العلماء النوويين. استدرج الإسرائيليون جميع قادة سلاح الجو في الحرس الثوري تقريبا إلى مخبأ ثم دمّروه . وكما قال أحد المراسلين : "لقد انهارت سلسلة القيادة العليا".
إذا حققت إسرائيل أهدافها الكبرى، فلن تقتصر على إنصاف الأرواح التي لا تُحصى التي دمرها متعصبو طهران القتلة، وتدمير أحد ألد أعداءها - وأمريكا - فحسب، بل ستمنح الشرق الأوسط أيضا أول فرصة حقيقية للسلام منذ عقود. لقد أعاد دونالد ترامب، الذي لعب دورا مهما في هذه الخطوة الحكيمة، اكتشاف مفتاح النجاح الأمريكي في الشرق الأوسط: التعاون مع إسرائيل ضد أعدائنا المشتركين.
إسرائيل حليف نموذجي للولايات المتحدة. إنها دولة ديمقراطية مسلحة نوويا، قوية عسكريا، ومؤيدة لأمريكا، في منطقة استراتيجية مهمة من العالم. مصالحنا ليست متطابقة دائما، لكن أعداءنا متطابقون.
يدرك الواقعيون أن تعزيز القوة الإسرائيلية، كما فعل هنري كيسنجر، هو مفتاح تحقيق الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. في سبعينيات القرن الماضي، أجبرت علاقة أمريكا الوثيقة بإسرائيل أتباع السوفييت العرب على التوسل إلى واشنطن. ورغم احتجاجات مؤيدي عملية السلام، استخدم كيسنجر القوة الإسرائيلية لطرد موسكو من المنطقة.
لكن لسببٍ ما، يعجز الكثيرون عن فهم هذه الحقائق الأساسية وتداعياتها. يعتقد دعاة السلام أن مفتاح السلام في الشرق الأوسط يكمن في عقد مؤتمرات متعددة الأطراف تُرهب إسرائيل وتُجبرها على فعل شيءٍ ما. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، برزت فجأة حشودٌ من المُضللين ليزعموا أن الدولة اليهودية تُحاول استمالة الولايات المتحدة لخوض حروبها.
صرخ هذا الحزب الأحادي، المؤلف من قدامى محاربي إدارة أوباما، وغيرهم من اليساريين، ومن يُسمّون أنفسهم قادة لـ"جعل أمريكا عظيمة مجددا"، رعبا من الضربة التي وجهتها إسرائيل لحشد "الموت لأمريكا". وتذمّر تاكر كارلسون من أن ترامب "متواطئ في أعمال الحرب". وأعرب تيم والز، المرشح الخاسر لمنصب نائب الرئيس، عن أمله يوم الجمعة بأن "الصينيين" هم من يستطيعون "التفاوض على نوع من الاتفاق... ويمتلكون السلطة الأخلاقية".
لقد قاد هذا التعصب الأعمى المتخفي في صورة تحليل استراتيجي الولايات المتحدة إلى مأزق حيث أصبح أكبر أعدائها في المنطقة، والذي هاجم الأميركيين في الداخل والخارج بشكل مستمر منذ ما يقرب من نصف قرن، على بعد أيام قليلة من الحصول على القنبلة.
ترامب ليس بهذا الغباء، فعلى عكس هؤلاء الأيديولوجيين، فهو حَكَمٌّ ماهرٌ في تقدير القوة، ويعلم أن قاعدته تُحبّ الحلفاء الذين يخوضون معاركهم بأنفسهم ويهزمون أعداء أمريكا.
وصرح لصحيفة واشنطن فري بيكون يوم الجمعة: "قلتُ لإيران إن عليهم تسوية الأمر. لو كنتُ مكانهم، لرغبتُ في التسوية". في الأسابيع القليلة الماضية، شنّ ترامب ونتنياهو حملة خداعٍ مُضلّلة فاجأت القيادة الإيرانية تماما. وأكد ترامب لصحيفة نيويورك بوست : "لطالما عرفتُ الموعد، لأنني أعرف كل شيء".
لم ينجُ معظم كبار القادة الإيرانيين طويلا بما يكفي لاكتشاف خطئهم الفادح، وكانت المحاولة الإيرانية الأولى للرد فاشلة فشلا ذريعا: فقد شلّّت إسرائيل قوة الصواريخ الباليستية التابعة لآية الله، بينما توسل حزب الله، التابع لإيران في لبنان، إلى إسرائيل عمليا كي تسمح له بالبقاء بعيدا عن القتال. وحتى كتابة هذه السطور، تحلق موجة أخرى من الطائرات الإسرائيلية فوق إيران مجددا.
هذه ليست سوى المعركة الأخيرة في الحرب التي بدأتها إيران في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقد تشتد الأمور مع إعادة تنظيم القوات الإيرانية. أفادت التقارير أن إسرائيل أرسلت العديد من كبار العلماء النوويين الإيرانيين إلى نعيمهم الأبدي، لكن المنشآت النووية لا تزال سليمة.
قال وزير الخارجية ماركو روبيو مساء الخميس: "دعوني أكون واضحا. يجب ألا تستهدف إيران المصالح الأمريكية أو الأفراد الأمريكيين". أبحرت مدمرتان أمريكيتان قادرتان على اعتراض الصواريخ الإيرانية باتجاه إسرائيل يوم الجمعة. هذه خطوات أولى جيدة.
يجب عليه وعلى مساعديه منح الإسرائيليين الوقت الذي يحتاجونه لإنجاز المهمة. سيكون من الجيد تشجيع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على استلهام موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون .
إزالة الترسانة النووية الإيرانية أولوية أيضا. من المحتمل ألا تتمكن إسرائيل من الوصول إلى بعض المنشآت الإيرانية الأكثر تحصينا باستخدام المتفجرات التقليدية.
ولأن هذه معركة وجودية بالنسبة لإسرائيل، فمن الحكمة حل هذه المشكلة إما بإقناع ما تبقى من القيادة الإيرانية بالتخلي عن برنامجها النووي بالكامل، أو بتزويد إسرائيل ببعض قنابلنا الخارقة للتحصينات الأكبر حجما.
قال ترامب لشبكة ABC: "أعتقد أن الأمر كان ممتازا. لقد منحناهم فرصة [للتفاوض] ولم يستغلوها. لقد تلقوا ضربة موجعة، قاسية جدا... وهناك المزيد في الطريق. المزيد والمزيد." خلال حملة ترامب الأولى، رأى الكثيرون أن أفضل طريقة لفهم الرئيس المستقبلي هي أخذه على محمل الجد، لا حرفيا. اتضح أنه عندما قال إنه يريد السلام من خلال القوة، كان يعني كلا الأمرين.
|